
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
إليــكَ تَنَــاهى كـلُّ فَخْـرٍ وسـُؤدَدٍ
فأبْــلِ اللّيــالي والأنـامَ وجَـدِّدِ
لجَــدّكَ كــان المَجْـدُ ثـمّ حَـوَيْتُه
ولابْنِــكَ يُبْنَـى منـه أشـرَفُ مَقْعـدِ
ثلاثــةُ أيّــامٍ هــيَ الـدّهرُ كلّـه
ومـا هُـنّ غيرَ الأمسِ واليومِ والغَدِ
ومـا البَـدرُ إلاّ واحِـدٌ غيـرَ أنّـه
يَغِيــبُ ويـأتي بالضـّياءِ المُجَـدِّدِ
فلا تَحْســِبِ الأقْمـارَ خَلْقـاً كـثيرةً
فجُمْلتُهـــا مِـــن نَيّــرٍ مُتَــرَدِّدِ
وللحَسـَنِ الحُسـْنى وإن جـاد غيـرُه
فـــذلكَ جُــودٌ ليــس بالمُتَعَمَّــدِ
لـه الجَـوْهَرُ السـّاري يُـؤمِّمُ شخصَه
يَجــوبُ إليـه مَحْتِـداً بَعْـدَ مَحْتِـدِ
ولــو كتَمـوا أنسـابَهُمْ لَعَزَتْهُمُـو
وُجُــوهٌ وفِعــلٌ شــاهِدٌ كـلَّ مَشـهَدِ
وقـدْ يُجْتَـدى فضـْلُ الغَمـامِ وإنّما
من البحرِ فيما يزعمُ الناسُ يَجتدي
ويَهْدي الدليلُ القوْمَ والليلُ مُظلِمٌ
ولكنّــه بــالنّجمِ يَهْـدي ويَهْتَـدي
فيـا أحلـمَ السـّاداتِ من غيرِ ذِلّةٍ
ويـا أجْـوَدَ الأجْـوادِ من غيرِ مَوْعِدِ
وَطِئْتَ صــروفَ الـدهرِ وطْـأةَ ثـائرٍ
فـأتْلَفْتَ منهـا نَفْـسَ مـا لم تُصَفِّدِ
وعَلّمْتَــهُ منــكَ التّـأنّي فـانْثَنى
إذا رامَ أمـــراً رامَــه بتأيُّــدِ
وأثْقَلْتَــه مِــن أنْعُــمٍ وعَــوَارِفٍ
فسـَارَ بهـا سـيرَ البَطِيـءِ المُقيّدِ
ودانـتْ لـكَ الأيامُ بالرّغمِ وانْضَوَتْ
إليـك الليالي فارْمِ مَن شئتَ تُقْصِدِ
بســَبْعِ إمــاءٍ مـن زَعـاوَةَ زُوّجَـتْ
مـن الـرَومِ فـي نَعْماكَ سبْعةَ أعْبُدِ
ولـولاكَ لـم تُسـْلَمْ أفامِيّـةُ الرّدى
وقـد أبصَرَتْ مِن مِثْلِها مصرَعَ الرّدي
فأنْقَـــذْتَ منهــا مَعقِلاً هَضــَبَاتُه
تَلَفّـعُ مـن نسـْجِ السـّحابِ وترْتَـدي
وحِيــداً بثغْــرِ المسـْلِمينَ كـأنّهُ
بفِيــهِ مُبَقَّــى مــن نَواجِـذِ أدْرَدِ
بأخضـَرَ مثـلِ البحـرِ ليس اخضرارُه
مـن المـاء لكـنْ مـن حديـدٍ مُسَرَّدِ
كـأنّ الأنُـوقَ الخُـرْسَ فـوقَ غُبـارِهِ
طَوالِــعُ شــَيبٍ فـي مَفَـارِقِ أسـوَدِ
وليــس قَضــيبُ الهِنـدِ إلاّ كنـابِتٍ
مـن القَضـْبِ في كفّ الهِدانِ المُعرِّدِ
مـتى أنـا فـي رَكْـبٍ يؤمّونَ مَنْزِلاً
تَوَحّــدَ مـن شـخْصِ الشـريفِ بأوْحَـدِ
علــى شــَدْقمِيّاتٍ كــأنّ حُــداتَها
إذا عَــرّسَ الرّكْبـانُ شـُرّابُ مُرقِـدِ
تُلاحِـــــظُ أعلامَ الفَلا بنَــــواظِرٍ
كُحِلْـنَ مـن الليـلِ التّمـامِ بإثْمدِ
وقـد أذهبتْ أخفافَها الأرضُ والوَجَى
دمــاً وتَــرَدّى فِضــّةً كــلُّ مُزْبِـدِ
يُخَلْـنَ سـَماماً في السماءِ إذا بدَتْ
لهــنّ علــى أيْــنٍ سـَماوَةُ مُـورِدِ
تظُـنّ بـه ذَوْبَ اللُّجَيـنِ فـإنْ بـدَتْ
لـه الشـمس أجـرَتْ فوقَه ذَوْبَ عسجدِ
تَـبيتُ النّجـومُ الزُّهـرُ في حُجُراتهِ
شــوارعَ مثــل اللّؤلُـؤِ المُتَبَـدِّدِ
فــأطْمَعْنَ فــي أشـباحِهِنّ سـواقِطاً
علـى الماء حتى كِدْنَ يُلقَطْنَ باليَدِ
فمَـدّتْ إلـى مثْـلِ السـّماءِ رقابَها
وعَبّــتْ قليلاً بيــنَ نَســْرٍ وفَرْقَـدِ
وذُكّـرْنَ مـن نَيْـلِ الشـّريفِ مَوارِداً
فمـا نِلْـنَ منـه غيـرَ شـِرْبٍ مُصـَرَّدِ
ولاحــتْ لهــا نـارٌ يُشـَبّ وَقودُهـا
لأضــْيافِهِ فــي كــلّ غَـوْرٍ وفَدْفَـدِ
بخَـرْقٍ يُطيـلُ الجُنـحُ فيـه سـُجودَه
وللأرضِ زِيّ الراهِــــبِ المُتَعَبِّـــدِ
ولــو نَشـَدَتْ نَعْشـاً هنـاكَ بَنـاتُه
لمـاتتْ ولـم تَسـْمَعْ لَـه صَوْتَ مُنشِدِ
وتكْتُــمُ فيـهِ العاصـِفاتُ نُفُوسـَها
فلــو عَصـَفَتْ بـالنّبْتِ لـم يَتَـأوّدِ
ولـم يَثْبُـتِ القُطْبـانِ فيـهِ تحَيّراً
ومــا تلــكَ إلاّ وقْفَـةٌ عـنْ تَبَلّـدِ
فَمَـرّتْ إذا غنّـى الرّديـفُ وقد وَنَتْ
بــذِكْراهُ زَفّـتْ كالنّعـامِ المُطَـرَّدِ
يُحـاذِرْنَ وَطْـءَ البِيـدِ حـتى كأنّما
يَطَـأنَ بـرأسِ الحَـزْنِ هامـةَ أصـْيَدِ
ويَنْفُـرْنَ فـي الظّلْماءِ عن كلّ جدوَلٍ
نِفَــارَ جَبَــانٍ عــن حُسـامٍ مُجَـرَّدِ
تَطَــاوَلَ عهْــدُ الـوارِدينَ بمـائِهِ
وعُطّـلَ حـتى صـارَ كالصـّارم الصّدي
إلــى بَــرَدَى حــتى تظَـلّ كأنّهـا
وقــد كَرَعَــتْ فيـه لَـواثِمُ مِبْـرَدِ
أرى المجـدَ سـيفاً والقَريضَ نِجادَه
ولــولا نِجـادُ السـّيْفِ لـم يُتَقَلّـدِ
وخيــرُ حِمــالاتِ الســيوفِ حِمالَـةٌ
تَحَلّــتْ بأبْكـارِ الثّنـاءِ المُخَلَّـدِ
وأعْــرَضَ مِـن دونِ اللّقـاءِ قَبـائِلٌ
يَعُلّــونَ خِرْصـانَ الوَشـيجِ المُقَصـَّدِ
غُـواةٌ إذا النّكبـاءُ حَفّـتْ بيوتَهْم
أقـاموا لها الفُرْسانَ في كلّ مَرْصَدِ
يُطيعــونَ أمــراً مـن غَـوِيّ كـأنّه
علـى الـدهرِ سـُلطانٌ يجُورُ ويَعتدي
إذا نَفَـرَتْ مـن رَعْـدِ غيـثٍ سـَوامُه
ســعَى نحْــوَهُ بالمَشـْرَفيّ المُهَنّـدِ
وقـد علمَـتْ هـذي البسـيطةُ أنّهـا
تُراثُــكَ فلْتَشــْرُفْ بــذاك وتـزْدَدِ
وإن شـئتَ فازْعُمْ أنّ مَن فوقَ ظَهرِها
عبيــدُكَ واستَشــْهِدْ إِلَهَــكَ يَشـْهَدِ
وذِكْـرُكَ يُـذْكي الشـوْق في كلّ خاطِرٍ
ولـو أنّـه فـي قَلْـبِ صـَمّاء جَلْمَـدِ
أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخي المعري.شاعر وفيلسوف، ولد ومات في معرة النعمان، كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره.وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ورحل إلى بغداد سنة 398 هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر، وهو من بيت كبير في بلده، ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه، وكان يلعب بالشطرنج والنرد، وإذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم، وكان يحرم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب، أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: (لزوم ما لا يلزم-ط) ويعرف باللزوميات، و(سقط الزند-ط)، و(ضوء السقط-خ) وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية وأما كتبه فكثيرة وفهرسها في معجم الأدباء. وقال ابن خلكان: ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته،من تصانيفه كتاب (الأيك والغصون) في الأدب يربو على مائة جزء، (تاج الحرة) في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، أربع مائة كراس، و(عبث الوليد-ط) شرح به ونقد ديوان البحتري، و(رسالة الملائكة-ط) صغيرة، و(رسالة الغفران-ط)، و(الفصول والغايات -ط)، و(رسالة الصاهل والشاحج).