
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
نبـا الـدهر بـالإخوان حَتّى تمزَّعوا
وَحَتّــى خلــت منهـم ديـار وأربـعُ
وَنـــابهمُ خطـــبٌ فشــتَّت شــملَهم
وكــان بهـم شـمل المكـارم يجمـع
رجـال لهـم أعلـى مـن النجـم همة
وأمضـى مـن السـيف الجـراز وأقطع
لقــد ربطتهــم بالوفــاء مــودة
حبائلهــــا للمـــوت لا تتقطـــع
أحـن إلـى عهـد اللـوى وَهـو منقَضٍ
وأَبكـي لنـأي الـدار وَالدار بلقع
وَيممــت دار الملــك أَحسـب أَنَّنـي
إذا كنــت فيهــا نــازِلاً أتمتــع
وأنـي إذا مـا قلـت قـولاً يفيد في
مصــالحها ألفيــت مـن هـو يسـمع
وَلَـــم أَدرِ أنــي راحــل لمحلــة
بهـا الفضـل مجذوم الذراعين أقطع
إلــى منــزل فيـه العَزيـز محقَّـرٍ
إلــى بلــد فيــه النَجيـب مضـيَّع
وَلــم يتقـدم فيـه إلا مـن اِرتَـدى
رداءً بــه أَهــل الشـنار تلفعـوا
هنالـك نـاسٌ خـالفوا سـننَ الهُـدى
فمُـدَّت لهـم فـي البغـي بوعٌ وأَذرع
أتـوا بشـناعات فعيبـوا فَحـاولوا
عــدولاً فَجــاؤا بِالَّـذي هـو أَشـنع
تَبـاهوا بمـا حـازوه من رتبٍ سموا
بهـا ووسـاماتٍ عَلـى الصـدر تلمـع
إذا لَـم يَكـن صـنع الفَتى زينة له
فَلَيــسَ يحلّيــه الوســام المرصـَّع
وَلا الرتــبُ المعطـاةُ ترفـع شـأنه
إذا لَـم يكـن فـي فعلـه مـا يرفِّع
وَلَمّـا رأَيـت الغدر في القوم شيمة
وأن مجــال الظلــم فيهــم موسـع
وأن الكَلام الحــق ينبــذ جانبــاً
وأن أَراجيـــف الوشـــاية تُســمع
خشــيت عَلـى نَفسـي فـأزمعت رجعـة
إلــى بلـدي مـن قبـل أنـي أصـرع
وَهَـل راحـة فـي بلـدة نصـف أَهلها
عَلــى نصـفه الثـاني عيـون تطلَّـع
وَلكننـــي لمـــا تهيَّــأتُ صــدَّني
عَــن الســير بـوليسٌ وَرائيَ يهـرع
فَقلـت لـه مـاذا تريـد مـن امـرئٍ
يعــود لأرض جــاء منهــا وَيرجــع
بـــأي كتـــاب أَم بأيـــة حجــة
أُصــَدُّ مهانــاً عَـن طريقـي وأُمنـع
فَمـا نبسـوا لـي بـالجَواب وإنمـا
أَعــدوا جواسيســاً لخطــويَ تتبـع
فعقبنــي فــي كــل يــوم وَليلـة
إلـى الحول من تلك الجواسيس أربع
تراقـــب أفعـــالي وكــل عشــية
إلـى يلـدزٍ عنـي التَقـارير تُرفـع
هممنـا بصـدع البَغـي حربـاً لأهلـه
وَمــا إن درينــا أننــا نتصــدع
وَلســت بنــاس نكبــةً نزلـت بنـا
عَلــى حيـن مـا كنـا لهـا نتوقـع
فَقَــد قلعتنـا رفقـة مـن بيوتنـا
كَمـا تقلـع الأشـجار نكبـاءُ زعـزع
وَسـاروا بنـا للسـجن راجيـن أننا
نــذل لحكــم الغــادرين وَنخضــع
وَمــا علمــوا أنـا أنـاس نمتهـمُ
إلــى العـز أنسـابٌ لهـم لا تُضـيَّع
وأنّـا إذا ما نابنا الخطب لم نكن
نضــيق بـه صـدرا وَلَـم نـك نجـزع
وأنّــا مـن الأحـرار مهمـا تـألبت
علينــا عـوادي الـدهر لا نتضعضـع
وأنّــا إذا شــئنا خضــوعاً لسـيد
فَلَيـسَ إِلـى شـيءٍ سـوى الحـق نخضع
وأنــا بنــو قــوم كــرام أعـزة
لهــم مــن معــاليهم رواق مرفَّـع
إن اشــتد أمـر فـادح بسـموا لـه
كذاك النجوم الزهر في الليل تلمع
أودعهــم وَالقَلــب ممتلــئٌ لهــم
حنانـاً وَجفـن العيـن بالدمع مترع
يشــيعهم قَلــبي يســير وَراءهــم
وَقَلبهـــم يمشـــي وَرائي يشـــيع
هنالــك أنفــاس تصــاعد نارهــا
يقابلهـا مـن أعيـن الصـحب أدمـع
يحيــط بنـا مـن كـل صـوب وَجـانب
فريـق مـن البـوليس يسـعى ويسـرع
نُبَعَّــــد منفييــــن كلّاً لبلـــدة
وَمــا ذنبنــا إلا نصــائح تنفــع
جميل صدقي بن محمد فيضي بن الملا أحمد بابان الزهاوي.شاعر، نحى منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحديث، مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتياً، وبيته بيت علم ووجاهة في العراق، كردي الأصل، أجداده البابان أمراء السليمانية (شرقي كركوك) ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذاً للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذاً للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذاً في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائباً عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائباً عن بغداد، فرئيساً للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي. كتب عن نفسه: كنت في صباي أسمى (المجنون) لحركاتي غير المألوفة، وفي شبابي (الطائش) لنزعتي إلى الطرب، وفي كهولي (الجرىء) لمقاومتي الاستبداد، وفي شيخوختي (الزنديق) لمجاهرتي بآرائي الفلسفية، له مقالات في كبريات المجلات العربية.وله: (الكائنات -ط) في الفلسفة، و(الجاذبية وتعليها -ط)، و(المجمل مما أرى-ط)، و(أشراك الداما-خ)، و(الدفع العام والظواهر الطبيعية والفلكية-ط) صغير، نشر تباعاً في مجلة المقتطف، و(رباعيات الخيام-ط) ترجمها شعراً ونثراً عن الفارسية. وشعره كثير يناهز عشرة آلاف بيت، منه (ديوان الزهاوي-ط)، و(الكلم المنظوم-ط)، و(الشذرات-ط)، و(نزغات الشيطان-خ) وفيه شطحاتة الشعرية، و(رباعيات الزهاوي -ط)، و(اللباب -ط)، و(أوشال -ط).