
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لَقَد سرت من بغداد يدفعني الوَجدُ
إلـى حيـث وكر الشعر طائره سعدُ
إلـى مصـر أمـا مصـر فهي كأَنَّها
كعاب ووادي النيل في جيدها عقد
إلـى حيـث يَلقى الحر للحق ذادة
كرامــاً فلا ضـيم هنـاك ولا حقـد
إلـى بلـد للعلـم فـي أَرضه هدى
وَللشـعر مثـل النجم في جوه وقد
أجـوب علـى سـيارتي الأرض دونها
فيرفعنــي نهــد ويخفضـني وهـد
يثبطنـــي حـــب لبغـــداد لازب
وَيـدفعني شـوق إلـى مصـر مشـتد
لَقَـد سـاءَني أنـي لبغـداد بارح
وأنــي فيهــا لا أروح ولا أغـدو
فقــدت بلادي نازحـاً غيـر أَنَّنـي
إذا جئت مصراً لم يضر ذلك الفقد
وَمــا دون مصــر مطلــبٌ لميمـم
ففيها ينال المجد من همه المجد
وَلَـم تَـكُ بغـداد سـوى دار كربة
نهـاريَ فيهـا مثـل ليلـي مسـود
ورب عــدو لَيـسَ لـي مـن وصـاله
منـاص وخـل ليـس مـن هجـره بـد
ولا مثـل يـوم ظـل يبكـي غمـامه
ويضـحك فـي طياته البرق والرعد
ذكــرت بـه عهـداً مضـى فحمـدته
فَمـا رد عهـداً ماضياً ذلك الحمد
وَلَـو كـانَ عهـدي باقيـاً لرعيته
وَلكـن مضـى عهدي فَلا يرجع العهد
ظمئت فَلَــم تنقـع أوامـيَ دجلـة
وَللنـاس فـي بغداد من دجلة ورد
وَمـا دجلـة عـن قاصـديها قصـية
ولا ماؤهــا يومـاً لشـاربه ثمـد
وكنــت هـزاراً كـل يـوم بروضـة
علــى فنـن أوراقـه غضـة أشـدو
وَمـا كـانَ يَدري الروض أن خريفه
قَريـب وأن الـورد آفتـه الـبرد
وَزار الهـزار الروض إذ غض ورده
وَطـارَ بعيـداً بعد ما صوّح الورد
لَقَـد حـالَ ذاكَ الروض بعد نضارة
فَمـا بـانه بـان ولا رنـده رنـد
وكنـت أبـالي أن تشـط بيَ النوى
عَن القوم حتى حال منهم ليَ الود
هنالــك أحبــاب تنكــر ودهــم
فَلا قربهـم قـرب ولا بعـدهم بعـد
ولا مثـل صـاد فـي الهجيرة بينه
وَبيـن بلـوغ المـاء من دجلة سد
يعالـج فـي بغـداد عيشـاً منغصاً
وَينعـم فـي بغـداد أعداؤُه اللدُّ
حملـت بصـبر لـم يخنِّـي خطوبَهـا
وإني على حمل الخطوب أنا الجلد
هنالـك قـوم مـا لَهم في حياتهم
إلـى كـل شـيء يسـعدون بـه جهد
كَسـالى بيـوم السـَعي إلا أقلهـم
وَقَـد ورثـت أخلاق آبائهـا الولد
وأمـا نسـاء القـوم في كل بقعة
فهـن لهـن الضيم منهم أَو الوأد
يَقولـون إِن الـدين يجحـد رشدَها
لَقَـد كـذبوا فالدين ليس به جحد
وَلَم ينف رشد المرأة الدين نفسه
ولكـن غلاة الـدين ليـس لهم رشد
وأفــرط أقــوام وفــرَّط غيرهـم
وإن طريـق المفلحيـن هـو القصد
مشـيت إِلـى مصـر أسـارع قبلمـا
طَريقـي إلـى مصـر الجميلة ينسد
سأُلقي عصا الترحال في مصر إنها
بلاد لهـا مـن نيلها يكثر الرفد
وأشـدو بشـعري هابطـاً ظل دوحها
فتبسـط ذاكَ الظل أفنانها الملد
وَيشـــملني أبناؤُهــا برعايــة
أَرى أَنَّنـي قـد لا أَرى مثلها بعد
وَللريـح ألقاهـا بـوجهي عذوبـة
وَللمـاء أحسـوه علـى كبـدي برد
فَتَعلَـم بَغـداد علـى بعـد أرضها
بـأن ابنهـا فـي مصر منزله حمد
جميل صدقي بن محمد فيضي بن الملا أحمد بابان الزهاوي.شاعر، نحى منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحديث، مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتياً، وبيته بيت علم ووجاهة في العراق، كردي الأصل، أجداده البابان أمراء السليمانية (شرقي كركوك) ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذاً للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذاً للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذاً في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائباً عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائباً عن بغداد، فرئيساً للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي. كتب عن نفسه: كنت في صباي أسمى (المجنون) لحركاتي غير المألوفة، وفي شبابي (الطائش) لنزعتي إلى الطرب، وفي كهولي (الجرىء) لمقاومتي الاستبداد، وفي شيخوختي (الزنديق) لمجاهرتي بآرائي الفلسفية، له مقالات في كبريات المجلات العربية.وله: (الكائنات -ط) في الفلسفة، و(الجاذبية وتعليها -ط)، و(المجمل مما أرى-ط)، و(أشراك الداما-خ)، و(الدفع العام والظواهر الطبيعية والفلكية-ط) صغير، نشر تباعاً في مجلة المقتطف، و(رباعيات الخيام-ط) ترجمها شعراً ونثراً عن الفارسية. وشعره كثير يناهز عشرة آلاف بيت، منه (ديوان الزهاوي-ط)، و(الكلم المنظوم-ط)، و(الشذرات-ط)، و(نزغات الشيطان-خ) وفيه شطحاتة الشعرية، و(رباعيات الزهاوي -ط)، و(اللباب -ط)، و(أوشال -ط).