
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
كُثيِّرُ بنُ عَبدِ الرّحمنِ الخُزاعِيُّ، اشْتُهِرَ بِكُثَيِّرِ عَزَّةَ وَهِي مَحْبُوبَتُهُ وغالِبُ شِعْرِهِ تَشبِيبٌ بِهَا، وَيُقالُ لَهُ ابنُ أَبِي جُمُعَةَ نسبة لجدِّه لِأُمِّهِ، وَكُثَيِّرُ عَزَّةَ شاعِرٌ مِنْ فُحولِ الشُّعراءِ المُقدَّمِينَ فِي الْعَصْرِ الأُمَوِيِّ، وَهُوَ مِنَ الشُّعراءِ المُتيَّمِينَ الْمَشْهُورِينَ، قالَ عَنْهُ المَرزُبانِيُّ: " كانَ شاعِرَ أَهلِ الحِجازِ فِي الإِسلامِ لَا يُقَدِّمُونَ عَليهِ أَحَداً"، وهوَ مِنْ أَهلِ الْمَدِينةِ المُنوَّرَةِ وَأَكْثَرُ إِقامَتِهِ بِمِصْرَ، وفدَ عَلى الْخُلفاءِ وَكانَ شاعِرَ بَنِي مَروانَ وخاصّاً بِعبدِ الْمَلِكِ وكانُوا يُعَظِّمُونَهُ وَيُكْرِمُونَهُ. وكانَ مُفْرِطَ الْقِصَرِ دَمِيماً، فِي نَفْسِهِ شَمَمٌ وَتَرَفُّعٌ، تُوفِيَ نَحْوَ سَنَةِ 105 لِلْهِجْرَةِ
الأَخْطَلُ هُوَ غِياثُ بنُ غَوثٍ، مِن بَنِي تَغلبَ، شاعِرٌ مِنْ فُحولِ الشُّعراءِ الأُمويِّينَ، وقد اتُّفِقَ عَلى أنَّهُ والفرزدقَ وجريراً فِي الطَّبقةِ الأُولى مِنَ الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، نَشأَ في بادِيَةِ الجَزيرةِ الفُراتيَّةِ فِي العِراقِ، وظلَّ هُوَ وقومُهُ على النّصرانيَّةِ ولمْ يَدْخُلوا الإِسلامَ، وقد امْتازَ شِعرُهُ بِالصَّقلِ والتّشْذِيبِ مِن غَيرِ تَكَلُّفٍ، وَشُبِّهَ بِالنَّابِغَةِ الذُّبيانيِّ لِصِحَّةِ شِعرِهِ، وَكانَ الأخطلُ مُقرَّباً مِن خُلفاءِ بَنِي أُميَّةَ وأَكْثَرَ مِنْ مَدْحِهم وهجاءِ أعدائِهم، توفيَ فِي حُدودِ سَنَةِ 90 لِلْهِجْرَةِ.
عُبَيد بن حُصين بن معاوية بن جندل، النميري، أبو جندل.من فحول الشعراء المحدثين، كان من جلّة قومه، ولقب بالراعي لكثرة وصفه الإبل وكان بنو نمير أهل بيتٍ وسؤدد.وقيل: كان راعَي إبلٍ من أهل بادية البصرة.عاصر جريراً والفرزدق وكان يفضّل الفرزدق فهجاه جرير هجاءاً مُرّاً وهو من أصحاب الملحمات.وسماه بعض الرواة حصين بن معاوية.
جريرُ بنُ عطيَّةَ الكَلبِيُّ اليَربُوعِيِّ التّميميُّ، ويُكَنَّى أَبا حَزْرَةَ، وهو شاعِرٌ أُمَوِي مُقدَّمٌ مُكثِرٌ مُجيدٌ، يُعدُّ فِي الطّبقةِ الأُولى مِن الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، وُلِدَ فِي اليَمامةِ ونَشأَ فِيها وانْتقلَ إِلى البَصرَةِ، واتَّصَلَ بِالخُلفاءِ الأُمَوِيِّينَ وَوُلاتِهِم، وكانَ يُهاجِي شُعراءَ زَمانِهِ ولمْ يَثبُتْ أَمامَهُ إِلَّا الفَرزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقد قَدَّمَهُ بعضُ النُّقادِ والرُّواةُ على الفَرزدقِ والأَخطَلِ وذُكِرَ أنَّ أَهلَ الْبَادِيَةِ وَالشُّعرَاءِ بِشِعْرِ جريرٍ أَعجَبُ، وأَنَّهُ يُحْسِنُ ضُروباً مِنَ الشِّعرِ لا يُحسِنُها الفَرَزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقدْ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ 110 لِلهِجْرَةِ.
عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك، من بني عامر بن لؤي، ابن قيس الرقيات.شاعر قريش في العصر الأموي. كان مقيماً في المدينة.خرج مع مصعب بن الزبير على عبد الملك بن مروان، ثم انصرف إلى الكوفة بعد مقتل ابني الزبير (مصعب وعبد الله) فأقام سنة وقصد الشام فلجأ إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فسأل عبد الملك في أمره، فأمّنه، فأقام إلى أن توفي.أكثر شعره الغزل والنسيب، وله مدح وفخر. ولقب بابن قيس الرقيات لأنه كان يتغزل بثلاث نسوة، اسم كل واحدة منهن رقية
وجمع أبو الفرج الأصفهاني أخباره في ذيل بيتين هما من الأصوات المائة المختارة قال:صوت من المائة المختارة من رواية جحظة عن أصحابهأمسـى الشـباب مودعـاً محمـودا والشـيب مؤتنـف المحـل جديـداوتغيـر الـبيض الأوانـس بعدما حملتهــن مواثقــاً وعهــوداثم نسب الغناء وساق نسب يزيد وأخباره قال: وكان يلقب مودقاً، سمي بذلك لحسن وجهه وحسن شعره وحلاوة حديثه، فكانوا يقولون: إنه إذا جلس بين النساء ودقهن.وأول أخباره تولعه بفتاة من بني جرم تسمى وحشية، انظر قصتها معه في صفحة البيتين:فـإن شـئت يـا مياد زرنا وزرتمولم ننفس الدنيا على من يصيبهاأيــذهب ميــادٌ بألبـاب نسـوتي ونســوة ميــادٍ صـحيحٌ قلوبهـاوهي قصة طريفة يمكن إخراجها في مسلسل من مسلسلات الباديةونقل أبو الفرج أخبار يزيد مع بني سدة عن راوية اسمه أبو عثمان سعيد بن طارق، ولم أعثر على ذكر له في غير هذه الصفحة من الأغاني.وانظر في هذه الموسوعة ديوان حكيم بن أبي الخلاف السدري
عُمَرُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ أَبِي رَبِيعةَ، مِنْ بَنِي مَخزُومٍ إِحدَى بُطونِ قَبيلَةِ قُريشٍ، يُكنّى أَبا الخَطَّابِ، وُلِدَ فِي اللَّيلَةِ الّتِي تُوفِّيَ فِيها عُمرُ بنُ الخطّابِ رضيَ الله عنهُ فَسُمِّيَ باسْمِهِ، وهُوَ أَشْهَرُ شُعراءِ عَصْرِهِ فِي الغَزَلِ والنَّسِيبِ، وهُوَ مَنْ جَعلَ العَرَبَ تُقرُّ لِقُرَيشٍ بِالشِّعْرِ ولا تُنازِعُها فِيهِ، وجُلُّ شِعرِهِ فِي الغَزَلِ والتّشبيبِ بِالنِّساءِ، وقدْ نفاهُ عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ إلى دُهلك حينَ رُفِعَ إليهِ أَنَّهُ يَتَعرَّضُ لِلنّساءِ الحَواجِّ ويُشبِّبُ بِهِنَّ، وقدْ عاشَ ثَمانينَ سنةً، فَتكَ مِنْها أَربَعِينَ سَنَةً، ونَسكَ أَرْبَعِينَ سنةً، فَقدْ تابَ وترَكَ قَولَ الشِّعرِ، ثُمّ غَزا فِي البَحرِ فاحْتَرَقَتْ السَّفينةُ بِهِ وبِمَنْ مَعَهُ، فَماتَ فِيها غَرقاً. وكانَتْ وفَاتُهُ حَوالَي سَنةِ 93 لِلْهِجْرَةِ.
الفَرَزْدَقُ هُوَ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ المُجَاشِعِيُّ التَّمِيمِيُّ، لُقِّبَ بِالفَرَزْدَقِ لِجَهَامَةِ وَجْهِهِ وَغِلَظِهِ، وَهُوَ مِنْ اشْهَرِ الشُّعَرَاءِ الْأُمَوِيِّينَ، وَعَدَّهُ ابْنُ سَلَّامٍ مِنْ شُعَرَاءِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى الإِسْلَامِيِّينَ، وَكَانَ الفَرَزْدَقُ مِنْ بَيْتِ شَرَفٍ وَسِيَادَةٍ في قومِهِ فَكَانَ شَدِيد الفَخْرِ بِهُمْ وَكَانَ لِسَانَهُمْ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ وَالْوُلَاةِ، وَلَهُ مَعَ جَرِيرٍ وَالاخْطَلِ اهَاجٍ مَشْهُورَةٌ عُرِفَتْ بِالنَّقَائِضِ، وَكَانَ مُتَقَلِّبًا فِي وَلَائِهِ السِّيَاسِيِّ وتَعَرَّضَ لِلسّجْنِ وَالمُلَاحَقَةِ مِنْ قِبَلِ عَدَدٍ مِنْ الوُلَاةِ، وَقَدْ عُمِّرَ حَتَّى خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَاتَ سَنَةَ 110 لِلْهِجْرَةِ.
جَميلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، أَحَدُ بَنِي عُذْرَةٍ مِنْ قُضاعَةَ، كَانَتْ مَنازِلُهُمْ فِي وَادِي القُرَى قُرْبَ المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَجَميلٌ شاعِرٌ إِسْلاميٌّ فَصِيحٌ مُقَدَّمٌ، كَانَ راوِيَةَ هُدْبَةَ بْنِ الخَشْرَمِ، وَكَانَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ راوِيَةَ جَمِيلٍ، وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريِّينَ، وَمِن عُشّاقِ العَرَبِ الَّذِينَ تَيَّمَهُمْ الحُبُّ، وَصاحِبَتُهُ بُثَيْنَةُ هِيَ مِنْ بَناتِ قَوْمِهِ وَأَغْلَبُ شِعْرِهِ فِيهَا، وَلَمْ يَمْنَعْهُ زَواجُها بِغيرِهِ فَبَقِيَ يُلاحِقُها حَتَّى شَكَاه قَوْمُها إِلَى السُّلْطانِ فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى اليَمَنِ، وَبَعْدَهَا قَصَدَ مِصْرَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ فَأَكْرَمَهُ، فَأَقَامَ قَلِيلاً فِيها ثُمَّ مَاتَ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ حَوَالَيْ سَنَةِ 82 لِلْهِجْرَةِ.
مَجْنونُ لَيْلَى مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريينَ فِي العَصْرِ الأُمَويِّ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجودِهِ فَقِيلَ هوَ اسْمٌ مُسْتَعَارٌ لَا حَقيقَةَ لَهُ، وَتَعَدَّدَتْ الْآرَاءُ فِي اسْمِهِ كَذَلِكَ وَأَشْهَرُها أَنَّهُ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوَّحِ بْنُ مُزاحِمٍ، مِنْ بَني عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، لُقِّبَ بِمَجْنونِ بَني عامِرٍ، وَيَغْلُبُ عَلَيْهِ لَقَبُ مَجْنُونِ لَيْلَى، ولَيلَى هي محبوبتُهُ اَلَّتِي عَشِقَها وَرَفْضَ أَهْلُها تَزْويجَها لَهُ، فَهَامَ عَلَى وَجْهِهِ يُنْشِدُ الأَشْعارَ وَيَأْنَسُ بِالْوُحُوشِ، فَكانَ يُرَى فِي نَجْدٍ وَحِيناً فِي الحِجَازِ حِيناً فِي الشّامِ، إِلَى أَنْ وُجِدَ مُلْقىً بَيْنَ أَحْجارِ إِحْدَى الأَوْدِيَةِ وَهُوَ مَيِّتٌ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.
قيسُ بنُ ذَرِيح الليثيِّ، مِنْ بَنِي عبدِ مَناةَ بنِ كِنانةَ، شاعِرٌ مِنْ عُشّاقِ العَرَبِ المَشهورِينَ، وصاحِبَتُهُ لُبْنَى بنتُ الحُبابِ الكَعْبِيَّةِ الَتِي اشْتُهِرَ بِها، كانَ مِنْ سُكّانِ المَدِينةِ، وَقيلَ هُوَ رَضِيعُ الْحُسينِ بنِ عليِّ بنِ أَبِي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُما أَرْضَعَتْهُ أُمُّ قَيسٍ. وقَدْ تَزَوَّجَ قَيسٌ مِنْ لُبْنَى بَعْدَ أَنْ عَشِقَها ثُمَّ طَلَقَها بعدَ أنْ أَجْبَرَهُ أَهْلُهُ عَلَى طَلاقِها، فَنَدِمَ عَلَى ذَلكَ وساءَتْ حَالُهُ وَلَهُ مَعها قِصَصٌ وأَخْبَارٌ عَدِيدَةٌ، وَشِعْرُهُ عالِي الطّبقَةِ فِي التَشْبِيبِ وَوَصْف الشّوقِ والْحَنِينِ، تُوفِّيَ نَحوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.
هُوَ أَبُو صَخْرٍ كُثَيِّرُ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ الأَسْوَدِ بنِ عامِرِ بنِ عُوَيمِرِ بنِ مَخْلَدِ بنِ سَعِيدِ بنِ سبيعِ بنِ جِعْثِمةَ بنِ سَعدِ بنِ مُليحِ بنِ عَمْرِو (وهوَ خُزاعةُ) بنِ رَبيعةَ وهو يَحيى بنِ حارثةَ بنِ عَمرِو (وهو مُزَيْقِيا) بنِ عامِرِ (وهوَ ماءُ السَّماءِ) بنِ حارِثَةَ الْغِطْرِيفِ بنِ امْرِئِ الْقَيسِ الْبِطْرِيقِ بنِ ثَعلبَةَ الْبُهلولِ بنِ مازنَ بنِ الْأَزْدِ (وهُوَ دِرْء وقِيلَ دِراء ممدوداً) بنِ الْغَوثِ بنِ نَبتِ بنِ مالِكِ بنِ زَيدِ بنِ كَهلانَ بنِ سَبَأِ بنِ يَشْجُبَ بنِ يَعرُبَ بنِ قَحْطانَ.
وَوَردَ فِي (الأَغانِي) أنَّ كُثَيِّراً كانَ يَدَّعِي أَنَّ نَسبَهُ يَعودُ إِلى قُريشٍ، وكانَ يُنشِدُ قَولَهُ:
أَلَيْــسَ أَبِـــي بِالصَّلْتِ أَمْ لَيْسَ أُسْـرَتِي لِكُــلِّ هِجَـانٍ مِـنْ بَنِـي النَّضْـرِ أَزْهَـرَا
لَبِسْــنَا ثِيَـابَ العَصْـبِ فَـاخْتَلَطَ السَّدَى بِنَــــا وَبِهِـــمْ وَالحَضْــرَمِيَّ المُخَصَّرَا
إِذَا مَــا قَطَعْنَــا مِــنْ قُرَيْـشٍ قَرَابَـةً بِـــأَيِّ نِجَـــادٍ تَحْمِــلُ السَّيْفَ مَيْسَـرَا
فأَمَرَهُ عَبدُ المَلِكِ بنُ مَروانَ أَنْ يُنْشِدَ هذهِ الأَبْياتَ عَلى مِنْبَرَيْ الكُوفةِ والبَصْرَةِ، فَكَذَّبَهُ النّاسُ ومِنَ الّذينَ رَدُّوا عَليهِ الأَحوصُ حيثُ يَقولُ فِيهِ:
لَعَمْـرِي لَقَدْ جاءَ الْعِرَاقَ كُثَيِّرٌ=بِأُحْدُوثَـةٍ مِـنْ وَحْيِـهِ المُتَكذِّبِ
وَأُمُّ كثيّرٍ هِيَ جُمُعةُ بِنتُ الأَشْيَمِ بنِ خَالِدِ بنِ عُبيدِ بنِ مُبَشِّرِ بنِ رِياحِ بنِ سيالَةَ بنِ عَامِرِ بنِ جِعْثِمَةَ بنِ كَعبِ بنِ عَمرِو بنِ رَبيعةَ بنِ حارِثَةَ بنِ عَمْرِو بنِ عامِرٍ، وكانَتْ كُنيةُ الأَشيمِ جدِّهِ أَبِي أُمِّهِ أَبا جُمُعةَ، ولِذلكَ كانَ يُقالُ لِكُثَيِّرٍ ابنُ أَبِي جُمُعةَ.
وكانَ لَهُ ابنٌ يُقالُ لَهُ ثوابٌ مِنْ أَشْعَرِ أَهْلِ زَمانِهِ، ماتَ سَنَةَ إِحدى وأَربعينَ ومِئةٍ ولا وَلَدَ لَهُ. ولَيسَ لكثيرٍ وَلَدٌ إِلّا مِنْ بِنتِهِ لَيلَى، ولِليلى بِنتُهُ ابنٌ يُكنّى أَبا سَلَمةَ وهو شاعِرٌ.
لَمْ يَرِدْ تَارِيخٌ مُحَدَّدٌ لِوِلادَةِ كُثَيِّرٍ، لكِنَّ المَرْزُبانيَّ فِي (مُعْجَمِ الشُّعَراءِ) ذَكَرَ أَنَّ كُثَيِّراً حِينَ مَاتَ كَانَ قَدْ جاوَزَ الثَّمَانِينَ بِسَنَةٍ أَو اثْنَتَيْنِ، وَبِذَلِكَ تَكونُ وِلادَتُهُ فِي حُدودِ سَنَةَ 23 أَوْ 24 لِلْهِجْرَةِ، وَقَدْ وُلِدَ فِي قَرْيَةٍ بَيْنَ مَكَّةَ والْمَدينَةِ، وَنَشَأَ كُثَيِّرٌ يَتِيماً فَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُوه وَهُوَ صَغيرٌ وَكِفْلَهُ عَمُّهُ وأحسّنَ معاملتَهُ، وَيُذْكَرُ أَنَّ عَمَّهَ اشْتَرَى لَكُثَيِرٍ قَطيعاً مِنْ الإِبِلِ فَنَزَلَ بِهِ مَكَاناً لِقَومٍ ضَيَّقُوا عَلَيْهِ وَأَساءُوا جِوَارَهُ، فانْتَقَلَ عَنْهُمْ وَقَالَ:
أَبَــتْ إِبِلِـي مَـاءَ الـرِّدَاهِ وَشَفَّهَا بَنُـو العَمِّ يَحْمُونَ النَّضِيحَ المُبَرَّدَا
وَمَـــا يَمْنَعُـونَ المَـاءَ إِلَّا ضَنَانَةً بِأَصْــلَابِ عُسْـرَى شَوْكُهَا قَـدْ تَخَـدَّدَا
وَقِيلَ إِنَّ هَذِهِ الأَبْياتَ هِيَ أَوَّلُ شِعْرٍ قَالَهُ. وَيُورِدُ أَبُو الفَرَجِ فِي (الأَغاني) حَدِيثاً لِكُثَيّرٍ عَنْ بِدايَةِ قَوْلِهِ الشِّعْرِ، فَقَدْ قَالَ: مَا قُلتُ الشِّعْرَ حَتَّى قُوِّلتُهُ. قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: بَيْنا أَنَا يَوْماً نِصْفَ النَّهارِ أَسيرُ عَلَى بَعيرٍ لِي بالغَميمِ أَوْ بِقاعِ حَمْدانَ، إِذَا راكِبٌ قَدْ دَنَا مِنِّي حَتَّى صَارَ إِلَى جَنْبِي، فَتَأَمَّلْتُهُ فَإِذَا هوَ مِنْ صُفْرٍ وَهُوَ يَجُرُّ نَفْسَهُ فِي الأَرْضِ جَرّاً. فَقَالَ لِي: قُلْ الشِّعْرَ وَأَلْقَاه عَليَّ. قُلتُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا قَرينُكَ مِنْ الجِنِّ. فَقُلْتُ الشِّعْرَ.
وَقَدْ ارْتَبَطَ اسْمُ كُثَيِّرٍ بِاسْمِ مَحْبوبَتِهِ عَزَّةَ اَلَّتِي أَكْثَرَ مِنَ التَّشْبيبِ بِهَا فِي شِعْرِهِ، وَعَزَّةُ هِيَ بِنْتُ حُميلِ بْنِ وَقَّاصٍ مِنْ بَني ضَمْرَةَ، وَلَهُ مَعَهَا قِصَصٌ عَديدَةٌ مَبْثوثَةٌ فِي الْمَصادِرِ الأَدَبيَّةِ، لَكِنَّ بِدايَةَ تَعَلُّقِهِ بِهَا نَشَأَتْ حِينَ مَرَّ كُثَيِّرٌ بِنِسْوَةٍ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ وَمَعَهُ غَنَمٌ، فَأَرْسَلْنَ إِلَيْهِ عَزَّةَ وَهِيَ صَغِيرَةٌ، لِتَشْتَرِيَ مِنْهُ كَبْشاً عَلَى أَنْ يَمْهِلَهُنَّ بِثَمَنِهِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ فَأَعْطَاهَا كَبْشاً وَأَعْجَبَتْهُ. فَلَمَّا رَجَعَ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ بِدَراهِمِهِ، فَقَالَ: وَأَيْنَ الصَّبيَّةُ الَّتِي أَخَذَتْ مِنِّي اَلْكَبْشَ، قَالَتْ: وَمَا تَصْنَعُ بِهَا، هَذِهِ دَراهِمُكَ. قَالَ: لَا آخُذُ دَراهِمِي إِلَّا مِمَّنْ دَفَعتُ الْكَبْشَ إِلَيْهَا. وَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ:
قَضَــــى كُــلُّ ذِي دَيْــنٍ فَــوَفَّى غَرِيمَــهُ وَعَـــــزَّةُ مَمْطُـــولٌ مُعَنّـــىً غَرِيمُهَـــا
فَكَانَ هذا أَوَّلَ لِقَائِهِ إِيَّاهَا وتعلّقهِ بها.
وَقَدْ وَفَدَ كُثَيِّرٌ عَلَى الخَلَفاءِ في عصرِهِ وَمَدَحَهُمْ، وَكَانَ شاعرَ بَنِي مَرْوانَ، وَمقرّباً عِنْدَ عَبْدِ المَلِكِ اَلَّذِي كَانَ يُكْرِمُهُ وَلَهُ مَعَهُ أَخْبارٌ عديدةٌ، وَمَدَحُ كُثَيِّرٌ عَبْدَ العَزِيزِ بْنَ مَرْوانَ وَيَزيدَ بْنَ عَبْدِ المَلِكِ، وَمَدْحٍ أَيْضًا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ. وَرُغْمَ قُرْبِهِ مِنْ خُلَفاءِ بَني أُمَيَّةَ إِلَّا أَنَّ كُثيّراً كَانَ مُتَشيِّعاً يَتْبَعُ الكِيسانيَّةَ، وَكَانَ يَقُولُ بِالرَّجْعَةِ، وَفَى ذَلِكَ يَقُولُ:
أَلَا إِنَّ الأَئِمَّــةَ مِــنْ قُرَيْـشٍ وُلَاةَ الحَــقِّ أَرْبَعَــةٌ سَـوَاءُ
عَلِــيٌّ وَالثَّلَاثَـةُ مِـنْ بَنِيـهِ هُــمُ أَسْــبَاطُهُ وَالأَوْصِــيَاءُ
فَــأَنَّى فِـي وَصِـيَّتِهِ إِلَيْهِـمْ يَكُـونُ الشَّـكُّ مِنَّـا وَالمِرَاءُ
بِهِــمْ أَوْصَـاهُمُ وَدَعَـا إِلَيْهِ جَمِيعَ الخَلْقِ لَوْ سُمِعَ الدُّعَاءُ
فَسـَبْطٌ سـِبْطُ إِيمَــانٍ وحِلْـمٍ وَسِـــبْطٌ غَيَّبَتْـــهُ كَــرْبَلَاءُ
وَقَدْ وُصِفَ كُثَيِّرٌ بِالْحُمْقِ وَالْخَطَلِ، قَالَ الجاحِظُ فِي (البَيانِ والتَّبْيينِ): وَمَنَ الْحَمْقَى كُثَيِّرُ عَزَّةَ، وَمِنْ حُمْقِهِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ فَمَدَحَهُ بِمَديحٍ اسْتَجادَهُ، فَقَالَ لَهُ: سَلْني حَوائِجَكَ. قَالَ: تَجْعَلُنِي فِي مَكانِ ابْنِ رُمّانَةَ. قَالَ: وَيْلَكَ، ذَاكَ رَجُلٌ كاتِبٌ وَأَنْتَ شاعِرٌ، فَلَمَّا خَرَجَ وَلَمْ يَنَلْ شَيْئاً قَالَ فِي ذَلِكَ:
عَجِبْتَ لِأَخْذِي خُطَّةِ الغَيِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ مِنْ عَبْدِ العَزِيزِ قَبولَها فَإِنْ عَادَ لِي عَبْدُ العَزِيزِ بِمِثْلِهَا وَأَمْكَنَني مِنْهَا إِذَا لَا أُقيلَها
وَدَخَلَ مَرَّةً عَلَى يَزيدَ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ فَقَالَ: يَا أَميرَ المُؤْمِنِينَ، مَا يَعْنِي الشَّمّاخُ بْنُ ضِرارٍ بِقَوْلِهِ:
إِذا الأَرْطَى تَّوَسَّدَ أَبْرَدْيه خُدودُ جَوَازِئَ بِالرَّمَلِ عَيْنٌ
قَالَ يَزيدُ: وَمَا يَضُرُّ أَميرَ المُؤْمِنِينَ أَلَّا يَعْرِفَ مَا عَنَى هَذا الأَعْرابيُّ الجلفَ، فاسْتَحْمَقَهُ وَأَخْرَجَهُ.
وَقَدْ قَالَ عَنْهُ ابْنُ سَلامٍ فِي طَبَقاتِهِ: كَانَ فِيه مَعَ جَوْدَةِ شِعْرِهِ خَطَلٌ وَعُجْبٌ وَكَانَتْ لَهُ مَنْزِلَةٌ عِنْدَ قُرَيْشٍ وَقَدرٌ.
وَكَثيرٌ كَانَ دَميماً قَصِيراً، وَرَدَ فِي (الأَغانِي) أنّ رجلاً رَآهُ فِي الحَرَمِ فَقَالَ: رَأَيْتُ كُثَيّراً يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَمَن حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَزيدُ عَلَى ثَلاثَةِ أَشْبارٍ فَكَذِّبْهُ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ يَقُولُ: طَأْطِئْ رَأْسَكَ لَا يُصِبْهُ السَّقْفُ. وَقَدْ قَالَ لَهُ عَبْدُ المَلِكِ حِينَ رَآه أَوَّلَ مَرَّةٍ (تَسْمَعُ بِالْمُعَيدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ)، فَقَالَ كُثَيِّرٌ:
تَـرَى الرَّجُلَ النَّحِيفَ فَتَزْدَرِيهِ وَفِــي أَثْــوَابِهِ أَسـَدٌ مَزِيـرُ
وَيُــعْجِبُكَ الــطَّرِيرُ فَتَبْتَلِيهِ فَيُخْلِـفُ ظَنَّـكَ الرَّجُـلُ الطَّرِيرُ
فَــمَا عِظَمُ الرِّجَالِ لَهُمْ بِفَخْرٍ وَلَــكِنْ فَخْرُهُـمْ كَــرَمٌ وَخَيْـرُ
تُوُفِّيَ كُثَيِّرٌ سَنةَ 105 لِلهجرةِ فِي خِلافةِ هِشامِ بنِ عبدِ المَلِكِ، وَقد جاوَزَ الثَّمانِينَ مِن عُمرِهِ، وكانتْ وفاتُهُ فِي المَدِينِةِ المُنوَّرةِ، وذُكِرَ أنَّهُ تُوفِّيَ فِي الْيومِ الَّذي تُوفِّيَ فِيهِ عِكرمةُ مَولَى ابنِ عَبّاسٍ، فَقالتْ النَّاسُ: ماتَ الْيومَ أَفْقَهُ النّاسِ وَأَشْعَرُ النَّاسِ.
عَدَّهُ ابنُ سلّامٍ الجُمَحيُّ فِي (طبقات فحولِ الشُّعراءِ) مِنْ شُعراءِ الطَّبَقةِ الثّانِيَةِ الإِسلامِيِّينَ، وجَمَعَهُ معَ البُعَيثِ والْقُطاميِّ وَذِي الرُّمَّةِ، وأَشارَ ابْنُ سَلّامٍ إِلى أَنَّ أهل الحجاز يَعدُّونَهُ أَشْعرَ مِنْ كُلِّ مَنْ قَدَّمَهم ابن سلّامٍ عليهِ في طبقاتِهِ. وذكر أنّهُ شَاعِرٌ فَحلٌ وَلكِنَّهُ مَنْقُوصٌ حَظُّهُ بِالعِراقِ.
هوَ مِنَ الشُّعراءِ المُقدَّمِينَ الَّذينَ فَضَّلَهُم غَيرُ واحِدٍ مِنَ النّقادِ والرُّواةِ، وردَ فِي (طَبقات فُحولِ الشُّعراءِ) أنَّ ابْنَ أَبِي إِسْحَاقَ قالَ فِيهِ: كَانَ كُثيِّرٌ أَشْعَرَ أَهْلِ الْإِسْلَام. وأَثْنَى ابْنُ أَبِي حَفْصَةَ على مَذْهَبِهِ فِي الْمَدِيحِ وقال: كَانَ يَسْتَقْصِي المَدِيحَ. وَوردَ أنّ كثيّراً قَدِمَ عَلى عَبدِ الْمَلِكِ بنِ مَرْوَانَ الشَّامَ فَأَنْشَدَهُ والْأَخْطَلُ عِنْدَهُ فَقَالَ عَبدُ الْمَلِكِ كَيفَ تَرى يَا أَبَا مَالِكٍ قَالَ أَرَى شِعراً حِجازِيّاً مَقْرُوراً لَو ضَغَطَهُ بَرْدُ الشَّامِ لَاضْمَحَلَّ.
تَمَيَّزَ كُثيّرُ عَزَّةَ بِتَشبِيبِهِ بِعَزَّةَ، وكانَ راوِيَةً لِجَمِيلِ بنِ مَعْمَرٍ، ويَذكُرِ ابنُ سلّامٍ أنّ لِكُثَيّر فِي فُنونِ الشِّعْرِ مَا لَيْسَ لِجَمِيل وَكَانَ جَميل صَادِقَ الصّبابَةِ وَكَانَ كُثيّرٌ يَتقوّلُ وَلَمْ يَكُنْ عَاشِقاً.
ذَكَرَ ابنُ قُتيبةَ فِي (الشِّعر والشُّعراء) مُختاراتٍ لِكُثيّرِ عَزَّةَ مِمّا يُستجادُ لَهُ وَمِنْها قولُهُ:
أَغَاضـِرَ لَـوْ شَهِدْتِ غَدَاةَ بِنْتُمْ جُنُـوءَ العَـائِدَاتِ عَلَى وِسَادِي
أَوَيْـــتِ لِعَاشِقٍ لَـمْ تَشْـكُمِيهِ نَوَافِــذُهُ تَلَــذَّعُ بِالزِّنَــادِ
وأَشارَ إِلى بَعضِ ما يُتَمثَّلُ مِنْ شِعْرِهِ، مِنهُ قَولُهُ:
وَمَــنْ يَبْتَــدِعْ مَـا لَيْـسَ مِـنْ سـوسِ نَفْسِهِ يَـــدَعْهُ وَيغْلِبْــهُ عَلَــى النَّفْـسِ خِيمُهَـا
"وَهُوَ عِنْد أهلِ الْحِجازِ أَشْعرُ مِنْ كُلِّ مَنْ قَدَّمْنَا عَلَيْهِ"
وَكَانَ كُثيّرٌ شَاعِرَ أَهلِ الْحِجازِ وَإِنَّهُمْ لَيُقَدِّمُونَهُ عَلى بَعْضِ مَنْ قَدَّمْنا عَلَيْهِ وَهُوَ شَاعِرٌ فَحلٌ وَلكِنَّهُ مَنْقُوصٌ حَظُّهُ بِالعِراقِ"
(ابنُ سلّامٍ الجُمحيّ/ طبقات فحول الشّعراء).
(ابْنُ قُتَيْبَةَ/ الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ).
(أَبُو الفرج الأصفهانيّ/الأغاني).
(المَرزُبانيّ/ معجم الشُّعراء).