
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أحْســَنُ بالوَاجِـدِ مِـن وَجْـدِهِ
صـَبْرٌ يُعيـدُ النّـارَ في زَنْدِهِ
ومَنْ أبَى في الرُّزْءِ غَيْرَ الأسَى
كــانَ بُكــاهُ مُنْتَهَـى جُهْـدِهِ
فَليَـذْرِفِ الجَفْـنُ علـى جَعْفَـرٍ
إذ كـانَ لـم يُفْتَـحْ على نِدّهِ
والشــيءُ لا يَكْثُــرُ مُــدّاحُهُ
إلاّ إذا قيـــسَ إلــى ضــِدّهِ
لــوْلا غَضــَا نَجْــدٍ وقُلاّمُــهُ
لـم يُثْـنَ بـالطّيبِ على رَنْدِهِ
ليـسَ الـذي يُبْكـى على وَصْلِهِ
مثـلَ الـذي يُبْكـى علـى صَدّهِ
والطّـرْفُ يرْتـاحُ إلـى غُمْضـِهِ
وَلَيــسَ يَرْتــاحُ إلـى سـُهْدِهِ
كانَ الأسَى فَرْضاً لو أنّ الرّدى
قـال لنـا افْـدوهُ فلم نَفْدِهِ
هــل هُــوَ إلا طـالِعٌ للهُـدى
سـارَ مـنَ التُّـرْبِ إلـى سَعْدِهِ
فبـاتَ أدْنَـى مِـنْ يَـدٍ بَينَنا
كــأنّهُ الكَــوْكَبُ فـي بُعـدِهِ
يـا دَهْـرُ يـا مُنجِـزَ إيعادِهِ
ومُخْلِـفَ المـأمولِ مـن وَعْـدِهِ
أيُّ جَديــدٍ لــكَ لــم تُبْلِـهِ
وأيُّ أقرانِـــكَ لــم تُــرْدِهِ
تَستأسـِرُ العِقبـانَ فـي جَوّها
وتُنــزِلُ الأعصــَمَ مـن فِنْـدِهِ
أرى ذَوي الفَضــل وأضـدادَهم
يَجمعُهُــمْ ســَيْلُكَ فــي مَـدّهِ
إنْ لم يكُنْ رُشْدُ الفتى نافِعاً
فغَيّــهُ أنفَــعُ مِــنْ رُشــْدِهِ
تَجرِبــةُ الـدّنيا وأفعالِهـا
حَثّـتْ أخـا الزّهْـدِ عَلى زُهْدِهِ
والقَلْـبُ مِـنْ أهـوائِهِ عابِـدٌ
مـا يَعْبُـدُ الكـافرُ مـن بُدّهِ
إنّ زَمـــاني برَزيــاهُ لــي
صــَيّرَني أمْــرَحُ فــي قِــدّهِ
كأنّنــا فــي كَفّــهِ مــالُهُ
يُنفِـقُ مـا يَختـارُ مـن نَقْدِهِ
لــوْ عَـرَفَ الإنْسـانُ مقـدارَهُ
لـم يَفْخَـر المولى على عَبْدِهِ
أمْـسِ الـذي مَـرّ علـى قرْبـهِ
يَعجِــزُ أهــلُ الأرْضِ عـن رَدّهِ
أضـْحى الـذي أُجّـلَ فـي سـِنّهِ
مثـلَ الـذي عُوجِـلَ فـي مَهْدِهِ
ولا يُبـالي المَيْـتُ فـي قَبرهِ
بـــذَمّهِ شـــُيّعَ أمْ حَمْـــدِهِ
والواحِـدُ المُفـرَدُ فـي حَتْفِهِ
كالحاشـِدِ المُكْثِـرِ مـن حَشدِهِ
وحالَـــةُ البــاكي لآبــائِه
كحالَـةِ البـاكي علـى وُلْـدِهِ
مــا رغبَـةُ الحـيّ بأبنـائِهِ
عَمّـا جنَـى المـوْتُ علـى جَدّهِ
ومَجْــدُهُ أفعــالُهُ لا الــذي
مــن قَبْلِــهِ كـانَ ولا بَعْـدِهِ
لُـــوْلا ســـَجاياهُ وَأخْلاقُــهُ
لكـانَ كالمَعْـدومِ فـي وُجْـدِهِ
تَشـتاقُ أيّـارَ نفـوسُ الـوَرَى
وإنّمــا الشــّوْقُ إلـى وَرْدِهِ
تَـدعو بطـول العمر أفواهُنا
لمَـنْ تَنـاهى القَلـبُ في وُدّهِ
يُســَرّ إن مُــد بَقــاءٌ لَــهُ
وكــلُّ مــا يَكْـرَهُ فـي مَـدّهِ
أفضـَلُ ما في النّفسِ يَغتالُها
فنَســتَعيذُ اللـهَ مـن جُنـدِهِ
وآفَــةُ العاشــِقِ مِـنْ طَرْفِـهِ
وآفَــةُ الصــّارِمِ مِــنْ حَـدّهِ
كــم صـائنٍ عـن قُبْلَـةٍ خـدَّهُ
ســـُلّطَتِ الأرْضُ علـــى خَــدّهِ
وحامِــلٍ ثِقْـلَ الثّـرَى جِيـدُهُ
وكـان يَشـكو الضَّعفَ من عِقدِهِ
وَرُبّ ظمـــآنَ إلـــى مَــوْرِدٍ
وَالمَـوْتُ لـوْ يَعْلَـمُ في وِرْدِهِ
ومُرْســِلِ الغــارَةِ مَبثوثَــةً
مِـن أدهَـمِ اللّـوْنِ ومن وَرْدِهِ
يَخــوضُ بحــراً نَقْعُـهُ مـاؤهُ
يَحْمِلُــهُ السـّابحُ فـي لِبْـدِهِ
أشـــجَعُ مَــنْ قَلّــبَ خَطّيّــةً
علــى طَويـلِ البـاعِ مُمْتَـدّهِ
يَـرَى وُقـوعَ الـزُّرْقِ في دِرْعِهِ
مثْـلَ وُقـوع الـزُّرْقِ في جِلْدِهِ
لا يَصــِلُ الرُّمْـحُ إلـى طَرْفِـهِ
ولا إلـى المُحْكَـمِ مِـنْ سـَرْدِهِ
يُلقى عليهِ الطّعنُ إلقاءكَ ال
حَسـْبَ علـى المُسـرعِ في عَقدِهِ
بلَحظَــةٍ منــهُ فَمـا دونَهـا
يَـرُدّ غَـرْبَ الجيـشِ عـن قَصْدِهِ
أمْهَلَــهُ الـدّهْرُ فـأوْدَى بـهِ
مُبْيَضـــُّهُ يُحْـــدَى بمُســْوَدّهِ
فَيـا أخـا المَفقُودِ في خَمسَةٍ
كالشـُّهبِ مـا سـَلاّك عـن فقدِهِ
جـاءَكَ هـذا الحُـزْنُ مُستَجدياً
أجْـرَكَ فـي الصـّبرِ فلا تُجْـدِهِ
سـَلِّمْ إلـى اللّـهِ فكُـلُّ الّذي
ســاءَكَ أو ســَرّكَ مـن عنـدِهِ
لا يَعْــدَمُ الأسـْمَرُ فـي غـابِهِ
حَتْفـاً ولا الأبيـضُ فـي غِمـدِهِ
إنّ الـذي الوَحْشـَةُ فـي دارِهِ
تُؤنِســُهُ الرّحمَـةُ فـي لَحْـدِهِ
لا أُوحشــَتْ دارُك مـن شَمسـِها
ولا خلا غابُـــكَ مِــنْ أُســْدِهِ
أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخي المعري.شاعر وفيلسوف، ولد ومات في معرة النعمان، كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره.وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ورحل إلى بغداد سنة 398 هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر، وهو من بيت كبير في بلده، ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه، وكان يلعب بالشطرنج والنرد، وإذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم، وكان يحرم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب، أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: (لزوم ما لا يلزم-ط) ويعرف باللزوميات، و(سقط الزند-ط)، و(ضوء السقط-خ) وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية وأما كتبه فكثيرة وفهرسها في معجم الأدباء. وقال ابن خلكان: ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته،من تصانيفه كتاب (الأيك والغصون) في الأدب يربو على مائة جزء، (تاج الحرة) في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، أربع مائة كراس، و(عبث الوليد-ط) شرح به ونقد ديوان البحتري، و(رسالة الملائكة-ط) صغيرة، و(رسالة الغفران-ط)، و(الفصول والغايات -ط)، و(رسالة الصاهل والشاحج).