
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ، مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَيُكَنَّى أَبَا الْمُسْتَهِلِّ، وُلِدَ فِي الكوفَةِ سَنَةَ 60 لِلْهِجْرَةِ، وَكَانَ مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ فِي العَصْرِ الأُمَويِّ، وَهُوَ شاعِرُ الهَاشِمِيِّينَ، فَقَدْ كَانَ مَعْرُوفاً بِالتَّشيُّعِ لِبَنِي هاشِمٍ مَشْهُوراً بِذَلِكَ، كَثيرَ المَدْحِ لَهُمْ، وَكَانَ مُتَعَصِّباً لِلْمُضَرِيَّةِ عَلَى القَحْطانِيَّةِ، وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ (الْهَاشِمْيَّاتُ) وَهِيَ مِنْ جَيِّدِ شِعْرِهِ وَمُخْتارِهِ، وَكَانَ الكُمَيْتُ عالِماً بِآدابِ العَرَبِ وَلُغَاتِها وَأَخْبارِها وَأَنْسابِها، تُوُفِّيَ سَنَةَ 126 لِلْهِجْرَةِ فِي خِلافَةِ مَرْوانَ بْنِ مُحَمَّدٍ.
الأَخْطَلُ هُوَ غِياثُ بنُ غَوثٍ، مِن بَنِي تَغلبَ، شاعِرٌ مِنْ فُحولِ الشُّعراءِ الأُمويِّينَ، وقد اتُّفِقَ عَلى أنَّهُ والفرزدقَ وجريراً فِي الطَّبقةِ الأُولى مِنَ الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، نَشأَ في بادِيَةِ الجَزيرةِ الفُراتيَّةِ فِي العِراقِ، وظلَّ هُوَ وقومُهُ على النّصرانيَّةِ ولمْ يَدْخُلوا الإِسلامَ، وقد امْتازَ شِعرُهُ بِالصَّقلِ والتّشْذِيبِ مِن غَيرِ تَكَلُّفٍ، وَشُبِّهَ بِالنَّابِغَةِ الذُّبيانيِّ لِصِحَّةِ شِعرِهِ، وَكانَ الأخطلُ مُقرَّباً مِن خُلفاءِ بَنِي أُميَّةَ وأَكْثَرَ مِنْ مَدْحِهم وهجاءِ أعدائِهم، توفيَ فِي حُدودِ سَنَةِ 90 لِلْهِجْرَةِ.
عُبَيد بن حُصين بن معاوية بن جندل، النميري، أبو جندل.من فحول الشعراء المحدثين، كان من جلّة قومه، ولقب بالراعي لكثرة وصفه الإبل وكان بنو نمير أهل بيتٍ وسؤدد.وقيل: كان راعَي إبلٍ من أهل بادية البصرة.عاصر جريراً والفرزدق وكان يفضّل الفرزدق فهجاه جرير هجاءاً مُرّاً وهو من أصحاب الملحمات.وسماه بعض الرواة حصين بن معاوية.
جريرُ بنُ عطيَّةَ الكَلبِيُّ اليَربُوعِيِّ التّميميُّ، ويُكَنَّى أَبا حَزْرَةَ، وهو شاعِرٌ أُمَوِي مُقدَّمٌ مُكثِرٌ مُجيدٌ، يُعدُّ فِي الطّبقةِ الأُولى مِن الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، وُلِدَ فِي اليَمامةِ ونَشأَ فِيها وانْتقلَ إِلى البَصرَةِ، واتَّصَلَ بِالخُلفاءِ الأُمَوِيِّينَ وَوُلاتِهِم، وكانَ يُهاجِي شُعراءَ زَمانِهِ ولمْ يَثبُتْ أَمامَهُ إِلَّا الفَرزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقد قَدَّمَهُ بعضُ النُّقادِ والرُّواةُ على الفَرزدقِ والأَخطَلِ وذُكِرَ أنَّ أَهلَ الْبَادِيَةِ وَالشُّعرَاءِ بِشِعْرِ جريرٍ أَعجَبُ، وأَنَّهُ يُحْسِنُ ضُروباً مِنَ الشِّعرِ لا يُحسِنُها الفَرَزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقدْ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ 110 لِلهِجْرَةِ.
عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك، من بني عامر بن لؤي، ابن قيس الرقيات.شاعر قريش في العصر الأموي. كان مقيماً في المدينة.خرج مع مصعب بن الزبير على عبد الملك بن مروان، ثم انصرف إلى الكوفة بعد مقتل ابني الزبير (مصعب وعبد الله) فأقام سنة وقصد الشام فلجأ إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فسأل عبد الملك في أمره، فأمّنه، فأقام إلى أن توفي.أكثر شعره الغزل والنسيب، وله مدح وفخر. ولقب بابن قيس الرقيات لأنه كان يتغزل بثلاث نسوة، اسم كل واحدة منهن رقية
وجمع أبو الفرج الأصفهاني أخباره في ذيل بيتين هما من الأصوات المائة المختارة قال:صوت من المائة المختارة من رواية جحظة عن أصحابهأمسـى الشـباب مودعـاً محمـودا والشـيب مؤتنـف المحـل جديـداوتغيـر الـبيض الأوانـس بعدما حملتهــن مواثقــاً وعهــوداثم نسب الغناء وساق نسب يزيد وأخباره قال: وكان يلقب مودقاً، سمي بذلك لحسن وجهه وحسن شعره وحلاوة حديثه، فكانوا يقولون: إنه إذا جلس بين النساء ودقهن.وأول أخباره تولعه بفتاة من بني جرم تسمى وحشية، انظر قصتها معه في صفحة البيتين:فـإن شـئت يـا مياد زرنا وزرتمولم ننفس الدنيا على من يصيبهاأيــذهب ميــادٌ بألبـاب نسـوتي ونســوة ميــادٍ صـحيحٌ قلوبهـاوهي قصة طريفة يمكن إخراجها في مسلسل من مسلسلات الباديةونقل أبو الفرج أخبار يزيد مع بني سدة عن راوية اسمه أبو عثمان سعيد بن طارق، ولم أعثر على ذكر له في غير هذه الصفحة من الأغاني.وانظر في هذه الموسوعة ديوان حكيم بن أبي الخلاف السدري
عُمَرُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ أَبِي رَبِيعةَ، مِنْ بَنِي مَخزُومٍ إِحدَى بُطونِ قَبيلَةِ قُريشٍ، يُكنّى أَبا الخَطَّابِ، وُلِدَ فِي اللَّيلَةِ الّتِي تُوفِّيَ فِيها عُمرُ بنُ الخطّابِ رضيَ الله عنهُ فَسُمِّيَ باسْمِهِ، وهُوَ أَشْهَرُ شُعراءِ عَصْرِهِ فِي الغَزَلِ والنَّسِيبِ، وهُوَ مَنْ جَعلَ العَرَبَ تُقرُّ لِقُرَيشٍ بِالشِّعْرِ ولا تُنازِعُها فِيهِ، وجُلُّ شِعرِهِ فِي الغَزَلِ والتّشبيبِ بِالنِّساءِ، وقدْ نفاهُ عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ إلى دُهلك حينَ رُفِعَ إليهِ أَنَّهُ يَتَعرَّضُ لِلنّساءِ الحَواجِّ ويُشبِّبُ بِهِنَّ، وقدْ عاشَ ثَمانينَ سنةً، فَتكَ مِنْها أَربَعِينَ سَنَةً، ونَسكَ أَرْبَعِينَ سنةً، فَقدْ تابَ وترَكَ قَولَ الشِّعرِ، ثُمّ غَزا فِي البَحرِ فاحْتَرَقَتْ السَّفينةُ بِهِ وبِمَنْ مَعَهُ، فَماتَ فِيها غَرقاً. وكانَتْ وفَاتُهُ حَوالَي سَنةِ 93 لِلْهِجْرَةِ.
الفَرَزْدَقُ هُوَ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ المُجَاشِعِيُّ التَّمِيمِيُّ، لُقِّبَ بِالفَرَزْدَقِ لِجَهَامَةِ وَجْهِهِ وَغِلَظِهِ، وَهُوَ مِنْ اشْهَرِ الشُّعَرَاءِ الْأُمَوِيِّينَ، وَعَدَّهُ ابْنُ سَلَّامٍ مِنْ شُعَرَاءِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى الإِسْلَامِيِّينَ، وَكَانَ الفَرَزْدَقُ مِنْ بَيْتِ شَرَفٍ وَسِيَادَةٍ في قومِهِ فَكَانَ شَدِيد الفَخْرِ بِهُمْ وَكَانَ لِسَانَهُمْ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ وَالْوُلَاةِ، وَلَهُ مَعَ جَرِيرٍ وَالاخْطَلِ اهَاجٍ مَشْهُورَةٌ عُرِفَتْ بِالنَّقَائِضِ، وَكَانَ مُتَقَلِّبًا فِي وَلَائِهِ السِّيَاسِيِّ وتَعَرَّضَ لِلسّجْنِ وَالمُلَاحَقَةِ مِنْ قِبَلِ عَدَدٍ مِنْ الوُلَاةِ، وَقَدْ عُمِّرَ حَتَّى خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَاتَ سَنَةَ 110 لِلْهِجْرَةِ.
جَميلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، أَحَدُ بَنِي عُذْرَةٍ مِنْ قُضاعَةَ، كَانَتْ مَنازِلُهُمْ فِي وَادِي القُرَى قُرْبَ المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَجَميلٌ شاعِرٌ إِسْلاميٌّ فَصِيحٌ مُقَدَّمٌ، كَانَ راوِيَةَ هُدْبَةَ بْنِ الخَشْرَمِ، وَكَانَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ راوِيَةَ جَمِيلٍ، وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريِّينَ، وَمِن عُشّاقِ العَرَبِ الَّذِينَ تَيَّمَهُمْ الحُبُّ، وَصاحِبَتُهُ بُثَيْنَةُ هِيَ مِنْ بَناتِ قَوْمِهِ وَأَغْلَبُ شِعْرِهِ فِيهَا، وَلَمْ يَمْنَعْهُ زَواجُها بِغيرِهِ فَبَقِيَ يُلاحِقُها حَتَّى شَكَاه قَوْمُها إِلَى السُّلْطانِ فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى اليَمَنِ، وَبَعْدَهَا قَصَدَ مِصْرَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ فَأَكْرَمَهُ، فَأَقَامَ قَلِيلاً فِيها ثُمَّ مَاتَ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ حَوَالَيْ سَنَةِ 82 لِلْهِجْرَةِ.
مَجْنونُ لَيْلَى مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريينَ فِي العَصْرِ الأُمَويِّ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجودِهِ فَقِيلَ هوَ اسْمٌ مُسْتَعَارٌ لَا حَقيقَةَ لَهُ، وَتَعَدَّدَتْ الْآرَاءُ فِي اسْمِهِ كَذَلِكَ وَأَشْهَرُها أَنَّهُ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوَّحِ بْنُ مُزاحِمٍ، مِنْ بَني عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، لُقِّبَ بِمَجْنونِ بَني عامِرٍ، وَيَغْلُبُ عَلَيْهِ لَقَبُ مَجْنُونِ لَيْلَى، ولَيلَى هي محبوبتُهُ اَلَّتِي عَشِقَها وَرَفْضَ أَهْلُها تَزْويجَها لَهُ، فَهَامَ عَلَى وَجْهِهِ يُنْشِدُ الأَشْعارَ وَيَأْنَسُ بِالْوُحُوشِ، فَكانَ يُرَى فِي نَجْدٍ وَحِيناً فِي الحِجَازِ حِيناً فِي الشّامِ، إِلَى أَنْ وُجِدَ مُلْقىً بَيْنَ أَحْجارِ إِحْدَى الأَوْدِيَةِ وَهُوَ مَيِّتٌ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.
قيسُ بنُ ذَرِيح الليثيِّ، مِنْ بَنِي عبدِ مَناةَ بنِ كِنانةَ، شاعِرٌ مِنْ عُشّاقِ العَرَبِ المَشهورِينَ، وصاحِبَتُهُ لُبْنَى بنتُ الحُبابِ الكَعْبِيَّةِ الَتِي اشْتُهِرَ بِها، كانَ مِنْ سُكّانِ المَدِينةِ، وَقيلَ هُوَ رَضِيعُ الْحُسينِ بنِ عليِّ بنِ أَبِي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُما أَرْضَعَتْهُ أُمُّ قَيسٍ. وقَدْ تَزَوَّجَ قَيسٌ مِنْ لُبْنَى بَعْدَ أَنْ عَشِقَها ثُمَّ طَلَقَها بعدَ أنْ أَجْبَرَهُ أَهْلُهُ عَلَى طَلاقِها، فَنَدِمَ عَلَى ذَلكَ وساءَتْ حَالُهُ وَلَهُ مَعها قِصَصٌ وأَخْبَارٌ عَدِيدَةٌ، وَشِعْرُهُ عالِي الطّبقَةِ فِي التَشْبِيبِ وَوَصْف الشّوقِ والْحَنِينِ، تُوفِّيَ نَحوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.
هُوَ الكُميتُ بنُ زيدِ بنِ خُنَيسِ بنِ مُجالِدِ بنِ وَهيبِ بنِ عَمرِو بنِ سُبيعِ بنِ مالكِ بنِ سَعدِ بنِ ثَعلبَةَ بنِ دُودانَ بنِ أَسَدِ بنِ خُزيمةَ بنِ مُدركةَ بنِ إِلياسَ بنِ مُضَرَ. ويُكنَّى أَبا المُسْتَهِلِّ.
يَعودُ نسبُ الكُميتِ إِلَى قَبِيلَةِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَهِيَ مِنْ أَشْهَرِ القَبائِلِ العَرَبِيَّةِ كانَتْ مَنازِلُها في نَجْدٍ شَرْقِيَّ جَبَلَي طَيِّئٍ: أَجَأَ وَسَلْمَى، وَكانَتْ تُجاوِرُها قَبائِلُ طَيّئٍ وَغَطَفانَ وَهَوازِنَ وَكِنانَةَ، وَكانَ بَنُو أَسَدٍ تَحْتَ سَيْطَرَةِ مُلُوكِ كِنْدَةَ مِنْ بَنِي آكِلِ المرارِ، حَتَّى تَمَرَّدُوا عَلَيْهِمْ وَقَتَلُوا حُجرَ بْنَ الحارِثِ أَبا امْرِئِ القَيْسِ. وَيَنْتَمِي الكُمَيْتُ إِلَى أُسْرَةٍ مُعْرِقَةٍ فِي قَوْلِ الشِّعْرِ، فَقَدْ أَشَارَ المَرْزُبانيُّ فِي (مُعْجَم الشُّعَراءِ) أَنَّ الكُمْتَ شُعَراءٌ أَسَدِيُّونَ ثَلاثَةٌ هُمْ: الكُمَيْتُ بْنُ مَعْروفٍ وَجَدُّهُ الكُمَيْتُ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَالْكَمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ الأَخيرُ أَكْثَرُهُمْ شِعْرًا، وَالْكُمَيْتُ الأَوْسَطُ أَشْعَرُهُمْ قَرِيحَةً وَكُلُّهُمْ بَنُو أَبٍ. وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُهُ المُسْتَهِلُّ شَاعِراً ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي (الشِّعْر والشُّعَراء) أَنَّ ابْنَهُ اَلْمُسْتَهِلَّ هوَ القائِلُ لِبَنِي العَبّاسِ:
إِذَا نَحْنُ خِفْنَا فِي زَمانٍ عَدوَّكُمْ وَخِفْنَاكُمُ إِنَّ البَلاءَ لِراكِدُ
وَلَهُ ابْنُ آخِرُ اسْمُهُ حُبَيْشٌ، أَمَّا زَوْجَتُهُ فهِيَ حُبَّى بِنْتُ نُكيَفِ بنِ عَبْدِ الواحِدِ، وَهِيَ الَّتِي سَاعَدَتْهُ فِي الهَرَبِ مِنْ سِجْنِ خالِدٍ اَلْقَسْريِّ، وَمِن إِخْوانِهِ المَذْكورينَ وَرْدُ بْنُ زَيْدٍ وَكَانَ الكُمَيْتُ قَدْ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ يَسْتَأْذِنُهُ فِي أَنْ يَمْدَحَ الكُمَيْتُ بَني أُمَيَّةَ.
ولدَ الْكُمَيْت سنة سِتِّينَ وَهِي أَيَّام مقتل الْحُسَيْن رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، وَنَشَأَ فِي الكوفَةِ وَقَدْ تَمَيَّزَ مُنْذُ صِبَاهُ بِالذَّكَاءِ والنُّبوغِ، وَكَانَ شَديدُ الافْتِخارِ بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَرِدْ لَهُ فَخْرٌ كَثيرٌ بِقَبيلَتِهِ أَوْ أُسْرَتِهِ مِمَّا يَظْهَرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أُسْرَةٍ أَسَديَّةٍ عَريقَةٍ، وَقد بَدَأَتْ عَلاماتُ النُّبوغِ والتَّمَيُّزِ في صِباهُ، مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي (الشِّعْر والشُّعَراء) مِنْ إِعْجابِ الفَرَزْدَقِ بِهِ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الكُمَيْتَ وَقَفَ عَلَى الفَرَزْدَقِ وَهُوَ يُنْشِدُ، وَالْكَمَيْتُ يَوْمَئِذٍ صَبِيٌّ، فَقَالَ لَهُ الفَرَزْدَقُ: يَا غُلامُ أَيَسُرُّكَ أَنِّي أَبوكَ، فَقَالَ الكُمَيْتُ: أَمَّا أَبِي فَلَا أُريدُ بِهِ بَدَلاً، وَلَكِنْ يَسُرُّنِي أَنْ تَكونَ أُمِّي فَحُصِرَ الفَرَزْدَقِ يَوْمَئِذٍ وَقَالَ: مَا مَرَّ بِي مِثْلُها قَطُّ.
وَكَذَلِكَ الْتَقَى الكُمَيْتُ فِي صِبَاهُ بِذِي الرُّمَّةِ وَعَرَضَ عَلَيْهُ مُعارَضَتَهُ لِقَصِيدَةِ (مَا بَالُ عَيْنِكَ مِنْهَا الْمَاءُ يَنْسَكِبُ) الَّتِي يَقُولُ فِيهَا:
هَـلْ أَنْـتَ عَـنْ طَلَبِ الْإِيفَاعِ مُنْقَلِبُ أَمْ هَلْ يُحَسِّنُ مِنْ ذِي الشَّيْبَةِ اللَّعِبُ
فَقَالَ لَهُ ذُو الرُّمَّةِ: وَيْحَكَ إِنَّكَ لِتَقولُ قَوْلاً مَا يَقدِرُ إِنْسانٌ أَنْ يَقُولَ لَكَ أَصَبْتَ وَلَا أَخْطَأْتَ، وَذَلِكَ أَنَّكَ تَصِفُ الشَّيْءَ فَلَا تَجيءُ بِهِ، وَلَا تَقَعُ بَعِيداً مِنْهُ، بَلْ تَقَعُ قَرِيباً. فَقَالَ لَهُ: أَوَتَدْرِي لَمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا، قال: لِأَنَّكَ تَصِفُ شَيْئاً رَأَيْتَهُ بِعَيْنِكَ، وَأَنَا أَصِفُ شَيْئاً وُصِفَ لِي، وَلَيْسَتْ المُعايَنَةُ كَاَلْوَصْفِ. قَالَ: فَسَكَتْ.
وَكَانَ الكُمَيْتُ مُتَشيِّعاً لِبَنِي هاشِمٍ، وَكَانَتْ أَوَّلُ قَصائِدِهِ الْهَاشِمِيَّات، وَيُروى أَنَّهُ حِينَ قَالَهَا عَرْضُها عَلَى الفَرَزْدَقِ - كَمَا جَاءَ فِي الأَغاني - فَقَالَ الفَرَزْدَقُ حِينَ سَمِعَهُ: أَذِعْ أَذِعْ يَا ابْنَ أَخِي، أَنْتَ واللَّهِ أَشْعَرُ مَنْ مَضَى وَأَشْعَرُ مَنْ بَقِي.
وَقَدْ مَدَحَ الكُمَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِما السَّلامُ بِقَوْلِهِ:
يُصِيبُ بِهِ الرَّامُونَ عَنْ قَوْسِ غَيْرِهِمْ فَيَا آخِراً سّدّى لَهُ الغَيَّ أَوَّلُ
فَدَعَا لَهُ، وَمَدْحَ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَليٍّ -عَلَيْهِمَا السَّلامُ- وأَنْشَدَهُ الكُمَيْتُ قَصيدَتَهُ الَّتِي أَوَّلُها: (مِنْ لِقَلْبِ مُتيَّمٍ مُسْتَهَامِ) فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْكُمَيْتِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْكُمَيْتِ. وَرَفْضَ الكُميتُ أَخْذَ الْمَالِ اَلَّذِي أَعْطَاه لَهُ وَطَلَبَ ثيابَهُ لِبَرَكَتِها.
وَقَدْ اعْتَذَرَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مَدْحِهِ لِبَنِي أُمَيَّةَ حِينَ عَاتَبَهُ، وَقَالَ: نَعَمْ، قَدْ قَلْتُ، وَلَا واللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِهِ إِلَّا الدُّنْيَا، وَلَقَدْ عَرَفْتُ فَضْلَكُمْ، فقَالَ له: أَما أَنْ قُلْتَ ذَلِكَ فَإِنَّ التَّقيَّةَ لَتَحِلُّ.
وَكَانَ الكُمَيْتُ إِلَى جانِبِ قَوْلِهِ الشِّعْرَ عالِماً فَقِيهاً عَارِفاً بِأَنْسابِ العَرَبِ وَشُعَرائِها، وَقَدْ قِيلَ إِنَّ فِي الكُمَيْتِ خِصالٌ لَمْ تَكُنْ فِي شاعِرٍ كَانَ خَطيبَ بَنِي أَسَدٍ وَفَقيهَ الشِّيعَةِ وَحافَظَ القُرْآنِ وَكَانَ ثَبْتَ الجَنَانِ وَكَانَ كَاتِباً حَسَنَ الخَطِّ وَكَانَ نَسَّابَةً وَكَانَ جَدَليّاً وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ناظَرَ فِي التَّشَيُّعِ مُجاهِراً بِذَلِكَ. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الفَرَجِ في (الأَغاني) المُحاوَرَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَمّادٍ الرّاويَةِ اَلَّتِي تُظْهِرُ سِعَةَ مَعْرِفَةِ الكُمَيْتِ بِأَيّامِ العَرَبِ وَشُعَرائِها، وفيها تَفَوَّقَ عَلَى حَمّادٍ الرّاويَةِ، وَتَرْجِعُ مَعْرِفَتُهُ هذِهِ إِلَى تَأَثُّرِهِ بِجَدَّتَيْهِ كَمَا وَرَدَ، فَقَدْ كَانَتْ لِلْكُمَيْتِ جَدَّتَانِ أَدْرَكَتا الجَاهِلِيَّةَ، فَكَانَتا تَصِفَانِ لَهُ البَادِيَةَ وَأُمُورَها وَتُخبِرَانِهِ بِأَخْبارِ النّاسِ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَإِذَا شَكَّ فِي شِعْرٍ أَوْ خَبَرٍ عَرَضَهُ عَلَيْهِما فَيَخَبِرَانِهِ عَنْهُ، فَمَن هُنَاكَ كَانَ عِلْمُهُ.
وَقَدْ عَدَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَبيبٍ فِي كِتابِهِ (المُحَبَّر) مِنْ أَشْرافِ المُعَلِّمِينَ وَفُقَهائِهِمْ، وَوَرَدَ فِي (الشِّعْر والشُّعَراء) أَنَّ خَلْفَ الأَحْمَرَ رَأَى الكُمَيْتَ بِالْكُوفَةِ فِي مَسْجِدٍ يُعَلِّمُ الصِّبْيانَ.
وَكَانَ الكُمَيْتُ مُتَعَصِّباً لِلْعُدْنَانِيَّةِ كَثيرَ الهِجاءِ لِلْقَبَائِلِ اليَمَنيَّةِ، وَرُغْمَ ذَلِكَ فَقَدْ أَشَارَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطِّرمّاحِ مِنَ المَوَدَّةِ وَالْمُخالَطَةِ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، عَلَى تَباعُدِ مَا بَيْنِهِما فِي الدّينِ والرَّأْيِ، لِأَنَّ الكُمَيْتَ كَانَ رافِضياً، وَكَانَ الطِّرمّاحُ خَارِجِيّاً صفريّاً، وَكَانَ الكُمَيْتُ عَدْنانيّاً عَصَبِيّاً، وَكَانَ الطِّرمّاحُ قَحْطانيّاً عَصَبِيّاً، وَكَانَ الكُمَيْتُ مُتَعَصِّباً لِأَهْلِ الكوفَةِ، وَكَانَ الطِّرمّاحُ يَتَعَصَّبُ لِأَهْلِ الشَّامِ.
وَتَعَصُّبَ الكُمَيْتِ لِلْعَدْنَانِيَّةِ وَهَجَاؤُهُ لِلْقَحْطَانِيَّةِ هوَ مَا أَثَارَ خالِدَ القَسْريَّ عليهِ، فقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَهُ قَصيدَةَ الكُمَيْتِ اَلَّتِي هَجَا فِيهَا اليَمَنَ وَهِيَ: (أَلّا حُيِّيتِ عَنَّا يَا مَدينا)، فَأَحْفَظَتْهُ عَلَيْهُ، فَرَوَى جاريَةً حَسْناءَ قَصائِدَهُ الْهَاشِمْيَّاتِ، وَأَعَدَّهَا لِيُهْدِيها إِلَى هِشامٍ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِأَخْبارِ الكُمَيْتِ وَهِجائِهِ بَني أُمَيَّةَ، فأمرَ هِشام خالداً أنْ يحْبِسَهُ، لكنّ الكميتَ هربَ بمسَاعَدَةِ أَبانَ بْنُ الوَليدِ وَكَانَ عَامِلًا عَلَى واسِطٍ، وَقِيلَ إِنَّ زَوْجَةَ الكميتِ قَدْ زَارَتْهُ فَتَنَقَّبَ بِنِقابِها وَلَبِسَ لِبَاسَهَا وَهَرَبَ، وَحِينَ عِلِمَ خالِدٌ القَسْريُّ تَوَعَّدَ امْرأَةَ الكُمَيْتِ، فَاجْتَمَعَتْ بَنُو أَسَدٍ إِلَيْهُ وَقَالُوا: مَا سَبِيلُكَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَّا خُدِعَتْ، فَخافَهُمْ فَخَلَّى سَبيلَها.
وَأَقَامَ الكُمَيْتُ مُدَّةً مُتَوارياً ثُمَّ قَصْدَ الشّامِ فَتَوارَى فِي بَني أَسَدٍ وَبَنِي تَمِيمٍ، وَأَرْسَلَ إِلَى أَشْرافِ قُرَيْشٍ يستجيرهم، فَسَعَى عَنْبَسَةُ بْنُ سَعيدِ بْنِ العَاصِ وَكَانَ سَيِّدَ قُرَيْشٍ فِي الشّامِ فِي أَمْرِهِ وَلَجَأَ إِلَى مَسْلَمَةَ بْنِ هِشامٍ فَتَوَسُّطَ لَهُ عِنْدَ أَبِيهِ هِشامٍ فَأَمَّنَهُ، وَمَدْحِ الكُمَيْتِ هُشاماً وابْنَهُ مَسْلَمَةَ، وَمِمَّا قَالَهُ فِيهم قَصيدَتُهُ (قِفْ بِالدِّيارِ وُقُوفَ زائِرْ) الَّتِي يَقُولُ فِيهَا:
فَالآنَ صِرْتُ إِلى أُمَيَّةَ وَالأُمُورُ إِلى المَصايِرْ
فَأكرمَهُ هِشامٌ وابنُهُ مَسلمةُ، وكَتبَ هِشامٌ إِلى خالدٍ بِأَمانِهِ وأَمانِ أَهلِ بيتِهِ، وأَنَّهُ لا سُلطانَ لَهُ عَليهِم.
ومِمَّا يُروى عَنِ الكُميتِ أَنَّهُ كانَ طويلاً أَصمَّ، ولَمْ يَكُنْ حَسَنَ الصَّوتِ ولا جيِّدَ الإِنشادِ، فكانَ إِذا اسْتُنْشِدَ أَمَرَ ابْنَهُ المُسْتَهِلَّ فأَنْشَدَ، وكانَ فَصيحاً حَسَنَ الإِنْشادِ.
تُوفِّيَ الكُميتُ سنةَ 126 فِي خلَافَة مَرْوَان بن مُحَمَّد، وَكَانَ السَّبَبُ فِي مَوته أَنَّهُ مَدَحَ يُوسُفَ بنَ عُمرَ بعدَ عَزْلِ خَالِد الْقَسرِيّ عَن الْعرَاق فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أنْشدهُ مَدِيحَهُ مُعَرِّضاً بِخَالِدٍ وَكَانَ الْجندُ على رَأْسِ يُوسُفَ مُتَعصِّبينَ لِخَالِدٍ فَوَضَعُوا سُيوفَهُم فِي بَطْنِهِ وَقَالُوا أَتُنْشِدُ الْأَمِيرَ وَلمْ تَسْتَأْمِرْهُ فَلمْ يزلْ يَنْزِفُ الدَّمُ مِنْهُ حَتَّى مَاتَ.
اشْتهرَ الكُميتُ بِتشيُّعهِ لِبَنِي هاشِمٍ ومَدْحِهِ لَهُم، وأشهرُ شِعرِهِ هِيَ الهاشميَّاتُ وقد عُدَّتْ مِنْ جَيِّدِ شِعْرِهِ وَمُخْتارِهِ، أَوردَ أَبو الفَرَجِ في (الأَغاني) عَن عِكْرِمَةَ الضّبِّيِّ عَن أَبِيهِ قَالَ: أدْرَكْتُ النَّاسَ بِالْكُوفَةِ مَنْ لَمْ يَرْوِ: (طَرِبْتُ وَمَا شَوقاً إِلَى الْبِيضِ أَطْرَبُ فَلَيْسَ بِشِيعِيٍّ.
عُرِفَ الكُميتُ بتعصُّبِهِ للعدنانيَّةِ ضدَّ القَحطانِيَّةِ، ولِهذا الأَمرِ حُضورُهُ الكبيرُ فِي شِعرهِ، فَمُهاجاتُهُ شُعراءَ اليمنِ مُتَّصِلَةٌ، والمُناقَضَةُ بَينَهُ وبينَهُم شائِعَةٌ فِي حياتِهِ وبَعدَ وفاتِهِ.
قدَّمَهُ بَعْضُ عُلماءِ الشِّعْرِ والرُّواةُ، مِن ذلكَ ما وردَ فِي (الأَغاني) أنَّ معَاذَ الهرّاء سُئِلَ عَن أَشْعَرِ النَّاسِ فَقَالَ: مِنَ الجاهليِّينَ امْرُؤُ الْقَيْسِ وَزُهَيْرٌ وَعَبيدُ بْنُ الأَبْرصِ وَمِنَ الإسلاميِّينَ الفرَزْدَقُ وَجَرِيرٌ والأَخطلُ، فَقيلَ لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا رَأَيْنَاك ذَكَرْتَ الْكُمَيْتَ قَالَ: ذَاكَ أَشْعَرُ الْأَوَّلينَ والآخِرينَ.
ذكرَ ابنُ قتيبةَ أنَّ الكُميتَ كانَ شديدَ التَّكلُّفِ فِي الشِّعرِ، كَثيرَ السَّرِقةِ، وذَكَرَ أَمْثِلَةً منْ سَرقتِهِ مِن امرئِ القَيسِ بنِ عابِسِ الكِنديِّ، لكنَّهُ أوردَ لهُ بعدَ ذلكَ ما يُستجادُ مِنْ شِعرِهِ كَقولِهِ فِي ذِكرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (يَقولونَ لَمْ يُورِثْ وَلَولا تُراثُهُ / لَقَدْ شَركتْ فِيهِ بَكيلٌ وَأَرْحبُ)
" لَوْ لَمْ يكُنْ لِبني أَسَدٍ مَنْقَبَةٌ غَيرَ الكُمَيْتِ لَكَفاهُمْ"
(أبو عبيدة/ ورد في الأغاني).
(أبو عكرمة الضبي/ ورد في الأغاني)
(المؤتلف والمختلف من أسماء الشعراء/ أبو القاسم الآمديّ).
(أبو الفرج الأصبهانيّ / الأغاني).