
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
حســـناء، أي فــتى رأت تصــد
قتلــى الهــوى فيهــا بلا عـدد
بصـــرت بــه رث الثيــاب، بلا
مــــأوى بلا أهــــل بلا بلـــد
فتخيرتهـــ، وكـــان شـــافعه
لطـــف الغــزال وقــوة الأســد
ورأى الفــتى الآمــال باســمة
فــي وجههــا، لفــؤاده الكمـد
والمــال ملــء يـديه، ينفقـه
متشــــفياً إنفـــاق ذي حـــرد
ظمــــآن والأهـــواء جاريـــة
كالسلســبيل، مســى يــرد يـرد
روض مـــن اللـــذات، طيبـــة
أثمـــاره، خلــو مــن الرصــد
نعــم أفــانين، يكــاد لهــا
يختــال مــن غلــواه فـي بـرد
ماضــيه، لــو يـدري بحاضـره
رغــم الأخــوة مــات مــن حسـد
ســـكران، والكاســات شــاهدة
إن الكــؤوس لهــا مــن العـدد
ســـكران لا يصـــحو كســـكرته
أمســـاً، وســكرته غــداة غــد
ســـكران، وهـــي تزقـــه قبلاً
ويزقهـــا، وإذا تـــزد يـــزد
ســكران، وهــي تمـص مـن دمـه
وتريــــه قلـــب الأم للولـــد
ســكران، حــتى رأســه أبــداً
لا يســــتقر لكـــثرة الميـــد
قـالت له: نمـ، نـم لفجـر غد
ضــع رأسـك الـواهي علـى كبـدي
نمــ، لا تسـلط يـا حـبيب علـى
مخمـــور جســمك قلــة الجلــد
عينــاك متعبتــان مــن ســهر
ويـــداك راجفتــان مــن جهــد
لا، لا أنـــام ولا أذوق كرىـــ،
إن النهــار مضــى ولــم يعــد
لا أنــــام و لا أذوق كرىــــ،
أنـا لسـت مـن يحيـا لفجـر غـد
ســلمى، أحــس النــار ســائة
بــدمي، وتجـري معـه فـي جسـدي
وأحـــس قلــبي فــاغراً فمــه
للحبــــ، للــــذات، للرغـــد
إن ضـاع يـومي، مـا أسـفت على
خضــر الربيــع وزرقــة الجلـد
نــم لا تكـابر، كـاد رأسـك أن
يهــوي بكأســك، غيـر أن يـدي
يهـوي !نعـم يـا فتنـتي ومنـى
نفســي، وزهــرة جنــة الخلــد
يهوي ! .. ولم لا، والشباب ذوى
وعلــى شــبابي كــان معتمــدي
لــم تبـق لـي منـ، سـوى رمـق
مـــتراوح فـــي أضــلع همــد
ربــاه مــذ يـومين كنـت فـتى
لـــي قــوتي وشــبيبتي وغــدي
واليـوم، أسـرع للبلىـ، وأنـا
لــم أبلــغ العشــرين أو أكـد
ســـلماي إنــك أنــت قــاتلي
فجميــل جســمك مــدفني الأبـدي
وطويــل شـعرك صـار لـي كفنـاً
كفــن الشــباب ذوى وكـان نـدي
سـلمى اطفئي الأنـوار وافتتحـي
هـــذي الكــوى لنســائم جــدد
ودعـي شـعاع الشـمس يضـحك لـي
فشـــعاعها يــرد علــى كبــدي
ودعــي أريــج الزهـر ينعشـني
وهـــديل طــر الأيكــة الغــرد
أنـا، إن قضـيت هـوى، فلا طلعت
شــمس الضـحى بعـدي علـى أحـد
أنــا إن قتلتـك كيـف تحفظنـي
إن صــح زعمكــ، حقــظ مقتصــد
أو كنــت مــت لليلــتي جهــد
يـــا مهجـــتي خفــف ولا تــزد
لا، أنـــت محييــتي ومنقــذتي
مــن عيشــي المتنكــر النكــد
أفـأنت قـاتلتي ؟ كـذبت أنـا،
لـــولاك كنـــت أذل مــن وتــد
لكنمـــا العشـــاق، عــادتهم
ذكــر المنايــا ذكــر مفــتئد
يبكـــون مــن جــزع للــذتهم
أن لا تكـــون طويلـــة الأمــد
قلــبي لقلبــك خــافق أبــداً
ويظـــل يخفـــق غيـــر مــتئد
إن كــان ذاكــ، فهــذه شـفتي
مــن يشــتعل فـي الحـب يبـترد
وتصـــافحا فتعانقـــا فهمــا
روحـــان خافقتــان فــي جســد
نهبــا أويقـات الصـفاء، وقـد
عكفــا عليهمــا عكــف مجتهــد
وترشــفا كــأس الغرامـ، ومـا
تركــا بهــا مــن نهلـة لصـدي
ومشــى الهـوى بهمـا كعـادته،
والبحـر لا يخلـو مـن الزبد ...
ســنة مضـت، فـإذا خرجـت إلـى
ذاك الطريـــق بظــاهر البلــد
ولفــت وجهــك يمنــة، فــترى
وجهــاً مــتى تــذكره ترتعـد :
هـذا الفـتى في الأمس، صار إلى
رجـــل هزيــل الجســم منجــرد
متلجلـــج الألفـــاظ مضـــطرب
متواصــــل الأنفــــاس مطـــرد
متجعـــد الخــدين مــن ســرف
متكســـر الجفنيــن مــن ســهد
عينــاه عالقتــان فــي نفــق
كســـراج كـــوخ نصـــف متقــد
أو كالحبــاحب، بــاخ لامعهــ،
يبــدو مــن الوجنـات فـي خـدد
تهـــتز أنملهـــ، فتحســـبها
ورق الخريـــف أصــيب بــالبرد
ويكــاد يحملهــ، لمــا تركـت
منــه الصــبابة، مخلـب الصـرد
يمشـــي بعلتـــه علــى مهــل
فكـــأنه يمشـــي علـــى قصــد
ويمــج أحيانــاً دمــاً. فعلـى
منـــديله قطـــع مــن الكبــد
قطـــــع تــــآبين مفجعــــة
مكتوبـــة بـــدم بغيـــر يــد
قطــع تقــول له: تمــوت غـداً
وإذا ترقــ، تقــول: بعـد غـد
والمـــوت أرحــم زائر لفــتى
متزمــــل بالــــداء مغتمـــد
قـد كـان منتحـراً، لـو أن لـه
شــبه القـوى فـي جسـمه الخصـد
لكنـــه ، والـــداء ينهشــه،
كالشــلو بيــن مخــالب الأسـد
جلـــد علــى الآلامــ، ينجــده
طلــل الشــباب ودارس الصــيد
أيــن الــتي علقـت بـه غصـناً
حلــو المجــاني ناضــر الملـد
أيــن الــتي كـانت تقـول له:
ضـع رأسـك الـواهي علـى كبـدي؟
مـات الفـتى ، فـأقيم فـي جـدث
مســــتوحش الأرجـــاء منفـــرد
متجلـــل بـــالفقر، مـــؤتزر
بـــالنبت مــن مــتيبس ونــدي
وتـــزوره حينـــاً، فتؤنســـه
بعــض الطيــور بصـوتها الغـرد