
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا معشـر البلغـاء هل من لوذعي
يهــدى حجــاه لمقصـد لـم يبـدع
إنــي هممــت بـأن أقـول قصـيدة
بكــراً فأعيــاني وجـود المطلـع
لكـم اليـد الطـولى علي إن انتمُ
ألفيتمـــوه ببقعـــةٍ أو موضــع
فاستعملوا النظر السديد ومن يجد
لــي مــا أحـاول منكـم فليصـدع
وحـذار من خلع العذار على الديا
ر ووقفــة الــزوّار بيـن الأربـع
وإفاضــة العـبرات فـي عرصـاتها
وتــردّد الزفــرات بيــن الأضـلع
ودعوا السوانح والبوارح واتركوا
ذكــر الحمامـة والغـراب الأبقـع
وبكـاء أصـحاب الهـوى يوم النوى
والقـــوم بيــن مــودع ومشــيّع
وتجنّبـوا حبـل الوصـال وغـادروا
نعـت الغـزال أخـي الـدلال الأنلع
وسرى الخيال على الكلال لراكب ال
شــملال بيــن النــازلين الهجّـع
ودعـوا الصـحاري والمهارى تغتلي
فيهـــا فتفتلهــا بفتــل الأذرع
وتواعــد الأحبـاب أحقـاف اللـوى
ليلا وتشــقيق الــردا والــبرقع
وتهــادي النســوان بالأصـلان فـي
الكثبـان مـن بيـن النقا والأجرع
والخيــل تمـوع فـي الأعنّـة شـزّب
كيمــا تفــزّع ربربـاً فـي بلقـع
والزهـر والـروض النضـير وعرفـهُ
والـبرق فـي غـرّ الغمـام الهمّـع
والقينـة الشـنبا تجـاذب مزهـرا
والقهــوة الصــهبا بكـأس مـترع
وتحــادث الســمار بالأخبـار مـن
أعصــار دولــة قيصــر أو تبّــع
وتناشـد الأشـعار بالأسـحار في ال
أقمـــار ليلــة عشــر والأربــع
وتـداعيَ الأبطـال فـي رهج القتال
إلــى النــزال بكـل لـدن مشـرع
وتطـارد الفرسـان بالقضـبان وال
خرصـــان بيـــن مجــرد ومقنّــع
وتـذاكر الخطبـاء والشـعراء لـل
أنســاب والأحســاب يـوم المجمـع
ومنـاقب العلمـاء والكرمـاء وال
صــلحاء أربــاب القلـوب الخشـّع
فجميـع هـذا قـد تـداوله الـورى
حـتى غـدا مـا فيـه موضـع إصـبع
مــن مــدّعى مــا قـاله أو مـدّع
والمــدّعي مــا قـال أيضـا مـدّع
واليــوم غمــا ســارق مســتوجب
قطــع اليميــن وحسـمها فليقطـع
أو غاصــب متجاســر لــم يثنــه
عــن همّــه حـد العـوالي الشـرّع
مهمــا رأى يومــا سـواما رتّعـا
شـنّ المغـار علـى السـوام الرتّع
فكـــأنّه فـــي عــدوه وعــدائه
فعـل السـليك وسـلمة بـن الأكـوع
والشـعر ليـس كمـا يقـول المدّعي
صــعب المقــادة مسـتدقّ المهيـع
كــم عــزّ مـن قـحّ بليـغ قبلنـا
أو مــن أديــب حــافظ كالأصـمعي
هـل غـادرت هـل غادر الشعراء في
بحــر القريـض لـوارد مـن مشـرع
والحـــول يمكثــه زهيــر حجّــة
أن القــوافي لســن طــوع الإمّـع
إن القريــض منزّلــة مــن رامـة
فهـو المكلّـف جمـع مـا لـم يجمع
إن يتبـع القـدما أعـاد حـديثهم
بعــد الفشـوّ وضـلّ إن لـم يتبـع
وتفــاوت الشــعراء أمــر بيّــن
يــدري الغــبيّ وضـوحه والألمعـي
مـا الشـاعر المطبـوع فيه سليقة
وجبلّــة مثــل الــذي لـم يطبـع
ومهـــذّب الأشــعار بــاد فضــله
عنـد السـماع علـى المغذّ المسرع
مـا الشـعر إلا مـا تناسـب حسـنهُ
فجــرى علــى منـوال نسـج مبـدع
لفــظ رقيــق ضــم معنـى رائقـا
للفهـم يـدنو وهـو نـائي المنزع
مزجــت برقّتـه الجزالـة يـا لـه
مـــن راح دن بــالفرات مشعشــع
فيكـــاد يـــدركه الــذكيّ حلاوة
وطلاوة بـــالقلب قبــل المســمع
تعـرو القلـوب لـه ارتياحـا هزّة
يسـخو الشـحيح بهـا لحسن الموقع
والشـــعر للتطريــب أول وضــعه
فلغيــر ذلــك قبلنـا لـم يوضـع
واليــوم صــار منكّــدا ووسـيلةٌ
قـد كـان مقصـدها انتفى لم تشرع
وإليــه ترتــاح النفــوس غلُبّـة
فيميلهــا طبعــا بغيــر تطبّــع
ينســــاغ للأذهـــان أول مـــرّة
ويزيـد حسـنا ثانيـا فـي المرجع
فيخـال سـبق السـمع من لم يستمع
ويعــود ســامعه كـأن لـم يسـمع
كـالروض يغـدو السرح فيه وينثني
عنــد الــرواح كـأنّه لـم يرتـع
وإذا عرفــت لــه بنفسـك موقعـا
تختــاره يهــدى لــذاك الموقـع
مــن كــان مسـطاعا لـه فليـأته
وليقــن راحتـه امـرؤٌ لـم يسـطع
والجـلّ مـن شـعراء أهـل زماننـا
مـا إن أرى فـي ذا لـه مـن مطمع
سيدي محمد بن الشيخ سيديا الأبييري.علامة أريب، ولغوي أديب، وشيخ تصوف، كان شاعراً مجيداً، من خيرة شعراء البلاد. نشأ في نعمة عظيمة، وكلاءة جسيمة، ولما ميز بين الحي واللي، وفرق بين النشر والطي، استجلب له أبوه المؤدبين والمتأدبين، وكان يعلمه الكرم كما يعلمه العلوم، ويدقق في محاسبته على ما يبدو منه في عنفوانه حتى سما ونبل، ولما مات والده الشيخ سيدي، جلس مكانه، فما تغير شيء مما كان يجريه أبوه على الناس، إلا أن مدته لم تطل، فإنه عاش بعده سنة واحدة.