
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا مـادحَ الحقدِ محتالاً له شَبهاً
لقـد سـلكتَ إليـه مسـلكاً وَعِثـا
لـن يَقْلِـبَ العيب زَيْناً من يُزَيِّنُهُ
حـتى يَـرُدَّ كـبيراً عاتيـاً حـدثا
قـد أبرم اللّه أسبابَ الأمورِ معاً
فلـن تـرى سـبباً منْهـنَّ منتكثـا
يـا دافنَ الحقد في ضِعْفَيْ جوانِحِهِ
سـاء الدفينُ الذي أمستْ له جدثا
الحقـــدُ داءٌ دويٌّ لا دواءَ لـــهُ
يَـرِي الصـُّدورَ إذا ما جمره حُرثا
فاسْتَشـْفِ منـهُ بصـفحٍ أو معاتبـةٍ
فإنمـا يـبرأ المصـدورُ ما نفثا
واجعـلْ طلابَـك للأَوتـار مـا عَظُمَت
ولا تكــن لصـغير الأمـر مكترثـا
والعَفْـوُ أقـربُ للتقـوى وإن جُرُمٌ
مـن مجـرمٍ جَـرَحَ الأكبادَ أو فَرَثا
يكفيـك فـي العفو أن اللّه قرَّظهُ
وَحْيـاً إلى خير من صلَّى ومن بُعِثَا
شـهدتُ أنـكَ لـو أذنبـت ساءكَ أن
تلقـى أخـاك حقـوداً صـدرُهُ شَرِثَا
إذَنْ وسـرَّكَ أن ينسـى الذنوبَ معاً
وأن تصــادفَ منـه جانبـاً دَمِثـا
فكيـف تمـدح أمـراً كنـتَ تكرهُـهُ
فَكِّـرْ هُـديتَ تُمَيِّـزْ كلَّ ما اغتلثا
وليـس يخفَـى مـن الأشياء أقربُها
إلـى السـداد إذا ما باحثٌ بحثا
فارجع إلى الحقِّ من قُربٍ ومن أمَمٍ
وَلاَ تَمَــنَّ مُنَــى طفـلٍ إذا مرثـا
فمــن تثاقــل عـن حـقٍّ فبـادَرَهُ
إليـه خَصـْمٌ سـَفَى فـي وجهه وَحَثا
والفلْـجُ للحـقِّ والمُـدْلي بحجَّتِـهِ
إذا الخصـيم هنـاكم للخصيم جَثَا
إنـي إذا خلـط الإخـوانُ صـالحَهم
بِسـَيِّئِ الفعـلِ جِـدّاً كان أو عبثا
جعلـتُ صـدري كظـرف السَّبْك حينئذٍ
يَسْتخلصُ الفضَّةَ البيضاء لا الخبثا
ولســت أجْعَلــه كـالحوض أمـدحُهُ
بحفـظ مـا طابَ من ماء وما خَبَثا
ولا أزيِّــنُ عيــبي كــي أســوِّغَهُ
نفسـي ولا أنطق البهتانَ والرَّفثا
تَغْـبيبُ ذي العيـب عَنْهُ كيْ تُزيِّنَهُ
حِنْـثٌ وإنْ هـو لم يحلفْ فقد حنثا
والعيـبُ عيبـان فيمـن لا يقبِّحُـهُ
فـإن تجاهـلَ عَيْبَيْـهِ فقـد ثَلَثَـا
لا تجمعــنَّ إلـى عيـبٍ تُعـاب بـه
عَيـبَ الخداع فلن تزداد طيبَ نَثَا
كـم زخـرفَ القـولَ من زورٍ وَلبَّسَهُ
علـى العقـول ولكـنْ قلَّمـا لَبِثَا
إن القبيــحَ وإن صــنَّعْتَ ظـاهرَهُ
يعـودُ مـا لُـمَّ منـه مـرةً شـَعِثَا
علي بن العباس بن جريج أو جورجيس، الرومي. شاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي، رومي الأصل، كان جده من موالي بني العباس. ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً قيل: دس له السمَّ القاسم بن عبيد الله -وزير المعتضد- وكان ابن الرومي قد هجاه. قال المرزباني: لا أعلم أنه مدح أحداً من رئيس أو مرؤوس إلا وعاد إليه فهجاه، ولذلك قلّت فائدته من قول الشعر وتحاماه الرؤساء وكان سبباً لوفاته. وقال أيضاً: وأخطأ محمد بن داود فيما رواه لمثقال (الوسطي) من أشعار ابن الرومي التي ليس في طاقة مثقال ولا أحد من شعراء زمانه أن يقول مثلها إلا ابن الرومي. وكان القاضي الفاضل قد أمر ابن سناء الملك باختيار شعر ابن الرومي، فاعتذر عن ذلك بقوله: (وأما ما أمر به في شعر ابن الرومي فما المملوك من أهل اختياره، ولا من الغواصين الذين يستخرجون الدر من بحاره، لأن بحاره زخارة، وأسوده زآرة، ومعدن تبره مردوم بالحجارة، وعلى كل عقيلة منه ألف نقاب بل ألف ستارة. يطمع ويؤيس ويوحش ويؤنس، وينير ويظلم، ويصبح ويعتم شذره وبعره، ودره وآجره، وقبلة تجانبها السبة، وصرة بجوارها قحبة، ووردة قد حف بها الشوك، وبراعة قد غطى عليها النوك. لا يصل الاختيار إلى الرطبة حتى يخرج بالسلى، ولا يقول عاشقها: هذه الملح قد أقبلت حتى يرى الحسن قد تولى. فما المملوك من جهابذته، وكيف وقد تفلس فيه الوزير، ولا من صيارفته ونقاده. ولو اختاره جرير لأعياه تمييز الخيش من الوشي والوبر من الحرير). وفي وفاته خلاف بين عام 283 و284 و296 و297