
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا مـن يحـن إلـى نجـدٍ وناديهـا
غرناطــةٌ قـد ثـوت نَـدْدٌ بواديهـا
قـف بالسـّبيكة وانظـر ما بساحتها
عقيلــة والكـثيب الفـرد جاليهـا
تقلّــدت بوشــاح النهـر وابتسـمت
أزهارهـا وهـي حلـيٌ فـي تراقيهـا
وأعيــن النرجـس المطلـول يانعـة
ترقــرقَ الطـلّ دمعـاً فـي مآقيهـا
وافــترّ ثغـر أقـاحٍ مـن أزاهرهـا
مقبّلاً خـــدَّ ورد مـــن نواحيهـــا
كأنمـا الزهـر فـي حافاتهـا سحراً
دراهــمٌ والنسـيم اللَّـدْنُ يَجْبيهـا
وانظـر إلى الدوح والأنهار تكنُفُها
مثـل النـدامى سـواقيها سـواقيها
كـم حولهـا مـن بـدور تجتني زَهَراً
فتحسـب الزهـر قـد قبَّلْـن أيـديها
حصــباؤها لؤلـؤ قـد شـفَّ جوهرهـا
والنهـر قـد سـال ذوبـاً من لآليها
نهـر المجـرة والزهـر المطيـفُ به
زُهـرُ النجـوم إذا مـا شئت تشبيها
يزيـد حسـناً علـى نهـر المجرّة قد
أغنــاه دُرُّ حَبــابٍ عــن دراريهـا
يــدعى المنجّــم رائيــه ونـاظره
مســـمَّياتٌ أبانتهـــا أســـاميها
إن الحجـــاز مغـــانيه بأنــدلسٍ
ألفاظهــا طـابقت منهـا معانيهـا
فتلــك نجــد ســقاها كـلُّ منسـجمٍ
مــن الغمــام يُحيّيهــا فيُحْييهـا
وبـــارقٌ وعُـــذيبٌ كـــلّ مبتســم
مــن الثغــور يُجلّيهــا مُجَلِّيهــا
وإن أردت تـرى وادي العقيـق فَـرِدْ
دمــوعَ عاشــقها حمــراً مجاريهـا
وللســبيكة تــاج فــوق مفرقهــا
تــودُّ دُرُّ الــدراري لــو تُحلّيهـا
فــإن حمراءهــا واللــه يكلؤُهـا
ياقوتـةٌ فـوق ذاك التـاج يُعليهـا
إن البـــدور لتيجـــانٌ مُكَّلَلـــة
جـواهرُ الشـهب فـي أبهـى مجاليها
لكنهــا حَســَدَتْ تـاج السـّبيكة إذ
رأت أزاهـــرهُ زهـــراً يُجَلِّيهـــا
بروجهــا لــبروج الأفــق مُخْجِلــةٌ
فشــُهبُها فــي جمــال لا تضـاهيها
تلـك القصـور الـتي راقت مظاهرها
تهـوى النجـومُ قصـوراً عن معاليها
للــه للــه عينـاً مـن رأى سـحراً
تلـك المنـارة قـد رقَـت حواشـيها
والصـبحُ فـي الشرق قد لاحت بشائره
والشـُّهب تسـتنُّ سـبقاً فـي مجاريها
تهـوي إلـى الغـرب لما غالها سَحَرٌ
وغمَّـضَ الفجـرُ مـن أجفـان واشـيها
وسـاجع العـود فـي كف النديم إذا
مـا استوقفت ساجعات الطير يُغريها
يبــدي أفــانين سـحر فـي ترنّمـه
يُصـبي العقـولَ بهـا حسناً ويَسبيها
يَجُســُّهُ نــاعمُ الأطــراف تحســبها
لآلئاً هـــي نـــورٌ فــي تلاليهــا
مقاتـــل بلحــاظٍ قــوسُ حاجبهــا
ترمـي القلـوبَ بهـا عمداً فتُصميها
فبــاكر الــروض والأغصـان مائلـة
يثنـي النفـوسَ لهـا شـوقاً تَثنّيها
لـم يرقـصِ الـدّوح بالأكمام من طرب
حـتى شـدا مـن قيان الطير شاديها
وأســمعتها فنــون السـحر مبدعـةٌ
وُرْقُ الحمـــام وغنّاهَــا مُغنّيهــا
غرناطــة آنــسَ الرّحمــنُ سـاكنَها
بــاحت بســر معانيهــا أغانيهـا
أَعْــدَى نســيمُهُمُ لُطْفــاً نفوســَهمُ
فرقــة الطبـع طبـعٌ منـه يُعْـديها
فَخلّــدَ اللـه أيـام السـرور بهـا
صــُفراً عشــيَّاتها بيضـاً لياليهـا
وروّضَ المحــل منهــا كــلُّ منبجـسٍ
إذا اشـتَكَتْ بقليـل الجـدب يُرويها
يحكـي الخليفـةَ كفّـاً كلّمـا وَكَفَـتْ
بـالجود فـوق مـوات الأرض يُحييهـا
تُغْنـي العفـاةَ وقـد أمّـتْ مكـارمُه
عــن الســؤال وبالإحسـان يُغْنيهـا
لهــا بنــانٌ فلا غيــثٌ يســاجلُها
جــوداً ولا ســحبُه يومـاً تـدانيها
فـإن تصـُبْ سـحبُه بالمـاء حين هَمتْ
بعســـجدٍ ولُجَيْــنٍ صــاب هاميهــا
يـا أيها الغوثُ أنت الغوثُ في زمن
ملـــوكُه تَلِفَـــتْ لــولا تلافيهــا
إن الرعايــا جـزاك اللـه صـالحة
ملكـت شـرقاً وغربـاً مـن يراعيهـا
إن الخلائق فــي الأقطــارِ أجمعهـا
سـوائمٌ أنـت فـي التحقيـق راعيها
فكـــلُّ مصــلحة للخلــق تحكمهــا
وكــلّ صـالحة فـي الـدين تنويهـا
إذا تيمَّمْــتَ أرضــاً وهــي مجدبـةٌ
فرحمــةُ اللــه بالسـقيا تُحيِّيهـا
يــا رحمـةً بثّـت الرُّحمَـى بأنـدلسٍ
لـولاك زُلزلـتِ الـدنيا بمـن فيهـا
فـي فضـل جـودك قـد عاشت مشيختها
فـي ظـل أمنـك قـد نـامت ذراريها
فـي طـول عمـركَ يرجـو الله آملُها
بنصـر ملكـك يـدعو اللـهَ داعيهـا
عــوائدُ اللـه قـد عُـوِّدْتَ أفضـلها
لتبلـغ الخَلْـقُ مـا شـاءت أمانيها
ســُلَّ السـعودَ وخَـلِّ الـبيضَ مُغمـدةً
واضـربْ بهـا فريةَ التَّثليث تَفْريها
للــه أيامـك الغـرٌُّ الـتي اطَّـردَتْ
فيهـا السـعودُ بمـا ترضى ويُرضيها
للــه دولتــك الغَــرَّاء إنّ لهــا
لكــافلاً مـن إلـه العـرش يكفيهـا
هيهــاتَ أن تبلـغَ الأعـداءُ مأرُبَـةٌ
فـي جريهـا وجنـودُ اللـه تحميهـا
هــذي سـيوفك فـي الأجفـان نائمـة
والمشــركون سـيوف اللـه تُفنيهـا
ســريرةٌ لـك فـي الإخلاص قـد عَرَفَـتْ
حُســْنى عواقبهــا حــتى أعاديهـا
لـم يحجـب الصبحُ شهبَ الأفق عن بصر
إلا وهـــديُك للأبصـــار يُبـــديها
يا ابن الملوك وأبناء الملوك إذا
تـدعو الملـوكُ إلـى طـوع تُلَبّيهـا
أبنــاءُ نصــرٍ ملــوك عـزّ نصـرُهُمُ
وأوسـعوا الخلـق تَنْويهـا وترفيها
هـم المصـابيح نـور اللـه موقدها
تضــيء للـدين والـدنيا مشـاكيها
هـم النجـوم وأفـق الهـدْي مطلعها
فــوزاً لمَهْــديِّها عــزاً لهاديهـا
هــم البـدور كمـالٌ مـا يفارقهـا
هـــم الشـــموسً ظلام لا يُواريهــا
قضـت قواضـبُها أن لا انقضـاء لهـا
وأمضـت الحكـمَ فـي الأعدا مواضيها
وخلّـدت فـي صـفاح الهنـد سـيرتها
وأســندت عــن عواليهـا معاليهـا
وأورثتــك جهــاداً أنــت ناصــره
والأجــر منــك يُرضــِّيها ويحظيهـا
كــم موقـف ترهـب الأعـداءُ مـوقفَهُ
والخيـل تَـردي ووقع السُّمر يُرديها
ثــارت عجــاجته واليــوم محتجـبٌ
والنقـع يـؤثر غيمـاً مـن دياجيها
وللأســـنة شـــهب كلمـــا غربــت
فـي الـدار عيـن تجلَّت من عواليها
وللســـيوف بــروقٌ كلمــا لمعــت
تُزجـي الـدماء وريح النصر يُزجيها
أطلعـتَ وجهـاً تريـك الشـمسَ غُرَّتُـهُ
تبــارك اللـه مـا شـمسٌ تُسـاميها
مــن أيـن للشـمس نطـق كلـه حكـم
يفيــدها كــلَّ حيـن منـك مُبـديها
لــك الجيـادُ إذا تجـري سـوابقها
فللريــاح جيــادٌ مــا تجاريهــا
إذا انـبرت يـومَ سـبقٍ فـي أعنَّتها
تــرى الــبروق طلاحـاً لا تباريهـا
مـن أشـهبٍ قـد بـدا صبحاً تُراعُ له
شـُهبُ السـماء فـإن الصـبح يخفيها
إلا الــتي فـي لجـامٍ منـه قيَّـدَها
فـــإنه ســـامها عــزَّ وتنويهــا
أو أشـقرٍ مـرّ عـن شقر البروق وقد
أبقـى لهـا شـفقاً في الجو تنبيها
أو أحمـرٍ جمـره فـي الحـرب متّقـدٌ
يعلـو لهـا شـَررٌ مـن بـأس مُذكيها
لـون العقيـق وقد سال العقيق دماً
بعطفــه مــن كُمــاةٍ كـرَّ يُـدميها
أو أدهـمٍ ملـء صـدر الليـل تنعله
أهلّــة فــوق وجــه الأرض يبـديها
إن حــارت الشـهبُ ليلاً فـي مقَّلـده
فصــبح غُرَّتــه بــالنور يَهــديها
أو أصـفرٍ بالعشـيّات ارتـدى مرحـاً
وعُرفُــه بتمــادي الليـل يُنبيهـا
مُمــوّهٌ بنفــارٍ تــاه مــن عجــب
فليــس يعــدمُ تنويهــا ولا تيهـا
وربّ نهــــر حســـام رقَّ رائقـــه
مـتى تَـرِدْهُ نفـوسُ الكفـر يُرديهـا
تجـري الـرؤوس حبابـاً فـوق صفحته
ومـا جـرى غيـر أن البـأس يُجريها
وذابــلٍ مــن دم الكفّــار مشـربُه
يَجنـي الفتـوحَ وكـفُّ النصر تجنيها
وكـــم هلالٍ لقــوسٍ كلَّمــا نبضــتْ
تـرى النجـومَ رجومـاً فـي مراميها
أئمــة الكفـر مـا يَمَّمْـتَ سـاحتها
إلا وقــد زُلزلــتْ قسـراً صياصـيها
يـا دولـة النصر هل من مبلغ دولاً
مضــينَ أنــك تُحييهــا وتُنســيها
أو مبلــغ ســالفَ الأنصـار مأكلـةً
واللـه بالخلد في الفردوس يَجزيها
أن الخلافــة أعلـى اللـه مظهرهـا
أبقـتْ لنـا شـرفاً واللـه يبقيهـا
يـا ابـن الـذين لهم في كل مكرمة
مفــاخرٌ ولســان الــدهر يُمليهـا
أنصـار خيـر الـورى مختـار هجرته
جيــران روضــته أكــرمُ بأهلِيهـا
أســمتهُمُ الملّـة السـمحاءُ تكرمـةً
أنصــارَها وبهــم عــزّتْ أواليهـا
ففــي حُنَيْـنٍ وفـي بـدرٍ وفـي أُحُـدٍ
تُلْفَــى مفــاخرهم مشــهورةً فيهـا
وَلْتَسـْأَلِ السـِّيَرَ المرفـوعَ مسـندُها
فعــن مــواقفهم تُــرْوى مغازيهـا
مـــآثرٌ خلَّــد الرّحمــن أُثرتهــا
ينصــّها مـن كتـاب اللـه تاليهـا
لـه الجهـاد بـه تسري الرياح إلى
ممالــك الأرض مــن شـتى أقاصـيها
تُحدى الركاب إلى البيت العتيق به
فمكّـــةٌ عَمَـــرَتْ منــه نَواديهــا
بشــائرٌ تســمعُ الـدنيا وسـاكنها
إذا دعـا باسـمك الأعلـى مُناديهـا
كفـــى خلافَتَــكَ الغــراءَ منقبــةٌ
أنّ الإلــهَ يُــوالي مــن يُواليهـا
وقــد أفـاد بنيـه الـدهرُ تجربـةً
أنّ الإلــهَ يُــوالي مــن يُواليهـا
إذا رميــت ســهام العـزم صـائبةً
فمـا رميـتَ بـل التوفيـق راميهـا
شــكراً لمــن عظمـت منـا مـواهبُهُ
وإنْ تُعَــدَّ فليــس العــدُّ يُحصـيها
عمــا قريـبٍ تـرى الأعيـادَ مُقبلـةً
مـن الفتـوح ووفـدُ النصـر حاديها
وتبلـغُ الغايـة القصـوى بشـائرها
فقــد أظلـتْ بمـا ترضـى مباديهـا
فاهنـأ بمـا شـئت مـن صنع تُسَرُّ به
وانْــو الأمـانيَّ فالأقـدار تُـدنيها
مــولايّ خـذها كمـا شـاءت بلاغتهـا
ولـو تُبَـاعُ لكـان الحسـنُ يَشـريها
أرســلتها حيثمــا الأرواح مرسـلةٌ
نــوادراً تنشـر البشـرى أمانيهـا
جـاءت تُهنيـك عيـد الفطـر معجبـةً
بحســنها ولســانُ الصـدق يُطريهـا
البِشـر فـي وجهها واليمن في يدها
والسـّحرُ فـي لفظها والدرُّ في فيها
لـو رصـَع البـدر منهـا تاج مفرقه
لـم يـرضَ درَّ الـدراري أن تحُلّيهـا
فـإن تكـن بنـتُ فكـري وهو أوحدها
نُعمــاك فـي حِجـره كـانت تُربّيهـا
فـي روض جـودك قـد طـوّقتني مِننـا
طـوقَ الحمـام فمـا سـجعي مُوَفيّهـا
ولـو أعـرتُ لسـان الـدهر يشـكرها
لكــان يقصــرُ عــن شـكرٍ يُوَفّيهـا
بقيـتَ للـدين والـدنيا إمـامَ هدى
مبلَّـغ النّفـس مـا ترجـو أمانيهـا
والســعد يجــري لغايـات تؤمِّلهـا
مـا دامـتِ الشُّهب تجري في مجاريها
محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الصريحي، أبو عبد الله. المعروف بابن زمرك وزير من كبار الشعراء والكتاب في الأندلس، أصله من شرقيها، ومولده بروض البيازين (بغرناطة) تتلمذ للسان الدين ابن الخطيب وغيره. وترقى في الأعمال الكتابية إلى أن جعله صاحب غرناطة (الغني بالله) كاتم سره سنة 773هـ، ثم المتصرف برسالته وحجابته. ونكب مدة، وأعيد إلى مكانته، فأساء إلى بعض رجال الدولة، فختمت حياته بأن بعث إليه ولي أمره من قتله في داره وهو رافع يديه بالمصحف. وقتل من وجد معه من خدمه وبنيه، وكان قد سعى في أستاذه لسان الدين بن الخطيب حتى قتل خنقاً فلقي جزاء عمله. وقد جمع السلطان ابن الأحمر شعر ابن زمرك وموشحاته في مجلد ضخم سماه (البقية والمدرك من كلام ابن زمرك) رآه المقري في المغرب ونقل كثيراً منه في نفح الطيب وأزهار الرياض. قال ابن القاضي: كان حياً سنة 792 ذكرت الكوكب الوقاد فيمن دفن بسبتة من العلماء والزهاد.وكان صديقا لابن خلدون، وفي رحلة ابن خلدون حديث مطول عنه يقعفي زهاء عشر صفحاتأولها (صاحبنا الوزير الكبير العالم، كاتب سر السلطان ابن الأحمر صاحب غرناطة)