
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عُمَرُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ أَبِي رَبِيعةَ، مِنْ بَنِي مَخزُومٍ إِحدَى بُطونِ قَبيلَةِ قُريشٍ، يُكنّى أَبا الخَطَّابِ، وُلِدَ فِي اللَّيلَةِ الّتِي تُوفِّيَ فِيها عُمرُ بنُ الخطّابِ رضيَ الله عنهُ فَسُمِّيَ باسْمِهِ، وهُوَ أَشْهَرُ شُعراءِ عَصْرِهِ فِي الغَزَلِ والنَّسِيبِ، وهُوَ مَنْ جَعلَ العَرَبَ تُقرُّ لِقُرَيشٍ بِالشِّعْرِ ولا تُنازِعُها فِيهِ، وجُلُّ شِعرِهِ فِي الغَزَلِ والتّشبيبِ بِالنِّساءِ، وقدْ نفاهُ عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ إلى دُهلك حينَ رُفِعَ إليهِ أَنَّهُ يَتَعرَّضُ لِلنّساءِ الحَواجِّ ويُشبِّبُ بِهِنَّ، وقدْ عاشَ ثَمانينَ سنةً، فَتكَ مِنْها أَربَعِينَ سَنَةً، ونَسكَ أَرْبَعِينَ سنةً، فَقدْ تابَ وترَكَ قَولَ الشِّعرِ، ثُمّ غَزا فِي البَحرِ فاحْتَرَقَتْ السَّفينةُ بِهِ وبِمَنْ مَعَهُ، فَماتَ فِيها غَرقاً. وكانَتْ وفَاتُهُ حَوالَي سَنةِ 93 لِلْهِجْرَةِ.
الأَخْطَلُ هُوَ غِياثُ بنُ غَوثٍ، مِن بَنِي تَغلبَ، شاعِرٌ مِنْ فُحولِ الشُّعراءِ الأُمويِّينَ، وقد اتُّفِقَ عَلى أنَّهُ والفرزدقَ وجريراً فِي الطَّبقةِ الأُولى مِنَ الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، نَشأَ في بادِيَةِ الجَزيرةِ الفُراتيَّةِ فِي العِراقِ، وظلَّ هُوَ وقومُهُ على النّصرانيَّةِ ولمْ يَدْخُلوا الإِسلامَ، وقد امْتازَ شِعرُهُ بِالصَّقلِ والتّشْذِيبِ مِن غَيرِ تَكَلُّفٍ، وَشُبِّهَ بِالنَّابِغَةِ الذُّبيانيِّ لِصِحَّةِ شِعرِهِ، وَكانَ الأخطلُ مُقرَّباً مِن خُلفاءِ بَنِي أُميَّةَ وأَكْثَرَ مِنْ مَدْحِهم وهجاءِ أعدائِهم، توفيَ فِي حُدودِ سَنَةِ 90 لِلْهِجْرَةِ.
عُبَيد بن حُصين بن معاوية بن جندل، النميري، أبو جندل.من فحول الشعراء المحدثين، كان من جلّة قومه، ولقب بالراعي لكثرة وصفه الإبل وكان بنو نمير أهل بيتٍ وسؤدد.وقيل: كان راعَي إبلٍ من أهل بادية البصرة.عاصر جريراً والفرزدق وكان يفضّل الفرزدق فهجاه جرير هجاءاً مُرّاً وهو من أصحاب الملحمات.وسماه بعض الرواة حصين بن معاوية.
جريرُ بنُ عطيَّةَ الكَلبِيُّ اليَربُوعِيِّ التّميميُّ، ويُكَنَّى أَبا حَزْرَةَ، وهو شاعِرٌ أُمَوِي مُقدَّمٌ مُكثِرٌ مُجيدٌ، يُعدُّ فِي الطّبقةِ الأُولى مِن الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، وُلِدَ فِي اليَمامةِ ونَشأَ فِيها وانْتقلَ إِلى البَصرَةِ، واتَّصَلَ بِالخُلفاءِ الأُمَوِيِّينَ وَوُلاتِهِم، وكانَ يُهاجِي شُعراءَ زَمانِهِ ولمْ يَثبُتْ أَمامَهُ إِلَّا الفَرزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقد قَدَّمَهُ بعضُ النُّقادِ والرُّواةُ على الفَرزدقِ والأَخطَلِ وذُكِرَ أنَّ أَهلَ الْبَادِيَةِ وَالشُّعرَاءِ بِشِعْرِ جريرٍ أَعجَبُ، وأَنَّهُ يُحْسِنُ ضُروباً مِنَ الشِّعرِ لا يُحسِنُها الفَرَزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقدْ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ 110 لِلهِجْرَةِ.
عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك، من بني عامر بن لؤي، ابن قيس الرقيات.شاعر قريش في العصر الأموي. كان مقيماً في المدينة.خرج مع مصعب بن الزبير على عبد الملك بن مروان، ثم انصرف إلى الكوفة بعد مقتل ابني الزبير (مصعب وعبد الله) فأقام سنة وقصد الشام فلجأ إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فسأل عبد الملك في أمره، فأمّنه، فأقام إلى أن توفي.أكثر شعره الغزل والنسيب، وله مدح وفخر. ولقب بابن قيس الرقيات لأنه كان يتغزل بثلاث نسوة، اسم كل واحدة منهن رقية
وجمع أبو الفرج الأصفهاني أخباره في ذيل بيتين هما من الأصوات المائة المختارة قال:صوت من المائة المختارة من رواية جحظة عن أصحابهأمسـى الشـباب مودعـاً محمـودا والشـيب مؤتنـف المحـل جديـداوتغيـر الـبيض الأوانـس بعدما حملتهــن مواثقــاً وعهــوداثم نسب الغناء وساق نسب يزيد وأخباره قال: وكان يلقب مودقاً، سمي بذلك لحسن وجهه وحسن شعره وحلاوة حديثه، فكانوا يقولون: إنه إذا جلس بين النساء ودقهن.وأول أخباره تولعه بفتاة من بني جرم تسمى وحشية، انظر قصتها معه في صفحة البيتين:فـإن شـئت يـا مياد زرنا وزرتمولم ننفس الدنيا على من يصيبهاأيــذهب ميــادٌ بألبـاب نسـوتي ونســوة ميــادٍ صـحيحٌ قلوبهـاوهي قصة طريفة يمكن إخراجها في مسلسل من مسلسلات الباديةونقل أبو الفرج أخبار يزيد مع بني سدة عن راوية اسمه أبو عثمان سعيد بن طارق، ولم أعثر على ذكر له في غير هذه الصفحة من الأغاني.وانظر في هذه الموسوعة ديوان حكيم بن أبي الخلاف السدري
الفَرَزْدَقُ هُوَ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ المُجَاشِعِيُّ التَّمِيمِيُّ، لُقِّبَ بِالفَرَزْدَقِ لِجَهَامَةِ وَجْهِهِ وَغِلَظِهِ، وَهُوَ مِنْ اشْهَرِ الشُّعَرَاءِ الْأُمَوِيِّينَ، وَعَدَّهُ ابْنُ سَلَّامٍ مِنْ شُعَرَاءِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى الإِسْلَامِيِّينَ، وَكَانَ الفَرَزْدَقُ مِنْ بَيْتِ شَرَفٍ وَسِيَادَةٍ في قومِهِ فَكَانَ شَدِيد الفَخْرِ بِهُمْ وَكَانَ لِسَانَهُمْ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ وَالْوُلَاةِ، وَلَهُ مَعَ جَرِيرٍ وَالاخْطَلِ اهَاجٍ مَشْهُورَةٌ عُرِفَتْ بِالنَّقَائِضِ، وَكَانَ مُتَقَلِّبًا فِي وَلَائِهِ السِّيَاسِيِّ وتَعَرَّضَ لِلسّجْنِ وَالمُلَاحَقَةِ مِنْ قِبَلِ عَدَدٍ مِنْ الوُلَاةِ، وَقَدْ عُمِّرَ حَتَّى خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَاتَ سَنَةَ 110 لِلْهِجْرَةِ.
جَميلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، أَحَدُ بَنِي عُذْرَةٍ مِنْ قُضاعَةَ، كَانَتْ مَنازِلُهُمْ فِي وَادِي القُرَى قُرْبَ المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَجَميلٌ شاعِرٌ إِسْلاميٌّ فَصِيحٌ مُقَدَّمٌ، كَانَ راوِيَةَ هُدْبَةَ بْنِ الخَشْرَمِ، وَكَانَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ راوِيَةَ جَمِيلٍ، وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريِّينَ، وَمِن عُشّاقِ العَرَبِ الَّذِينَ تَيَّمَهُمْ الحُبُّ، وَصاحِبَتُهُ بُثَيْنَةُ هِيَ مِنْ بَناتِ قَوْمِهِ وَأَغْلَبُ شِعْرِهِ فِيهَا، وَلَمْ يَمْنَعْهُ زَواجُها بِغيرِهِ فَبَقِيَ يُلاحِقُها حَتَّى شَكَاه قَوْمُها إِلَى السُّلْطانِ فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى اليَمَنِ، وَبَعْدَهَا قَصَدَ مِصْرَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ فَأَكْرَمَهُ، فَأَقَامَ قَلِيلاً فِيها ثُمَّ مَاتَ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ حَوَالَيْ سَنَةِ 82 لِلْهِجْرَةِ.
مَجْنونُ لَيْلَى مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريينَ فِي العَصْرِ الأُمَويِّ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجودِهِ فَقِيلَ هوَ اسْمٌ مُسْتَعَارٌ لَا حَقيقَةَ لَهُ، وَتَعَدَّدَتْ الْآرَاءُ فِي اسْمِهِ كَذَلِكَ وَأَشْهَرُها أَنَّهُ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوَّحِ بْنُ مُزاحِمٍ، مِنْ بَني عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، لُقِّبَ بِمَجْنونِ بَني عامِرٍ، وَيَغْلُبُ عَلَيْهِ لَقَبُ مَجْنُونِ لَيْلَى، ولَيلَى هي محبوبتُهُ اَلَّتِي عَشِقَها وَرَفْضَ أَهْلُها تَزْويجَها لَهُ، فَهَامَ عَلَى وَجْهِهِ يُنْشِدُ الأَشْعارَ وَيَأْنَسُ بِالْوُحُوشِ، فَكانَ يُرَى فِي نَجْدٍ وَحِيناً فِي الحِجَازِ حِيناً فِي الشّامِ، إِلَى أَنْ وُجِدَ مُلْقىً بَيْنَ أَحْجارِ إِحْدَى الأَوْدِيَةِ وَهُوَ مَيِّتٌ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.
قيسُ بنُ ذَرِيح الليثيِّ، مِنْ بَنِي عبدِ مَناةَ بنِ كِنانةَ، شاعِرٌ مِنْ عُشّاقِ العَرَبِ المَشهورِينَ، وصاحِبَتُهُ لُبْنَى بنتُ الحُبابِ الكَعْبِيَّةِ الَتِي اشْتُهِرَ بِها، كانَ مِنْ سُكّانِ المَدِينةِ، وَقيلَ هُوَ رَضِيعُ الْحُسينِ بنِ عليِّ بنِ أَبِي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُما أَرْضَعَتْهُ أُمُّ قَيسٍ. وقَدْ تَزَوَّجَ قَيسٌ مِنْ لُبْنَى بَعْدَ أَنْ عَشِقَها ثُمَّ طَلَقَها بعدَ أنْ أَجْبَرَهُ أَهْلُهُ عَلَى طَلاقِها، فَنَدِمَ عَلَى ذَلكَ وساءَتْ حَالُهُ وَلَهُ مَعها قِصَصٌ وأَخْبَارٌ عَدِيدَةٌ، وَشِعْرُهُ عالِي الطّبقَةِ فِي التَشْبِيبِ وَوَصْف الشّوقِ والْحَنِينِ، تُوفِّيَ نَحوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.
ذُو الرُّمَّةِ هُوَ غَيلانُ بنُ عُقْبَةَ العَدَوِيِّ، وُلِدَ فِي بادِيةِ نَجْدٍ وكانَ يَحْضُرُ إِلى اليَمامَةِ والبَصْرَةِ. كانَ شَدِيدَ القِصَرِ دَمِيماً يَضْرِبُ لَونُهُ إِلى السَّوادِ، وَهُوَ مِنْ فُحُولِ الشُّعراءِ فِي العَصْرِ الأُمَوِيِّ، عدَّهُ ابنُ سلَّامٍ فِي طَبقاتِهِ مِنْ شُعراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ الإِسْلامِيِّينَ، قالَ عَنْهُ أَبُو عَمْرِو بنُ العَلاءِ: فُتِحَ الشِّعرُ بامْرِئِ القَيسِ وخُتِمَ بِذِي الرُّمَّةِ. وقَدْ امْتازَ فِي شِعْرِهِ بِإِجادَةِ التَّشْبِيهِ، وَهُوَ مِنْ عُشَّاقِ العَرَبِ كانَ يُشبِّبُ بِمَيَّةَ المِنْقَرِيَّةِ واشْتُهِرَ بِها، تُوفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 117 لِلهجْرَةِ.
هُوَ عُمَرُ بنُ عَبدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغيرَةِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ عُمرَ بنِ مَخْزُومِ بنِ يقظةَ بنِ كِلابِ بنِ مُرَّةَ بنِ كعبِ بنِ لؤيِّ بنِ غالبِ بنِ فِهْرِ بنِ مالكِ بنِ النَّضرِ بنِ كِنانةَ بنِ خُزيمةَ بنِ مُدركةَ بنِ إِلياسَ بنِ مُضرَ بنِ نِزارِ بنِ مَعدِّ بنِ عدنانَ. ويكنى عمر أَبَا الْخطاب.
ويَنْتَمِي عُمرُ إِلى بَنِي مَخْزُومٍ وهُم بَطْنٌ مِنْ بُطونِ قُريشٍ، وَيَلْتَقِي فِي نَسَبِهِ مَعَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فِي جدِّهِ السّادسِ مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ، ويلتَقِي مَعَ خالِدِ بنِ الوَلِيدِ فِي جدِّهِ المُغيرَةُ بنُ عَبدِ اللهِ.
وَأبو عُمرَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة يُسمّى بَحِيرا فسَمَّاهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبدَ اللهِ، وكانَ عبدُ اللهِ مِن شُرفاءِ قَومهِ وساداتِهِم، وكانتْ قريشٌ تلقِّبُهُ العِدلَ، لأنّ قريشاً كانتْ تَكْسُو الكعبةَ فِي الجاهِليَّةِ بأَجْمَعِها مِنْ أَموالِها سنةً، ويَكْسُوها هُوَ مِنْ مالِهِ سَنَةً، فَأَرادُوا بِذلكَ أَنَّهُ وحْدَهُ عِدْلٌ لَهُم جميعاً فِي ذلكَ، وقدْ اسْتعملَهُ الرّسولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على بَعْضِ مناطِقِ اليمنِ وظلَّ فِيها حتَّى قُتِل عُمرُ بنُ الخطّابِ رضيَ اللهُ عنهُ. وَجَدُّ عُمرَ أَبُو رَبيعةَ اسْمُهُ حُذيفَةُ وكانَ يُلقَّبُ بِذِي الرُّمْحَيْنِ لِطُولِهِ كانَ يُقالُ: كأَنّهُ يَمشِي عَلى رُمحَينِ، وقِيلَ إِنَّهُ قاتَلَ يَومَ عُكاظٍ بِرُمْحَينِ. وأَبو جَهْلٍ بنُ هِشامٍ بن المُغيرَةِ ابنُ عمِّ أَبيهِ، وأُمُّ عمرَ بنِ الخطّابِ حنتمةُ بنتُ هاشِم ِبنِ المُغيرَةِ ابنةُ عمِّ أَبيهِ.
وأُمُّ عُمرَ بنِ أبِي رَبيعةَ أُمُّ وَلَدٍ يُقالُ لَها مجد، سُبيتْ مِن حَضْرَمَوت، ومِنْ إِخوانِهِ الحارِثُ وعبدُ الرَّحمنِ، وكانَ لِعُمرَ ولدٌ يُقالُ لَهُ جَوان، وفيهِ يَقُولُ العَرجيُّ:
شَهِيدِي جَوانٌ عَلى حُبِّها أَلَيْسَ بِعَدْلٍ عَلَيها جَوانُ
ولهُ بنتٌ اسْمُها أَمَةُ الواحِدِ وكانتْ مُسترضَعَةً فِي هُذيلٍ، وفِيها يَقولُ عُمرُ وقدْ خَرَجَ يَطْلُبهُا فَضلَّ الطَّريقَ:
لَمْ تَدْرِ وَلْيَغْفِرْ لَها رَبُّها ما جَشَّمَتْنا أَمَةُ الواحِدِ
وُلِدَ عُمَرُ بنُ أَبِي رَبيعةَ -كما وَرَدَ فِي أغلبِ المَصادِرِ- فِي اللَّيلَةِ الَّتِي ماتَ فِيها عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَحِمهُ اللهُ (أَيْ فِي سَنَةِ 23 لِلْهِجْرَةِ) فَسُمِّيَ باسْمِهِ، وَوَرَدَ أنَّ ابنَ عباسٍ (وقيلَ غيرُهُ) قالَ فِي ذلِكَ: أَيُّ حَقٍّ رُفِعَ، وأَيُّ باطِلٍ وُضِعَ. وقد نَشأَ عُمرُ فِي أُسْرَةٍ ثَرَيَّةٍ فَأَبُوهُ عبدُ اللهِ كانَ تاجِراً مُوسِراً، وكانَ متجرُهُ إِلى اليَمنِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِهِم مالَاً.
وَقَدْ تَوَزَّعَتْ حَياةُ عُمَرَ عَلَى جَانِبَيْنِ: اللَّهْوُ وَالتَّنَسُّكُ، ذَكَرَ أَبُو الفَرَجِ فِي (الأَغاني) أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي رَبيعَةَ عَاشَ ثَمَانِينَ سَنَةً، فَتَكَ مِنْهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَنَسكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَدْ تَمَيَّزَ عُمَرُ بِنُبوغِهِ الشِّعْريِّ الَّذِي جَعَلَ لَهُ مَكانَةً مَرْموقَةً بَيْنَ شُعَراءِ زَمَنِهِ، فقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ واحِدٍ مِنْ الشُّعَراءِ المَشْهُورِينَ فِي زَمَانِهِ، وَقَدَّمَهُ عَدَدٌ مِنْ النُّقّادِ وَالرُّواةِ، وَمِمَّا يُشارُ إِلَيْهُ أَنَّ العَرَبَ كَانَتْ تُقِرُّ لِقُرَيْشٍ بِالتَّقَدُّمِ فِي كُلِّ شَيْءٍ عَلَيْها إِلَّا فِي الشِّعْرِ، فَإِنَّهَا كَانَتْ لَا تُقِرُّ لَهَا بِهِ، حَتَّى كَانَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبيعَةَ، فَأَقَرَّتْ لَهَا الشُّعَراءُ بِالشِّعْرِ أَيْضاً وَلَمْ تُنازِعْها شَيْئاً.
وَكَانَ عُمَرُ مُقَدَّمًا فِي شِعْرِهِ حَتَّى عِنْدَ ذَوِي المَكانَةِ كَابْنِ عَبَّاسٍ اَلَّذِي كَانَ يَسْتَنْشَدِهُ وَيَحْفَظُ شِعْرَهُ كَمَا وَرَدَ فِي قِصَّتِهِ حِينَ اسْتَنْشَدَهُ وَعِنْدَهُ وَفْدُ الأَزارِقَةِ فَأَنْشَدَهُ عمرُ قَصيدَتَهُ الرَّائِيَةَ (أَمِنْ آلِ نُعْمٍ أَنْتَ غَادٍ فَمُبْكِرُ / غَدَاةَ غَدٍ أَمْ رائِحٌ فَمُهَجَّرُ) فَحِفَظَها.
واشْتُهِرَ عُمَرُ بِغَزَلِهِ الرَّقيقِ وَبِالتَّشْبيبِ بِالنِّسَاءِ وَقَصَرَ شِعْرَهُ عَلَى ذَلِكَ، فلَمْ يَتَكَسَّبْ بِشِعْرِهِ، ذَكَرَ ابْنُ رَشيقٍ فِي (العُمْدَة) أَنَّ عُمَرَ كَانَ مِمَّنْ أَنِفَ عَنْ المَدْحِ تَظَرُّفاً، وَلَمْ يَتَكَسَّبْ بِشِعْرِهِ فَلَمْ يَمْدَحْ وَلَمْ يَهْجُ بِشِعْرِهِ، وَجَاءَ فِي (الأَغاني) أَنَّ سُلَيْمانَ بْنَ عَبْدِ المَلِكِ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ أَبِي رَبيعَةَ: مَا يَمْنَعُكَ مِنْ مَدْحِنا، قَالَ: إِنِّي لَا أَمْدَحُ الرِّجالَ، إِنَّمَا أَمْدَحُ النِّساءَ. وذكرَ ابنُ قتيبةَ أنَّ عُمرَ كانَ فاسِقاً، يَتَعرّضُ للنِّساءِ الحَواجِّ، في الطّوافِ وغَيرِه ِمِن مَشاعِرِ الحَجِّ، ويُشبِّبُ بهنَّ. وَكَانَ عمرُ يُشبِّبُ بِنساءِ الْأُمَرَاءِ وَسَيِّداتِ النِّسَاءِ وكَانَ رَقِيق الشِّعْرِ حَسَنَ الدِّيباجَةِ.
وَقَدْ تَعَدَّدَتِ النِّساءُ اَلْلَّوَاتِي تَغَزَّلَ بِهِنَّ عُمَرُ وَذَكَرَهُنَّ فِي شِعْرِهِ، وَقَدْ جَمَعَ أَبُو الفَرَجِ فِي (الأَغاني) أَغْلَبَ قَصَصِهِ مَعَ النِّساءِ اَلْلَّوَاتِي شَبَّبَ بِهِنَّ، وَأَشْهَرُهُنَّ كَلْثَمُ بِنْتُ سَعْدٍ المَخْزوميَّةُ وَقَدْ تَزَوَّجَها عُمَرُ وَأَنْجَبَتْ لَهُ ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا جَوانُ وَمَاتَتْ عِنْدَهُ، ومنهنَّ هِنْدُ بِنْتُ الحَارِثِ المُرِّيَّةُ، وَفاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَرْوانَ، وَأُمُّ مُحَمَّدٍ بِنْتُ مَرْوانَ بْنِ الحَكَمِ، وَعائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ، وَلُبابَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَحميدَةُ جاريَةُ ابْنِ ماجَةَ، وَالثُّرَيّا بِنْتُ عَليِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
وَيُذْكَرُ أَنَّ أَهْلَهُ قَدْ حَاوَلُوا أَنْ يَثْنُوهُ عَنْ قَوْلِ الشِّعْرِ، فَقَدْ جَاءَ فِي (الأَغاني) أَنَّ أَخَاه الحَارِثَ نَهَاه عَنْ قَوْلِ الشِّعْرِ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ، فَأَعْطَاهُ أَلْفَ دِينَارٍ عَلَى أَلّا يَقُولَ شِعْراً، فَأَخَذَ الْمَالَ وَخَرَجَ إِلَى أَخْوالِهِ بِلَحْج وَأَبْيَنَ مَخافَةَ أَنْ يُهَيِّجَهُ مُقامُهُ بِمَكَّةَ عَلَى قَوْلِ الشِّعْرِ، فَطَرَّبَ يَوْماً فَقَالَ:
هَيْهَــاتَ مِــنْ أَمَـةِ الوَهَّابِ مَنْزِلُنَا إِذَا حَلَلْنَــا بِسـِيفِ البَحْـرِ مِنْ عَدَنِ
وَاحَتَـلَّ أَهْلُـكِ أَجْيَـاداً فَلَيْـسَ لَنَـا إِلَّا التَّـــذَكُّرُ أَوْ حَــظٌّ مِـنَ الحَـزَنِ
لَا دَارُكُــمْ دَارُنَـا يَا وَهْبَ إِنْ نَزَحَتْ نَـــوَاكِ عَنَّــا وَلَا أَوْطَـانُكُمْ وَطَنِـي
فَلَسْـــتُ أَمْلِـــكُ إِلَّا أَنْ أَقُـولَ إِذَا ذُكِــرْتِ لَا يُبْعِــدَنْكِ اللـهُ يَا سَكَنِي
وقِيلَ إِنَّ عُمَرَ بنَ عَبدِ العَزِيزِ حِينَ بَلَغَهُ أنَّ عُمرَ بنَ أَبِي رَبِيعَةَ يَتَعرّضُ للنِّساءِ الحَواجِّ، في الطّوافِ وغَيرِه ِمِن مَشاعِرِ الحَجِّ، ويُشبِّبُ بهنَّ، سَيَّرَهُ عُمرُ بنُ عَبدِ العَزيزِ إِلى الدُّهْلِكِ، وهي منطقة كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ يَنْفُونَ إِلَيْهَا مِنْ يَسْخَطُونَ عَلَيْهِ.
ثُمَّ إِنَّهُ تابَ فِي أواخِرِ أَيامِهِ وتَنَسَّكَ، وَرَدَ فِي (العقد الفريد) أَنَّهُ تَرَكَ الشِّعْرَ فِي أَواخِرِ حياتِهِ ونَذَرَ للهِ أنْ يُعتِقَ للهِ رَقَبةً لِكُلِّ بَيتٍ يَقُولُهُ.
تُوُفِّيَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبيعَةَ وَقَدْ قارَبَ السَّبْعِينَ أَوْ جَاوَزَهَا، وَقِيلَ عَاشَ ثَمَانِينَ سَنَةً، فَتَكَ مِنْهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَنَسكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. واخْتُلِفَ فِي سَبَبِ وَفاتِهِ فَقِيلَ إِنَّهُ غَزا فِي البَحْرِ فَأَحْرَقوا سَفينَتَهُ فَاحْتَرَقَ، وَيُرْوَى أَنَّهُ مَاتَ مِنْ مَرَضٍ أَلَمَّ بِهِ فَقَدْ جَاءَ فِي الأَغاني: وَلَمّا مَرضَ عُمَرُ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيه جَزِعَ أَخُوهُ الحَارِثُ جَزَعاً شَدِيداً، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَحْسِبُكُ إِنَّما تَجْزَعُ لِما تَظُنُّهُ بِي، واللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَنِّي رَكِبْتُ فاحِشَةً قَطُّ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُشْفِقُ عَلَيْكَ إِلَّا مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ سَلَّيْتَ عَنِّي.
وَكَانَتْ وَفاتُهُ حَوَالَيْ سَنَةِ 93 لِلْهِجْرَةِ.
يُعدُّ عُمُر بنُ أَبي ربيعةَ شاعرَ قُريشٍ الأوَّلَ فِي زَمَنِهِ، وقدْ كانتْ العربُ تُقرُّ لِقُريشٍ بِالتّقدُّمِ فِي كلِّ شيءٍ عليها إِلَّا فِي الشّعرِ، فإِنّها كانتْ لا تُقرُّ لَها بِهِ، حتّى كانَ عُمرُ بنُ أبي رَبيعةَ، فأَقرَّتْ لها الشُّعراءُ بالشّعْرِ أَيضاً ولمْ تُنازِعُها شَيئاً. ووردَ فِي (الأَغاني) أنَّ الزُّبيرَ بنَ بَكّارٍ قالَ: أَدْركتُ مَشيخةً مِن قُريشٍ لا يَزِنُونَ بِعُمرَ بنِ أَبِي رَبِيعةَ شاعِراً مِنْ أَهْلِ دَهْرِهِ فِي النَّسِيبِ، ويَسْتَحْسِنُونَ مِنْهُ ما كانُوا يَسْتَقْبِحونَهُ مِنْ غَيرِهِ مِنْ مَدْحِ نَفْسِهِ، وَالتَّحَلِّي بِمَوَدَّتِهِ، والابْتِيارِ فِي شِعْرِهِ.
وردَ فِي (الشّعر والشُّعراء) أنَّ عُمرَ بنَ أَبي ربيعةَ وجميلاً الْتَقَيا، فَتناشَدا، فَأَنْشَدَهُ عُمرُ:
فَلَمَّــا تَوَاقَفْنَــا عَرَفْـتُ الّـذِي بِهَا كَمِثْـلِ الَّـذِي بِي حَذْوَكَ النَّعْلَ بِالنَّعْلِ
فَقَــالَتْ وَأَرْخَــتْ جَـانِبَ السِّتْرِ إِنَّمَا مَعِــي فَتَحَــدَّثْ غَيْـرَ ذِي رِقْبَـةٍ أَهْلِي
فَقُلْــتُ لَهَــا مَـا بِـي لَهُمْ مِنْ تَرَقُّبٍ وَلَكِـــنَّ سـِرِّي لَيْــسَ يَحْمِلُــهُ مِثْلِـي
فاسْتَخْذَى جَميلٌ وصاحَ: هذا واللهِ ما أَرادَتْهُ الشُّعراءُ فأَخْطأتْهُ وتعلَّلَتْ بِوَصْفِ الدِّيارِ.
كانَ عُمرُ مِمَّنْ أَنِفَ عَنِ المدحِ تَظرُّفاً كما ذكرَ ابنُ رَشِيقٍ فِي (العُمدة)، ولَمْ يَتَكَسّبْ بِشِعرِهِ فَلَمْ يَمْدَحْ ولمْ يَهجُ بِشعرِهِ. وَوردَ فِي (الأَغانِي) أنَّ سُلَيمانَ بنَ عَبدِ المَلكِ قالَ لِعُمرَ بنِ أبِي رَبيعةَ: ما يَمْنَعُكَ مِنْ مَدْحِنا؟ قالَ: إِنِّي لا أَمْدَحُ الرِّجالَ، إِنَّما أَمْدَحُ النِّساءَ.
أشَارَ عددٌ مِنَ الشُّعراءِ إِلى مَكانَةِ عُمرَ بنِ أَبِي ربيعةَ الشِّعريَّةِ وقدّمهُ عددٌ مِنَ النّقادِ والرُّواةِ، مِنْ ذلكَ ما وردَ فِي (الأَغانِي) أنّ الفرزْدَقَ سَمِعَ شيئاً مِن نَسيبِ عُمرَ فقالَ: هذا الّذِي كانَتْ الشُّعراءُ تَطْلُبُهُ فأَخْطَأَتْهُ وبَكَتْ الدِّيارَ. وقالَ عَنْه الشّاعِرُ نُصيبٌ: لَعُمرُ بنُ أَبِي رَبيعةَ أَوصَفُنا لِرَبّاتِ الحِجالِ. وَوَردَ فِي (العقد الفريد): كانَ الأَصمَعِيُّ يقولُ فِي شِعرِهِ الفُستُقُ المُقشَّرُ الّذي لا يُشبَعُ مِنْهُ. وكانَ جَريرٌ يَستَبْرِدُ شِعرَ عمرَ ويَقولُ: شِعرٌ حِجازِيٌّ لو اتّخِذَ فِي تَمّوزَ لَوُجدَ البَردُ فيهِ فلمّا أُنْشِدَ لَهُ:
فلمَّا تلاقَيْنا عَرَفْتُ الّذِي بِها كَمِثْلِ الّذِي حَذْوَكَ النَّعْل بالنّعلِ
قالَ: ما زالَ يَهْذِي حتَّى قالَ الشِّعرَ. وقالتْ العُلماءُ: ما عُصِيَ اللهُ بِشِعْرٍ ما عُصِيَ بِشِعْرِ عُمرَ بنِ أَبِي رَبيعةَ.
وذَكَرَ ابنُ رَشيقٍ في (العُمدة) أنَّ الأَصمعيَّ رَوى عَنْ أَبِي عَمْرٍو بنِ العَلاءِ أنَّهُ قالَ: أَغْزَلُ بيتٍ قالتْهُ العَرَبُ قَولُ عُمرَ بنِ أَبِي ربيعةَ: (فَتَضاحَكْنَ وقدْ قُلْنَ لَها حَسَنٌ فِي كُلِّ عَينٍ مَنْ تَوَدْ).
" وكانَ عُمرُ فاسِقاً، يَتَعرّضُ للنِّساءِ الحَواجِّ، في الطّوافِ وغَيرِه ِمِن مَشاعِرِ الحَجِّ، ويُشبِّبُ بهنَّ، فَسَيَّرَهُ عُمرُ بنُ عَبدِ العَزيزِ إِلى الدُّهْلِكِ، ثُمَّ خُتِمَ لَهُ بِالشَّهادَةِ. قالَ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: فازَ عُمَرُ بنُ أَبِى رَبِيعَةَ بِالدُّنْيا والآخِرَةِ. غَزا في البَحْرِ فَأَحرَقُوا سَفِينَتَهُ، فاحْتَرَقَ"
(ابْنُ قُتَيْبَةَ/ الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ).
(ابنُ أبي عتيقٍ/ورد في الأغاني)
(جرير/ ورد في العقد الفريد).
(نُصيبٌ/ ورد في الأغاني)
(أبو الفرج الأصبهاني/ الأغاني)