
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
كفكـف دموعـك فالـدنيا لهـا الثكلُ
لـم تصـف يومـاً لمـن يسمو به الأملُ
وكـم اهـابَ بهـا الصـعلوك فابتسمت
لــه وأخفـق فيهـا المـدرهُ البطـلُ
مضــت لصــخرٍ ليـالٍ وهـو فـي رغـدٍ
مــع اليمامـة زوجـاً زانـه العمـلُ
مـن القريـض لـه فـي العيـش مرتزقٌ
مــرٌّ وفــي طعمـه مـن جـدّه العسـلُ
مـع الرضـى كـم مضـى يسـعى بسلعته
فــي عزمـةٍ مـن صـباه وهـو مقتبـلُ
الــى الجــرائد يزجيهــا فتنقـده
شــروى النقيــر عطــاءً جُلـه وشـل
ففـي دجـى ليلـةٍ والريـح قـد لعبت
بالـدوح والثلـج يهمـي والثرى بللُ
وصــخرُ فـي نشـوةٍ مـن سـلعة ربحـت
وفــي يمــامته يحلــو لـه الغـزل
سـرى مـن البـاب صـوتٌ يسـتغيث بـه
والمســتغيث بصــخر ليــس ينخــذل
أطــل مــن عشــه مســتقبلاً طربــاً
ضـيف التعاسـة وهـو الضـاحك الجذل
وأقيــل الطـارق الملهـوق مضـطرباً
وإذ بــه صــاحبٌ ضـاقت بـه السـبُل
أثــرى وأنفــق مـذ كـانت صـناعته
رسـم التصـاوير حـتى نـاله الفشـل
ضــل السـبيل وأرداه الهـوى زمنـاً
فـي بـؤرة الفسـق تحدوه بها العلل
وضــاق ذرعـاً واضـناه الفـراغ فلا
قـــوتٌ ولامطلـــب بــالرزق يتصــل
فجــاءَ يطــرق صــخراً خـدنه سـلفاً
وصـخر أوفـى لمـن أودى بـه الثكـل
وزادَ فـي السـعي صـخر كـي ينال به
رزقَ الثلاثــة وهـو المنبـعُ الوشـل
فعــادَ يومــاً وقـد بـارت تجـارته
فــي الشـعر يجعلـه الاملاق والخجـل
يمضــي وينكــص ممــا قـد يصـادفه
مــن جــائعيه فيمشـي وهـو مختبـل
فأبصــر الـدار مـن إلفيـه خاليـةً
فنــاله مـن ظنـون الوحشـة الوَجَـل
فلا المصـــورُ مـــن آواه منتظـــرٌ
ولا يمــامته فــي الــدار تشــتغل
ولا اثـــاث حقيـــر ظـــن انهمــا
باعـاهُ للقـوتِ واسـتخذاهما البـدلُ
وبينمــا هــو ســاهٍ مطــرقٌ جزعـاً
علـــى رفيقيــهِ لا صــاح ولا ثمــلُ
رأى كتابـاً علـى طـرف السـرير لـه
فيـه الشـقاء لـه واليـأس والخطـلُ
تقـــول فيـــه بلا خــزي يمــامته
دعنــا نُرحـك ولا يـودي بـك المَلَـل
أفــاق مــن غشــيةٍ صــخر وأذهلـه
أن الرفيقيـن خانـا عهـد مـن يصـل
فانهـدَّ مـن عزمـه مـا كـان مـدعماً
وراح مــن جــزع قــد مســهُ خبــل
يهيــمُ فــي الارض لا مـأوى ولا عمـلٌ
غيـر التشـرد يسـتعلي بمـن سـفلوا
طـوراً يغيـب فيـوليه الجنـون رضـىً
وتــارة يغتــدي والــدمع منهمــل
وبينمــا كــان فـي بيـداءِ نشـوته
فــي حانـةٍ ربهـا ممـن لـه وصـلوا
آواهُ مرحمــــة منــــه وأطعمـــهُ
فبــات يهـذرُ وهـو الشـاربُ الثمِـل
رأى اليمامــة فــي ســربٍ وصـاحبه
أو طـارق الامـس قـد ألهاهما الجذل
مـــادت بصــخرٍ أعــاليهِ وأســفلُه
وقلبـــه بلهيــب الغيــظ يشــتعل
فـانقض فـي وثبـةٍ مـالت بـه شـططاً
فانهـار فـوق الثرى يُهوي به الزلل
فـرَّ النسـاءُ ومـا زالَ الرجـال بـه
لكمـاً وجثتـه فـي الحمـأة انتعلوا
فـــادركته وقـــد رقــت يمــامته
تقــول ذلــك زوجـي وانقضـى الأجَـل
فخلَّفـــوه طريحــاً وهــي تصــحبهم
الـى منـازل أهـل البغـي قد رحلوا
أواه ممــا يعــاني وهــو منطــرح
في الطين يهذي فيهذي بالصدى الطلل
والنفــس بالشـر كالمصـباح أفسـده
زيـت رديـء وفـي ذات الخنـا المثل
ومــر بــالقرب منــه ناصـبا شـرك
حلا بمســراهما فـي الـثروة الجـدل
كانـا يحوكـان فـي رأسـيهما خـدعاً
فـي مطلـب المال وهو المطلب الجلل
واسـتغلق الـوحي دون المرتجى لهما
وخــابت الفكــرُ الغــراءُ والحيـل
وصـــخرُ مضــطجع يــدنيهما اذنــاً
تصـغى فتعمـل فـي انحائهـا الجُمَـل
فقــام فــي فجـأة أولتهمـا فزعـاً
ثــم اطمأنـا وقـالا انـت يـا بطـل
قــال الســلام ومشــروعي مرادكمـا
فـــان مطلعـــه بـــالعز متصـــل
قــالا تكلــم فقـال الربـح مشـترك
بينــي وبينكمــا والســعد مشـتمل
قـالا سـمعنا فقـال الـوحي ألهمنـي
جسـراً الـى القمـر السامي بنا يصل
قـالا تبـاركت يـا صـخر ومـا برجـا
بـه ثنـاءً وفـي نيـل المنـى قفلوا
قـد راج مشـروعهم والناس قد خُدعوا
وســاهموا فيــه بـالآلاف واحتفلـوا
وأكــبروا شــأن صـخر وهـو مبـدعه
وقــد غـدا سـيداً حفـت بـه الخـولُ
اثـرى وفـاز مـن الـدنيا بزينتهـا
وعــاش فــي قصـره تزدانُـهُ الحُلَـل
ان صــادفته جمــوع المعجـبين بـه
ســد الميــادين منهـم مـوكبٌ حفـل
لـه الجيـاد الـتي قـد رصـعت ذهباً
والمركبــاتُ ودور العــز والقلــل
وبــات فــي ذروة الأســعاد طـالعه
علــى مطــالع جسـر البـدر ينتقـل
وذات صــبح وقــد حــانت رياضــته
والنحـس فـي غفلـةٍ والسـعد مقتبـل
حلـــت بســـاحته تبكــي يمــامته
واســتوقفته بصــحن الـدار تبتهـل
تقـول يـا صـخر فـاغفر سوء معصيتي
واقبــل متــابي إنــي جئت أمتثـل
أودى بـي الجـوع مـن فقـر ومن مرض
ومـا جـرى غيـر مـا يجـري به الأزل
ولــم تــزل بــدموع الـذل سـاجدة
لأخميصـــه وصـــخر قلبـــه خضـــل
عفــا وأصــلح لمــا ســاقه شــغفٌ
الــى يمــامته رنــت بــه القُبـل
وذاع ان أخــا العليـاء صـالح مـن
خــانته يومـاً وعـادت وهـي تبتـذل
فقـــام حســـادهُ يرمــونه علنــا
بالسـوء حـتى اسـتوى فـي برجه زُحل
والنـاس قـد سـئموا قالوا متى سفر
لمطلـع البـدر ايـن الجسـر والامـل
لقـد هـوى الجسـر وانـدكت معـالمه
وانـدك مـن بيـن أطـواد العلا جَبَـلُ
ففــرَّ مـن عُصـبة المشـروع واحـدهم
مـع اليمامـة متبوعـاً بهـا الخطـل
وأصـبح النحـس مـن صـخر علـى اثـر
يجــري فتســبقه بالنكبــة الرسـل
جــاءت لــه بصـفاد السـجن شـرذمة
لكــن صــخراً همــام ليــس يُعتقـل
فمــا رأوا غيــر مشــنوق بنافـذةٍ
فــي نحــره عــروة بالسـقف تتصـل
واشـرق الفجـر والبـدر المنثر غدا
فــي حمـأة الشـفق الـوردي يغتسـل
وصــخر فـي مطلـع العليـاء منـدلع
لســانه وبــدا فــي وجهـه الهـزل
كلاهمــا ســاخرٌ مــن وجــه صـاحبه
والنـاس بينهمـا حـالوا ومـا عدلو
لا تســخروا مــن علا صــخر فسـقطته
جــرى بهــا قلــم والسـتر منسـدلُ
فالطالعــات الــتي قـادت مطـامعه
هـــوت بهـــا جامحـــات تقتتـــل
قـد كـان فيهـا فـتى للخيـر منزعهُ
لـولا النسـاء لمـا ضـاقت به الحيل
كــانت عليــه وبـالاً طلعـة امـرأة
لـم تـوفه العهد فاسمع أيها الرجل
لمـا استوى في ذرى العلياء مزدهياً
بالسـعد وانبهـرت مـن شـأوه المقل
طــارت اليــه بنحســيها يمــامته
واوردتــه حضــيض الشــؤم يختبــل
فــراحَ فـي ذمـة الـدنيا وباطلهـا
يبكيـه بـدر الـدجى والشـعرُ والامل
عبد العزيز صبري الخياري.أديب شاعر، من أهل قرية (الخيارية) من الوجه القبلي بمصر.له (ديوان شعر - ط) الأول منه، و(أنفس الأعلاق في مكارم الأخلاق - ط) رسالة، و(زهرة الصبا - ط) و(تذكار الحجاز - ط) رحلته للحج سنة 1341هـ، و(زهرات وثمرات) مجموعة قصص شعري وأدب عصري فرغ من تأليفه في العشرين من رجب سنة 1343هـ.