
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
نَفَـى هـمُّ شـيبي سـرورَ الشـبابِ
لقـد أظلـمَ الشـيبُ لمّـا أضـاءَ
قضــيتُ لظــلّ الصـبا بـالزوالِ
لمّـــا تحـــوّلَ عنّـــي وفــاءَ
أتعــرفُ لـي عـن شـبابي سـُلُوّاً
ومَـن يجـدِ الـداءَ يبـغِ الدواءَ
أأكسـو المشـيبَ سـوادَ الخضـاب
فأجعـــلَ للصـــبح ليلاً غطــاءَ
وكيــفَ أُرَجّــي وفــاءَ الخضـاب
إذا لــم أجِــدْ لشـبابي وفـاءَ
وريـــحٍ خفِيفَــةٍ رَوْحِ النّســِيمِ
أطّــــتْ بليلاً وهبّـــت رُخـــاءَ
ســرت وحياهــا شـقيقُ الحيـاةِ
علـى مَيّـت الأرض تُبكـي السـماءَ
فمـن صـَوْتِ رَعـدٍ يسـوق السـحابَ
كمـا يسـمعُ الفحـلُ شـولاً رغـاءَ
وتُشــْعِلُ فـي جانبيهـا الـبروقُ
بريــقَ الســيوف تُهـزّ انتضـاءَ
فبــتّ مــن الليــل فـي ظلمـةٍ
فيـا غُـرّةَ الصـبح هاتي الضياءَ
ويــا ريـحُ إمّـا مَرَيْـتِ الحيـا
ورَوّيْــتِ منـه الربـوعَ الظمـاءَ
فســوقي إلــيّ جهــامَ السـحاب
لأملأهـــنّ مـــن الــدمع مــاءَ
ويســقي بكــائيَ ربــع الصـبا
فما زالَ في المحل يسقي البكاءَ
ولا تعطِشـــــي طللاً بــــالحمى
تَــدَانى علـى مُزْنَـةٍ أو تنـائى
وإن تَجْهَلِيـــــهِ فَعِيـــــدانُهُ
لظـى الشـمس تلذَعُ منها الكباءَ
ولا تعجـــبي فمغــاني الهــوى
يطيّــب طيــبُ ثراهــا الهـواءَ
ولـــي بينهـــا مهجــةٌ صــَبّةٌ
تـزودتُ فـي الجسـم منهـا ذماءَ
ديــارٌ تمشــّتْ إليهـا الخطـوبُ
كمــا تتمشـّى الـذئابُ الضـراءَ
صـحبتُ بهـا فـي الغيـاض الأسودَ
وزرتُ بهـا فـي الكنـاس الظباءَ
وراءَك يـــا بحــرُ لــي جَنّــةٌ
لبسـتُ النّعيـم بهـا لا الشـقاءَ
إذا أنـا حـاولت منهـا صـباحاً
تعرضــتَ مـن دونهـا لـي مسـاءَ
فلـو أنّنـي كنـتُ أُعطـى المنـى
إذا مَنَـعَ البحـرُ منهـا اللّقاءَ
ركبـــتُ الهلالَ بـــه زورقـــاً
إلــى أن أعــانقَ فيهـا ذُكـاءَ
عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس الأزدي الصقلي أبو محمد.شاعر مبدع، ولد وتعلم في جزيرة صقلية، ورحل إلى الأندلس سنة 471هـ، فمدح المعتمد بن عباد فأجزل له عطاياه.وانتقل إلى إفريقية سنة 516 هـ. وتوفي بجزيرة ميورقة عن نحو 80 عاماً، وقد فقد بصره.له (ديوان شعر- ط) منه مخطوطة نفيسة جداً، في مكتبة الفاتيكان (447 عربي)، كتبها إبراهيم بن علي الشاطبي سنة 607.