
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
معــرة الــبيت علـى الإنسـان
تطــرا بلا شــك مــن الإخـوان
فاصـغ إلـى قـول أخـي تجريـب
يأتــك بالشــرح علـى ترتيـب
جميـع مـا يحـدث فـي الدعوات
وكــل مــا فيهـا مـن الآفـات
فصـــاحب الــدعوة والمســره
لا بـــد أن يحتمــل المضــره
أولهـــا لا بــد مــن ثقيــل
يكرهــه القــوم وذي تطفيــل
صــاحبها إن قــدم الطعامــا
يحتــاج أن يحتمــل الملامــا
لــو أنــه ينــدس فـي حرمـه
لا بــد أن يشــرعوا فـي ذمـه
يقــول بعــض عــازه أبــزار
وبعضــهم حـافت عليـه النـار
وآخــر هــذا قليــل الملــح
يظهــر أنــي فطــن ذو نصــح
ينهــب مـا بيـن يـديه نهبـا
ويشـرب المـاء القراح العذبا
يــرى لـه فـي ذلـك انتفاعـاً
وبعــد ذلــك يطلـب الفقاعـا
بالثلـج في الصيف وفي الشتاء
يلتمــس النــار بلا اسـتحياء
وإن يعزهــــم أثـــر ذا خلال
قـد نسـلوا الحصر ولم يبالوا
وبعــد هــذا يحضــر النبيـذ
الطيـــب المنتخــب اللذيــذ
فواحـــد يقـــول هــذا خــل
وآخــــر ذا قـــافز معتـــل
وثــم مــن يســأل عـن راووق
يقــول لا بــد مــن التصـفيق
وعنــد هــذا تحضـر البـواطي
ويمـــزج النبيــذ باحتيــاط
فواحـــد يقــول هــذا صــرف
ويقلـــب المـــاء ولا يكـــف
وآخـــر يقـــول ذا ممعـــود
فـاجتنبوا المـاء ولا تعـودوا
والنقــل لا بـد مـع المشـموم
فغيـــر مهجـــو ولا مســـؤوم
فــذا لـه فـي نقلـه اختيـار
يروقــه الريحــان والخيــار
وذا يقــول الــورد والتفـاح
أحسـن مـا دارت عليـه الـراح
وإن خشـــيت حجــة المغــاني
وخــوفهم مــن ضـامن القيـان
عجــل وقشـقل لهـم الـدينارا
في الحال إن كنت تخاف العارا
وربمـا قـد حـان منهـم شـطحه
تعيــش إن تنعمــوا بالصـبحه
وإن دعـوت القـوم فـي كـانون
لا بــد مـن فحـم علـى كـانون
يطيـــر منــه أبــداً شــرار
يثبـت فـي البسـط لهـا آثـار
ويصــبح البسـاط بعـد الجـده
منقطعــاً كشـبه جلـد الفهـده
فضــلاً عـن الكبـاب والشـرائح
لكـــل غـــاد منهـــم ورائح
واعـزل لهم عند انقضاء البرد
مراوحـاً مـن بعـد مـاء الورد
وللنـــدامى أبـــداً فنـــون
يظهرهـــا الخمــر فتســتبين
منعمــاً جشــعاً لــه بالمضـغ
وليـس فيهـم مـن إليـه يصـغي
ويمســك الـدور وينسـى نفسـه
قــد غيـب الأدبـار عنـه حسـه
ومنهــم مــن يــزن الكلامــا
تراؤســـاً ويظهــر الإعظامــا
ومنهــم مــن يظهـر الوضـاعه
تعمــداً كــي تضـحك الجمـاعه
ومنهـــم مــن ســكره قبيــح
لا يأخـــذ الــدور ولا يــروح
وثــم مـن يـدخل وقـت السـكر
صــاح ويحصــي هفـوات الخمـر
ومنهــم مــن فـي يـديه خفـه
إذا رأى شــيئاً مليحــاً لفـه
منيـــدلا للكـــم أو ســكِّينة
أو طاسـة التكعيـب أو قنينـة
وبعضــــهم موكــــل بقلـــع
سلاســل تســيل فــوق الشــمع
يــوهم أن يكسـو بهـا فـتيله
وإنمـــا ذلــك منــه حيلــه
ولا تقـل فـي الغمـز والإيمـاء
إذا مضـى القـوم لـبيت الماء
فــإن لقـوا جاريـة أو عبـدا
قـد قرصـوا نهـداً وعضـوا خدا
وربمــــا تطـــرق الفســـاد
وكـان مـن عـرس الفتى انقياد
أو أختــه أو بنتـه أو ابنـه
لاســـيما إن راقهــم بحســنه
وعنــدها قــد تسـمح النفـوس
ويطمـــع النــديم والجليــس
فإنمـا الإنسـان مـن لحـم ودم
ليــس بصــخر جامــد ولا صـنم
وإن يكــن فيهــم أبـو تلـور
فغيـــر مـــأمون ولا معــذور
يأكــل مــا يلقـاه أكلاً لمـا
بلا اكـتراث أو يجيـد اللقمـا
لا يشـرب الـراح مـع النـدامى
لأنـــه لا يـــوثر المـــداما
وإن تقـــع عربـــدة هناكــا
فليــس يشــقى فيهــم سـواكا
تنكســر الأقــداح والقنــاني
وكلمـــا لاح مـــن الأوانـــي
وإن تــأدى الأمــر للجيــران
رمـــوه بــالزور والبهتــان
ثــم شــكوه عــاجلاً للشــحنة
وربمــا تمــت عليــه محنــة
ويربـح الإنسـان سـوء السـمعة
لا ســيما إن كـان ليـل جمعـة
وإن فشـــت بينهـــم جـــراح
فليــس يرجــى للفــتى صــلاح
وإن تـــردى بينهـــم قتيــل
فـــذاك شــيء أرشــه قليــل
وشــربهم إن كــان فـي عِلِّيـة
فــــإنه يقــــرّب المنيـــة
ولا تكــن تنسـى أذى النـدمان
والقيـء فوق البسط في الأحيان
وبعـــده يلتمـــس الطعامــا
ليوصــل الشـرب مـع النـداما
ولا الــذي يلقـى مـن النقـار
إذا انتبهـت وقـت كنـس الدار
مـن ربـة الـبيت إذا ما نامت
وخلفهـا الصـعب إذا مـا قامت
تــذكره عنــد طلــوع الشـمس
بكــل مــا دار لــه بــالأمس
هـذا إذا راحـوا فـإن أقاموا
واقتصـدوا الصـبوح ثـم ناموا
فكيــف ترجــو بعـد ذا فلاحـا
إذا بــدا الصـبح لهـا ولاحـا
لــوح علــى القـوم بخنـدريس
فــي أثــر الجـردق والـرؤوس
واسـتغن عـن بعـض أثاث الدار
إن صـار رهنـاً فـي يد الخمار
وإن تضــع بعــض نعــال يـوم
فليــس تخلـو عـاجلاً مـن لـوم
فــــوص أن يحفظهــــا الغلام
لكـــي يقـــل منهـــم الملام
ولا تبـــال ويــك بالخســارة
وأكـثر السـرج علـى المنـارة
ومــن أراد منهــم الرواحــا
فـــإنه يســـتلب المصــباحا
مستصــحباً فــي يــده قرابـة
مملــوءة يرضـى بهـا أصـحابه
ولا تفكــر فــي فـراغ الزيـت
فكــل هـذا مـن خـراب الـبيت
فصــاحب الــدعوة فـي خسـران
لاســـيما إن لُــز بــالميزان
وصــاحب الــوقت بغيــر شـرب
أحــق مخلــوق بصــقع الجـرب
يــدل مــا يلزمــه مـن غـرم
إن الفــتى لا شــك دقـن سـرم
وكــان مــن ذا كلــه غنيــاً
لــو كـان شـهماً فطنـاً ذكيـاً
معـــرة مــا مثلهــا معــرة
تنحـس مـن يُصـْلى بهـا في كرة
فالشـرب عنـدي في بيوت الناس
أحسـن مـن هـذا علـى القيـاس
وبعــد هــذا كلــه فالتوبـة
أوفـق مـا دارت عليـه النوبة
عبيد الله بن المظفر بن عبد الله الباهلي، أبو الحكم.أديب، عالم بالطب والهندسة والحكمة، له (ديوان شعر) جيد، يغلب عليه المجون، سماه (نهج الوضاعة لأولي الخلاعة) وذكر فيه جملة من شعراء كانوا في دمشق كطالب الصوري ونصر الهيتي وعرقلة، ورثى فيه أنواعاً من الدواب والأثاث وخلقاً من المغنين، وهو أندلسي الأصل، من أهل المرية، ولد باليمن، واشتهر ببغداد، وكان طبيب المارستان في معسكر السلطان السلجوقي، حيث حل وخيم، وتوفي في دمشق.