
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لا أمنـع الـدمع أن يهمى وأن يكفا
ولا أزال ربـــع الحــزن معتكفــا
فــإن رزئيَ رزءٌ لــو بكيــت لــه
دم الحشـا ما كفى لو سال أو وكفا
ولـو أقـدَّ صـدار الصـَّدر عـن كبدي
لـم يصـبح الوجـدُ مني فيه مُنتصفا
فيـا مريـدَ اصـطباري لا تـردْ شططا
هيهــات تبصــرني بالصـبر متصـفا
أذهـب سـليماً ودعنـي آلفـاً شـجَني
فــإن مثلــي للأشــجانِ مـن ألِفـا
أو فــآجبر اليـومَ بالبكـاء معـي
إن كـان يجـبر قلـبٌ بعـدما تَلَفـا
وســاعدْ النــادبَ الثكلان محتسـبا
وجــاذب الصـب مـن أشـجانه طرفـا
إن المسـاعدَ عنـد الكـرب كـل فتى
حـاز العلا كلهـا التلـد والطُّرفـا
لا تلتفـت نحـو سـال قـام يعـذلني
جهلاً فمـا جاهـل شـيئاً كمـن عرفـا
يحسـن الصـبر مـن لو كان يعرف ما
ألقـاه قـال بحسـن الصبر واعترفا
فـدعه وانظـر بعينـي راحـم لـترى
مـا بـال بالي ببلبالي قد أنكسفا
واسـمع أقـص الـذي قـد قص قادمتي
وقــدّ قلـبي وركنـي هـد وانتسـفا
إنـي دهيـت بمـا حلـمٍ الحليـم له
كـالطود إن خـف مـن روعـاته وهفا
وخــاطبتني خطــوب الـدهر معلنـة
بـالرزء كيمـا أبـث البث واللهفا
هبـت ريـاح المنايـا وهـي عاصـفة
وزعـزع المـوت لا يبقـى إذا عصـفا
فصـادفت أصـل ايجـادي وقـد نحتـت
أيــامه عــوده فأنهــد وانقصـفا
وغـال غـول الـردى شيخي فوا أسفا
لـو كـان ينفـع شـيءٌ قـول وأأسفا
هـو المصـاب الـذي قـد صاب عارضه
رجـا رجـائي فمسـناه قـد انخسـفا
أقــام رســم الأسـى عنـدي وجـدده
رسـم تغيـر فـي دار البلـى وعفـا
فعـــود جســمي ذاو مــن تــذكره
فكيــف ينعـم فـرع أصـله انجعفـا
والمــــرء جــــزء أبـــوه وإذا
مـا أفـرد الجـزء عـن كليـه ضعفا
وكــل فاقــد شــخصٍ يرتجـى خلفَـا
منـه ولا يرتجـى ابـنٌ مـن أب خلفا
آليــت أبكـي فقيـداً لسـت أخلفـه
مـا عشـت والبرّ من قد برَّ إذ حلفا
أبـى مصـابُ أبـي منـي السـلوّ فيا
قلـبي وجفنـي قفا نبك الحبيب قفا
أودى غريبـاً ولـم ينـزح بـه وطـن
إلا كشــأوي جــواد بالمـدى وقفـا
يــا غربـةَ جرهـا والـدار مكـتئبَ
صـرف مـن الـدهر عن أوطاننا صرفا
إذ صـار فيهـنَّ ديـن الحـق مغتربا
يرتـاعُ إن صـدَّ ناب الكفر أو صدفا
وذل جـــانبه مـــن بعــد عزتــه
فلا نصـير يـرى نصـر الهـدى شـرفا
أيــن الألــى رفعـوا أعلام ملتنـا
حـتى أرتقـت شـرفاً للمجد أو شرفا
وأخرجـوا الكفـر مـن جنـات أندلس
وأورثوا الدين منها الروضة الأنفا
نفــوا مـن الأرض طاغوتـاً وطاغيـة
وأرغمـوا أنفـاً قـد أشـربت أنفـا
وأشــرقوا بجريعـات اللمـى غصصـا
عـدا أغصـُّوا نواحي الدهر والصدفا
أزمــانَ أشـرق مـن أنـوار رشـدهم
علـى الجزيـرة نـور أذهـبَ السدفا
الفاتحوهــا ومـا كـانت مفاتِحهـا
إلا الصــوارم والخطيــة الرَّعفــا
والحابســون عليهـا أنفسـاً صـبراً
لــدى الكفــاح فلا ميلاً ولا كشــفا
أولئك الســـلف الأعلــون ذكرهــم
بـاقٍ وإن كـان ماضـي عصـرهم سلفا
يـا قَّـدسَ اللـه منهـم معشراً كرماً
بــذَّتْ مــآثرهم أوصـاف مـن وصـفا
شـريعة الشـرع فينـا بعـدهم كدرتْ
وكـم حلا وردهـا قـدماً بهـم وصـفا
لـو أبصـروا كيف حال الحال بعدهم
رقـوا لنـا وأراقوا الأدمع الذرفا
ولـو أطـاقُوا لقـاموا مـن قُبورهم
حـتى يعيـدوا زمـان الفتح مؤتنَفا
يــا حســرتَا لبلاد عنهــم ورثــت
وإرثهـا اليـوم عنـا للعـدى صرفا
ويالمرســيةَ الغــراء مــن بلــدٍ
أضـحى منيـراً وأمسـى نـورهُ خسـفا
وكـــان صــافية للــدين خالصــةً
فشـارك الشـرك فيـه ملـة الحُنفـا
ويـا لجامعِهـا الأعلـى لقـد وضـعتْ
منـه مجـاورة التثليـث مـا شـرُفا
يكــاد يخــرسُ أصــوات الأذان بـه
صـوتُ النـواقيس والقسـيس إن هتفا
عهــدي بمعهـده الأسـنى وكنـت لـه
أَفِـي لـوان زمـاني بـالعهود وفـيُّ
إذ كنـت أشـهدُ أطـراف النهـار به
مــع المصـلّي وليلاً أشـهد الزُّلفـا
جـاورتُ منـه جمانـاً كـان مجتمعـاً
لبهجـة الـدين والـدنيا ومؤتلفـا
أخـوضُ فـي رحمـة فاضـتْ لـديه وقد
أجـول فـي خُرفـة الجنـات مخترفـا
حينـاً إلى أن أتى ريبُ الزمان بما
جلا أمــانَ ذوي الإيمــان أو جلفـا
فــإذ رأيــت أمــوراً كلُّهـا تلـف
فــررت للــه كيمـا آمـن التلفـا
هجــرتُ داري وأحبـابي ومـن شـِيمي
وصـلُ المهـاجر أمـا خـانني وجفـا
لكـن دعـا الأمـر بي هاجرْ فطرت له
وأوجـفَ الركـب بـالقلب الذي وجفا
مــا شـرتُ غيـر بريـد ثـم ثبّطنـي
ســرٌ أسـرَّ إلـى الإقـدار أن أقفـا
أقمــت حـولا أنـادي للرحيـل أبـي
وكـان منـه رحيـل المـوت قد أزفا
مــا زلـتُ أجـذبه والـدار تجـذِبه
فآتيــا ســبقاً نحــوي ومنَصــِرِفا
فجــاء أوريولــةً يومــاً كعـادته
يطيـع قلبـاً بحـبي كـان قـد شغفا
وخـاف وقـع الـرَّدى والشـمل منتشر
وخفتــه فأتــاني شــاكياً دنفــا
أقــام تسـعَ ليـال مـا وجـدت لـه
فيهـا شـفاء ولا صـدرُ المشـوق شفاً
عــالجته راجيــاً ابــراءَ علتــه
وكيــف يــبرأ مشــفٍ واقـفٌ بشـفا
أبـدى سـكوناً وكـربُ المـوت يَنشُده
فخلتـــه غفلــتْ أوجــاعه فغفــا
بينــا أعللــه مــن سـكرةٍ غشـيتْ
لـم أدرِ كيـف كخطف البارق أختُطفا
أدار ســاقيه أكـواس الحمـام لـه
ونحـن ننظـر لـم نعلـم مـتى نزفا
وكــان أقــرب منـا إذ نطيـفٌ بـه
إليـه مـن قـد دنا للقبض وازدَلَفا
وغُطّــي الأمــر عـن أبصـارنا ولـه
غطـاؤه عـن عيـان الأمـر قـد كشفا
ومــات حيـث قضـى الرحمـن ميتتـه
نـائي المحلـة عـن ربـع بـه كلفا
مـا أعجـب الحيـن والمقدار انهما
مـا اختـل حكمهما يوماً ولا اختلفا
كــل إلــى أجــلٍ يجــري فمصـرعه
ويـومه فـي كتـاب اللـه قـد عُرفا
ومــن قضـى اللـه فـي أرض منيَّتـه
ينـخْ بهـا راضـياً أوكارهـا شـنفا
هـي المقـادير والأحكـام قـد سبقتْ
فضـل مـن ظـن مـا يـأتي بـه أنفَا
والغيــب محتجـب عنـا فليـس تَـرَى
مــن خــائضٍ فيـه إلا جـاهلاً سـَرَفا
فـي مريـة مـن لقـاء الله ذو كذبِ
ألقـى القنـاع مـراءً فيه أو صلفا
علـــمٌ تفــرد علام الغيــوبِ بــه
أيقبـل العقـل أن يبـديه منكشـفا
واللـه مـا علمـت نفـسٌ لمـا خلقت
ولا درى بمكــان الحتـف مـن حتفـا
كــم حـافرٍ قـبره فـي رأس ميفعـة
وقـبره فـي حضـيض الأرض قـد نَجفـا
وذاك ســــر لطيـــف إن تـــدبَّره
ذو فطنـة فهـم السـّر الذي انحذفا
معـــادنٌ جــذبت شــتى جواهرَهــا
حـتى لصـارت لهـا ضـنا بهـا صَدفا
مــا أنهــا آيــة تلتـاح ظـاهرة
الا لمــن صــدعنها أو لمـن صـدفا
مــن شــف جـوهره يفهـمْ حقيقتهـا
وليــس يفهمــه مــن طبعـه كَثُفـا
للــه فــي خلقــه حكــمٌ بحكمتـه
تفــرق الـروح والجسـمان وأتلفـا
معنـــى بــه طينــة قــد شــرُفت
إذا يـزول تُسـاوى الطيـن والخزفا
يفنـى الـترابي حـتى لا بقـاء لـه
وعــزُّ علــويّه عنـه الفنـاءَ نفـى
قضــيةٌ رجـم النـاس الظنـون لهـا
فعــارف ســرَّها أو جاهــل هَرفــا
وكيفمــا قيــل قلنــا إنـه نبـأٌ
يجــلّ موصــوفه عمــا بــه وصـفا
يغنــي المشـاهد منـه عـن مغيبـه
خـرمُ النِّظـام وتهـديمُ الـذي رصفا
لـو لم يكن غير إعدام الوجود واس
كـان اللحـود كفـى وعظـاً لم حصفا
فكيــفَ والمـوتُ فيمـا بعـده جلـلٌ
أجـل مـن سـابق الأهـوال مـا رَدِفا
وموقــفُ الحشـر ينسـى مـا تقـدمه
وحـدّة الجسـر تنسـى حَـد مـا رهفا
وكـــل روعٍ فــأمنٌ حيــن تنســبه
لـروعِ مـن لسـؤال اللـه قـد وُقفا
وضــاحك ملـء فيـه لـو درى لبكـى
دمَ الفــؤاد إذا مـا دمعـه نزفـا
الأمـر أمـرٌ وهـذا الخلـق فـي عمه
أو فـي عمـى يخبط الظلماءَ معتسفا
يـا راكـب الليـل قد شارفت معطبة
عـرج على النهج واترك ذلك الجرفا
هـذي السـبيل فـدعْها فـي أزمَّتهـا
يـدني التقـاذفُ منهـا بلـدةً قذفا
المــوت غايتهـا والمـوت منزلهـا
فهـل تـرى سيرها عن قصدها انحرفا
تـالله مـا غـرد الحـادي ولا خفيت
أثـــار أولهــا عمــن تلا وقفــا
ويــح المقيـم بـدار وهـو مرتحـل
مــا حــلَّ مـذ حـل رحلاه ولا أكَفـا
فقـل لبـانٍ علـى ظهـر الطريق بنى
مـإذا الغـرور أجهلاً كـان أم سخفا
لا تنخـدعْ ببنـا الـدنيا ولو جعلتْ
لكــل بيــتٍ بنـتْ مـن فضـةٍ سـقفا
ففـي فنـاء الفنـى تبنى وليس لها
إلا الضـــلال ظلال ظللّـــت كُثفـــا
مـن نـضّ عـن ظلهـا زهداً فذاك فتى
يضـحى وظـلُّ العلا مـن فـوقه وَرّفـا
فعـف عنهـا كمـا عـف الكـرام وعف
مــوارداً سـمُّها فـي شـربها قرفـا
بعـداً لهـا وعفـت رسـما منازلهـا
فكـم عفـت رسـم جمـع قـدوفي وعفا
وعـاقبت مـن يربـى فـي البرية لم
يـذنب وربمـا عـن ذي الـذنوب عفا
وأعقبــت مــن سـرور مونـق حزنـاً
ومــن نضــارة عيــش رائق قشــفا
وكـم أبـادت وكـم أفنـت وكم قصمت
ظهـراً وكـم فصـمت عقـداً غدا حصفا
ختــارةٌ ســلمها حــرب ومأمنهــا
هـو المخـاف فمـن يـأمن بـه ثففا
ختالــة نصــبت فينــا حبائلهــا
وحُبُّهــا حبَهــا مـن يلتقـط لقفـا
فتانــة مـن يمـل يومـاً لفتنتهـا
هـوىً هوى في مهاوي الهلك قد خسفا
قتالـــة لبنيهــا كلمــا قــدرت
عليهــمُ جــردت أسـيافها الرهفـا
ظلامــة قــد قسـت قلبـاً فسـيرتها
فيمــن يليـن فـؤاداً غلظـة وجفـا
وخيمـة الخيـم مـن يرتـع بمرتعها
يمــت فسـاد مـزاج أو يمـت عجفـا
بينــا تريــك ريـاض الأرض مؤنقـة
عـادت هشـيماً كـأن النيت ما وهفا
إذا رجــا عنـدها السـراء آملهـا
إرتــج جانبهـا بـالحزن وارتجفـا
مرمـى تناضـل فيـه الحادثـات فمن
تصـبه تنصـبه فـي عرض الردى هدفا
تصـمي سـهامُ المنايـا مـن تمرُّ به
إن غـــافلاً أو إن حازمــاً ثقفــا
تمضي إذا ما القضاءُ الحتم أرسلَها
فتنفــذُ اللأمـة القضـَّاء والحَجفـا
كيـف التَّـوقي ولا يغنى الحِذار ولا
ينجي الفِرار إذا ما خطبها أكتَنفَا
مـن ذا يقـومُ لأحـداثِ الزمـان ومن
يقـاومُ الجحفـلَ الجـرار إن زحفـا
ســـيل جحــاف فلا ســهل ولا جبــل
إلا أجــاح مكانــاً منـه إن جحفـا
ريـبُ المنـون لـه وطـء علـى حنـق
كطـالب الثـأر يلفـى غاضـباً أسفا
مـا إن يراعـي ولا يرعـى علـى أحد
يُـردي المسـود معـاً ناعمـاً ترفـا
ولا يـــرقُّ لطفـــل فــي طفــولته
ولا لشـيخٍ بقيَـد الضـعف قـد رسـفا
ولا تواضــعُ ذي التقــوى يمــانعه
ولا تكــبر ذي الطغــوى إذا خجَفـا
ولا المســيمُ بــواد منــه مسـتترٌ
ولا الــذي منــه يتبــع الشــعفا
ولا يبــالي كنــاسَ الظـبى يطرقـه
أم يطرق الخيس فيه الليث والغرفا
الصـعب سـهل إذا مـا كـان يطلبـهُ
والعلـو سـفل وكالإصـباح كـلُّ خفـا
يسـتنزلُّ الطيـر وابـن اليمِّ يخرجه
هـاو مـن الجو أو فوق المياه طفا
وأُعصــمٌ بالــذرى يلفيـه معتصـما
يلقيـه فـي ذمـة المـوَّار قد سَهفا
وينتهــي بالــدَّواهي كــل داهيـةٍ
حـتى ليسـقي السمام الحية الحصفا
ويــوردُ الحــوضَ مكروهـاً مـذاقتهُ
ويرغــم الأنـفَ مـن ذي عـزةٍ أنفـا
سـاء الـردى ثـم سـاوى في حكومته
أيبتغـي العدل في الأحكام من عسفا
مـا جـار بـل جاء والمقدارُ سائقُه
إمـا ترفِّـق حيـن السـوق أو عنفـاً
والحيـن طـيَّ ضـمير الحيـنِ مكتتـم
أو حــرف أولــه فـي شـكله حُرفـا
وذا الأنــامُ نبــات شــاه منبتـه
إن النبـات إذا مـا ينتهـي قطفـا
وجـــود شــيء كلا شــيءٍ حقيقتُــه
فـانظره تربـاً واذْكـر حـاله نطفا
فليــت شــعري مـن يـدري نهـايتَه
والبدء كيف ازدَهاه التيه وازدهفا
فـإن مـن العيـش يلتاعُ البقاء به
لـو لـم نبدّده في هذي الدّنا سرَفا
وفـي التفـاني تفـاني صـبرُ مصطبرٍ
أطـار فـرط الأسـى عنه الحِجا وسَفا
وكــل مـا علقـتْ كـفَّ الفنـاء بـه
فحقــه أن يطيــلَ الحـزنَ والأسـفا
فللســـماء بكــاء مــن تفطرهــا
والأرض تنشـق عـن قلـب لهـا رجفـا
والشـمسُ خـوف الـردى تصـفر آفلـة
والبـدر مـن ذاك أبـدى وجهه كلَفا
والشـهب ترعِـد ذعـراً مـن توُّقعهـا
نـثراً يعيـد سـنى الأنـوار منكسِفا
يـا ابني أبي لا تكونا في مصابكما
كمثـل مـن نكـرَ الأحـزان أو نكفـا
يـا ابني أبي أسعِدا بالله صنوَكما
بعــبرةٍ تفضــح الهطَّالـة الوكفـا
ولا تملاّ بكــاء طــول دهــر كمــا
علـى أب لـم يمـل الرحـم والرأفا
غــذى وربّــى وأولــى كـل عارفـةٍ
وبالحنــانِ لنــا فـي ظلـه كنفـا
وحــاط واحتــاط والرحمـن يشـكره
وفـي جنـاب الرضـا وطـا لنا كنفا
وكــان أن ألــمٌ يومـاً ألـم بنـا
يظـــل منكســر الأضــلاع منقصــفا
مســهدَ الجفــن لا ترمــش مـدامعهُ
كأنمــا طرفّــه مـن دوننـا طرفـا
مـا كـان يرضـى سُلواً لو أصيب بنا
فــإن ســلوناه لا عــدلاً ولا نصـفا
أمـا أنـا فلـو أنـي بعـد مهلكـةٍ
سـال لألزمـتُ نفـس الإثـم والجنفـا
وكنــت كــافرَ نعمـاه وخـالع مـا
بـه علـيَّ مـن أثـواب الرشـاد ضفا
أيــام علّمنــي التنزيـل يمنحنـي
منـه الهـدى وعلى أخذي له اللطفا
قــد كـان علـة كـوني ثـم رشـّحني
إلى الحياة التي أرجو بها الزُّلفا
حيـث القـرار الذي قد كان مسكنَنا
مـن قبـل أن يخصفَ الأوراق من خصفا
دارٌ بهـا ملتقـى الأحباب إن سعدوا
تنسـى الشقاء وينسى نضنها الشظفا
يـا رب جـاز أبـي عني الخلود بها
يـا رب بـوِّئه مـن فردوسها الغرفا
يـا رب واجعلْ له في القبر منفسحا
وروضــةً ترتضــى نشــراً ومقتَصـفا
يــا ربّ نــوِّر لـه ظلمـاء وحشـته
يـا رب اتحِفـه مـن ايناسك التحفا
يــا رب عرفــه رضــواناً ومغفـرةً
يـا رب الحفـه مـن اسـتبرقٍ لحفـا
يـا رب جـده مـن الرحمـى بأكرمها
سـحاً واحسـنها فـوق الزبـا وطفـا
يـا رب نضـِّره وجهاً في التراب وفي
يـوم الحسـاب إذا ما يقرأ الصحفا
يــا رب إن أبـي عبـدٌ ضـعيف وقـد
أتـاك مـولى كريمـاً يرحـم الضعفا
فـأمنن عليـه بمـا أنت الكفيلُ به
يـا رب وارأف بنا يا خير من رأفا
وجمِّـع الشـمل فـي دار القرار لنا
إذ تجمـع السـلف الأبـرارَ والخلفا
واسـمعْ دعـائي واخصـص بالسلام أبي
تحيــةً طرسـها بالمسـك قـد غُلفـا
إذا انثنـت نحـوه مـرَّت وقـد عطفتْ
عطفاً على الروح والريحان قد عَطفا
وحــدثته بمــا فــي صـدر مكـتئبٍ
أشـــواقه كلفتــه للأســى كلفــا
مـا إنْ لـه ملجـأ فيمـا عراه سوى
يـا حسـبي اللـه فيما نابني وكفى
محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري، أبو عبد الله.شاعر أندلسي عاش في القرن السابع الهجري، عصر الموحدين، حيث شهد العصر الذهبي للدولة الموحدية، كما شهد انحسارها وضعفها.كان متعلقاً بأبيه وباراً بأمه، وكان له أخوين خاطبهما بشعر لما رثى والده بقصيدة.وقد أحرز ابن الجنان مكانة وشهرة في عصره، كان شاعراً وناثراً، وجرت بينه وبين علماء وأدباء عصره مخاطبات ومراسلات.توفي في بجاية سنة (650هـ) عند ابن الخطيب.ولكن الأرجح أنه توفي ما بين (646 - 648)هـ.