
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
واعمُـرْ بقصـرِ المُلْـك ناديكَ الذي
أضــحى بمجــدك بيتــه معمــورا
قصـرٌ لـوَ انَّـكَ قـد كحلـتَ بنـوره
أعمـى لعـادَ إلـى المقـام بصيرا
واشـتقّ مـن معنـى الحيـاة نسيمه
فيكــادُ يُحْــدِثُ للعظــام نُشـورا
نُسـيَ الصـبيحُ مـع المليـح بذكره
وســما ففــاقَ خورنقــاً وسـديرا
ولــوَ اَنَّ بــالألوان قوبـلَ حسـنُهُ
مــا كــان شــيءٌ عنـده مـذكورا
أعيـت مصـانعه علـى الفُـرْسِ الألى
رفعـوا البناء وأحكموا التدبيرا
ومضَتْ على الرّومْ الدهورُ وما بنوْا
لملــوكهم شــَبَهاً لــه ونظيــرا
أذكرْتَنَـا الفـرْدوْس حيـنَ أرَيْتَنَـا
غُرَفــاً رفعــتَ بناءَهــا وقصـورا
فالمحســنون تَزَيّــدوا أعمــالهمْ
وَرَجَـــوْا بــذلك جَنّــةً وحريــرا
والمـذنبون هُـدوا الصـراطَ وَكفّرَتْ
حســـناتُهُمْ لـــذنوبهم تكفيــرا
فَلَــــكٌ مــــن الأفلاكِ إلّا أنّـــهُ
حَقَــرَ البـدورَ فـأطلعَ المنصـورا
أبصــرتُهُ فرأيــتُ أبــدعَ منظــرٍ
ثــم انثنيــتُ بنــاظري محسـورا
وظننــتُ أنــي حــالمٌ فــي جَنّـةٍ
لمّــا رأيـتُ الملـكَ فيـه كـبيرا
وإذا الـــولائدُ فَتّحَــتْ أبــوابَهُ
جَعَلَــتْ ترحّــبُ بالعُفــاةِ صـريرا
عَضـــّتْ علــى حلقــاتهنّ ضــراغمٌ
فَغَــرَتْ بهــا أفواهَهــا تكسـيرا
فكأنّهــا لَبَــدَتْ لتهصــرَ عنـدها
مــن لــم يكـنْ بـدخوله مـأمورا
تجــري الخــواطرُ مطلقـاتِ أعنـةٍ
فيــه فتكبــو عـن مـداه قصـورا
بمرخَّــم الســاحاتِ تحســبُ أنّــهُ
فُــرِشَ المَهــا وتَوَشـّحَ الكـافورا
ومحصـــَّبٍ بالــدرّ تحســبُ تربَــهُ
مســـكاً تَضــَوّعَ نشــره وعــبيرا
يسـتخلفُ الإصـباحُ منـه إذا انقضى
صــبحاً علــى غَسـَقِ الظلام منيـرا
وضــراغمٌ ســَكَنَتْ عريــنَ رئاســةٍ
تركـتْ خريـرَ المـاء فيـه زئيـرا
فكأنّمــا غَشــّى النّضـارُ جُسـومَهَا
وأذابَ فــي أفواهِهــا البلّــورا
أُســـْدٌ كـــأنّ ســكونَها متحــرّكٌ
فـي النفـس لـو وجدتْ هناك مثيرا
وتـــذكّرَتْ فتكاتهـــا فكأنّمـــا
أقعــتْ علــى أدبارهــا لتثـورا
وتخالُهــا والشـمسُ تجلـو لونَهـا
نــاراً وألسـُنَها اللـواحسَ نـورا
فكأنّمـــا ســُلّتْ ســيوفُ جــداولٍ
ذابــتْ بلا نــارٍ فَعُــدْنَ غــديرا
وكأنمــا نســج النســيم لمـائه
درعــاً فقــدر ســردها تقــديرا
وبديعــةِ الثّمَـرَاتِ تعبُـرُ نحوهـا
عينــايَ بحــرَ عجــائبٍ مســجورا
شـــجريةٍ ذهبيـــةٍ نزعــتْ إلــى
ســحر يـؤثّر فـي النهـى تـأثيرا
قــد صــَوْلَجَتْ أغصــانَها فكأنّمـا
قَنَصــَتْ لهـنّ مـن الفضـاء طيـورا
وكأنّمــا تــأبى لواقــع طيرهـا
أن تســـتقلّ بنهضـــها وتطيــرا
مــن كــلّ واقعـةٍ تـرَى منقارهـا
مــاءً كسلســال اللجيــن نميـرا
خُـرْسٌ تُعـدّ مـن الفصـَاح فـإن شدَتْ
جعلــتْ تغــرّدُ بالميــاه صـفيرا
وكأنّمــا فــي كــلّ غصــنٍ فضــةٌ
لانــتْ فأُرســِلَ خيطهــا مجــرورا
وتريـكَ فـي الصـّهريج موقعَ قَطْرِهَا
فــوْقَ الزّبَرْجَــدِ لؤلـؤاً منثـورا
ضــحكتْ محاســنُهُ إليــك كأنّمــا
جُعلـتْ لهـا زُهـرُ النجـوم ثغـورا
ومصــَفَّحِ الأبــوابِ تــبراً نَظّـروا
بــالنقش بيــن شــكوله تنظيـرا
تبـدو مسـاميرُ النضـارِ كمـا عَلَت
فلـك النهـود مـن الحسـان صدورا
خَلَعَــــتْ عليـــه غلائلاً ورســـيَّةً
شــمسٌ تــردّ الطـرفَ عنـه حسـيرا
وإذا نَظَــرْتَ إلــى غـرائبِ سـَقفهِ
أبصـرتَ روضـاً فـي السـماء نضيرا
وعجبــتَ مـن خطّـافِ عسـجده الّـتي
حــامتْ لتبنــي فـي ذراه وكـورا
وضـــعتْ بـــه صــنّاعُهُ أقلامَهــا
فأرَتْـــكَ كــلّ طريــدةٍ تصــويرا
وكأنّمـــا للشــمس فيــه ليقــةٌ
مَشـَقوا بهـا التّزْويـقَ والتشجيرا
وكَأنّمــــــا للأزَوَرْد مُخَــــــرِّمٌ
بــالخطّ فـي وَرَقِ السـماءِ سـطورا
وكأنّمـــا وَشـــّوْا عَلَيـــه ملاءَةً
تركــوا مكــان وشـاحِها مقصـورا
يـا مالـكَ الأرض الّـذي أضـحى لـه
مَلِـكُ السـماءِ علـى العداة نصيرا
كــم مــن قصـورٍ للملـوك تَقَـدّمَتْ
واســتوْجَبَتْ لقصــورك التّــأخيرا
فعمرتهــا وَملَكــتَ كــلّ رئاســةٍ
منهــا ودمّــرْتَ العــدا تـدميرا
عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس الأزدي الصقلي أبو محمد.شاعر مبدع، ولد وتعلم في جزيرة صقلية، ورحل إلى الأندلس سنة 471هـ، فمدح المعتمد بن عباد فأجزل له عطاياه.وانتقل إلى إفريقية سنة 516 هـ. وتوفي بجزيرة ميورقة عن نحو 80 عاماً، وقد فقد بصره.له (ديوان شعر- ط) منه مخطوطة نفيسة جداً، في مكتبة الفاتيكان (447 عربي)، كتبها إبراهيم بن علي الشاطبي سنة 607.