
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مـات سـعد فمـا عسـى أن تقـولا
فيــه حــتى تهــز جمعـا حفيلا
مـات سـعد فهـل بكيـت علـى سعد
بكـــاء يبـــل منـــك الغليلا
مـات سـعد فهـل مـن الشـعر غضا
قبســا مـن وحـي الضـمير جميلا
مــات ســعد فهــل رأيـت لسـعد
فـي بلاد الشـرق الكـبير مـثيلا
مـات سـعد فهـل شـهدت الثكـالا
مـات سـعد فهـل سـمعت العـويلا
مــات ســعد وكــان سـعد بمصـر
علمــا شــاء ربــه أن يطــولا
فجعــت مصــر بـالزعيم الجليـل
بـــأبي الشــعب كلــه زغلــول
بـالرئيس الهمام بالمنقد الأكبر
للشــعب فــي الزمــان الوبيـل
بطـل النهضـة الكـبيرة فـي مصر
رئيــس لحــزب القــوي الحفيـل
وكــأني مــن كــل بيــت بمصـر
ســـامع رجـــع رنـــة وعويــل
لـم تكـن قبـل أن يلـم بك المو
ت أخيــرا بالصــارم المفلــول
مــا بلغـت المنـى لمصـر ولكـن
كنـت تمشـي علـى سـواء السـبيل
كنــت يـا سـعد فـي قضـية مصـر
للألـــى يــدلجون خيــر دليــل
أنــت يــا ســعد طــود خطيــر
يرجــع الطـرف عنـه وهـو حسـير
أنـــت حـــررت مصــر إلا قليلا
آه لـــو تــم ذلــك التحريــر
كنـت للشـعب فـي الحيـاة إماما
فهــو عمــا تــراه ليـس يحـور
بعــد توحيــدك الموفــق للأحـز
اب صــارت إلــى الصـلاح الأمـور
فمحقــت الأخلاف فــي كــل مصــر
مثلمــا يمحــق الحنــادس نـور
فــوجئت مصــر بــالنعي فكـادت
أرضـها مـن هـول المصـاب تمـور
مـا علـى ذاك النعـش جثمان سعد
بــل عليــه آمــال قـوم تسـير
عاقــك المــوت أن تحقـق وعـدك
غيــر نــزر وكنـت تبـذل جهـدك
قـل لنـا أيهـا الرئيس الذي قد
بــان عـن مصـر مـن يسـد مسـدك
إنمــا الشــعب كلــه لـك ولـد
فلمـن بعـد المـوت تـترك ولـدك
حفــر الشـعب يـا أبـاه جميعـا
يوم وافاك الموت في القلب لحدك
كنــت تبنــى لـه بعزمـك مجـدا
واجــدا مــن وراء ذلــك مجـدك
بــك كـانت أيـام مصـر كأعيـاد
فحـــالت إلـــى مــآتم بعــدك
وادى النيــل مــا تظنيـت قبلا
انـك الـوادي سـوف تفقـد سـعدك
بيــن ســعد ومصـر جـد الفـراق
ليــس هـذا الفـراق ممـا يطـاق
فبكتـــه مصــر وكــل فلســطين
وســــورية أســــى والعـــراق
وبكــاه الإخلاص فــي حــب مصــر
وبكـــــاه النبـــــوغ والأخلاق
كـان سـعد نجمـا تضـيء من الشر
ق بأضــــواء رأيـــه الآفـــاق
فـاعتراه بعـد الـبزوغ انطفـاء
فهــــو لا مشــــرق ولا بـــراق
إنمـا أنـت اليـوم يا مصر ثكلى
مــات فـي حضـنك ابنـك السـباق
مـات سـعد ولـم يمـت ذكـر سـعد
فهــو بــاق لــه القلـوب رواق
أيهــا الراحــل المغــذ تمهـل
مـــن لمــن أبقيتهــم يتكفــل
مـا لأبنـاء مصـر يوم اضطراب ال
أمــر إلا علــى هــداك المعـول
جــاءك المــوت زائرا فتبســمت
لـــه فـــانحنى عليــك وقبــل
قلــت أمهلنـي يـا حمـام قليلا
فجهـــادي لمصــر لــم يتكمــل
قـال علمـت الشـعب مـا يتقاضـى
فهـــو عمــا خططــت لا يتحــول
لا تخــف مـن نكـث لـه واتبعنـي
فاتبـاعي بالشـيخ أولـى وأجمـل
فـــترحلت مرغمـــا نحـــو دار
ليــس عنهــا عـود لمـن يرتحـل
أيهـا القـبر فيـك يغفو الهمام
فســــلام عليـــك ثـــم ســـلام
لـك يـا سـعد مـن ضـريحك مثـوى
ثــم فــي قلـب كـل فـرد مقـام
حبــذا فــي صــميم مصـر مكـان
فيــه تمثالــك الرفيــع يقـام
مثلمـا كنـت فـي الحيـاة إماما
أنـت بعـد الحيـاة أيضـا إمـام
وإذا نحـــن عـــن علاك ســكتنا
فستشــــدوا بـــذكرك الأيـــام
كنـت فـي البرلمـان خيـر خطيـب
تتغــــذى برأيــــه الافهـــام
لـم يغيـر مـن وجهك الموت شيئا
إنمـــا أنـــت ذلــك البســام
قـد طمـى فـي غـرام مصـر جنانك
وبــه قــد مضــى يفيـض لسـانك
ناطقـا بالبرهـان فـي حـق مصـر
ولقــد كــان قاطعــا برهانــك
كــان تحريـر مصـر حقـا مبينـا
لـم يهـن فـي يـوم بـه إيمانـك
ســدت مصــرا بصـدق حبـك فيهـا
وفشــا فــي ربوعهــا ســلطانك
أيهــا الحــب لا يصـورك النطـق
بــل الــدمع وحــده ترجمانــك
وتحملــت فــي هواهــا هوانــك
ومــن العـز فـي هواهـا هوانـك
اعتقـــالا وبعــد ذلــك نفيــا
لــم يكــن قـد بلاهمـا جثمانـك
إنمـا اللـه فـي السـماء أرادا
أن تكــون الحيـاة منـك جهـادا
ولــو أن الــذي تحملتــه كــا
ن بطـــود وقــد أحــس لمــادا
لــم يكـن بـالخفيف عبـؤك لكـن
حــب مصــرا مــدمنك الفــؤادا
ومــن الــرزء أن يمــوت زعيـم
فيــرى ذلــك الزعيــم جمــادا
لســت أرجـو بلا هـدى مـن امـام
أن تكـــون البلاد يومـــا بلادا
أيهــا المصــلح الكــبير سـلام
يــوم القيـت للمنـون القيـادا
وســـلام أيـــام كنــت قريبــا
وســلام يــوم احتملـت البعـادا
اســتراح الــرئي بعـد العـراك
بعــد ضــرب صــعب وطعــن دراك
بعــد أخــذ يــوم الجـدال ورد
وانســحاب عـن الـوغى واصـطكاك
قـد مشـى فـي أعصـابه حـب مصـر
مشــية الكهربــاء فــي الأسـلاك
كــان أقــواله تــدور عليهــا
دوران النجــــوم فــــي الأفلاك
لــم يعــول علـى السـلاح لـدرء
الضـيم عـن مصـر بل على الادراك
لا يصـون الورد الجميل من الجنى
ســـياج لـــه مـــن الأشـــواك
أي طــرف عليــك لــم يــك يـا
ســعد بمصــر وغيرهــا والبـاك
لـم يمـت فـي حقيقـة الأمـر سعد
انـــه لا يـــزال يخطــب بعــد
إنــه لا يــزال يلهـج باسـتقلا
ل مصـــــر كعهــــده ويجــــد
هـــو بــالروح للــذين بمصــر
ينشــدون اســتقلال مصــر يمــد
إن فـي مصـر اليـوم من بعد سعد
كـل فـرد للـدود عـن مصـر سـعد
كلهـــم ينهجــون منهــج ســعد
كلهـم فـوق مـا لهـم خـط يعـدو
إنمــا حكـم الـذات حاجـة مصـر
مـا لهـا فـي حياتهـا منـه بـد
ذلكـــم حقهــا قــد انــتزعوه
وهــي اليــوم أو غــدا تسـترد
المنايــا تريــد منــك صـحايا
آه مــن قســوة بقلـب المنايـا
هــي تبقـى قسـما وتأخـذ قسـما
ثـم تلهـو بأخـذ تلـك البقايـا
وإذا اشــنقت القذيفــة فـي أر
ض تصـــيب المجــاورين شــظايا
ليـس شـيء مثـل الحيـاة عزيـزا
مـع مـا فـي بقائهـا مـن رزايا
إنمــا هـذه النعـوش الـتي يـر
كبهــا الهـالكون بئس المطايـا
ليــس نــوع الإنسـان إلا كحيـوا
ن وليـــس الأفـــراد إلا خلايــا
وحيــاة الإنسـان مـن بعـد مـوت
يتلقـــاه مـــن أدق القضــايا
كــذبتنا الحيــاة فهـي تـداجي
وأرى المــوت واضــح المنهــاج
صــدق المـوت فهـو حـق إذا جـا
ء فمــا مــن ريــث ولا إفــراج
قــد تقــدمت فـي سـبيل المنـى
ثــم تــأخرت راجعــا إدراجــي
إنمـا قـد سـلكت مـن غيـر هـاد
ســبلا فــي الحيـاة غيـر فجـاج
أي نفــع جنيتــه فــي حيــاتي
أنــا مـن تـأويبي ومـن إدلاجـي
غيــر أن الحيـاة طيبـة والمـر
ء فيهـا مهمـا طغـى الهـم راجي
لـم تكـن هـذه الحيـاة سوى حرب
وقـــد تختفـــي وراء العجــاج
قســما بــالنجوم مــن نيــرات
فـــي علـــو لهـــا ومنطفــآت
بابتسـام الحيـاة فـي كـل يـوم
وعبـــوس الهلاك بعــد الحيــاة
بســرور النفــس ثــم اكــتئاب
واجتمــاع للشــمل ثــم شــتات
وبآمـــال أمـــة ذات تاريـــخ
وباليــأس المــر فـي النكبـات
بشــعور الأحيــاء مـن كـل جيـل
وبفقــد الشــعور فــي الأمـوات
وبمـــا للحيــاة مــن حركــات
والســـكون الملــم بالحركــات
إننــي فـي شـك مـن الأمـر لا أد
ري لمــاذا نمضــى لمـاذ نـأتي
جميل صدقي بن محمد فيضي بن الملا أحمد بابان الزهاوي.شاعر، نحى منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحديث، مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتياً، وبيته بيت علم ووجاهة في العراق، كردي الأصل، أجداده البابان أمراء السليمانية (شرقي كركوك) ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذاً للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذاً للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذاً في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائباً عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائباً عن بغداد، فرئيساً للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي. كتب عن نفسه: كنت في صباي أسمى (المجنون) لحركاتي غير المألوفة، وفي شبابي (الطائش) لنزعتي إلى الطرب، وفي كهولي (الجرىء) لمقاومتي الاستبداد، وفي شيخوختي (الزنديق) لمجاهرتي بآرائي الفلسفية، له مقالات في كبريات المجلات العربية.وله: (الكائنات -ط) في الفلسفة، و(الجاذبية وتعليها -ط)، و(المجمل مما أرى-ط)، و(أشراك الداما-خ)، و(الدفع العام والظواهر الطبيعية والفلكية-ط) صغير، نشر تباعاً في مجلة المقتطف، و(رباعيات الخيام-ط) ترجمها شعراً ونثراً عن الفارسية. وشعره كثير يناهز عشرة آلاف بيت، منه (ديوان الزهاوي-ط)، و(الكلم المنظوم-ط)، و(الشذرات-ط)، و(نزغات الشيطان-خ) وفيه شطحاتة الشعرية، و(رباعيات الزهاوي -ط)، و(اللباب -ط)، و(أوشال -ط).