
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَبُنَــيَّ إِنِّــي قَـدْ كَبِـرْتُ وَرابَنِـي
بَصـــَرِي وَفِــيَّ لِمُصــْلِحٍ مُســْتَمْتَعُ
فَلَئِنْ هَلَكْــتُ لَقَـدْ بَنَيْـتُ مَسـاعِياً
تَبْقَــى لَكُــمْ مِنْهـا مَـآثِرُ أَرْبَـعُ
ذِكْـرٌ إِذا ذُكِـرَ الْكِـرامُ يَزِينُكُـمْ
وَوِراثَــةُ الْحَســَبِ الْمُقَـدَّمِ تَنْفَـعُ
وَمَقـــامُ أَيَّـــامٍ لَهُــنَّ فَضــِيلَةٌ
عِنْــدَ الْحَفِيظَـةِ وَالْمَجـامِعُ تَجْمَـعُ
وَلُهـىً مِـنَ الْكَسـْبِ الَّـذِي يُغْنِيكُمُ
يَوْمـاً إِذا اخْتَصـَرَ النُّفُوسَ الْمَطْمَعُ
وَنَصـِيحَةٌ فِـي الصـَّدْرِ صـادِرَةٌ لَكُـمْ
مـا دُمْـتُ أُبْصـِرُ فِي الرِّجالِ وَأَسْمَعُ
أُوصــيكُمُ بِتُقَــى الْإِلَــهِ فَــإِنَّهُ
يُعْطِـي الرَّغـائِبَ مَـنْ يَشـاءُ وَيَمْنَعُ
وَبِبِــرِّ والِــدِكُمْ وَطاعَــةِ أَمْــرِهِ
إِنَّ الْأَبَــرَّ مِــنَ الْبَنِيــنَ الْأَطْـوَعُ
إِنَّ الْكَبِيــرَ إِذا عَصــاهُ أَهْلُــهُ
ضــاقَتْ يَــداهُ بِـأَمْرِهِ مـا يَصـْنَعُ
وَدَعُـوا الضـَّغِينَةَ لا تَكُنْ مِنْ شَأْنِكُمْ
إِنَّ الضـــَّغائِنَ لِلْقَرابَــةِ تُوضــَعُ
وَاعْصُوا الَّذِي يُزْجِي النَّمائِمَ بَيْنَكُمْ
مُتَنَصــِّحاً ذاكَ الســَّمامُ الْمُنْقَــعُ
يُزْجِــي عَقــارِبَهُ لِيَبْعَــثَ بَيْنَكُـمْ
حَرْبـاً كَمـا بَعَـثَ الْعُـرُوقَ الْأَخْـدَعُ
حَــرّّانَ لا يَشــْفِي غَلِيــلَ فُـؤادِهِ
عَســَلٌ بِمــاءٍ فِـي الْإِنـاءِ مُشَعْشـَعُ
لا تَــأْمَنُوا قَوْمــاً يَشــِبُّ صـَبِيُّهُمْ
بَيْــنَ الْقَوابِـلِ بِالْعَـداوَةِ يُنْشـَعُ
فَضــِلَتْ عَــداوَتُهُمْ عَلَــى أَحْلامِهِـمْ
وَأَبَــتْ ضــِبابُ صــُدُورِهِمْ لا تُنْـزَعُ
قَـــوْمٌ إِذا دَمَــسَ الظَّلامُ عَلَيْهِــمُ
حَــدَجُوا قَنافِـذَ بِالنَّمِيمَـةِ تَمْـزَعُ
أَمْثــالَ زَيْــدٍ حِيـنَ أَفْسـَدَ رَهْطَـهُ
حَتَّــى تَشــَتَّتَ أَمْرُهُــمْ فَتَصــَدَّعُوا
إِنَّ الَّـــذِينَ تَرَوْنَهُــمْ إِخْــوانَكُمْ
يَشـْفِي غَلِيـلَ صـُدُورِهِمْ أَنْ تُصـْرَعُوا
وَثَنِيَّــةٍ مِــنْ أَمْــرِ قَــوْمٍ عَــزَّةٍ
فَرَجَـتْ يَـدايَ فَكـانَ فِيهـا الْمَطْلَعُ
وَمَقـــامِ خَصــْمٍ قــائِمٍ ظَلِفــاتُهُ
مَــنْ زَلَّ طــارَ لَــهُ ثَنـاءٌ أَشـْنَعُ
أَصــْدَرْتُهُمْ فِيــهِ أُقَــوِّمُ دَرْأَهُــمْ
عَــضَّ الثِّقــافِ وَهُــمْ ظِمـاءٌ جُـوَّعُ
فَرَجَعْتُـــمُ شــَتَّى كَــأَنَّ عَمِيــدَهُمْ
فِـي الْمَهْـدِ يَمْـرُثُ وَدْعَتَيْـهِ مُرْضـَعُ
وَلَقَــدْ عَلِمْـتُ بِـأَنَّ قَصـْرِي حُفْـرَةٌ
عَبْــراءُ يَحْمِلُنِــي إِلَيْهــا شـَرْجَعُ
فَبَكَــى بَنــاتِي شـَجْوَهُنَّ وَزَوْجَتِـي
وَالْأَقْرَبُــونَ إِلَــيَّ ثُــمَّ تَصــَدَّعُوا
وَتُرِكْـتُ فِـي غَبْـراءَ يُكْـرَهُ وِرْدُهـا
تَســْفِي عَلَــيَّ الرِّيــحُ حِيـنَ أُوَدَّعُ
فَـإِذا مَضـَيْتُ إِلَـى سَبِيلِي فَابْعَثُوا
رَجُلاً لَـــهُ قَلْـــبٌ حَدِيــدٌ أَصــْمَعُ
إِنَّ الْحَــوادِثَ يَخْتَرِمْــنَ وَإِنَّمــا
عُمْــرُ الْفَتَـى فِـي أَهْلِـهِ مُسـْتَوْدَعُ
يَســْعَى وَيَجْمَــعُ جاهِـداً مُسـْتَهْتِراً
جِــدّاً وَلَيــسَ بِآكِــلٍ مــا يَجْمَـعُ
حَتَّــى إِذا وافَـى الْحِمـامُ لِـوَقْتِهِ
وَلِكُـــلِّ جَنْــبٍ لا مَحالَــةَ مَصــْرَعُ
نَبَـذُوا إِلَيْـهِ بِالسـَّلامِ فَلَـمْ يُجِـبْ
أَحَــداً وَصـَمَّ عَـنِ الـدُّعاءِ الْأَسـْمَعُ
عَبْدَةُ بنُ الطَّبِيبِ العَبْشَمِيُّ التَّمِيمِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ مُقِلٌّ مُجِيدٌ، عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَكانَ مِنْ لُصُوصِ الرَّبابِ وَكانَ أَسْوَدَ حبشيّاً، وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ وَأَسْلَمَ وَشَهِدَ مَعَ المُثَنَّى بنَ حارِثَةَ قِتالَ هُرمز سَنَةَ 13 لِلهِجْرَةِ، وَكانَ فِي جَيْشِ المُسْلِمِينَ فِي المَدائِنِ، وَهُوَ شاعرٌ مُجيدٌ اسْتَجادَ القُدماءُ شِعرَهُ وقدَّمُوهُ، ولهُ في المُفضَّليَّاتِ قَصيدتانِ مختارتانِ، وَهُوَ الَّذِي رَثَى قَيْسُ بْنُ عاصِمٍ بِما عَدَّهُ بَعْضُ القُدَماءِ أَرْثَى بَيْتَ قالَتِهِ العَرَبِ وَهُوَ قَوْلُهُ: (فَما كانَ قَيسٌ هُلْكُهُ هُلْكُ واحِدٍ / وَلَكِنَّـهُ بُنْيـانُ قَـومٍ تَهَـدَّما) تُوفِّيَ فِي حَوالي سَنةِ 25 لِلهِجرَةِ.