
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أليلاىَ مـا أبقَـى الهـوى فـيَّ من رُشدِ
فــردِّي علــى المشــتاقِ مهجتَـه ردِّي
أيُنســـَى تلاقينـــا وأنــتِ حزينــةٌ
ورأســُك كــابٍ مـن عيـاءٍ ومـن سـهدِ
أقــول وقــد وســدتُه راحــتي كمـا
تَوســَّدَ طفــلٌ متعــبٌ راحــةَ المهـدِ
تعــالي إلــى صــدرٍ رحيــبٍ وسـاعدٍ
حـبيبٍ وركـنٍ فـي الهـوى غيـر منهَـدّ
بنفســيَ هـذا الشـّعرُ والخُصـَلُ الـتي
تهـاوت علـى نحـر مـن العـاج منقـدِّ
ترامـت كمـا شـاءت وشـاءَ لها الهوى
تميــل علــى خــدٍّ وتصــدفُ عـن خـدِّ
وتلــك الكــرومُ الــدانياتُ لقـاطفٍ
بيـاضُ الأمـاني مـن عناقيـدِهَا الربدِ
فيــا لــكَ عنــدي مــن ظلامٍ محبَّــب
تَــألَّقَ فيـه الفـرق كـالزمنِ الرغـدِ
ألا كــلُّ حســنٍ فــي البريــةِ خـادمٌ
لســلطانَةِ العينيـنِ والجيـدِ والقـدِّ
وكــلُّ جمــالٍ فــي الوجــودِ حيـالَه
بــه ذلــةُ الشـاكي ومرحمـةُ العبـدِ
ومــا راعَ قلــبي منــك إلا فراشــةٌ
مـن الـدمعِ حـامت فوق عرشٍ من الوردِ
مجنحــة صــيغت مـن النـورِ والنـدَى
تــرف علــى روضٍ وتغفــو إلــى وردِ
بهـا مثـل مـا بـي يـا حبيبي وسيّدِي
مـن الشـجنِ القتَّـالِ والظمـأ المردِي
لقــد أقفــرَ المحـرابُ مـن صـلواته
فليــسَ بــه مـن شـاعرٍ سـاهرٍ بعـدي
وقفنــا وقـد حـانَ النـوى أيَّ موقـفٍ
نحـاولُ فيـه الصـبرَ والصـبرُ لا يُجدي
كــأنَّ طيــوفَ الرعـبِ والـبين موشـكٌ
ومزدحــم الآلامِ والوجــدِ فــي حَشــدِ
ومضــطرم الأنفــاسِ والضــيق جــاثمٌ
ومشــتبك النجــوى ومعتنــق الأيـدي
مـــواكب خــرس فــي جحيــمٍ مؤبــدٍ
بغيــر رجــاءٍ فــي ســلامٍ ولا بَــردِ
فيــا أيكـةً مـدَّ الهـوى مـن ظلالهـا
ربيعـاً علـى قلـبي وروضـاً من السعد
تقلصــــتِ إلا طيـــفَ حـــبٍّ محيَّـــرٍ
علــى دَرَجٍ خــابي الجــوانبِ مُســوَدِّ
تَـــردَّدَ واســـتأنى لوعــدٍ وموثــقٍ
وأدبــرَ مخنوقــاً وقـد غُـصَّ بالوعـدِ
وأســلمني لليــلِ كــالقبرِ بــارداً
يهــبُّ علــى وجهـي بـه نَفَـسُ اللحـدِ
وأســلمني للكــونِ كــالوحشِ راقـداً
تمزقنــي أنيـابُه فـي الـدجى وحـدي
كـــأنَّ علــى مصــرَ ظلاميــنِ أَعكَــرٌ
بــآخرَ مــن خـابي المقـاديرِ مربَـدِّ
ركـــودٌ وإبهـــامٌ وصـــمتٌ ووحشــةٌ
وقـد ضـمها الغيـبُ المحجَّـبُ فـي بُردِ
كـأن سـماءَ النيـلِ لـم تَلـقَ حادثـاً
ولا قصــفت فيهــا القواصـفُ بالرعـدِ
أحقــاً تــولَّى ذلــك الهـولُ وامَّحَـت
خـواطرُ ذاكَ الويـل والرعـب والحقـدِ
فيــا للقلـوبِ الصـابراتِ وقـد غفـت
علـى نعمـةِ الإِيمـانِ والشـكرِ والحمدِ
ويــا للقلــوبِ المؤمنــاتِ وأمنهـا
وضــجعتها فـي رحمـةِ الصـَّمَدِ الفـردِ
أهـذا الربيـعُ الفخـمُ والجنـةُ التي
أكــاد بهــا أسـتافُ رائحـةَ الخلـدِ
تصــــيرُ إذا جُـــنَّ الظلامُ ولفّهـــا
بجنــحٍ مــن الأحلامِ والصــمتِ ممتَــدِّ
مبـــاءةَ خمـــارٍ وحـــانوتَ بــائعٍ
شـقيّ الأمـاني يشـتري الـرزق بالسهدِ
وقــد وَقَــفَ المصــباحُ وقفـةَ حـارسٍ
رقيـبٍ علـى الأسـرار داعٍ إلـى الجِـدِّ
كــأنَّ تقيّــا غارقــاً فــي عبــادةٍ
يصومُ الدجى أو يقطعُ الليلَ في الزهدِ
فيــا حـارسَ الأخلاقِ فـي الحـيِّ نـائم
قضـى يـومَه فـي حومـةِ البؤسِ يستجدي
وســادَتُه الأحجــارُ والمضـجعُ الـثرى
ويفـترشُ الإِفريـزَ فـي الحـرِّ والـبردِ
وســــيارة تمضـــي لأمـــرٍ محجَّـــبٍ
محجبـــةَ الأســتارِ خافيــةَ القصــدِ
إلـى الهـدفِ المجهـولِ تنتهـبُ الدجى
وتـومض وَمـضَ الـبرقِ يلمـع عـن بعـدِ
مـتى ينجلـي هـذا الضـنَى عـن مسالكٍ
مرنقــةٍ بــالجوع والصــبرِ والكَّــدِ
ينقِّــب كلــبٌ فــي الحطــامِ وربمـا
رَعَـى الليـلَ هِـرٌّ سـاهرٌ وغفا الجندي
أيــا مصـرُ مـا فيـكِ العشـيةَ سـامرُ
ولا فيــكِ مــن مصـغ لشـاعرِك الفـردِ
أهـاجرتي طـالَ النـوى فـارحمي الذي
تركــتِ بديـدَ الشـملِ منتـثر العقـدِ
فقـــدتُكِ فقــدانَ الربيــعِ وطيبــه
وعـدتُ إلـى الإِعيـاء والسـقمِ والوجدِ
وليــسَ الــذي ضــيَّعتُ فيــكِ بهيِّــن
ولا أنــتِ فـي الغُيَّـاب هينـةُ الفقـدِ
بعينـــكِ أســتهدي فكيــفَ تركتنِــي
بهـذا الظلامِ المطبـق الجهـمِ أستهدي
أتيتُـــكِ أستســقي فكيــف تركتِنــي
لهـذي الفيـافي الصـمِّ والكثب الجردِ
أتيتُـــكِ أســتعدي فكيــف تركتِنــي
إِلـى هـذه الـدنيا وأحـداثِها اللـدِّ
بحبِّـــكِ أَستشـــفي فكيــفَ تركتِنــي
ولـم يبـقَ غيرُ العظمِ والروحِ والجِلدِ
وهَـذي المنايـا الحمـر ترقصُ في دمي
وهـذي المنايا البيض تختالُ في فَودِي
وكنــتِ إذا شــاكيتُ خففــتِ محملــي
فهـان الـذي ألقاه في العيشِ من جهد
وكنــتِ إذا انهــارَ البنـاءُ رفعتِـهِ
فلــم تكـنِ الأيـامُ تقـوىَ علـى هَـدِّي
وكنــتِ إذا نــاديتُ لَبَّيــتِ صــرختي
فواحَرَبـاً كَـم بينَنـا اليـومَ مـن سدِّ
وقـد كـانَ لـي للعطـفِ والحـبِّ مسـلكٌ
فــــأغلَقتِه دونــــي فبـــتُّ بلا ردِّ
ســلامٌ علــى عينيــكِ مــاذا أجنَّتـا
مـن اللطـفِ والتحنـان والعطفِ والودِّ
إذا كــانَ فــي لحظيـكِ سـيفٌ ومصـرعٌ
فمنـكِ الـذي يُحيـي ومنـك الذي يُردي
إِذا جُــرِّدَا لــم يفتكــا عَـن تعمـدٍ
وإن أُغمـدَا فالفَتـكُ أروع فـي الغمدِ
هنيئاً لقلــبي مــا صــنعتِ ومرحبـاً
وأهلاً بــه إِن كــانَ فتكُـكِ عـن عَمـدِ
فـــإِني إذا جُـــنَّ الظلامُ وعـــادني
هـواكِ فأبـديتُ الـذي لـم أكـن أبدي
وملــتُ برأســي كابيــاً أو مواسـياً
وعنـدي مـن الأشـجانِ والشوقِ ما عندي
أقَبِّــلُ فــي قلــبي مكانــاً حللتِـهِ
وجرحـاً أنـاجيه علـى القـرب والبعدِ
ويــا دارَ مــن أهــوىَ عليـكِ تحيـةٌ
علـى أكـرمِ الـذكرى على أشرفِ العهدِ
علــى الأمســياتِ الســاحراتِ ومجلـسٍ
كريــم الهـوى عـفِّ المـآربِ والقصـدِ
تنادِمُنَـــا فيـــه تباريــحُ شــاعرٍ
علـى الـدمِ والأشواكِ يمشي إلى الخلدِ
فبــودليرُ محــزونٌ وفرليــن بــائسٌ
وميسـيه مجـروحُ الهـوى عـاثرُ الجَـدِّ
وللمتنـــــبي غضـــــبةٌ مُضــــَرِيَّةٌ
وثـــورةُ مظلــومٍ وصــيحةُ مســتعدي
دمـوعٌ يـذوبُ الصـخرُ منهـا فإِن مضوا
فقـد نقشـوا الأسماءَ في الحَجَر الصلدِ
ومـاذا عليهـم إِن بكـوا أو تعـذبوا
فـإنَّ دمـوعَ البـؤسِ مـن ثَمَـنِ المجـدِ
إبراهيم ناجي بن أحمد ناجي بن إبراهيم القصبجي.طبيب مصري شاعر، من أهل القاهرة، مولده ووفاته بها، اشتغل بالطب والأدب وكانت فيه نزعة روحية (صوفية) وعالج النظم زمناً، حتى جاء به شعراً وهو القائل من أبيات: فيم انتقامك من قلب عصفت به لم يبق من موضع فيه لمنتقموفي ديوانيه: (ليالي القاهرة- ط) و(وراء الغمام- ط) طائفة حسنة من شعره.له (رسالة الحياة- ط)، (عالم الأسرة- ط)، و(كيف تفهم الناس- ط) دراسات نفسية، و(ديوان الطائر الجريح- ط) من شعره، نشر بعد وفاته.عانى مرض ذات الرئة، قال صالح جودت: وبينما هو يدني أذنه من قلب مريض في عيادته يتسمع دقاته، إذا به يهوي، وبهذا انتهت حياته.