
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
خَليلَـيَّ مـا لِلبيـدِ قَـد عَبَقَـت نَشـرا
وَمـا لِـرُؤوسِ الرَكـبِ قَـد رُنِّحَـت سُكرا
هَـلِ المِسـكُ مَفتوقـاً بِمَدرَجَـةِ الصـَبا
أَمِ القَـومُ أَجـرَوا مِـن بَلَنسـِيَةٍ ذِكرا
خَليلَــيَّ عُوجــا بــي عَلَيهــا فَـإِنَّهُ
حَـديثٌ كَبَـردِ المـاءِ في الكَبِدِ الحَرّى
قِفــا غَيـرَ مَـأمورَينِ وَلِتَصـديا بِهـا
عَلـى ثِقَـةٍ لِلغَيـثِ فَاِستَسـقِيا القَطرا
بِجِســـرِ مَعـــانٍ وَالرَصـــافَةِ إِنَّــهُ
عَلى القَطرِ أَن يَسقي الرَصافَةَ وَالجِسرا
بِلادي الَّــتي ريشــَت قُوَيـديمتي بِهـا
فُرَيخــاً وَآوَتنــي قَرارَتُهــا وَكــرا
مَبـادئ ليـنِ العَيـشِ فـي رَيِّـقِ الصِبا
أَبـى اللَـهُ أَن أَنسـى لَها أَبَداً ذِكرا
لَبِســنا بِهـا ثَـوبَ الشـَبابِ لِباسـَها
وَلكِــن عَرينــا مِـن حُلاهُ وَلَـم تَعـرى
أَمَنزِلَنــا عَصـرَ الشـَبيبَةِ مـا الَّـذي
طَـوى دونَنـا تِلـكَ الشـَبيبَةَ وَالعَصرا
مَحَــلٌّ أَغَــرُّ العَهـدِ لَـم نُبـدِ ذِكـرَهُ
عَلــى كَبِـدٍ إِلا اِمتَـرى أَدمُعـاً حُمـرا
أَكُــلُّ مَكــانٍ كـانَ فـي الأَرضِ مَسـقَطاً
لِـرَأسِ الفَـتى يَهـواهُ مـا عاشَ مُضطَرّا
وَلا مِثــلَ مَــدحُوٍّ مِــنَ المِسـكِ تُربَـةً
تُمَلّـي الصـَبا فيهـا حَقيبَتَهـا عِطـرا
نَبــاتٌ كَــأَنَّ الخَــدَّ يَحمِــلُ نَــورَهُ
تَخـالُ لُجينـاً فـي أَعـاليهِ أَو تِـبرا
وَمـــاءٌ كَتَرصـــيعِ المَجَــرَّةِ جَلَّلَــت
نَــواحِيَهُ الأَزهــارُ فَاِشــتَبَكَت زُهـرا
أَنيــقٌ كَرَيعـانِ الحَيـاةِ الَّـتي خَلَـت
طَليــقٌ كَرَيّــانِ الشـَبابِ الَّـذي مَـرّا
وَقـالوا هَـلِ الفِـردَوسُ مـا قَد عَلِمتُهُ
فَقُلـتُ وَمـا الفِردَوسُ في الجَنَّةِ الأُخرى
بَلَنســـِيَةٌ تِلــكَ الزَبَرجَــدَةُ الَّــتي
تَســيلُ عَلَيهــا كُــلُّ لُؤلُــؤَةٍ نَهـرا
كَــأَنَّ عَروســاً أَبــدَعَ اللَـهُ حُسـنَها
فَصـَيَّرَ مِـن شـَرخِ الشـَبابِ لَهـا عُمـرا
وَإِن كـانَ قَـد مـدَّت يَـدُ البَينِ بَينَنا
مِـنَ الأَرضِ مـا يَهـدي المُجِـدّ بِهِ شَهرا
تُؤَبَّـــدُ فيهــا شَعشــَعانِيَّةُ الضــُحى
إِذا ضـاحَكَ الشـَمسُ البُحَيـرَةَ وَالنَهرا
تَراجَــمُ أَنفــاسُ الرِيــاحِ بِزَهرِهــا
رُجومــاً فَلا شــَيطانَ يَقرَبُهــا ذُعـرا
هِـيَ الـدُرَّةُ البَيضـاءُ مِـن حَيثُ جِئتَها
أَضـاءَت وَمـن لِلـدُّرِّ أَن يَشـبِهُ البَدرا
خَليلَــيَّ إِن أَصــدُر إِلَيهــا فَإِنَّهــا
هِـيَ الـوَطَنُ المَحبـوبُ أَوكَلتُهُ الصَدرا
وَلَـم أَطـوِ عَنها الخَطوَ هَجراً لَها إِذاً
فَلا لَثَمَــت نَعلــي مَسـاكِنَها الخَضـرا
وَلكِــــنَّ إِجلالاً لِتُربَتِهــــا الَّـــتي
تَضـُمُّ فَتاهـا النَـدبَ أَو كَهلَها الحُرّا
أَكـارِمُ عـاثَ الـدَهرُ مـا شـاءَ فيهِـمُ
فَبـادَت لَيـاليهِم فَهَـلِ اِشتَكى الدَهرا
هَجــوعٌ بِبَطـنِ الأَرضِ قَـد ضـَرَبَ الـرَدى
عَلَيهِـم قُبَيبـاتٍ فُوَيـقَ الثَـرى غُـبرا
تَقَضــَّوا فَمِــن نَجــمٍ هُنالِــكَ سـاقِطٍ
أَبى اللَهُ أَن يَرعى السِماكَ أَوِ النَسرا
وَمَــن ســابِقٍ هــذا إِذا شـاءَ غايَـةً
شـَأى غَيـرَ مَجهـودٍ جِيـادَ العُلا حُضـرا
أُنــاسٌ إِذا لاقَيــتَ مِــن شـيتَ مِنهُـمُ
تَلَقَّــوكَ لا غَــثَّ الحَــديثِ وَلا غَمــرا
وَقَـــد دَرَجــتَ أَعمــارُهُم فَتَطَلَّعــوا
هِلالَ ثَلاثٍ لَـــو ســـَنا رَقّ أَو بَــدرا
ثَلاثَــةُ أَمجــادٍ مِــنَ النَفَــرِ الأُلـى
زَكَـوا خَبَـراً بَيـنَ الوَرى وَزَكوا خُبرا
ثَكَلتهُــم ثُكلاً دَهــى العَيـنَ وَالحَشـا
فَفَجَّـــرَ ذا مــاءً وَســَجَّرَ ذا جَمــرا
كَفــى حَزَنــاً أَنّــي تَباعَــدتُ عَنهُـم
فَلَـم أَلـقَ مَـن أَسـرى مُخفّـاً وَلا سـرّا
وَإِنّــي مَــتى أَسـأَل بِهِـم كُـلَّ راكِـبٍ
لِيُظهِــرَ لــي خَيـراً تَـأَبَّطَ لـي شـَرّا
أبـــاحِثُهُ عَـــن صــالِحاتٍ عَهِــدتُها
هُنـاكَ فَيُنـبيني بِمـا يَقصـِمُ الظَهـرا
مُحَيّــا خَليــلٍ غــاضَ مــاءُ حَيــاتِهِ
وَســاكِنُ قَصــرٍ صـارَ مَسـكَنُهُ القَـبرا
وَأَزهَــر كَالإِصــباحِ قَـد كُنـتُ أَجتَلـي
ســَناهُ كَمــا يَسـتَقبِلُ الأَرِقُ الفَجـرا
فَـتىً لَـم يَكُـن خِلوَ الصِفاتِ مِنَ النَدى
وَلَـم يَتَنـاسَ الجـودَ أَعـدَمَ أَم أَثـرى
يُصــَرِّفُ مــا بَيـنَ اليَراعَـةِ وَالقَنـا
أَنـــامِلَهُ لا بَــل هَــواطِلَهُ الغَــرّا
طَويـــلُ نِجــادِ الســَيفِ لانَ كَأَنَّمــا
تَخَطّــى بِـهِ فـي البَـردِ خَطِّيَّـةً سـَمرا
ســَقَتهُ عَلــى مـا فيـهِ مِـن أَريحيّـةِ
خَلائِقُ هُــنَّ الخَمـرُ أَو تُشـبِهُ الخَمـرا
وَنَشــرُ مُحيــا لِلمَكــارِمِ لَــو سـَرَت
حُمَيّـاهُ فـي وَجـهِ الأَصـيلِ لَمـا اِصفَرّا
هَــلِ الســَعدُ إِلّا حَيــثُ خُــطَّ صـَعيدُهُ
فَمـا بَـلَّ فـي شـَفرَي ضـَريحٍ لَـهُ شَفرا
طَـــوَيتُ اللَيـــالي طَيَّهُــنَّ وَإِنَّمــا
طَــوَينَ بِــهِ عَنّـي التَجَلُّـدَ وَالصـَبرا
فَلا حُرِمَـــت ســـُقياهُ أَدمُــعَ مُزنَــةٍ
تَــرى مَبســَمَ النُـوّارِ أَصـفَرَ مُغبَـرّا
وَمــا دَعـوَتي لِلمُـزنِ عُـذراً لِـدَعوَتي
إِذا مـا جَعَلـتُ البُعـدَ عَن قُربِهِ عُذرا
مَعاهِـدُ قَـد وَلَّـت إِذا مـا اِعتَبَرتَهـا
وَجَـدتَ الَّـذي يَحلـو مِنَ العَيشِ قَد مَرّا
محمد بن غالب الرفاء الرصافي أبو عبد الله البلنسي.شاعر وقته في الأندلس، وأصله من رصافة بلنسية وإليها نسبته.كان يرفأ الثياب ترفعاً عن التكسب بشعره.وعرفه صاحب (المعجب) بالوزير الكاتب، أقام مدة بغرناطة، وسكن مالقة وتوفي بها.له ديوان شعر.