
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مــالي أَراكَ أَخـا الإينـاسِ وَالسـِلمِ
أَصــبَحَت لِلهَــمِّ وَالأَفكـارِ فـي سـِلمِ
وَمــا لِمُنســَكِبِ الأَجفــانِ كَالســَلمِ
أَمِــن تَــذَكُّرِ جيــرانٍ بِــذي ســِلمِ
مَزَجَــت دَمعـاً جَـرى مِـن مُقلَـةٍ بِـدَمِ
أَم طــارَ نَومُـكَ مِـن وَرقـاءَ سـاجِعَةِ
غَنَّــت فَهــامَت بِنَفــسٍ مِنـكَ هائِمَـةِ
وَلَيســَتِ النَفــسُ مِـن وَجـدٍ بِكاظِمَـةِ
أَم هَبَّـتِ الريـحُ مِـن تَلقـاءِ كاظِمَـةِ
وَأَومَـضَ البَـرقَ مِـنَ الظِمـاءِ مِن أَضَمِ
عَجِبـتُ مِنـكَ مَـتى يَخفـى هَـواكَ مَـتى
هَـل أَنـتَ تُنكِـرُ وَجـداً لِلـوَرى ثَبتا
وَهَبــكَ خَلـوا وَمـا قـالوهُ مُفتَأَتـا
فَمــا لِعَينَيـكَ إِن قُلـتَ أَكفَفاهَمتـا
وَمــا لِقَلبِـكَ أَن قُلـتَ اِسـتَفِق بِهِـم
لَـو لَـم يُمسـِك مِـن نـارِ الجَوى ضَرَمِ
مـا سـالَ دَمعُـكَ أَو حَـلَّ الحَشـا أَلَمِ
وَلَــم يُحــاوِل جَحــدَ الحَــقِّ مُتَّهَـمٌ
أَيَحســـَبُ الصــَبَّ إِنَّ الــحَُّ مُنكَتِــمِ
مــا بَيــنَ مُنســَجِمٍ مِنــهُ ومُضـطَّرَمِ
نَعَــم عَهِــدتُّكَ قَبــلَ الآنَ فـي جَـذلِ
تَختــالُ فـي حُلَـلِ النَعمـاءِ وَالأَمَـلِ
فَــأَنتَ طَبعـاً وَإِن أَنكَـرتَ كُـلَّ جَلـى
لَـولا الهَـوى لَـم تَرقَ دَمعاً عَلى طَلَلِ
وَلا أَرِقــتُ لِــذِكرِ البــانِ وَالعِلـمِ
لِلعاشــِقِ فَبِــكَ دَلالاتٌ وَقَـد اِنوُجِـدَت
حَتّـى المَحبـونَ وَالأَعـدى لَـكَ اِنتَقَدَت
طَــرفٌ يَفيــضُ وَدَمــعُ حــالِهِ شـَهِدَت
فَكَيــفَ تُنكِـرُ حَبـا بَعـدَ مـا شـَهِدَت
بِــهِ عَلَيــكَ عَـدولَ الـدَمعِ وَالسـَقمُ
كُنّــا نَخالُــكَ مَغبوطــاً بِكُـلِّ هُنـا
وَلَــم تَكُــن أَبــدا لِلهَـمِّ مُرتَهَنـا
وَهــا فُـؤادَكَ بِالبُؤسـي وَهـيَ وَهنـا
وَأَثبَــتَ الوَجــدُ خَطِـي عَـبرَةٍ وَضـَنى
مِثــلَ البِهـارِ عَلـى خَـدَّيكَ وَالعَتـمُ
لَــو كُنـتُ مِثلِـكَ وَالتَسـهيدُ طَـوَّقَني
حَيــثُ الحَـبيبُ خَيـالٌ مِنـهُ سـارِقَتي
لَقُلــتُ إِن قيـلَ هَـل سـارَ فَـاِقلِقني
نِعـمَ سـَرى طَيـفُ مَـن أَهـوى فَـأَرقَني
وَالحُـــبُّ يَعتِــرِضُ الَــذاتَ بِــالأَلَمِ
إِنَّ الصــَبابَةَ مــا دامَــت مُقَــدَّرَةً
أَظهِـر عَلَيهـا لَـدى العُـذّالِ مَقـدِرَة
وَقُــل لِمَــن لامَ تَعزيــراً وَتَبِصــَرَةً
يـا لائِمـي فـي الهَوى العُذري مَعذِرة
مِنّــي إِلَيـكَ وَلَـو أَنصـَفتَ لَـم تَلُـمِ
لَو أَنتَ تَدري بِما في العُشّاقِ مِن خَطَر
لَكُنـــت أَوَّلَ مَــن يَرثــي لِمُعتَــذِر
وَمــا أَقــولُ وَمــا هَمّــي بِمُقتَصـَرٍ
عُـــدَّتُكَ حـــالي لا ســَرى بِمُســتَتَر
عَـــنِ الوُشـــاةِ وَلا دائي بِمُنحَســِمِ
مــاذا صــَنَعتَ بِمـا جاهَـدتَ تُبـدِعُهُ
تَحــتَ النَصــيحَةِ مِــن لَـومٍ تَرقَعُـهُ
هَــوِّن عَلَيــكَ وَخَيـرُ القَـولِ أَنفَعُـهُ
مَحَضــتَني النُصـحَ لَكِـن لَسـتُ أَسـمَعُهُ
إِنَّ المُحِــبَّ عَــنِ العُـذّالِ فـي صـَمَمِ
دَع عَنـكَ لَـومي فَـإِنَّ اللَومُ مِن قَبلي
كَالزَنــدِ بِالقَـدَحِ إِن أَوروهُ يَشـتَعِلِ
وَخَــلِّ نُصــحَكَ لا تَصــرِفُهُ فــي هَـزَلٍ
أَنّـي لَتَهِمـتُ نَصـيحَ الشـَيبِ في عَذلي
وَالشـَيبُ أَبعَـدَ فـي نُصـحٍ عَـنِ التُهَمِ
اِنتَصـِح بِجِـدّي لَـو أَنَّ الأَنفُسَ اِحتَفَظَت
بِــهِ فَرَقَّــت حَواشــيها وَمـا غَلَظَـت
وَأَيــنَ نَفســي مِـن هَـذا إِذا وَعَظَـت
فَـإِنَّ إِمـاراتي بِالسـوءِ مـا اِتَّعَظَـت
مِـن جَهلِهـا بِنَـذيرِ الشـَيبِ وَالهَـرَمِ
مــازِلتُ أَعــدِلُها أَنّــي أَرى خَطَـراً
وَالغَـيُّ اليَعـدِلُها فيمـا لَـهُ خَطَـرا
فَمــا تَــرَوَّت بِحَـزمٍ كـانَ لـي وَزَرا
وَلا أَغـدَت مِـنَ الفِعـلِ الجَميـلِ قَـرى
ضــَيفٌ أَلَــمَّ بِرَأســي غَيــرَ مُحتَشـِمِ
ضــَيفٌ كَريــمٌ بِشـِعرِ المَـرءِ مَظهَـرُهُ
أَولــى لَــهُ السـَترَ مِمَّـن لا يَقـدِرُهُ
وَالحَــقُّ أَنّــي وَعَيـبي لَسـتُ أُنكُـرُهُ
لَــو كُنــتُ أَعلَـمُ أَنّـي مـا أوقِـرُهُ
كَتَمـتُ سـِرّاً بَـدا لـي مِنـهُ بِـالكَتمِ
يـا وَيـحَ نَفسـي مَـن أَداركِ غايَتُهـا
كَــم بــي تَجـوزُ مَفـازاتِ لِحاجَتِهـا
عَجِــزتُ وَاللَــهِ يَأسـاً مِـن ضـَلالَتِها
مَــن لـي بَـردَ جِمـاحٍ مِـن غِوايَتِهـا
كَمــا يَــرِدُ جِمـاحَ الخَيـلِ بِـاللَجَمِ
مِـن رَغبَةِ النَفسِ في الدُنيا وَثَروَتَها
تَرمـي المَرامـي بِنا في جَوفِ شَقوَتِها
وَلَيــسَ مِـن أَمَـلٍ فـي قَهـرِ سـَطوَتِها
فَلا تَــرُم بِالمَعاصــي كَسـرَ شـَهوَتِها
إِنَّ الطَعــامَ يَقــوى شــَهوَةَ النَهَـمِ
وَلا تَنَلهــا الَّـذي تَهـوى إِلَيـهِ وَلا
تَلقــى بِأَيـديكَ فَرحانـاً بِـهِ جَـذلا
مَـةن يَبـغِ تَركـاً لِشـَيءِ صـَدِّهِ وَسـَلا
وَالنَفـسُ كَالطِفـلِ أَن تُهمِلَـهُ شَبَّ عَلى
حُــبِّ الرِضــاعِ وَإِن تَفطِمُــهُ يَنفَطِـمِ
لا يَعــدِمُ المَــرءُ عَزمـاً إِن يـوفيهِ
إِلــى التَثَبُّــتِ فــي أَمـرٍ لِيَقليـهِ
وَالنَفــسُ تُغريــكَ بِـالأَدنى لِتَـأتيهِ
فَاِضــرِف هَواهــا وَحـاذِر إِن تـوليهِ
إِنَّ الهَـوى مـا تَـوَلّى يَصـِمِ أَو يَصـِمِ
النَفـسُ مـا لَـم تُقيـدُ فهـيَ هائِمَـةً
كَنافَــةَ مــا لَهــا الحَــيُّ شـاكِمَة
فَاِعقِــل لَهــا وَتَوَكَّـل وَهـيَ قائِمَـةً
وَراعِهــا وَهـيَ فـي الأَعمـالِ سـائِمَة
وَإِن هِــيَ اِسـتَحَلَّت المَرعـى فَلا تَسـَمِ
وَلا تُمــلِ نَحــوَ مـا شـاءَتهُ قائِلَـةٌ
هَــذا لَذيــذٌ وَخـالي الضـُرِّ خائِلَـة
فَإِنَّهــا لا أَرانــا اللَــهُ غائِلَــةً
كَــم حَســُنَت لِــذَّةً لِلمَــرءِ قاتِلَـة
مِـن حَيـثُ لَم يَدرِ إِنَّ السُمَّ في الدَسَمِ
مـا المَـرءُ مِنّـا عَلـى حـالٍ بِمُنطَبَعِ
إِن جـاعَ جـالَ وَإِن يَشـبَعُ فَـذو جَـزعِ
فَوَســطَ الحــالِ فــي كُــلٍّ بِلا جَشـَعِ
وَاِخـشَ الدَسـائِسَ مِـن جـوعٍ وَمِـن شَبَعِ
فَـــرُبَّ مَخمَصــَةٍ شــَرٌّ مِــنَ التُخَــمِ
وَالنَفـسُ صـُنها فَكَـم نَفـسٌ لَنا لَجَأَت
إِلــى حَـرامٍ عَلَيـهِ طالَمـا اِنكَفَـأَت
فَـاِختَر لَها الحَلَّ وَاِستَغفِر إِذا خَطَأَت
وَاِسـتَفرِغِ الـدَمعَ مِـن عَينٍ قَد اِمتَلَأَت
مِـنَ المَحـارِمِ وَالـزَم حَمِيَّـةَ النَـدَمِ
وَمَـل إِلـى الحَـقِّ وَالإِنصـافِ وَاِعلِهـا
وَلا تُطِـع مُسـتَهاماً فـي الهَـوى نَهَما
وَتــابِعِ الــدينَ وَالـدِيانِ وَاِرضـِها
وَخــالِفِ النَفـسَ وَالشـَيطانَ وَاِعصـِها
وَإِن هَمــا مَحضــاكَ النُصــحَ فَـإِنَّهُم
النَفـسُ مـا مَـرَّةً تُهـديكَ أَمَـن حَمـى
وَمَـن أَبـى مَـرَّةً كَمَـن واثِقـاً بِعَمـى
فَلا تَخــلِ فيهِمــا رُشــداً وَلا حُكمـاً
وَلا تُطِــع مِنهُمــا خَصــماً وَلا حِكَمـا
فَــأَنتَ تَعـرِفُ كَيـدَ الخَصـمِ وَالحُكـمِ
أَقــولُ هَـذا وَلَـم أَنظُـر إِلـى عِلَـلِ
فيهـا تَمـادَيتُ مِـن نَهـلٍ إِلـى عِلَـلِ
فَــذَلِكَ النُصــحُ مِــن جـانٍ بِلا خَجَـلِ
أَســتَغفِرُ اللَــهَ مِـن قَـولٍ بِلا عَمَـلِ
لَقَــد نَســَبتُ بِــهِ نَسـلاً لِـذي عَقَـمِ
وَقَعـتُ وَاللَـهِ تَحـتَ النَقـدِ وَالشـِبهِ
إِن كُنــتَ أَو خُـذ أَو قَـولي بِمـوجَبِهِ
عُـذراً أَخـا الـوُدِّ إِنّـي غَيـرَ مُنتَبِهِ
أَمَرتُـكَ الخَيـرَ لَكِـن مـا اِئتَمَرَت بِهِ
وَمـا اِسـتَقَمتُ فَمـا قَـولي لَكَ اِستَقِمِ
النَفــسُ كـانَت عَـنِ الإِحسـانِ غافِلَـةً
وَلَــم تَــزَل شـَمسُ حَظّـي عَنـهُ آفِلَـةً
فَمــا اِتَّخَــذَت مِـنَ الأَعمـالِ كافِلَـةً
وَلا تَــزَوَّدَت قَبــلَ المَــوتُ نافِلَــةً
وَلَــم أَصــلِ ســِوى فَـرضٍ وَلَـم أَصـُمِ
وَلَيـسَ حَظّـي سـِوى هَـذا القُصـورُ بِلى
لَقَــد جُــرِرتُ بِــأَهوائي لِكُــلِّ بِلا
وَلَيتَنـي لَـم أَنَـم لَيلي الطَويلَ وَلا
ظَلَمَــت سـُنَّةُ مَـن أَحيـا الظَلامَ إِلـى
إِن اِشــتَكَت قَـدَماهُ الضـُرَّ مِـن أَلَـمِ
أَحيـا وَقـامَ وَمِنـهُ الـذِكرُ حَيثُ ثَوى
فـي الصـَحوِ وَالنَـومِ لِلَهِ العُلى سِوا
وَكَــم بِلا رَمَــقٌ نَفَـلُ الصـِيامِ نَـوى
وَشــَدَّ مِــن ســَغبِ أَحشــاءِهِ وَطَــوى
تَحــتَ الحِجــارَةِ كَشـَحاً مُـترَفَ الأَدَمِ
وَلَــم يَشـُدَّ الحَشـا مِـن عَـوزِ مَطلَـبِ
فَــالخَيراتِ لَـهُ مِـن غَيـرِ مـا طَلَـبِ
لَــهُ تَــراءَت كُنـوزُ الأَرضِ عَـن كَثَـبِ
وَراوَدَتــهُ الجِبـالُ الشـَمُّ مِـن ذَهَـبِ
عَــن نَفســِهِ فاراهــا إيمــا شـَمَمِ
وَكَيــفَ يَرضــى وَقَـد كـانَت وَتيرَتُـهُ
حُــبُّ القَناعَــةِ مــا قُلـتُ ذَخيرَتُـهُ
بَــل قَـد أَبَتهـا إِبـا زُهـدٍ سـيرَتُهُ
وَأَكَّـــدتُ زُهـــدَهُ فيهــا ضــَرورَتُهُ
إِنَّ الضـَروراتِ لا تَعلـو عَلـى العَصـَمِ
نِعـمَ نَـرى العَـوزَ قَـد أَدّى لِكُلِّ شَجَنِ
وَكَــم بِصــاحِبِهِ أَودى فَكــادَ يَجــنِ
لَكِــن ســَيِّدَنا بِــالنَفسِ حـازَ غِنـى
وَكَيـفَ تَـدعو إِلـى الدُنيا ضَرورَةَ مِنِ
لَـولاهُ لَـم تَخـرُجِ الـدُنيا مِنَ العَدَمِ
لَـولاهُ لَـولاهُ لَـم يَبـدو سَنا القَمَرِي
نِ وَالكَــواكِبُ وَالإِنــسُ وَمُطلَــقُ شـَي
فَهــوَ الأَســاسُ لِتَكـوينِ وَخَلقَـةِ حَـيِّ
مُحَمَّـــــدِ الكَــــونَينِ وَالثَقَــــل
يـنِ وَالفَريقَيـنِ مِـن عَـربٍ وَمِـن عَجَمِ
رَسـولُنا مَـن لَـهُ يَـومُ الحِسـابِ يَـدٌ
هِــيَ الَّــتي وَحـدَها لِلمُلتَجـى سـَنَدِ
وَلينــاً مَــن لَنــا تَصــديقُهُ رَشـَدُ
نَبينــا الآمِــرِ النــاهي فَلا أَحَــدِ
أَبَــرَّ فــي قَــولٍ لا مِنــهُ وَلا نِعَـمِ
فـي الهَـذِهِ الـدارُ قَد كانَت طَريقَتُهُ
ســَبيلُ فَــوزٍ بِــهِ ســادَت جَمـاعَتُهُ
وَفــي المَعـادِ وَيـا لِلهَـولِ حِليَتُـهُ
هُــوَ الحَـبيبُ الَّـذي تَرَجّـى شـَفاعَتُهُ
لَكِــنَّ هَــولٌ مِــنَ الأَهــوالِ مُقتَحَـمٍ
لَمّــا قَضــى اللَـهُ أَشـهارً لِمَـذهَبِهِ
وَأَبلِـــغِ الأَمــرَ جِبريــلَ لِصــاحِبِهِ
بِقُــم فَأَنـذِر وَاِقـرَأ بِاِسـمِ نـادِبِهِ
دَعـا إِلـى اللَـهِ فَالمُستَمسـِكونَ بِـهِ
مُستَمســـِكونَ بِحَبــلٍ غَيــرَ مُنفَصــِمِ
لَـم تَحكِـهِ الشـَمسُ فـي رَأدٍ وَلا أُفُـقِ
وَلَــم يَكُــن هَكَــذا حُســنٌ بِمُتَّفَــقِ
فَلا عَجيــبَ إِذا مــا كـانَ عَـن أُفُـقِ
فـاقِ النَـبيينَ فـي خَلـقٍ وَفـي خَلـقِ
وَلَــم يُــدانواهُ فـي حِلـمٍ وَلا كَـرَمِ
وَمــا لِشــَأنِهِم فـي الفَضـلِ مُبتَخَـسِ
أَو عَنهُـمُ الروحُ مِن ذي الطولِ مُحتَبَسِ
بَــل كُلُّهُــم مِــن جَلاِ اللَـهِ مُقتَبَـسِ
وَكُلُّهُــم مِــن رَســولِ اللَـهِ مُلتَمَـسِ
غَرَفـاً مِـنَ البَحرِ أَو رَشَفاً مِنَ الديمِ
فَهُـــم لِآلٍ وَطَـــهَ وَســـطَ عَقـــدِهِم
وَهُـــم بِمِقـــدارِهِ أَدرى وَقَـــدرُهُم
مُمَجِّــدونَ لَــهُ مِــن فَــوقِ مَجــدِهِم
وَواقِفـــونَ لَـــدَيهِ عِنـــدَ حَــدِّهِم
مِـن نُقطَـةِ العِلمِ أَو مِن شَكلَةِ الحُكمِ
وَكَيــفَ لا وَهــوَ ســِرُّ اللَـهِ خَيرَتُـهُ
مِــن جُملَـتِ سـورَةِ التَفصـيلِ سـيرَتُهُ
وَلَيـسَ فـي الخَلـقِ مِـن تَحكيهِ سورَتُهُ
فَهــوَ الَّــذي تَــمَّ مَعنـاهُ وَصـورَتُهُ
ثُــمَّ اِصـطَفاهُ حَبيبـاً بـارِئِ النَسـَمِ
فَظــاهِرُ الحُســنِ فيـهِ مِثـلُ بـاطِنِهِ
وَمــا عَلَيهــا وَرُبــى مِـن مَقـارِنِهِ
كَلّا هُــوَ الفَـردُ فـي عَينـي مَعـانيهِ
مُنَــزَّهٌ عَــن شــَريكٍ فــي مَحاســِنِهِ
فَجَــوهَرُ الحُســنِ فيـهِ غَيـرَ مُنقَسـِمِ
فَالمُرســــَلونَ تُضـــاهيهِ بِـــأَيهَمٍ
وَزيـــهٍ بَيَّـــنَ مِــن بَيــنِ زِيِّهِــم
فَــإِن تُــرِد مَـدحَهُ فـي نَشـرِ طَيِّهِـم
دَع مـا اِدَّعَتـهُ النَصـارى فـي نَبِيِّهِم
وَاِحكُـم بِمـا شـِئتَ مَدحاً فيهِ وَاِحتَكِمِ
وَقُــل وَنــاظِر وَفـاخِر كُـلِّ ذي صـَلَفِ
بِبَعـضِ مـا حـازَ مِـن فَضـلٍ وَمِـن طَرَفِ
وَقُــم بِــأَرفَعِ مَنصــوبٍ عَلــى شـَرَفِ
وَاِنسـَب إِلـى ذاتِـهِ مـا شِئتَ مِن شَرَفِ
وَاِنسـِب إِلـى قَـدرِهِ مـا شِئتَ مِن عَظَمِ
وَمـــا يُقــالُ وَرَبُّ الحَمــدِ جَملُــهُ
بِكُـلِّ مَـدحٍ إِذا مـا الفَضـلُ جَـمَّ لَـهُ
وَاللَــهُ مــا عِنـدَنا وَحـيَ لِنُنزِلَـهُ
فَــإِنَّ فَضـلَ رَسـولِ اللَـهِ لَيـسَ لَهـث
حَـــدُّ فَيَعــرُبَ عَنــهُ نــاطِقَ بِفَــمِ
وَكَيـــفَ يُعـــرِبُ أَو يَلقـــى فَمــاً
يُجيــدُ مَــدحاً بِـهِ لِلمُصـطَفى قَـدَما
فَوَالَّــذي أَرغَــمَ الأَعـدا بِـهِ كَظَمـاً
لَــو ناســَبتَ قَــدرَهُ أَيـاتِهِ عَظَمـا
أَحيـا اِسـمُهُ حيـنَ يَدَّعي دارِسَ الرِمَمِ
اِنظُـر لِمـا كـانَ مِـن عـالي تَـأَدُّبِهِ
وَحُســـنَ أَخلاقِـــهِ ســُبحانَ واهِبِــهِ
فَمَـــن لِطَيـــفِ ســـَجاياهُ وَطيبِــهِ
لَـم يَمتَحِنـا بِمـا تَعيـا العُقولُ بِهِ
حِرصـاً عَلَينـا فَلَـم نُرَتِّـب وَلَـم نَهِمِ
جَـلَّ القَـديرُ لَـهُ فَـوقَ العُقـولِ بَرى
فَكُلُّـــهُ مُعجِــزَ إِدراكِــهِ البَشــَرا
لِـذاكَ كـانَ إِذا مـا غـابَ أَو حَضـَرا
أَعيـا الـوَرى فَهُـم مَعناهُ فَلَيسَ يَرى
فـي البُعـدِ وَالقُـربِ فيهِ غَيرَ مُنفَحِمِ
قَـد كـانَ مِـن لُطفِـهِ لَم يَخشَ مِن أَحَدِ
وَهـوَ المَهيـبُ وَجَـلَّ القَـدرُ عَـن أَسَدِ
لَكِنَّـــهُ وَهـــوَ أَعلا كُــلَّ ذي صــَعَدِ
كَالشــَمسِ تَظهَـرُ لِلعَينَيـنِ مِـن بُعـدِ
صــَغيرَةً وَتَكــلُ الطَــرفَ مِــن أُمَـمِ
مـا كـانَ مِـن عـارِفٍ فينـا خَليقَتُـهُ
عَلــى الحَقيقَـةِ لَـم يُخطِـئ طَريقَتُـهُ
بَـل عَنـهُ نِمنـا وَلَـم نُـدرِك هِدايَتُهُ
وَكيَــفَ يُـدرِكُ فـي الـدُنيا حَقيقَتُـهُ
قَــومٌ نِيــامٌ تَســلو عَنـهُ بِـالحِلمِ
وَمَـــن تَقـــدِرُهُ مِنّــا لَــهُ فَكِّــر
بِحَــقِّ مِقــدارِهِ مَهمـا اِنتَهـى نَظَـر
وَمــا يُقــالُ وَأَقضــى قَولَنـا قَصـَر
فَمَبلَــغُ العِلــمِ فيــهِ إِنَّــهُ بَشـَر
وَإِنَّــهُ خَيــرَ خَلــقِ اللَــهِ كُلُّهُــم
آيـاتِ ذي العَـرشِ أَقصـاها واقُربُهـا
مِمّـا حَـوّى اللَـوحُ فـي أَعلا مَراتِبِها
بِــهِ لَنــا اِتَّصـَلَت أَضـوا كَواكِبَهـا
وَكُـلُّ آيِ أَتـى الرُسـُلِ الكِـرامِ بِهـا
فَإِنَّمــا اِتَّصــَلَت مِــن نــورِهِ بِهِـم
فَلَــم تَكُــن آيَــةَ جِبريـلِ كاتِبِهـا
فـي سـابِقِ الـدَهرِ إِلّا وَهـوَ صـاحِبِها
وَعَـن يَـدِ الرُسـُلِ قَـد لاحَـت ثَواقِبَها
فَــإِنَّهُ شــَمسُ فَضــلٍ هُــم كَواكِبُهـا
يَظهَـرنَ أَنـوارُهُ لِلنـاسِ فـي الظَلـمِ
هُـوَ الحَليـمُ الَّـذي مـا شـانُهُ نَـزَق
وَذو الجَـبينِ الَّـذي كَـالبَرقِ مُؤتَلَـقِ
فيــهِ الجَمـالُ وَحُسـنُ الطَبـعِ مُتَّفَـقِ
أَكــرَمَ بِخَلــقِ نَــبي زانَــهُ خَلــقِ
بِالحُســنِ مُشــتَمِلٌ بِالبَشــَرِ مُتَّســَمِ
راعـي النَظيـرَ لَمّـا أوتيـهِ مِن تُحَفِ
بِنُضــرَةِ وَمُحَيّــا صــينَ عَــن كَلَــفِ
تَجِـدهُ مَـعَ جـودِهِ وَالغَيـثُ فـي سـَرَفِ
كَـالزَهرِ فـي تَـرَفِ وَالبَـدرِ فـي شَرَفِ
وَالبَحـرُ فـي كَـرَمٍ وَالـدَهرُ فـي هِمَمِ
عَلَـــيَّ قَـــدرُ بَهــى فــي مَلاحَتِــهِ
قُـــوى جــاشِ كَمــي فــي شــَجاعَتِهِ
مــا مِثلِــهِ مِـن نَـبي فـي مَهـابَتِهِ
كَـــأَنَّهُ وَهــوَ فَــردٌ فــي جَلالَتِــهِ
فــي عَسـكَرٍ حيـنَ تَلقـاهُ وَفـي حَشـَمِ
حَــوى لِثَغــرٍ بَـديعَ النَظـمِ مُؤتَلَـفِ
وُحُســـنُ لَفـــظٍ بِلا لَغــوٍ وَلا هَــرَفِ
تَبــارَكَ اللَــهُ فــي وَصــفٍ وَمُتَّصـَفِ
كَأَنَّمـا اللُؤلُـؤُ المَكنـونَ فـي صـَدَفِ
مِــن مَعــدَني مَنطِــقٌ مِنـهُ وَمُبتَسـَمِ
بِكُـــلَّ مــا جَــلَّ ذو الإِجلالِ عَظمُــهُ
حَيّــاً وَمَيِّتــاً فَنـالَ الحَـظَّ أَعظَمُـهُ
قولـوا لِمَـن هـامَ فـي وَردٍ وَأَعظَمُـهُ
لا طيــبَ يَعــدِلُ تُربــاً ضـَمَّ أَعظَمُـهُ
طـــوبى لِمُنتَشـــِقٍ مِنــهُ وَمُلتَثَــمِ
بِـهِ بَـدا اللَهـث مِـن أَنـوارِ مَظهَرُهُ
وَمِــن قَــديمٍ قَضــى تَكـوينُ جَـوهَرِهِ
وَعِنــدَما اِشـتاقَتِ الـدُنيا لِمَنظَـرِهِ
أَبــانَ مَولِــدُهُ عَــن طيــبِ عُنصـُرِهِ
يــا طيــبَ مُبتَــدَاَ مِنــهُ وَمُختَتَـمِ
بـدا الحَـبيبُ وَمَـن فـي الشَعبِ عَمَّهُم
كُــلُّ الســُرورِ وَصـارَ الأُنـسُ بَينَهُـم
وَيَــومٌ إِن كــانَتِ البُشــرى تَسـُرُّهُم
يَــومَ تَفَــرَّسَ فيــهِ الفُــرسُ لَهُــمُ
قَـد أَنـذَروا بِحُلـولِ الوَيـلِ وَالنَقَمِ
وَذاكَ يَــومٌ بِـهِ كَـم قَـد بَـدَت بِـدَعِ
مِــن نــازِلاتٍ تَــوَلّاهُم لَهــا هَلَــعُ
فَكُــلُّ صــَقعٍ غَــدا مَبنــاهُ مُنصـَقِعِ
وَبــاتَ إيــوانُ كِسـرى وَهـوَ مُنصـَدِعِ
كَشــَملِ أَصــحابِ كِســرى غَيـرَ مُلتَئِمِ
فَالخَـدنِ وَالـزَوجِ وَالصـَنونِ فـي لَهفِ
وَعَظُـمَ حُـزنٌ عَلـى مـا خيـفَ مِـن تَلَفِ
وَالمَلِـكُ لِلخَسـفِ قَـد أَمسـى عَلى شَرَفِ
وَالنــارُ خامِـدَةَ الأَنفـاسِ مِـن أَسـَفِ
عَلَيـهِ وَالنَهـرُ سـاهي العَينَ مِن سَدَمِ
وَالريــحُ عاصــِفَةً تَشــتَدُّ غارَتُهــا
كَالنــارِ لِلــزَرعِ لا يَرتَـدُّ قارَّتُهـا
وَأَعيُــنُ المــاءِ خانَتهـا غَزارَتُهـا
وَســاءَ ســاوَةً إن غــارَت بُحَيرَتُهـا
وَردُ وارِدِهــا بِــالغَيظِ حيــنِ ظَمـى
تَـرى مَكـانَ اللَظـى بَـرداً وَذا طَلَـلِ
وَمَوضــِعُ المـاءِ حَـرا راحَ عَـن طَلَـلِ
سـُبحانَ مِـن حَـولِ الأَحـوالِ عَـن حَـولِ
كَـأَنَّ بِالنـارِ مـا بِالمـاءِ مِـن بَلَلِ
حَزَنـاً وَبِالمـاءِ مـا بِالنارِ مِن ضَرَمِ
هَـــذا وَآمِنَـــةً بِـــالأَمنِ راتِعَــةً
وَالطَيـرُ مِـن فَوقِهـا بِـاليَمَنِ ساجِعَة
وَلِلمَلائِكَــــةِ التَســـبيحَ ســـامِعَةً
وَالجِــنُّ تَهتِــفُ وَالأَنــوارُ ســاطِعَة
وَالحَـقُّ يَظهَـرُ مِـن مَعنـى وَمِـن كَلَـمِ
وَالكــافِرونَ تَغشــاهُم هُنــاكَ ظُلـمُ
وَبــاتَ كُــلُّ صــَحيحٍ مِنهُــم بِــأَلَمٍ
حَتّـــى كَأَنَّمـــا مُمـــاطِراً وَأَلَــمِ
عَمـوا وَصـَموا فـاعِلانِ البَشـائِرِ لَـم
يَســمَع وَبارِقَــةَ الإِنـذارِ لَـم تَشـِمِ
لَـم يَلبَـثِ الكُـلَّ إِن كَلَـت عَـواهِنَهُم
وَبــانَ عَنهُــم مَحــابيهِم وَعـائِنَهُم
وَكــانَ هَــذا كَمـا أَنهـى مَعـايِنَهُم
مِـن بَعـدِ مـا أَخبَـرَ الأَقوامَ كاهِنَهُم
بــانَ دينَهُــم المِعــوَجَّ لَــم يَقُـمِ
وَبَعـدَ مـا حَقَّقـوا مـا حَـلَّ مِـن عَطَبِ
وَلَيــسَ مِمّـا قَضـاهُ اللَـهُ مِـن هَـرَبِ
وَبَعـدَما شـاهَدوا فـي الأَرضِ مِـن عَجَبِ
وَبَعـدَما عـايَنوا فـي الأُفُـقِ مِن شُهُبِ
مَنقَضـَةً وِفـقَ مـا فـي الأَرضِ مُـن صَنَمِ
وَكـانَ أَمـرُ اِسـتِراقِ السـمعِ مُلتَزِماً
لَــهُ مِـنَ الجِـنِّ مَـن لِلخَطـفِ مُعتَـزِمِ
فَكــانَ مِــن حَـلِّ وَلـي وَهـوَ مُنخَـرِمِ
حَتّـى غَـدا عَـن طَريـقِ الـوَحيِ مُنهَزِمِ
مِــنَ الشـَياطينِ يَقفـو أَثَـرَ مُنهَـزِمِ
لِوَقعَــةِ الفيــلِ قَبلاً غَيــرَ مُشـبَهة
لَهــا بِبَــدرٍ لَقَـد صـاروا كَمُنبَهَـةِ
إِذا قَــد تَوَلّــوا بِــأَرواحِ مُدلَهَـةٍ
كَـــأَنَّهُم هَرَبـــا إِبطــالَ أَبرَهَــةِ
أَو عَسـكَرٌ بِالحَصـى مِـن راحَتَيهش رَمى
مِـن راحَـتي حاصـِبُ عَيـنِ العِدا طَسَما
وَمـا رَمـى إِذ رَمى بَل ذو الجَلالِ رَمى
وَكــانَ أَلقــى صــَوبَ العِـدا بِهِمـا
نَبــذاً بِــهِ بَعـدَ تَسـبيحٍ بِبَطنِهِمـا
نَبــذُ المُســَبِّحِ فـي أَحشـاءِ مُلتَقِـمِ
وَكَــم لَــهُ طَلَــبُ الأَعــداءِ آبِــدَةً
مِـن مُعجِـزاتٍ تَراهـا العَيـنُ ناقِـدَة
وَكَــي تَكــونَ لَــهُ الأَعيـانُ شـاهِدَةً
جــاءَت لِــدَعوَتِهِ الأَشــجارَ ســاجِدَة
تَمشــي إِلَيــهِ عَلـى سـاقي بِلا قَـدَمِ
ســارَت تَهُــزُّ لِأَقلامٍ بِهــا اِنتَشــَبَت
لَهـا بَـرى اللَهُ وَالأَعدا بِها اِنقَضَبَت
فَلَـو تَـرى أَثَرَهـا مِن حَيثُما اِنقَلَبِت
كَأَنَّمــا ســَطرَت ســَطراً لَمـا كَتَبَـت
فُروعُهـا مِـن بَـديعِ الخَـطِّ في اللَقَمِ
وَلَــم تَــزَل زُمـرَةَ الكُفّـارِ نـاكِرَةً
لِكُـــلِّ آيــاتِهِ الكُــبرى مُكــابِرَة
حَتّـى الَّـتي بَينَهُـم كَالشـَمسِ ظـاهِرَةً
مِثــلَ الغَمــامِ أَنّــى سـارَ سـائِرَة
تَقيــهِ حَــرَّ وَطيــسَ لِلهَجيــرِ حَمـي
هَـذا الَّـذي قَلبُـهُ شـَقَّ المَليـكَ لَـهُ
طِفلاً وَكَهلاً وَلِلأَعلاءِ أَهلَــــــــــــهُ
يــا جاحِــدينَ عَلــى عِلـمِ فَضـائِلِهِ
أَقســَمتُ بِــالقَمَرِ المُنشــَقِّ أَن لَـهُ
مِــن قَلبِــهِ نِسـبَةَ مَـبرورَةِ القَسـَمِ
أَلا تَـــرَونَ أُســـديهِ مِـــن قَـــدَمِ
وَمـا لَـهُ فَـوقَ مـا لِلرُسـُلِ مِـن قَدَمِ
مِثــلَ المَســيرِ وَلا آثـارٍ مِـن قَـدَمِ
وَمـا حَـوى الغـارُ مِـن خَيرٍ وَمِن كَرَمِ
وَكُــلُّ طَـرفٍ مِـنَ الكُفّـارِ عَنـهُ عَمـى
قُبالَـةَ الغـارِ صـارَ الجَميعُ مُزدَحِما
لِظَنِّهِـــم أَنَّـــهُ آوى بِـــهِ أُمَمــا
لَكِــن حـاميهِ بِـاللُطفِ الخَفـي حَمـى
فَالصِدقُ في الغارِ وَالصَديقُ لَم يَرما
وَهُـم يَقولـونَ مـا بِالغـارِ مِـن أَرَمِ
رَأَوا حَمامـاً عَلـى البابِ لَهُ اِشتَمَلا
وَعَنكَبوتـــــاً حَــــوالَيهِ عَلا وَمَلا
وَمَـن عَمـى قَلبَهُـم مِمّـا بِهِـم نَـزَلا
ظَنّـوا الحَمـامَ وَظَنّوا العَنكَبوتَ عَلى
خَيـرُ البَرِيَّـةِ لَـم تَنسـُج وَلَـم تَحِـمِ
مَنـي يَتَّـقِ اللَـهِ لَـم يَعبَـأ بِراجِفَةٍ
وَلا بِشــــَعواءَ لِلأَعمـــارِ خاطِفَـــة
فَبِالتَوَكُّـــلِ فــي أَقــوى مُزاحَفَــةٍ
وِقايَــةَ اللَــهِ أَغَــت عَـن مُضـاعَفَة
مِــنَ الـدُروعِ وَعَـن عـالٍ مِـنَ الأَطَـمِ
هَــذا مُحَمَّــدٌ مِــن لَــذنا بِجـانِبِهِ
وَنــالَ كُــلٌّ بِــهِ أَقصــى مَطــالِبِهِ
فَوالَّــذي صــانَهُ مِــن سـَومِ عـائِبِهِ
مـا سـامَني الدَهرُ يَوماً وَاِستَجَرتَ بِهِ
أَلا وَنِلــتَ جِــواراً مِنــهُ لَـم يَضـَمِ
كَلّا وَلا رامَ قَلـــبي نَيـــلَ مَقصــَدِهِ
مِــن حُســنِ عَيــشٍ يَهنينـي بِأَرغَـدِهِ
أَو رُمــتَ فَضــلَ جَميــلٍ مِـن مَعـودِهِ
وَلا التَمَسـَت غِنـى الـدارَينِ مِـن يَدِهِ
إِلا اِسـتَلَمَت النَـدى مِـن خَيـرِ مُستَلِمِ
عَجَبَـت مِـن عـابِثٍ فـي الصـِدقِ قَـولَهُ
وَالـوَحى فـي النَـومِ بِالآيـاتِ وَأَصلَهُ
يـا مَعشـَرَ النـاسِ خَـرَقَ ذاكَ أَم دَلَّهُ
لا تُنكِـروا الـوَحى مِـن رُؤياهُ إِن لَهُ
قَلبـاً إِذا نـامَتِ العَينـانِ لَـم يَنَمِ
أَلَـم يَكُـن مـا رَأى مِـن قَبـلُ بِعثَتُهُ
قَـد كـانَ كَالصـُبحِ يَـأتي فـي جَلِيَّتِهِ
وَكَلُّكُــم شــاهِدوا مِصــداقَ رُؤيَتِــهِ
وَذاكَ حيـــنَ بُلـــوغٌ مِــن نَــوبَتِهِ
فَلَيــسَ يُنكِــرُ فيــهِ حــالُ مَحتَلِـمِ
أَمـا اِحتِمـالُ حُصـولِ الـوَحيَ عَن سَبَبِ
هَـــذا اِعتِـــزالٌ وَتَخطيــطٌ بِلا أَدَبِ
أَكـلُ مَـن رامَ وَحَيـا جـاءَ عَـن طَلَـبِ
تَبــارَكَ اللَــهُ مــا وَحـيَ بِمُكتَسـَبِ
وَلا نَـــبي عَلـــى غَيـــبٍ بِمُتَّهَـــمِ
هَـــذا وَأَحمَــدَ لا تَخفــى نَزاهَتُــهُ
وَبِـــالأَمينِ دَعـــاهُ قَبــلَ نــاعِتِهِ
وَفــي المَصــابِ وَردَ العَيــنِ آيَتِـهِ
كَــم أَبـرَأَت وَصـَبا بِـاللَمسِ راحَتَـهُ
وَأَطلَقَــت أَربــا مِـن رِبقَـةِ اللَمَـمِ
أَلَـم يَـرَ النـاسَ مـا أَدَّتـهُ بِعثَتُـهُ
وَمــا هَــدَّتهُم بِــهِ لِلحَــقِّ شـِرعَتُهُ
فَقَــد أَمـاتَت حَيـاةُ الكُفـرِ نَشـأَتُهُ
وَأَحيَــتِ الســَنَةَ الشــَهباءَ دَعـوَتُهُ
حَتّـى حَكَـت غُـرَّةً فـي الأَعصـَرِ الـدَهِمِ
وَهَــل تَناســَت وَقَــد ضـَنَت بِصـَيبِها
ســَماءَ طيبَــةٍ فــي أَبـانٍ مَطلَبَهـا
بِــدَعوَةٍ مِنـهُ أَو فـي صـَوبِ سـاكِبِها
بِعـارِضٍ جـادَ أَو خَلَـتِ البِطـاحَ بِهـا
سـَيبٌ مِـنَ اليَـمِّ أَو سـَيلٌ مِـنَ العَرَمِ
وَكَــم وَكَــم آيَـةً مِنـهُ لَقَـد بَهَـرَت
ذَوي العُقـولِ وَفـي الآقـاقِ قَـد نَشَرَت
يـا اَرمَـداً عَينَـهُ عَـن نـورِهِ جَهَـرَت
دَعنــي وَوَصــفي آيــاتٌ لَــهُ ظَهَـرَت
ظُهــورَ نـارِ القُـرى لَيلاً عَلـى عِلـمِ
إِن قيـلَ مُطريـهِ لِـمَ لِلشـِعرِ مُلتَـزِمٌ
وَلُؤلُـؤُ النَـثرِ كَـم يَبـدو بِـهِ عَظـمُ
أَقــولُ ذا الشـِعرِ أَحلا وَهـوَ مُنسـَجِمُ
فَالــدُرِّ يَـزدادُ حُسـناً وَهـوَ مُنتَظِـمُ
وَلَيــسَ يَنقُــصُ قَــدراً غَيــرَ مُلتَئِمِ
وَأَيُّ مَــــدحٍ لَـــهُ أَنّـــى عَلا وَغلا
مِـن عاشـِقيهِ إِلـى مـا أَملـوا وَصَلا
وَهــا أَنــا مَــن أَرادَ ذَلِـكَ الأَمَلا
فَمــا تَطــاوَلَ آمـالَ المَديـحِ إِلـى
مــا فيـهِ مِـن كَـرَمِ الأَخلاقِ وَالشـِيَمِ
لَمّــا قَضـى اللَـهُ وَالـدُنيا مُلَوَّثَـةً
بِــالكُفرِ وَالكُفـرُ بِالـدِيانِ مَخبَثَـةُ
عَلَيـــهِ أَنــزَلَ وَالــذِكرى مُحدَثَــةً
آيــاتَ حَــقٍّ مِــنَ الرَحمَــنِ مُحدَثَـةُ
قَديمَــةٌ صــِفَةَ المَوصــوفِ بِالقَــدِمِ
آيــاتُ حَــقٍّ بِبَــثِّ العَـدلِ تَأمُرُنـا
تَنهـى عَـنِ السـوءِ وَالفَحشاءِ تَحذِرُنا
وَحَيـثُ كـانَت بِمـا في اللَوحِ تُنذِرُنا
لَــم تَقــرِن بِزَمــانٍ وَهـيَ تُخبِرُنـا
عَــنِ المَعــادِ وَعَـن عـادِ وَعَـن أَرَمِ
هَــذا وَكَــم كــانَ مِــن آيِ مُعَـزَّزَةً
عَــنِ النَبِييــنَ بـاتَت غَيـرَ مُحـرِزَةِ
وَآيَنـــا وَعَـــداها كُـــلُّ مَغمَــزَةٍ
دامَــت لَــدَينا فَفـاقَت كُـلُّ مُعجَـزَةِ
مِــنَ النَبِييـنَ إِذ جـاءَت وَلَـم تَـدُمِ
حَلَّـت فَجَلَـت لَـدى الأَقـوالِ عَـن شـِبهِ
وَمــا بِهــا عــارِضَ فيــهِ بِمُشـتَبَهِ
حَتّـى بَـدَت وَهـيَ مَـرأى كُـلِّ ذي أَبـهِ
مُحكَمــاتٍ فَمــا تُبقيــنَ مِــن شـِبهِ
لِــذي شـَقاقِ وَمـا تَبغيـنَ مِـن حُكـمِ
كَــم شــاعِرٍ مُفلِــقٍ أَو نــاثِرٍ أَرِبِ
لَـدى السـَماعِ لَهـا قَـد هامَ مِن طَرَبِ
وَفَــوقَ ذا أَنَّهــا فــي كُـلِّ مُضـطَّرَبِ
مــا حــورِبَت قَـطُّ الأَعـادِ مِـن حَـربِ
أَعـدى الأَعـادي إِلَيهـا مَلقـى السَلَمِ
أَجَلَّهــا اللَــهُ فـي شـَتّى مَخاوِضـِها
عَــن اِختِلافٍ تَــراهُ عَيــنُ داحِضــها
وَعِنــدَ كُــلِّ جِــدالٍ فــي مَعارِضـِها
رَدَت بَلاغَتُهـــا دَعـــوى مَعارِضـــِها
رَدَّ الغَيـورُ يَـدَ الجـاني عَـنِ الحَرَمِ
وَلا غَرابَــةَ إِن قَــد بـاتَ مِـن حَسـَدِ
مِـن هـالِهِم أَمرَهـا في مُنتَهى النَكَدِ
إِذ شـاهَدوها كَمِثـلِ اللُؤلُـؤِ النَضـِدِ
لَهـا مَعـانَ كَمَـوجِ البَحـرِ فـي مَـدَدِ
وَفَــوقَ جَـوهَرِهِ فـي الحُسـنِ وَالقِيَـمِ
عَـنِ الهَـوى نَزَّهـتَ مـا ضـَلَّ صـاحِبَها
مَحفوظَــةً أَبــداً تَرعــى مَــذاهِبَها
عَـن قُـدرَةِ اللَـهِ قَـد دَلَّـت غَرائِبَها
فَلا تَعــــدُ وَلا تُحصـــى عَجائِبَهـــا
وَلا تَســامُ عَلــى الإِكثـارِ وَبالسـَأِمِ
هِــيَ الســَبيلُ لِمَــن يَرجـو مَـؤمَلُهُ
وَرِبــحُ مِـن عامِـلِ الخُسـرانِ عـامِلُهُ
فـي مَشـهَدِ الفَجـرِ مـا أَهنى مُزاوِلُهُ
قَـرَّت بِهـا عَيـنُ قاريهـا فَقُلـتُ لَـهُ
لَقَــد ظَفِــرتُ بِحَبـلِ اللَـهِ فَاِعتَصـِمِ
وَهــيَ النَجـاةُ لِتـالِ شـَأنِها حِفظـاً
وَمِــن مَعــانٍ وَأسـرارٍ لَهـا اِتَّعَظـا
فَإشـن تَكُـن ذا يَقيـنٍ عالَمـاً يَقَظـا
إِن تَتلُهـا خيفَـةً مِـن حُـرِّ نـارِ لَظى
أَطفَـأتُ حَـرَّ لَظـى مِـن وَردِهـا الشَبَمِ
فَكُــلُّ ســاعٍ لَهــا يَرمــي بِمَشـرَبِهِ
لِعَـــذبِ مَنهَلِهـــا هــانٍ بِمَشــرَبِهِ
وَفـي الصـَفاءِ لَقَـد جَلَـت عَـنِ الشَبَهِ
كَأَنَّهــا الحَـوضُ تُبَيِّـضُ الوُجـوهَ بِـهِ
مِــنَ العُصــاةِ وَقَـد جـاؤَهُ كَـالحِمَمِ
اِنظُــر لَهــا صــَفحاً جـاءَت مُعَدَّلَـةً
فيهــا تَــرى كُتُبـاً عَليـاءَ مُنَزَّلـة
فَكَالحِســابِ لَنــا قَــدراً وَمُنَزَّلــةً
وَكَالصـــِراطِ وَكَـــالميزانِ مُعدَلَّــة
فَالقِسـطُ مِن غَيرِها في الناسِ لَم يَقُمِ
أَسـمَعُ وَأُبصـِرُ بِهـا قَـد فازَ مَكبَرُها
فَالفَضـلُ وَالعَـدلُ وَالإِحسـانُ مِحوَرُهـا
وَإِذ عَلِمــتُ بــانَ الحَــقُّ جَوهَرُهــا
لا تُعجِبَــن لِحَســودٍ قــامَ يُنكِرُهــا
تَجــاهُلاً وَهـوَ عَيـنُ الحـاذِقِ الفَهِـمِ
وَمــا عَلَينـا إِذا مـا كـانَ ذو أَودِ
لَــم يَعتَــرِف بِمَعانيهـا لَـدى أَحَـدِ
فَــدَعهُ يُنكِــرُ أَو يَرتـابُ فـي نَكَـدِ
قَـد تُنكِـرُ العَينُ ضوءَ الشَمسِ مِن رَمَدِ
وَيُنكِـرُ الفَـمَ طَعـمَ المـاءِ مِـن سَقَمِ
يـا ذُخـرَ مَـن أَتعَـبَ الأَعـوازَ راحَتَهُ
وَمَــن لَـهُ مَـدَّ ذو الحاجـاتِ راحَتَـهُ
يــا مُحســِناً كُلَّنـا نَرجـو سـَماحَتُهُ
يـا خَيـرَ مَـن يَمَّـمَ العـافونَ ساحَتَهُ
ســَعياً وَفَـوقَ ظُهـورِ الأَينَـقِ الرَسـَمِ
وَمَـن لَـهُ اِختـارَ رَبُّ العَـرشِ مُن مُضَرِ
وَفـي السـَماءِ لَـهُ مـا جَـلَّ مِـن أَثَرِ
وَمَــن هُـوَ الغايَـةُ الحُسـنى لَمُـدَّكَرِ
وَمَــن هُــوَ الآيَـةُ الكُـبرى لِمُعتَبِـرِ
وَمَـن هُـوَ النِعمَـةُ العُظمـى لِمُغتَنِـمِ
مَـن ذا يُجاريـكَ فـي شـَرخٍ وَفـي هَرَمِ
وَمَــن يُباريـكَ فـي فَخـرٍ وَفـي كَـرَمِ
يَكفيــكَ إِنَّــكَ وَالأَقــوامُ فـي حِلـمِ
ســَرَيتَ مِــن حَــرَمِ لَيلاً إِلــى حَـرَمِ
كَمـا سـَرى البَـردُ في داجٍ مِنَ الظَلَمِ
وافَـــت مَلائِكَــةُ الرَحمَــنِ مُرســَلَةً
لِلوَصــلِ تَــدعوكَ بِالبُشــرى مُهَلَّلَـة
فَقُمـــتُ تَغنِمَهـــا نُعمــى مُعجِلَــةً
وَبِــتُّ تَرقــى إِلـى أَن نِلـتَ مَنزِلـة
مَـن قـابَ قَوسـَينِ لَـم تُدرِكَ وَلَم تَرُمِ
لِلقُـدسِ مِـن مَكَّـةَ قَـد سـَرَت مُنتَبِهـا
لِتَشـــهَدَنَّ مِـــنَ الآيــاتِ أَعجَبَهــا
ثُـمَّ اِنتَهَيـتُ إِلـى العَليـا بِكُلِّ بِها
وَقَـــدَمتُكَ جَميــعَ الأَنبِيــاءِ بِهــا
وَالرُســُلُ تَقـديمَ مَخـدومٍ عَلـى خَـدَمِ
عَلَيـكَ حـاموا بِقُـدسِ اللَـهِ مَعبَـدَهُم
وَأَنــتَ وَالكــافُ مُلغــةُ كَقــائِدِهِم
أَلا رَآكَ فَريــــقَ مِـــن مَـــذاهِبِهِم
وَأَنـتَ تَختَـرِقُ السـَبعَ الطِبـاقَ بِهِـم
فـي مَـوكِبٍ كُنـتَ فيـهِ صـاحِبَ العِلـمِ
وَبَعـدَ أَن جَـزَت مـا عَطَـرَت مِـن أُفـقِ
بِنَفــخِ طيــبٍ عَلــى أَرجــائِهِ عَبِـقِ
جــاوَزتَ مــا لَـم يُجـاوِزُ مِـن طُـرُقِ
حَتّــى إِذا لَـم تَـدَع شـَأوا لِمُسـتَبَقِ
مِـــنَ الــدُنو وَلا مَرقــى لِمُســتَلِمِ
بَلَغَـت أَسـنى سـَنا بِـالعِلمِ جاءَكَ مُذ
رَقيــتَ ســِلمَ فَضـلٍ عَنـهُ غَيـرَكَ بِـذِ
وَمُــذ عَلَــوتَ أَنـتَ فـي مَقامِـكَ فَـذ
خَفَضـــتَ كُــلُّ مَقــامٍ بِالإِضــافَةِ إِذ
نـوديتَ بِـالرَفعِ مِثلرِ المَفرَمِ العِلمِ
فَكُنــــتُ أَوَّلَ مَنظــــورٍ وَمُنتَظِـــرِ
فـي باحَـةٍ لَـن وَلَـن تَجتـازُ مِن بَشَرِ
ثُــمَّ اِنفَــرَدَت بِقُـدسِ جَـلَّ عَـن نَظَـرِ
كَيمـــا تَفــوزُ بِوَصــلِ أَيِّ مُســتَتِرِ
عَـــنِ العُيـــونِ وَســِرُّ أَيِّ مُكتَتَــمِ
ســُبحانَهُ وَتَعــالى جَــلَّ مِــن مُلـكِ
فـي الفَلَـكِ آيـاتِهِ تَبدو وَفي الفَلَكِ
بِــالقُربِ أَولاكَ عَـن مُلـكٍ وَعَـن مَلِـكِ
فَحُــزتُ كُــلَّ فِخــارٍ غَيــرَ مُشــتَرِكِ
وَجُــزتَ كُــلَّ مَقــامٍ غَيــرَ مُزدَحِــمِ
هُنــا حَظيــتَ بِقُــربٍ دونَ مـا حَجَـبٍ
وَنِلـتَ مـا لَـم يَكُـن فـي ظَـنِّ مُحتَسِبِ
فَحُــقَّ إيثــارٍ مـا أوتيـتَ مِـن أَرَبِ
وَجَــلَّ مِقــدارُ مـا وَليـتَ مِـن رُتَـبِ
وَعَــزَّ أَدراكَ مــا أوليـتَ مِـن نِعَـمِ
وَالشـُكرُ اللَـهِ كـانَ الفَـوزُ شامِلَنا
إِذ بِالشـــَفاعَةِ شـــُيِّدَت موئِلَنـــا
اللَــهُ أَكبَــرُ مــا أَعلا مَنازِلَنــا
بُشــرى لَنـا مَعشـَرَ الإِسـلامِ إِن لَنـا
مِــنَ العِنايَــةِ رُكنـاً غَيـرَ مُنهَـدِمِ
فَنَحــنُ قَبــلُ المَلا عَتقــا كَرامَتِـهِ
وَخَيرُهُــم أُمَّــةٌ فــي ظِــلِّ رايَتِــهِ
وَحاصــِلُ الأَمــرِ لا يَخفــى بِحــالَتِهِ
لِمــا دَعـى اللَـهُ داعينـا لِطـاعَتِهِ
بِــأَكرَمَ الرُســُلَ كُنّـا أَكـرَمَ الأُمَـمِ
دَعــا فَكــانَ لَنــا حَــظٌّ بِشــَرعَتِهِ
وَالأَشـــقِياءُ دَهـــى كُــلٌّ بِرَوعَتِــهِ
فَــإِنَّهُ عِنــدَ مــا قــامَ بِــدَعوَتِهِ
راعَـت قُلـوبُ العِـدا أَنبـاءَ بِعثَتِـهِ
كَنَبــأَةٍ أَجفَلَــت غَفلاً مِــنَ الغَنَــمِ
أَرادَ يُنقِــذَهُم لِلنــورِ مِــن حِلِّــكَ
أَوجَزَيـــةَ مِنهُــم تَــأتي بِلا مَحــكِ
فَمَـن أَبـوا غَيـرَ حَـربٍ مِنـهُ مُشـتَبِكِ
مــا زالَ يَلقــاهُم فـي كُـلِّ مُعتَـرِكِ
حَتّـى حَكـوا بِالقَنـا لِحِمـا عَلى وَضَمِ
حَمِـيَ الـوَطيسُ وَخـالوا وَسـطَ غَيهَبِـهِ
بَـــرقَ اِنتِصــارِ تَحَــدّاهُم بِخَلبِــهِ
وَإِذ لَقـوا المَـوتَ نَشـاباً بِمَنخلَبِـهِ
وَدّوا الفِـرارَ فَكـادوا يَغبِطـونَ بِـهِ
أَشـلاءَ شـالَت مَـعَ العِقبـانِ وَالرَخَـمِ
كـانوا يَعُـدّوانَ قَبـلَ الحَـربِ عُدَّتُها
بِكُـــلِّ وَســـعٍ وَيَستَقصــونَ مُــدَّتَها
فَأَصــبَحوا مُـذ رَأوا نـاراً وَشـِدَّتُها
تَمضــي اللَيـالي وَلا يَـدرونَ عُـدَّتَها
مـا لَـم تَكُن مِن لَيالي الأَشهُرِ الحُرُمِ
أَمّـا الصـَحابَةُ مَـن خَلـوا تِجـارَتَهُم
وَلَــم يُبـالوا بِجـوعٍ هَـدَّت راحَتُهُـم
فَفـي ذَبيـحِ العِنـدا أَبدوا سَماحَتَهُم
كَأَنَّمــا الــدينُ ضـَيفُ حِـلِّ سـاحَتِهِم
بِكُــلِّ قَـرمٍ إِلـى لَحـمِ العِـدا قَـرَمِ
وَالمُصــطَفى بِرُســومٍ مِنــهُ ناجِحَــةً
وَفِكــرَةً فــي قَريـبِ الفَتـحِ طامَحَـةِ
يَــأتيهِم وَهــوَ نــاوٍ كُــلَّ صـالِحَةٍ
يَجُــرُّ بَحــرَ خَميــسٍ فَــوقَ ســابِحَةِ
يَرمــي بِمَــوجٍ مِـنَ الأَبطـالِ مُلتَطِـمِ
جيـشَ تَـآخي بِـهِ فـي اللَـهِ كُـلَّ أَبي
أَجَلَّــهُ اللَــهُ عَ رُعــبٍ وَعَــن نَصـَبِ
مُؤلِـــفٍ مِـــن رِجــلِ ســادَةِ نَخــبِ
مِـــن كُــلِّ مُنتَــدِبٍ لِلَــهِ مُحتَســِبِ
يَســتطو بِمُستَأصــِلٍ لِلكُفــرِ مُصـطَلَمِ
فَأَصـبَحَ القَـومُ خَوفـاً مِـن مَضـارِبِهِم
لا يَخرُجــونَ فُــرادى مِــن مَــارِبِهِم
وَهَكَــذا عَــزَّزوا مَرهــوبَ جــانِبِهِم
حَتّــى غَـدَت مِلَّـةُ الإِسـلامِ وَهـيَ بِهِـم
مِــن بَعـدِ غُربَتِهـا مَوصـولَةَ الرَحِـمِ
ظَلَّــت تَعِـزُّ بِهِـم وَالقَـومُ فـي حَـربٍ
كَــأَنَّ أَمعــاءَهُم لَفَــتَ عَلــى حَـربِ
وَلَـم تَـزَل رَغمَهُـم في الدَهرِ وَالحِقَبِ
مَكفولَــةً أَبَــداً مِنهُــم بِخَيــرِ أَبِ
وَخَيــرِ بَعــلٍ فَلَـم تَيَتَّـمَ وَلَـم تَئِمِ
حَيّــاهُمُ اللَـهُ مـا أَدهـى عَزائِمَهُـم
لَـدى الكِفـاحِ وَمـا أَوهـى مَقـاوِمُهُم
قولـوا لِمَـن غـابَ لَم يَشهَد تَصادُمَهُم
هُــمُ الجِبـالُ فَسـَل عَنهُـم مَصـادِمَهُم
مــاذا رَأى مِنهُــم فـي كُـلِّ مُصـطَدِمِ
وَســَل قَريظَــةً وَالأَحــزابِ مُفتَقِــداً
رَأيـاً لِسـَعدٍ بِـهِ الأَعـدا اِتَدَّت أَبَدا
وَمِـن جِـزامَ فَسـَل مَـن صـَفَدوا صـَفَدا
وَسـَل حَنينَـاً وَسـَل بَـدراً وَسـَل أُحُدا
فُصـولُ حَتـفٍ لَهُـم أَدهـى مِـنَ الـوَخَمِ
وَالصــَحبُ ثُــمَّ بِأَسـيافٍ قَـد اِتَّقَـدَت
وَاِصـفو مِنهـا أَعـادَ بِالعَـداءِ بَـدَت
كانـةوا يَـرَونَ وَغَبرَ الحَربِ قَد عَقَدَت
المَصـدَري الـبيضَ حَمـرا بَعدَما وَرَدَت
مِــنَ العِـدا كُـلَّ مَسـودٍ مِـنَ اللَمَـمِ
كَمـا خَـدوا وَالقَنا مِنهُم قَد اِشتَبَكَت
بَيــنَ الضـُلوعِ وَلَلأَلـواحِ قَـد نَهَكَـت
الناســـِخينَ لِأَشــباحٍ لَقَــدَ هَلَكَــت
وَالكـاتِبينَ بِسـُمرِ الخَـطِّ مـا تَرَكَـت
أَقلامُهُــم حَــرفَ جِســمٍ غَيـرَ مُنعَجِـمِ
تَراهُــم وَالعِــدا هَمَّــت تُنــاهِزُهُم
وَغــارِفيهِم يَشــُقُّ القَلــبَ بـارِزَهُم
بَيـنَ الصـُفوفِ مـا قَـد كِـدتَ تَفرِزَهُم
شــاكي السـِلاحَ لَهُـم سـيما تَميزَهُـم
وَالـوَردُ يَمتازُ في السيما عَنِ السِلمِ
أَرادَ مَــــولاكَ أَعلاهُـــم وَنَصـــرَهُم
وَأَظهَــرَ الحَــربُ لِلفِجــارِ قَــدرَهُم
حَتّـى اِنثَنـوا بِأَريـحِ الفَخـرِ دَهرَهُم
تَهــدي إِلَيـكَ رِيـاحُ النَصـرِ نَشـرَهُم
فَتَحسـَبُ الزَهـرَ فـي الأَكمـامِ كُلَّ كَمي
لَوافِــحُ الحَـرِّ خالوهـا نَسـيمَ صـِبا
وَقَعقَعــاتِ الســِلاحِ المُنتَضـي طَرَبـا
أَمـا الثَبّـاتُ فَقُـل مـا شـِئتَهُ عَجَبا
كَـأَنَّهُم فـي صـُدورِ الخَيـلِ نَبـتٌ رَبا
مِـن شـِدَّةِ الحَـزمِ لا مِـن شـِدَّةِ الحَزمِ
لَـم يَـترُكوا سِلماً في الأَرضِ أَو نَفَقا
لِيُشـرِقوا النَصرَ مِن صُبحِ المُنى فَلَقا
وَكُلَّمــا شـوهِدوا فـي جَمعِهِـم فَرَقـا
طـارَت قُلـوبُ العِـدا مِن بِأسِهِم فَرَقا
كَمــا تَفَــرَّقَ بَيـنَ البَهـمِ وَالبَهـمِ
وَهَكَــذا كــانَ جَيــشُ اللَـهِ فَكَّرتَـهُ
أَن يَهــزِمَ الجَمـعَ لا تُجـديهِ كَـثرَتُهُ
وَكَيــفَ تُثبِــتُ حَــولَ الصـَبِّ زُمرَتُـهُ
وَمَــن تَكُــن بِرَســولِ اللَـهِ نُصـرَتُهُ
إِن تَلقَــهُ الأَسـَدُ فـي آجامِهـا تَجِـمِ
فَبَأســُهُ حاصــِلٌ مِــن بَــأسِ مُقتَـدِرِ
وَفَضــلُهُ شــامِلٌ يَــأتي عَلــى قَـدرِ
فَمــــا غَنّــــى إِلَيـــهِ مُفتَقَـــرِ
وَلَــن تَــرى مَـن وَلّـى غَيـرَ مُنتَصـِرِ
بِــهِ وَلا مِــن عَــدُوٍّ غَيــرَ مُنقَصــِمِ
لَمّـا رَأى الكُفـرَ فـي غايـاتِ شـِدَّتِهِ
وَقُـل مَـن قَـد نَجـوا مِـن ضـَيرِ عِلَّتِهِ
لِلأَمــنِ مِــن شــَرِّهِ فـي حـالِ قُـوَّتِهِ
أَحَـــلَّ أُمَّتَـــهُ فــي حَــرزِ مِلَّتِــهِ
كَـاللَيثُ حَـلَّ مِـنَ الأَشـبالِ فـي أَجَـمِ
كَـم جـادَلَ القَـومَ فـي أَمـرٍ لَهُ جَلَلُ
وَكَــم أَتــوهُ بِتَســآلٍ عَلــى دَخــلِ
وَفــي الإِجابَــةِ عَــن كُــلٍّ بِلا زَلَـلِ
كَــم جَـدَلتَ كَلِمـاتِ اللَـهِ مِـن جَـدِلِ
فيـهِ وَكَـم خَصـَمَ البُرهـانُ مِـن خَصـمِ
وَكَـــم مَلَــحَّ بِجَهــلٍ ظَــنَّ مُعجِــزَةً
فيـــهِ وَآدابِـــهِ رَدَّتـــهُ مُعجِــزَةً
يــا جـاهِلاً لَـم يَحُـز نَفسـاً مُمَيَّـزَةً
كَفــاكَ بِــالعِلمِ فـي الأُمِّـيِّ مُعجِـزَةً
فـي الجاهِلِيَّـةِ وَالتَـأديبِ في اليُتمِ
رُحمــاكَ رَبّــي فَقَلــبي فـي تَقَلُّبِـهِ
لَــم يَــرعَ خِدمَــةَ الفَضــلِ واهِبُـهُ
وَهــا أَنــا الآنَ حُبّــاً فـي تَقُرُّبِـهِ
خِـــدمَتُهُ بِمَديـــحٍ اِســـتُقيلَ بِــهِ
ذُنـوبُ عُمـرٍ مَضـى فـي الشِعرِ وَالخَدَمِ
لا يَرتَجـي مِـن نَشـيدِ الشـِعرِ راغِبِـهِ
وَخِدمَــةِ النــاسِ إِلّا مــا يُشــاغِبُهُ
قَـــد أَورَثــاني هُمــا لا أَغــالِبِهِ
إِذ قَلَّــداني مــا تَخشــى عَــواقِبُهُ
كَــأَنَّني بِهِمــا هُــدى مِــنَ النِعَـمِ
مـا حيلَـتي وَالهَوى غَشّى العُيونَ عَمى
وَلِلشــَبيبَةِ حُكـمٌ فـي الصـِغارِ رَمـى
أَنــا المُلامُ إِذا مـا قُلـتُ وَاِنـدَما
أَطَعـتُ غَـيَّ الصـِبا في الحالَتَينِ وَما
حَصــَلتُ إِلّا عَلــى الآثــامِ وَالنَــدَمِ
بِســوقِ دُنيـايَ نَفسـي فـي دَعارَتِهـا
لِلـدينِ بـاعَت لِتَشـري مِـن نَضـارَتِها
وَهَكَــذا رُحــتُ مَغبونــاً بِشــارَتِها
فَيــا خَســارَةَ نَفــسٍ فـي تِجارَتِهـا
لَـم تَشـتَرِ الـدينَ بِالدُنيا وَلَم تَسِمِ
لَقَــد شــَرَت بَـرَّ لَهـوٍ فـي سـَنابِلِهِ
بِبَـــرِّ بَـــرٍّ رَأَت بُعــداً لِقــابِلِهِ
فَكــانَ شــَرُّ مَــبيعٍ فــي أَوائِلِــهِ
وَمَــن يَبِــع عــاجِلاً مِنــهُ بِــآجِلِهِ
يُبـنُ لَـهُ الغُبـنَ فـي بَيـعٍ وَفي سِلمِ
لَكِــن أَرانــي وَمـا صـَدري بِمُنقَبِـضِ
إِنَّ اِجتِنــابي وَشــَأني غَيـرَ مُعتَـرِضِ
بَلــى أَومَــلَ أَنّــي رَغــمَ مُعتَــرِضِ
أَن آتٍ ذَنبــاً فَمــا عَهـدي بِمُنتَقِـضِ
مِـــنَ النَبِــيِّ وَلا حَبلــي بِمُنصــَرِمِ
كَمــا أُؤَمِّــلُ فــي جَـدواهُ تَحلِيَـتي
بِمـا يَكـونُ بِـهِ فـي الحَشـرِ تَزكِيَتي
وَلَيــسَ يَخطُـرُ فـي الأَذهـانِ تَنحِيَـتي
فَــإِنَّ لــي ذِمَّــةً مِنــهُ بِتَســمِيَتي
مُحَمَّـداً وَهـوَ أَوفـى الخَلـقِ بِالـذِمَمِ
وَمَـن سـِواهُ لَـدى الشـَداتتِ مُعتَمِـدي
فــي شــَدِّ أَزري وَلَيـسَ غَيـرُهُ سـَنَدي
فَوَالَّــذي خَصــَّهُ بِــالعَونِ وَالمَــدَدِ
إِن لَـم يَكُـن فـي مَعـادي آخِذاً بِيَدي
فَضــلاً وَإِلّا فَقُــل يــا زَلَّـةَ القَـدَمِ
وَهَـــل يَظُـــنُّ جَـــدَلاً أَنَّ خـــادِمَهُ
يَبــوءُ بِــالرَدِّ مُحرومــاً مَراحِمُــهُ
كَلّا فَمَــن تَكُــنِ الحُســنى دَعــائِمُهُ
حاشــاهُ أَن يُحـرَمَ الراجـي مَكـارِمُهُ
أَو يُرجِـعَ الجـارُ مِنـهُ غَيـرَ مُحتَـرِمِ
فِكـري نِعـمَ كـانَ قَـد أَجـرى سَوانِحُهُ
إِنَّ التَخَلُّـــصَ لَــم أَشــمُم رائِحُــهُ
لَكِــن عَلــى فَضــلِهِ أَلقـى مَطـامِحُهُ
وَمُنــذُ أَلزَمــتُ أَفكــاري مَــدائِحُهُ
وَجَـــدتُهُ لِخَلاصـــي خَيـــرَ مُلتَــزِمِ
طـوبى لِراجيـهِ فـي ضـيقٍ إِذا نَشـَبَت
يَـدُ الزَمـانِ بِـهِ وَالحـالُ قَـد صَعُبَت
فَهـوَ الثَـراءُ بِعَيـنِ قَـط مـا نَضـَبَت
وَلَـن يَفـوتَ الغِنـى مِنـهُ يَـداً تَرَبَت
إِنَّ الحَيـا يُنبِـتُ الأَزهـارَ فـي الأَكَمِ
وَمـا اِمتِداحي أَبا الزَهراءِ مَن وَصَفَت
بِـــهِ الكَمـــالاتِ الآنِيَـــةِ وَصــَفَت
فَلَيـسَ لـي فِكـرَةٌ فـي غَيـرِهِ اِنصَرَفَت
وَلَـم أُرِد زَهرَةَ الدُنيا الَّتي اِقتُطِفَت
يَــدا زُهَيـرَ بِمـا أَثنـى عَلـى هَـرَمِ
كَـم جَرَّنـي الـدَهرُ فـي مَجـرى تَقَلُّبِهِ
وَلَــم يُجرِنــي صــَديقٌ فــي تَغَلُّبِـهِ
هَيهــاتَ مِــن مُنجِــدٍ مِنهُـم بِصـَيبِهِ
يـا أَكـرَمَ الرُسُلِ ما لي مِنَ الوذ بِهِ
ســِواكَ عِنـدَ حُلـولِ الحـادِثِ العَمَـمِ
إِن لَـم تُعِرنـي التِفاتاً مِنكَ وَاِحرِبي
وَإِن تُعِــدني بِجَـبرِ الكَسـرِ وَاِطرِبـي
فَالعَبـدِ مِـن وَلَـدِ السـَبطَينِ في نَسَبِ
وَلَـن يَضـيقَ رَسـولَ اللَـهِ جاهَـكَ بـي
إِذا الكَريــمُ تَجَلّــى بِاِسـمِ مُنتَقِـمِ
وَإِن تَكُـــن خُطَّــتي وَقَيــتُ شــُرتَها
قَــد سـُوِّدَت بِمَـدادِ الـوِزرِ صـورَتَها
بَيَّــضَ بِفَضــلِكَ يــا مَـولايَ صـَفحَتَها
فَــإِنَّ مِــن جـودِكَ الـدُنيا وَضـُرَّتَها
وَمِــن عُلومِـكَ عِلـمُ اللَـوحِ وَالقَلِـمِ
لَقَـد غَـدَوتَ وَلـي قَلـبٌ قَـد اِرتَسـَمَت
لِلعَطـفِ فيـهِ مَعـانٍ بِالرِضـا اِتَّسـَمَت
أَقــولُ لِلنَفـسِ إِن شـُذتَ أَو اِرتَكَبـتَ
يـا نَفـسِ لا تَقنَطـي مِـن زِلَّـةٍ عَظُمَـت
إِنَّ الكَبـائِرَ فـي الغُفـرانِ كَـاللِمَمِ
أَحكــامُ رَبّــي وَإِن تَجهَـل مَراسـِمَها
قُـل يـا عِبـادي بِهـا تَبدو مَعالِمَها
وَمَــن يَلُــم بِمــا تَقضـي مَراحِمَهـا
لَعَــلَّ رَحمَــةَ رَبّــي حيــنَ يَقسـِمَها
تَـأتي عَلـى حَسـَبِ العِصيانِ في اِنقَسَمِ
يـا رَبِّ أَنّـي نَقَلـتُ الحـالَ مِـن وَجَسِ
لِحُســـنِ ظَـــنٍّ بِقَلــبٍ غَيــرَ مُبتَئِسِ
فَـاِجمَع لِـيَ العَفـوَ وَالحُسنى بِلا وَكسِ
يـا رَبِّ وَاِجعَـل رَجـائي غَيـرَ مُنعَكِـسِ
لَــدَيكَ وَاِجعَـل حِسـابي غَيـرَ مُنخَـرِمِ
مَــولايَ قَلـبي ضـَعيفٌ لا اِحتِمـالَ لَـهُ
عَلـــى اِبتِلائِكَ وَالعِصــيانُ أَثقَلَــهُ
فَعَــدَلنَ عَلــى الحــالَتَينِ مــائِلُهُ
وَالطُـف بِعَبـدِكَ فـي الـدارَينِ إِن لَهُ
صــَبراً مَـتى تَـدَعَهُ الأَهـوالُ يَنهَـزِمِ
وَطَهَّــرنَ نَفســَهُ مِــن كُــلِّ واصــِمَةٍ
كَيلا تَكــونَ لَــدى حَشــري بِــواجِمِهِ
وَارزُقـهُ قَبـلَ التَنـاهي حُسـنَ خاتِمَةٍ
وَاِذَن لِســـَحبِ صــَلاةٍ مِنــكَ دائِمَــةِ
عَلـــى النَبِـــيِّ بِمَنهَــلٍ وَمُنســَجِمِ
وَاِصــحَب صــَلاتَكَ بِالتَسـليمِ مُنجَـذِباً
مِـن حَضـرَةِ القَـدسِ مَمزوجاً بِنَفحٍ رَبا
وَكُــلُّ طيـبٍ لَـهُ مِسـكُ الخِتـامِ صـَبا
مـا رَنَّحَـت عَـذَباتُ البـانِ رِبـحُ صَبا
وَاِطـرَبِ العيـسَ حـادي العَيسُ بِالنَغَمِ
يـا رَبِّ وَاِعطِـف عَلـى رَيحـانَتي أَثَـرٌ
مِنــهُ وَزِد لَهُمــا قَـدراً عَلـى قَـدرِ
وَاِجعَــل لا مَهمــا أَحلـى جَنـى ثَمَـرِ
ثُـمَّ الرِضـا عَـن أَبـي بَكـرٍ وَعَن عُمَرِ
وَعَــن عَلـي وَعَـن عُثمـانَ ذي الكَـرَمِ
ثُـمَّ الكِـرامُ الأولـى بِالفَضلِ نُذَكِّرُهُم
مَــن بـايَعوهُ وَقَـد راجَـت تِجـارَتُهُم
وَهَكَــذا كُــلُّ مَــن حَقَّــت كَرامَتُهُـم
وَالآلُ وَالصــَحبُ ثُـمَّ التـابِعينَ لَهُـم
أَهـلُ التُقـى وَالنَقى وَالفَضلِ وَالكَرَمِ
عبد اللطيف الصيرفي.ناظم، من أهل الإسكندرية، مولداً ووفاة. خدم الحكومة في بعض الوظائف، ثم استقال واشتغل بالمحاماة.له (ديوان الصيرفي-ط).