
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تـــدَرّعْتُ صـــبري جُنَّــةً للنــوائبِ
فـإن لـم تُسـالمْ يـا زمـان فحـاربِ
عجمـــتَ حصـــاةً لا تليــن لعــاجمٍ
ورُضـــْتَ شموســـاً لا يــذلّ لراكــبِ
كأنّــك لــم تقنــع لنفسـي بغربـةٍ
إذا لــم أُنَقّــب فـي بِلاد المَغـاربِ
بِلادٌ جـــرى فـــوق البُلادة ماؤهــا
فأصــبح منــه نــاهلاً كــلُّ شــاربِ
فُطِمــتُ بهــا عــن كـلّ كـأسٍ ولَـذّةٍ
وأنفقـتُ كنـزَ العمـر فـي غير واجِبِ
يـبيت رئاسُ العضـب فـي ثِنْـيِ ساعدي
مُعاوضــَةً مــن جِيــد غيـداءَ كـاعبِ
ومــا ضــاجعَ الهنــديُّ إلا مثلّمــاً
مُضـارِبه يَـومَ الـوغى فـي الضـّرائبِ
إذا كـانَ لـي فـي السَيفِ أُنس ألِفته
فلا وحشــة عنــدي لِفقــد الحبـائِبِ
فَكُنـتُ وَقَـدّي فـي الصـَبا مِثـلُ قَـدّه
عَهـــدتُ إِلَيــه أَن مِنــهُ مَكاســِبي
فَــإِن تَـكُ لـي فـي المَشـرَفِيّ مـآربٌ
فَكَـم فـي عَصـا مُوسـى لَـهُ مِـن مَآرِبِ
أَتحســبني أنْسـَى ومـا زلـت ذاكِـراً
خِيانــةَ دَهــري أو خيانــةَ صـَاحبي
تَغَــذّى بــأخلاقي صـغيراً ولَـم تَكُـنْ
ضــــــَرائِبُه إلّا خِلافَ ضــــــَرائبي
ويـــا ربّ نَبْــتٍ تعــتريهِ مــرارَةٌ
وقـد كـان يُسـقى عـذبَ ماء السحائِبِ
علمــتُ بتجريــبي أمــوراً جَهِلتُهـا
وقـد تُجْهَـل الأشـياءُ قبـل التجـارِبِ
ومَــنْ ظَــنّ أمْـواه الخضـارم عَذْبَـةً
قضــى بخلاف الظــنّ عنــدَ المشـارِبِ
ركبـتُ النّـوَى فـي رحـلِ كـلّ نَجيبـةٍ
تُواصــِلُ أســبابي بقطــع السَباسـِبِ
قِلاصٌ حَنــــاهنّ الهـــزالُ كَأنهـــا
حنِيّــات نَبْــعٍ فــي أكــفِّ جــواذِبِ
إذا وَرَدَتْ مـن زرقـة المـاءِ أَعيُنـاً
وقَفْــنَ علــى أرجائهــا كـالحواجِبِ
بصــادقِ عــزْم فـي الأمـاني يُحِلّنـي
علــى أمَـلٍ مـن همّـةِ النفـس كـاذِبِ
ولا ســــَكَنٌ إلا مناجـــاة فكرضـــةٍ
كــأني بهــا مستحضــرٌ كــلّ غـائِبِ
ولمــا رأيْــت النـاس يُرْهَـب شـرهُم
تجنّبْتُهــم واخــترْت وَحْــدَة راهِــبِ
أَحتّــى خَيــالٌ كُنــتُ أَحظـى بـزَوْرِهِ
لَـه فـي الكَـرى عـن مَضجعي صدّ عاتِبِ
فَهـل حـالَ مـن شـَكلي عليهِ فَلم يَزرْ
قضــافةُ جســمي وابيضــاضُ ذوائبـي
إذا عــدَّ مَـن غـابَ الشـُهورَ لِغُربَـةٍ
عـددتُ لهـا الأحقـابَ فـوقَ الحقـائِبِ
وكَـــم عَزَمــاتٍ كالســيوفِ صــوادِق
تجرّدهــا أيــدي الأَمـاني الكـواذِبِ
ولـي فـي سـماء الشـرقِ مَطلَعُة كَوكَبٍ
جلا مـن طلـوعي بيـنَ زهـرِ الكـواكِبِ
ألفـتُ اغـترابي عنـه حـتى تكـاثَرَت
لــه عُقَــدُ الأيّــام فـي كـفِّ حاسـِبِ
مـتى تَسـمَعُ الجَوزاءُ في الجو مَنطقي
تصـخْ فـي مَقـالي لارتجـالِ الغـرائِبِ
وكــم لـي بـه مـن صـنوِ وُدٍّ محـافظٍ
لـذي العيـب مـن أعـدائهِ غير غائِبِ
أخـي ثقـةٍ نـادَمْتُهُ الـراحَ والصـبا
لــه مــن يـدِ الأيـامِ غَيـرُ سـوالِبِ
معتّقــةٌ دعْ ذكــر أحْقــابِ عُمرهــا
فقــد مُلئتْ منهــا أنامــلُ حاســِبِ
إذا خاض منها الماءُ في مُضْمَر الحشا
بـدا الـدرّ منهـا بيـن طـافٍ وراسِبِ
ليـــاليّ بالمهــديَّتين كأنهــا ال
لآلــئُ مــنْ دنْيــاك فَــوقَ تــرائِبِ
ليــــالي لـــم يـــذهبن إلّا لآلئاً
نظمــنَ عقــوداً للســّنين الـذواهِبِ
إذا شــئتُ أنْ أرْمــي الهلالَ بلحظَـةٍ
لمحــتُ تَميمـاً فـي سـماءِ المنـاقِبِ
ولـــو أنّ أرضـــي حــرةٌ لأتَيتُهــا
بعـــزمٍ يعُــدُّ الســيرَ ضــربةَ لازِبِ
ولكــنَّ أَرضــي كَيــفَ لـي بفكاكهـا
مـن الأسـْر في أيدي العُلوجِ الغواصِبِ
لَئِن ظَفِـــرت تِلــكَ الكِلابُ بأَكلِهــا
فبعــد ســكونٍ للعــروقِ الضــوارِبِ
أَحيــنَ تفــانى أَهلهـا طـوْعَ فتنـةٍ
يضــرّم فيهــا نــارَه كــلُّ حــاطِبِ
وأَضــحَت بهــا أَهــواؤهم وكَأَنَّمــا
مــذاهبهم فيهــا اختلافُ المــذاهِبِ
ولَــم يرحَـمِ الأَرحـامَ منهـا أقـارِبٌ
تــروّي ســيوفاً مــن نجيـع أقـارِبِ
وكـان لهـم جَـذْبُ الأصـابِعِ لـم يَكُـن
رواجـــبُ منهــا حانيــاتِ رواجِــبِ
حُمــاةٌ إذا أبْصــَرْتَهُمْ فــي كريهَـةٍ
رضــيتَ مــن الآسـاد عـن كـلّ غاضـِبِ
إِذا ضـَارَبوا فـي مأزِقِ الضربِ جرّدوا
صــواعقَ مــن أيــديهمُ فـي سـحائِبِ
لهـم يـومَ طَعْـنِ السـُّمْرِ أيـدٍ مبيحةٌ
كُلَــى الأسـْدِ فـي كرّاتهـم للثَعـالِبِ
تخــبّ بهــمْ قــبٌّ يُطيــلُ صــهيلُها
بــأرْض أعــاديهم نيــاحَ النّـوادِبِ
مؤلَّلَــــةُ الآذان تحــــتَ إلالهـــمْ
كمــا حُرّفَــتْ بــالبريِ أقلامُ كـاتِبِ
إذا مـا أدارَتهـا على الهام خلتَها
تَـدورُ لِسـَمعِ الـذِكر فـوقَ الكَـواكِبِ
إذا سـكتوا فـي غمرةِ الموْتِ أنْطقوا
علـى الـبيض بيضَ المرهفاتِ القواضِبِ
تَـرى شـُعَل النيـرانِ فـي خَلجِ الظبا
تـذيق المنايـا مـن أكـفِّ المـواهِبِ
أُولئكَ قـــومٌ لا يُخــاف انحرافُهُــمْ
عـن المـوت إن خـامَتْ أسودُ الكتائِبِ
إِذا ضـَلَّ قومٌ عن سَبيلِ الهُدى اهتدوا
وأيّ ضــــَلالٍ للنّجـــوم الثـــواقِبِ
وكـم منهـمُ مـن صـادق البـأس مُفْكِرٍ
إذا كَـرّ فـي الأقـدامِ لا في العَواقِبِ
لــه حملـةٌ عـن فتكَتَيـنِ انفراجُهـا
كفتكِــك مــن وجهيـن شـاهَ الملَاعِـبِ
إذا مـا غَزَوْا في الرّومِ كان دخولُهُمْ
بطــونَ الخلايـا فـي مُتـون السـّلاهِبِ
يموتـونَ مـوتَ العِـزّ في حَوْمةِ الوَغى
إذا مـاتَ أهـلُ الجبـنِ بين الكَواعِبِ
حَشـَوْا مـن عجاجـاتِ الجهـادِ وسائداً
تُعَـدّ لهـم فـي الـدّفن تَحتَ المَناكِبِ
فغـاروا أفـولَ الشهب في حُفَرِ البلى
وأبْقَـوْا علـى الدنْيا سوادَ الغياهِبِ
ألا فــي ضــمانِ اللَّــه دار بِنُـوطَسٍ
وَدَرّتْ عليهـــا مُعْصــِراتُ الهواضــِبِ
أُمَثّلُهــا فــي خــاطري كــلّ سـاعةٍ
وأمْـري لهـا قَطْـرَ الـدّموعِ السواكِبِ
أَحــنّ حنيـنَ النيـبِ للمَـوطنِ الّـذي
مغَــاني غــوانيه إِليــهِ جَــواذبي
ومـن سـار عـن أرْضٍ ثـوى قلبُـهُ بها
تَمَنَّــى لــه بالجِســمِ أَوبــةَ آيِـبِ
عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس الأزدي الصقلي أبو محمد.شاعر مبدع، ولد وتعلم في جزيرة صقلية، ورحل إلى الأندلس سنة 471هـ، فمدح المعتمد بن عباد فأجزل له عطاياه.وانتقل إلى إفريقية سنة 516 هـ. وتوفي بجزيرة ميورقة عن نحو 80 عاماً، وقد فقد بصره.له (ديوان شعر- ط) منه مخطوطة نفيسة جداً، في مكتبة الفاتيكان (447 عربي)، كتبها إبراهيم بن علي الشاطبي سنة 607.