
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بَكَـت عُيـون العلا وَاِنحَطَـت الرُتـب
وَمَزَقَـت شـَملها مِـن حُزنهـا الكُتُب
وَنَكَســـَت رَأســَها الأَقلام باكيــة
عَلـى القَراطيـس لَمـا ناحَت الخطب
وَكَيـفَ لا وَسـماء العلـم كُنـت بِها
بَـدراً تَمامـاً فَحـالَت دونَك الحجب
يـا شـَمس فَضـل فدتك الشُهب قاطِبَة
إِذ عَنــكَ لا أَنجُـمٌ تَغنـي وَلا شـُهب
لَمــا أَصــابَك لا قَــوس وَلا وَتَــر
سـَهم المَنيـة كـادَ الكَـون ينقَلب
مـا حيلـة العَبـد وَالأَقدار جارية
العُمــر يــوهب وَالأَيــام تَنتَهـب
لَـو اِفتدتك المَنايا عندَ ما فَتَكَت
بِخيرَنــا لفـدتك العَجـم وَالعَـرَب
وَلا اِسـتَهَلَت عُيـون القطـر باكيـة
إِلّا عَلَيــك وَإِن حَلّـت بِنـا النـوب
أَمسـَت لِفَقـدك عَيـن العلـم سائلة
تَرجـو الشـِفاء وَأَنّـي يَنجَح الطَلَب
بَكَـت عَلَيـكَ السَما وَالأَرض وَاِضطَرَبَت
كَأَنَّمــا نالَهـا مِـن حُزنِهـا طَـرَب
مـا كُنـتُ أَحسَب قَبل اليَوم أَن لَدى
نُصـف النَهـار ضـِياء الشَمس يَحتَجب
لَـو كـانَ يَـدري فُؤادي يَوم نكبته
كَـانَ الفِـداء وَهَـذا بَعـض ما يَجب
بِـالرَغم منـي حَيـاتي بَعـد مَصرَعه
سـيان فرقـة مِـن أَحبَبـت وَالعطـب
قُـل لِلَّـذي يَـدَعي مِـن بَعـدِهِ أَدَباً
هَيهـات وَاللَـه مـاتَ العلم وَالأَدَب
قَضـى الَّـذي كـانَ يَزهو سَيف فكرته
بِشــارِدات المَعـاني حيـنَ يَقتَضـب
لَـو كانَت السُمر مِن أَقلامِهِ اِشتَبَكَت
عَلـى المَنيـة مـا اِهتَزَت لَها قَضب
وافـاه صـَرف القَضا يَسعى وَفي يَدِهِ
كَـأس عَلَيهـا المَنايا وَالرَذى حبب
لا تَطلبــن مِــن الأَيــام مشــبهه
عـزّ الـدَواء وَأنـي يَشـتَفى الوَصب
فَمـا تَريـك اللَيـالي مثلـه أَبَداً
قَـد يَنقَضـي العُمـر وَالآمال تَرتَقب
حلـم وَعلـم وَجـود فـي الوجود لَهُ
فَضــل وَفَيـض سـماح دونَـهُ السـُحُب
لَيـتَ المَنـام الَّـذي في صدقه غصص
قَد حالَ مِن دونِهِ في اليَقظة الكَذب
وَلَيـتَ أَحكـام أَحلامـي الَّـتي نَفذت
قَضــت بِحَتــف أَنـاس حلمهـم غَضـَب
أَيـن المَنايـا وَأَين الشامِتون بِهِ
وَالمُظهِـرون نِفاقـاً أَنَّهُـم نَكَبـوا
إِن الكَآبــة لا تخفــى ســَرائرهم
قَـد يَعرِفـون بِسـيماهم وَإِن نَدَبوا
إِن يَظهـروا الجَـدّ مِـن حُزن فإِنَّهُم
إِذ خَلـوا بِشـياطين الهَـوى لِعِبوا
لا يَشــمتوا إِن للأَيــام منقلبــاً
عَلَيهُــم وَاللَيــالي أَمنهـا رهـب
أَلَـم يَـروا كَم أَباد الدَهر قَبلَهُم
مِـن القُـرون وَهُـم مِـن بعدِهُم ذَنب
آمـالَهُم خَيمَـت فيهُـم وَمـا عَلِموا
أَن المَنايـا لَهـا فـي حَيهـم طنب
لَكنَهُــم قَــوم سـوء طـالَ عمرهـم
وَقَصـروا فـي العلى هَذا هُوَ السَبب
لَـو لَـم يَكُـن خَيرَهُم وَاللَه يرحمه
ما عاجلته المَنايا واِنقَضى النحب
إِنـا فَقَدنا البَقايا الصالِحات بِهِ
وَالصـَبر عَـز وَجَـل الوَيـل وَالحَرب
مِـن لِلقَـوافي الَّـتي كـانَت محجبة
إِذا بَــدَت وَهِـيَ بِـالأَحزان تَنتَقـب
لَقَـد سـَبتها المَراثـي في مَناقبه
وَدَمعهـا فـي اِنسـِجام هامـل سـرب
كَـأَن كَهـف المَعـالي لَم يَكُن أَبَداً
لِلنـاس عـوذاً إِذا مـا حَلَت الكرب
لَـم يَبـقَ فـي الأَرض شَيء بَعدَهُ حسن
إلّا خِلال لَـــهُ تَعـــزى وَتَنتَســـب
لَمـا دَعـاه إِلـى الفَـردوس خالِقه
لَبّـاه شـَوقاً وَكـادَت مُهجَـتي تَثـب
طـافَت عَلَيـهِ بِهـا الولدان حاملة
مِـن اللَحيـن كُؤوسـاً ملؤُهـا ضـرب
وَالحـور مُـذ جاءَهـا قـالَت مُؤرخة
بُشـرى فَقَـد جاءَنا المَقصود وَالأَرَب
الساعاتي محمود صفوت بن مصطفى آغا الذيله لي.شاعر مصري، ولد ونشأ بالقاهرة، وتأدب بالإسكندرية، ولما بلغ العشرين من عمره سافر لتأدية فريضة الحج.فتقرب من الشريف محمد بن عون أمير مكة، فأكرمه، ولازمه في بعض أسفاره، ورافقه في رحلاته إلى نجد واليمن ووصف كثيراً في شعره.ولما عزل الشريف المذكور عن إمارة مكة، وهاجر منها، هاجر معه صاحب الترجمة إلى القاهرة.واستخدم بديوان المعية "الكتخدائية" ثم بمعية سعيد باشا، ثم عين "عضواً" في مجلس أحكام الجيزة والقليوبية إلى أن توفي.اشتهر بالساعاتي لبراعته وولعه بعملها ولم يحترفها، وكان حلو النادرة، حسن المحاضرة، مهيب الطلعة، لم يتعلم النحو، ولا ما يؤهله للشعر.ولكنه استظهر ديوان المتنبي وبعض شعر غيره، فنظم ما نظم.له (ديوان شعر-ط)، و(مزدوجات-ط)، و(مختصر ديوان الساعاتي-ط).