
الأبيات149
يـا أخـي أيـن رَيْـعُ ذاك اللِّقاءِ
أيـن مـا كـان بيننـا مـن صفاءِ
أيــن مصـداقُ شـاهدٍ كـان يحكـي
أنــك المخلــصُ الصـحيحُ الإخـاءِ
شــاهدٌ مــا رأيــت فعلــك إلا
غيــر مــا شـاهدٍ لـه بالـذكاءِ
كشـــفَتْ منــك حــاجتي هَنــواتٍ
غُطِّيــتْ برهــةً بحســن اللقــاءِ
تركتْنــي ولـم أكـن سـَيِّئَ الظـن
نِ أســـيءُ الظنــونَ بالأصــدقاءِ
قلــت لمّــا بـدتْ لعينـيَ شـُنْعاً
رُبَّ شــوهاءَ فــي حَشــا حســناءِ
ليتنــي مـا هتكـتُ عنكـن سـِتراً
فثـــويتُنَّ تحـــت ذاك الغطــاءِ
قلـن لـولا انكشـافُنا مـا تجلَّـت
عنـــك ظَلمَــاءُ شــُبْهةٍ قتمــاءِ
قلــت أعجــبْ بكـنَّ مـن كاسـفاتٍ
كاشـــفاتٍ غَواشـــِيَ الظلمـــاءِ
قـد أَفـدتُنَّني مـع الخُبْـر بالصّا
حِـــبِ أنْ ربَّ كاســـفٍ مُستضـــاءِ
قلـــن أعَجِــبْ بمُهْتَــدٍ يتمنَّــى
أنــه لــم يــزل علــى عميـاءِ
كنـتَ فـي شـُبْهَة فزالـت بهـا عن
ك فأوســـــعتنا مــــن الإزراءِ
وتمنيــت أن تكــون علـى الحـي
رةِ تحـــت العَمايــة الطَّخْيــاءِ
قلـت تـاللَّه ليـس مثلـي مَـنْ وَد
دَ ضــــَلالاً وحيَـــرةً باهتـــداءِ
غيــر أنِّــي ودِدتُ ســترَ صـَديقي
بــــدلاً باســـْتفادة الأْنبـــاءِ
قُلْـن هـذا هـوىً فعـرّجْ على الحق
قِ وخــلِّ الهــوى لقلْــبٍ هــواءِ
ليــس فــي الحـقِّ أن تـودّ لخـلٍّ
أنَّـــهُ الـــدهرَ كــامنُ الأدواءِ
بــلْ مـن الحـقِّ أن تُنقِّـر عنْهـن
نَ وإلَّا فـــــأنت كالبُعَـــــداءِ
إن بَحْـثَ الطَّبيبِ عنْ داءِ ذي الدَّا
ءِ لَأُسُّ الشـــِّفاءِ قبــل الشــفاءِ
دُونــك الكَشــْفَ والعتـابَ فقـوِّم
بهمَـــا كُـــلَّ خَلَّـــةٍ عَوْجـــاءِ
وإذا مـا بـدا لَـكَ العُـرُّ يوْمـاً
فَتَتَبَّــــعْ نِقـــابَه بالهِنـــاء
قُلْـتُ فـي ذاك مَـوْتُكُنَّ ومـا المو
تُ بمُســـتعذب لـــدى الأحْيـــاءِ
قُلْـن مـا الموتُ بالكريه إذا كا
ن بحــقٍّ فلا تــزدْ فــي المـراءِ
يـا أخـي هَبْـكَ لم تهبْ ليَ من سَع
يــــك حظـــاً كســـائر البُخلاءِ
أَفَلا كــــان منـــك ردٌّ جميـــلٌ
فيــه للنّفــس راحـةٌ مـن عَنـاءِ
أجَــزاءُ الصـَّديق إيطـاؤُهُ العِـش
وة حتَــــى يظـــلّ كالعشـــْواءِ
تاركــاً سـعْيَه اتِّكـالاً علـى سـَعْ
يـــكَ دون الصــِّحاب والشــُّفعاءِ
كالَّــذي غـرَّه السـَّراب بمـا خـي
يَـل حتَّـى هـراق مـا فـي السِّقاءِ
يـا أبـا القاسم الذي كنت أرجو
ه لــدهْري قَطَعْــتَ مَتْـن الرَّجـاءِ
بِكــرُ حاجــاتِ مـن يعُـدُّك للشـِد
دَةِ طـــوراً وتـــارةً للرَّخـــاءِ
نمــتَ عنهــا ومـا لمثلـك عُـذْرٌ
عنــد ذي نُهيــةٍ علــى الإغفـاءِ
قَســَماً لـو سـألتُ أخـرى عَوانـاً
لتَنمَّـــرْتَ لـــي مَــعَ الأعــداءِ
لا أجازيــك مــن غــروركَ إيــا
يَ غــروراً وُقِّيــت سـُوء الجـزاءِ
بـل أَرى صـِدْقك الحـديثَ ومـا ذا
ك لبخــــلٍ عليـــك بالإغضـــاءِ
أنـتَ عينـي وليـس مـن حـق عَيني
غَــضُّ أَجفانهــا علــى الأقْــذاءِ
مـا بِأمثـالِ مـا أتيـت مـن الأم
ر يَحُــلُّ الفــتى ذُرا الْعلْيــاء
لا ولا يكْسـب المحامِـد فـي النـا
س ولا يشـــتري جميــلَ الثنــاءِ
ليـس مـن حـلَّ بالمحـلِّ الـذي أن
ت بـــه مـــن ســماحةٍ ووفــاءِ
بَـــذَلَ الوعْـــدَ للأخلَّاءِ ســـَمْحاً
وأبــى بعــد ذاك بـذلَ العطـاءِ
فَغَــدا كــالْخلافِ يُــورقُ للعــي
ن ويــأبى الإثمــار كـل الإبـاءِ
ليـس يرضـى الصـديقُ منـك ببشـر
تحـــت مَخْبــوره دَفيــنُ جَفــاءِ
يـا أخـي يا أخا الدَّماثة والرق
قَــة والظَّـرف والحِجـا والـدهاءِ
أتُــرى الضـَّربة الـتي هـي غيـبٌ
خُلْــفَ خمســين ضـربةً فـي وَحَـاءِ
ثـاقِب الـرأي نافـذ الفكر فيها
غيـــر ذي فَتْـــرة ولا إبْطـــاءِ
وتُلاقيــــك شــــيعةٌ فيظلّــــو
ن علـــى ظهـــر آلــةٍ حَــدْباءِ
تَهــزمُ الجمــع أوحـديّاً وتُلْـوي
بالصـــَّناديد أيَّمـــا إلـــواءِ
وَتحُــطُّ الرِّخَــاخَ بعـد الفَـرازي
ن فــــتزداد شـــدةَ اســـتعلاءِ
رُبَّمـــا هــالني وحيَّــر عقلِــي
أخْـــذُكَ اللّاعـــبين بالبأســاءِ
ورضــاهم هنـاك بالنِّصـف والـرُّب
ع وأَدْنــى رضــاكَ فــي الإِربـاءِ
واحــتراسُ الـدُهاة منـك وإعصـا
فُـــكَ بالأقويـــاءِ والضـــعفاءِ
عـن تـدابيرك اللِّطـاف اللَّـواتي
هُــنَّ أخفـى مـن مُستسـرِّ الهبـاءِ
بــل مـن السـِّر فـي ضـمير مُحـبٍّ
أدَّبتْــــهُ عقوبــــةُ الإفْشـــاءِ
فإخـالُ الـذي تُـديرُ علـى القـو
م حُروبـــــاً دوائرَ الأرحــــاءِ
وأظُــنُّ افتراسـَك القِـرْنَ فـالقر
ن منايـــــا وشــــيكةَ الإرداءِ
وأرى أنّ رقعــــــــةَ الأَدَمِ الأحْ
مــــر أرْضٌ عَلَّلتهـــا بـــدماءِ
غلـطَ النـاسُ لسـت تلعـب بالشـِّط
رنــج لكــن بــأنفُس اللُّعبــاءِ
أنــت جِــدِّيها وغيــرك مـن يـل
عــب إن الرِّجــال غيـرُ النِّسـاءِ
لـك مكـرٌ يـدبُّ فـي القـوم أخفى
مـن دبيـب الغـذاء فـي الأعضـاءِ
أو دبيــب المَلالِ فــي مُسـْتهامَيْ
ن إلــى غايــة مــن البغضــاءِ
أو مَسـيرِ القضـاء فـي ظُلمِ الغي
ب إلــى مــن يُريــده بـالتَّواءِ
أو سـُرى الشـيب تحـت ليـل شباب
مُســـتحير فـــي لِمِّــة ســَحماءِ
دبَّ فيهــا لهــا ومنهـا إليهـا
فاكْتَســـَتْ لــون رثَّــة شــَمْطاءِ
تَقْتُـلُ الشـَّاه حيـث شِئت من الرُّق
عــة طَبَّــا بالقِتْلــة النّكـراءِ
غيـر مـا نـاظرٍ بعيْنـك في الدَّس
تِ ولا مقبـــلٍ علـــى الرُّســـلاءِ
بـل تراهـا وأنـتَ مُسـتدبرُ الظَّه
ر بقلـــبٍ مُصـــوَّرٍ مــن ذكــاءِ
مــا رأينـا سـِواك قِرْنـاً يُـولِّي
وهــو يُــرْدي فــوارس الْهيجـاءِ
رُبَّ قَــوْم رأوْكَ رِيعُــوا فقـالوا
هـل تكـونُ العيـون فـي الأقفـاءِ
والفُـؤادُ الـذكيُّ للمطـرق المُـع
رِضِ عيــنٌ يَــرى بهــا مـن وراءِ
تقــرأ الدَّســتَ ظــاهراً فتُـؤدي
ه جميعـــاً كـــأحْفظ القُـــرّاءِ
وتُلَقَّــى الصـوابَ فيمـا سـوى ذا
ك إذا جـــــار جــــائرُ الآراءِ
فــترى أن بُلغــةً معهــا الـرَّا
حــةُ خيــرٌ مــن ثَــروةٍ وشـقاءِ
رؤيـــةٌ لا خلاج فيهـــا ولــولا
ذاك لـم تـأبَ صـحبة ابـنِ بُغـاءِ
وهـو موسـى وصـاحبُ السيف والجي
ش ورُكْـــنُ الخِلافـــة الغلبــاءِ
بعتَــه واشــتريت عيشــاً هنيئاً
رابـح الـبيع كيَّسـاً فـي الشراءِ
وقــديماً رغْبــتَ عـن كـل مَصـْحو
بٍ مـــن المُتْرفيـــنَ والأمــراءِ
ورَفَضــْتَ التجـارةَ الجمَّـة الـرِّب
حِ ومــا فـي مِراسـها مـن جَـداءِ
وهَـذَى العـاذلُونَ مـن جهـة الرِّب
حِ فخلَّيتهـــم وطـــولَ الهُــذاءِ
أعْرَضــَتْ عنهُــمُ عَزَائمُــك الصـُم
مُ بــــأُذنٍ ســــميعة صــــمّاءِ
حيـن لـم تكْـترثْ لقـول أخـي غِش
شٍ يُـــرى أنــه مــن النُّصــحاءِ
وإذا صـحَّ رأيُ ذي الـرأي لـم تن
ظـــر بعينــي مَشــُورةٍ عَــوْراءِ
لــمْ تبــعْ طيــب عيشـةٍ بفضـولٍ
دُوَنهـــا خبــثُ عيشــةٍ كــدْراءِ
تعــبُ النَّفـس والمهانـةُ والـذل
لَــةُ والخــوفُ واطِّـراحُ الحيـاءِ
بــل أطعــتَ النُّهـى فَفُـزت بحـظٍّ
قَصــُرتْ عنــه فِطنــةُ الأغْبيــاءِ
راحـةُ النفـس والصـِّيانةُ والعـف
فَــةُ والأمــنُ فــي حيــاء رَواءِ
عالمــاً بالــذي أخــذتَ وأعطـي
تَ حكيمــاً فــي الأخـذ والإعْطـاءِ
جَهبَــذَ العَقــل لا يفوتــك شـيءٌ
مِثلُــهُ فــاتَ أعيــنَ البُصــَراءِ
غيــرَ مُســتنزِلٍ عـن الوضـَح الأط
لــس بـالزائف الصـبيح الـرُّواءِ
قــائلاً للمشــيرِ بالكــدحِ مهلاً
مـا اجتهـادُ اللَّبيبِ بعد اكتفاءِ
قـــرّبَ الحِــرْصُ مركبــاً لشــقيّ
إنمــا الحــرصُ مركـبُ الأشـقياءِ
مرحبــاً بالكفــافِ يـأتي هنيئاً
وعلــى المُتعِبـات ذيـلُ العفـاءِ
ضــَلةً لامــرئٍ يُشــمِّرُ فـي الجـم
ع لعيــــش مُشــــَمِّرٍ للفنـــاءِ
دائبــاً يكنـز القنـاطير للـوا
رِث والعُمـــرُ دائبــاً لانقضــاءِ
حبـذا كـثرةُ القنـاطير لـو كـا
نــت لــربِّ الكنـوزِ كنـزَ بقـاءِ
يَغْتــدي يَرْحــم الأســيرُ أسـيراً
جـــاهلاً أنـــه مـــن الأُســَراءِ
لا إلـى اللـه يذهب الحائرُ البا
ئرُ جهلاً ولا إلـــــى الســــراءِ
يَحســَبُ الحــظَّ كلــه فـي يـديه
وهــو منـه علـى مـدى الجَـوزاءِ
ليـس فـي آجـلِ النَّعيـم لـه حـظ
ظٌ ومـــا ذاقَ عاجــلَ النَّعمــاءِ
ذلــك الخــائبُ الشـقي وإن كـا
ن يُـــرى أنّــهُ مــن الســُّعداءِ
حَســـْبُ ذي إرْبـــةٍ ورأيٍ جَلـــيٍّ
نَظَــــرتْ عينــــه بلا غُلـــواءِ
صــحةُ الـدينِ والجـوارح والعـرْ
ضِ وإحـــرازُ مُســـكة الحوبــاءِ
تلــك خيـرٌ لعـارِف الخيـر ممـا
يجمـعُ النـاسُ مـن فضـولِ الثراءِ
ولهــا مــن ذَوي الأصــالة عُشـَّا
قٌ وليســـوا بتــابِعي الأهــواءِ
ليــس للمكــثر المُنغَّــص عيــشٌ
إنمــا عيــشُ عــائشٍ بالهَنَــاءِ
يـا أبـا القاسم الذي ليس يخفَى
عنـــه مكنُـــونُ خُطَّــةٍ عَوْصــاءِ
أتَــرَى كــل مــا ذكــرتُ جليّـاً
وســـواهُ مــن غــامض الأنحــاءِ
ثــم يَخْفَــى عليــك أنّـي صـديقٌ
رُبَّمـــا عـــزَّ مِثلُــه بــالغَلاءِ
لا لَعَمــرُ الإلــه لكــن تعاشــي
تَ بصــيراً فــي ليلــةٍ قَمــراءِ
بـل تعـامَيْتَ غيـر أعمى عن الحق
قِ نهـــاراً فــي ضــَحوةٍ غــرّاءِ
ظالمـاً لي مع الزمانِ الذي ابتَز
زَ حقـــوقَ الكـــرام للُّؤمـــاءِ
ثَقُلــتْ حــاجتي عليــك فأضــحتْ
وهــي عبــءٌ مـن فـادحِ الأعبـاءِ
ولهـــا محمِـــلٌ خفيــفٌ ولكــن
كــان حظّــي لـديك دونَ اللَّفـاءِ
كـان مقـدارُ حُرمـتي بـك فـي نف
ســك شــيئاً مـن تـافِه الأشـياءِ
فتَــوانَيْت والتــواني وَطيـءُ ال
ظَهـــرِ لكنَّــه ذَميــمُ الوِطــاءِ
كنــت ممــن يـرى التشـيُّعَ لكـنْ
مِلــتَ فـي حـاجتي إلـى الإرْجـاءِ
ولعَمْـــرِي لقــد ســعيتَ ولكــن
نَــك عــذّرت بعـد طـول التـواءِ
فتَنــزَّه عــن الريــاء فتعــذي
رُك فـي السـعيِ شـُعبةٌ مـن رِيـاءِ
ليـس يُجـدي عليـك فـي طلب الحا
جــــاتِ إلا ذو نيـــةٍ ومضـــَاءِ
ظلمـــت حـــاجتي فلاذتْ بحقْــوَيْ
ك فأســـلمتها بكـــف القضــاءَ
وقضـــاءُ الإلــه أَحــوط للنــا
س مــــن الأمهــــات والآبـــاءِ
غيــر أن اليقيـن أضـحى مريضـاً
مرضــاً باطِنــاَ شــديدَ الخفـاءِ
مـا وجـدتُ امْـرَأً يـرى أنـه يـو
قِــن إلّا وفيــه شــَوْبُ امْتِــراءِ
لـو يصـحُّ اليقيـنُ مـا رَغِبَ الرا
غــبُ إلّا إلــى مَليــكِ الســماءِ
وعَســـيرٌ بلــوغُ هاتِيــكَ جــداً
تلــك عُليــا مَراتِــب الأنبيـاءِ
كنــتُ مستوحشــاً فـأظهرتَ بَخسـاً
زادنــي وحشــةً مــن الخلطــاءِ
وعزيـــزٌ علــيَّ عَضــِّيكَ بــاللو
م ولكــنْ أصــبتَ صــدري بــداءِ
أنــت أدْوَيـتَ صـدر خِلِّـك فاعـذر
هُ علــى النَّفــثِ إنـه كالـدواءِ
لا تلــومنَّ لائمــاً وضــع اللَّــو
مــاءَ فـي كُنـه موضـع اللَّومـاءِ
إنْ تكـن نفحـةٌ أصـابتك مـن عَـذ
لــي فعمّــا قـدحتَ فـي الأحشـاءِ
يــا أبــا بكـرٍ المُشـارَ إليـه
بانقطــاعِ القَريـن فـي الأُدبـاءِ
قـد جعلنـاك حاكمـاً فاقض بالحق
قِ ومــا زلــتَ حــاكم الظرفـاءِ
تأخــذ الحــقَّ للمُحــقِّ وتنهــى
عـن ركـوب العَـداء أهـلَ العداءِ
ليـس يـؤتى الخَصـمانِ من جَنَفٍ في
ك ولا مــــن جهالـــةٍ وغبـــاءِ
هـل تـرى ما أتى أخوكَ أبو القا
ســم فـي حـاجتي بعيـنِ ارتضـاءِ
لــي حقــوقٌ عليـه أصـبح يلْـوي
هــا فَطــالِبْهُ لـي بوشـْك الأداءِ
لسـت أعتـدُّ لـي عليـه يـداً بـي
ضــاءَ غيــر المــودة البيضـاءِ
تلــك أو أننــي أخٌ لــو دعـاه
لمُهــمٍّ أجــاب أُولــى الــدعاءِ
يتقاضــى صــديقَهُ مثـل مـا يـب
ذل مـــن ذات نفســه بالســواءِ
وأُناديـك عـائذاً يـا أبـا القا
ســم أفـديك يـا عزيـزَ الفـداءِ
قــد قضــينا لُبانـةً مـن عتـاب
وجميــــلٌ تَعــــاتُبُ الأكفـــاءِ
ومــعَ العَتْــب والعتــابِ فـإني
حاضــرُ الصــفح واســعُ الإعفـاءِ
ولـك الـوُدُّ كالـذي كـان مـن خِل
لــك والصـدرُ غيـرُ ذي الشـّحناءِ
ولــك العـذر مثـل قـافيتي فـي
ك اتســـاعاً فإنهــا كالفضــاءِ
وتأمّـــلْ فإنهــا ألِــفُ المــد
دِ لهــا مَــدّةٌ بغيــرِ انتهــاءِ
والــذي أطلــق اللسـان فعـاتَبْ
تُــــك عَـــدِّيكَ أوَّلَ الفُهمـــاءِ
لـم أخـفْ منـك غلطـةً حيـن عاتب
تُـك تـدعو العتـابَ باسم الهجاءِ
وأنــا المــرءُ لا أسـومُ عتـابي
صــاحباً غيــرَ صــَفوةِ الأصـفياءِ
ذا الحِجا منهُمُ وذا الحِلمِ والعل
مِ وجهــــــلٌ ملامـــــةُ الجُهَلاءِ
إن مــــن لام جـــاهلاً لَطَـــبيبٌ
يتعـــــاطى علاج داءٍ عيـــــاءِ
لســتُ ممّــن يظـلُّ يربَـع بـاللوْ
مِ علــــى منـــزلٍ خلاءٍ قَـــواءِ
ابن الرومي
العصر العباسيعلي بن العباس بن جريج أو جورجيس، الرومي. شاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي، رومي الأصل، كان جده من موالي بني العباس. ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً قيل: دس له السمَّ القاسم بن عبيد الله -وزير المعتضد- وكان ابن الرومي قد هجاه. قال المرزباني: لا أعلم أنه مدح أحداً من رئيس أو مرؤوس إلا وعاد إليه فهجاه، ولذلك قلّت فائدته من قول الشعر وتحاماه الرؤساء وكان سبباً لوفاته. وقال أيضاً: وأخطأ محمد بن داود فيما رواه لمثقال (الوسطي) من أشعار ابن الرومي التي ليس في طاقة مثقال ولا أحد من شعراء زمانه أن يقول مثلها إلا ابن الرومي. وكان القاضي الفاضل قد أمر ابن سناء الملك باختيار شعر ابن الرومي، فاعتذر عن ذلك بقوله: (وأما ما أمر به في شعر ابن الرومي فما المملوك من أهل اختياره، ولا من الغواصين الذين يستخرجون الدر من بحاره، لأن بحاره زخارة، وأسوده زآرة، ومعدن تبره مردوم بالحجارة، وعلى كل عقيلة منه ألف نقاب بل ألف ستارة. يطمع ويؤيس ويوحش ويؤنس، وينير ويظلم، ويصبح ويعتم شذره وبعره، ودره وآجره، وقبلة تجانبها السبة، وصرة بجوارها قحبة، ووردة قد حف بها الشوك، وبراعة قد غطى عليها النوك. لا يصل الاختيار إلى الرطبة حتى يخرج بالسلى، ولا يقول عاشقها: هذه الملح قد أقبلت حتى يرى الحسن قد تولى. فما المملوك من جهابذته، وكيف وقد تفلس فيه الوزير، ولا من صيارفته ونقاده. ولو اختاره جرير لأعياه تمييز الخيش من الوشي والوبر من الحرير). وفي وفاته خلاف بين عام 283 و284 و296 و297
قصائد أخرىلابن الرومي
أُحبُّ المِهْرَجانَ لأنَّ فيهِ
لم يَلهُ في المِهْرجانِ أَوْلَى
أحمدُ اللَّه نيةً وثناءَ
يا أخي أين رَيْعُ ذاك اللِّقاءِ
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025