
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَلَـم تَعلَمـي يـا فَـوزُ أَنّـي مُعَـذَّبُ
بِحُبِّكُــمُ وَالحَيــنُ لِلمَــرءِ يُجلَــبُ
وَقَــد كُنــتُ أَبكيكُـم بيَـثرِبَ مَـرَّةً
وَكـانَت مُنـى نَفسـي مِـنَ الأَرضِ يَثرِبُ
أُؤَمِّلُكُــم حَتّــى إِذا مــا رَجَعتُــمُ
أَتـــاني صـــُدودٌ مِنكُــمُ وَتَجَنُّــبُ
فَإِن ساءَكُم ما بي مِنَ الضُرِّ فَاِرحَموا
وَإِن ســَرَّكُم هَـذا العَـذابُ فَعَـذِّبوا
فَأَصـبَحتُ مِمّـا كـانَ بَينـي وَبَينَكُـمُ
أُحَــدِّثُ عَنكُــم مَــن لَقيـتُ فَيَعجَـبُ
وَقَـد قـالَ لـي نـاسٌ تَحمَّـل دَلالَهـا
فَكُــلُّ صــَديقٍ ســَوفَ يَرضـى وَيَغضـَبُ
وَإِنّــي لَأَقلـى بَـذلَ غَيـرِكِ فَـاِعلَمي
وَبُخلُــكِ فــي صــَدري أَلَـذُّ وَأَطيَـبُ
وَإِنّــي أَرى مِـن أَهـلِ بَيتِـكِ نُسـوَةً
شـَبَبنَ لَنـا فـي الصـَدرِ ناراً تَلَهَّبُ
عَرَفـنَ الهَـوى مِنّـا فَأَصـبَحنَ حُسـَّداً
يُخَبِّــرنَ عَنّــا مَــن يَجيـءُ وَيَـذهَبُ
وَإِنّـي اِبتَلانـي اللَـهُ مِنكُم بِخادِمةٍ
تُبَلِّغُكُــم عَنّــي الحَــديثَ وَتَكــذِبُ
وَلَـو أَصـبَحَت تَسـعى لِتوصـِلَ بَينَنـا
ســَعِدتُ وَأَدرَكـتُ الَّـذي كُنـتُ أَطلُـبُ
وَقَــد ظَهَـرَت أَشـياءُ مِنكُـم كَـثيرَةٌ
وَمــا كُنــتُ مِنكُـم مِثلَهـا أَتَرَقَّـبُ
عَرَفــتُ بِمــا جَرَّبــتُ أَشـياءَ جَمَّـةً
وَلا يَعـــرِفُ الأَشــياءَ إِلا المُجَــرِّبُ
وَلــي يَــومَ شـَيَّعتُ الجِنـازَةَ قِصـَّةٌ
غَـداةَ بَـدا البَـدرُ الَّذي كانَ يُحجَبُ
أَشــَرتُ إِلَيهــا بِالبَنـانِ فَأَعرَضـَت
تَبَســَّمُ طَــوراً ثُــمَّ تَـزوي فَتَقطِـبُ
غَــداةَ رَأَيــتُ الهاشــِميَّةَ غُــدوَةً
تَهـادى حَوالَيهـا مِـنَ العيـنِ رَبرَبُ
فَلَـم أَرَ يَومـاً كـانَ أَحسـَنَ مَنظَـراً
وَنَحــنُ وُقــوفٌ وَهـيَ تَنـأى وَنَنـدُبُ
فَلَـو عَلِمَـت فَـوزٌ بِمـا كـانَ بَينَنا
لَقَـد كـانَ مِنهـا بَعضُ ما كُنتُ أَرهَبُ
أَلا جَعَــل اللَــهُ الفِـدا كُـلَّ حُـرَّةٍ
لِفَــوزِ المُنــى إِنّـي بِهـا لَمُعَـذَّبُ
فَمـا دونَهـا في الناسِ لِلقَلبِ مَطلَبٌ
وَلا خَلفَهـا فـي النـاسِ لِلقَلبِ مَذهَبُ
وَإِن تَــكُ فَــوزٌ باعَـدَتنا وَأَعرَضـَت
وَأَصـــبَحَ بــاقي حَبلِهــا يَتَقَضــَّبُ
وَحـالَت عَـنِ العَهدِ الَّذي كانَ بَينَنا
وَصـارَت إِلـى غَيـرِ الَّـذي كُنتُ أَحسَبُ
وَهــانَ عَلَيهــا مـا أُلاقـي فَرُبَّمـا
يَكــونُ التَلاقــي وَالقُلــوبُ تَقَلَّـبُ
وَلَكِنَنــي وَالخـالِقِ البـارئِ الَّـذي
يُـزارُ لَـهُ البَيـتُ العَـتيقُ المُحَجَّبُ
لَأَستَمســِكَن بِــالوُدِّ مــا ذرَّ شـارِقٌ
وَمــا نــاحَ قُمـريٌ وَمـا لاحَ كَـوكَبُ
وَأَبكــي عَلــى فَـوزٍ بِعَيـنٍ سـَخينَةٍ
وَإِن زَهِــدَت فينــا نَقــولُ سـَتَرغَبُ
وَلَـو أَنَّ لـي مِـن مَطلَعِ الشَمسِ بُكرةً
إِلــى حَيـثُ تَهـوي بالعَشـِيِّ فَتَغـرُبُ
أُحيـطُ بِـهِ مُلكـاً لِمـا كـانَ عِدلَها
لَعَمــرُكِ إِنّــي بِالفَتــاةِ لَمُعجَــبُ
وفي الأغاني للأصفهاني عن عبيد الله بن عبد الله بن طاهر أنه قال: رأيت نسخاً من شعر العباس بن الأحنف بخراسان، وكان عليها مكتوب: "شعر الأمير أبي الفضل العباس ".وفيه عن يموت بن المزرع أنه قال: سمعت خالي "يعني الجاحظ" يقول: لولا أن العباس بن الأحنف أحذق الناس وأشعرهم وأوسعهم كلاماً وخاطراً ما قدر أن يكثر شعره في مذهب واحد لا يجاوزه، لأنه لا يهجو ولا يمدح ولا يتكسب ولا يتصرف، وما نعلم شاعراً لزم فناً واحداً لزومه فأحسن فيه وكثر.