
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أمِـنَ العيـونِ ترومُ فَقْدَ عَنائِه
هَيهــاتِ ضـَنَّ سـَقامُها بشـِفائِه
مـا كـان هذا البينُ أوَّلَ جَمرةٍ
أذكَـتْ لهيـبَ الشَّوقِ في أحشائه
لـولا مسـاعدةُ الـدموعِ ودَفْعُها
خـوفُ الفِـراقِ أتى على حَوبائِه
مفقـودةٌ شـِيَةُ الجـوادِ لنَقْعِـهِ
وحُجــولُ أربعـةٍ لخَـوْضِ دمِـائِه
أو جحفـلٌ لعبَـتْ صـدورُ رِمـاحِه
فكأنمـا انقضـَّتْ نجـومُ سـَمائِه
لَجٍــبٌ توشـَّحَتِ البسـيطةٌ سـيلَه
وتعمَّمـــت أعلامُهــا بعمــائِه
متبســِّمٌ قبـلَ النهـارِ كأنمـا
زَرًّ النهـارُ عليـه ثَـوبَ ضَحائِه
ويُريــكَ بيــنَ مٌدجَّــجِ ومُـدرَّعٍ
خِلَـعَ الرَّبيعِ الطَّلْقِ بينَ نِهائِه
يَثنيه في السَّيرِ الحثيثِ بلحظِهِ
كالريحِ تَثني الغيمَ في غُلَوائِه
فكـأنَّ أشـتاتَ الجِبـالِ تجمَّعَـتْ
فتعرَّضــَتْ مــن دونِــهِ ووَرائِه
فهنـاك تَلْقى الموتَ فوق قَناتِه
متبرِّجـاً والنصـرَ تحـتَ لِـوائِه
أعَــدوَّه أوفَــى عليـكَ مشـوَّقاً
بِقراعِـه إذ لسـتَ مـن أكفـائه
ومُشــمِّراً قـد شـلَّ مـن إدلاجِـه
ليـلُ التمـامِ ومـلَّ من إسرائِه
ودقيـقَ معنَى العُرفِ يجعلُ بشرَه
بـدرَ العـدوِّ وتلـك من أكفائِه
وإذا النَّسـيمُ وَشى إليك مصبِّحاً
بمســَرّةٍ فحَــذارِ مـن إمسـائِه
قـد قلـتُ إذ سـَالت عَدِيُّ أمامَه
سـَيْلَ السـَّرابِ جرى على بَطحائِه
مـا بـالُه مُغـرىً بوَصـْلِ عـدوِّه
وعــدوُّه مغــرىً بوَصـْلِ جَفـائِه
يـا موجِبـاً حـقَّ السَّماحِ بنائلٍ
تتقاصـَرُ الأنـواءُ عـن أنـوائِه
والمبتنـي بيـتَ العَلاءِ ببأسـِه
فغــدا علاءُ النجــمِ دونَ علائِه
وإذا بحـارُ المكرُمـاتِ تـدفَّقَت
فجميعُهـا تمتـارُ مـن أنـدائِه
كـم منَّـةٍ لـكَ ألبَسـَتْني نِعْمـةً
تَـدَعُ الحسـودَ يذوبُ من بُرَحائِه
صـُنتُ الثناءَ عن الملوكِ نزاهةً
وجعلتُـــه وَقْفــاً علــى آلائِه
ألفــاظُه كالـدُّرِّ فـي أصـدافِهِ
لا بــل تزيـدُ عليـه فـي لألائِه
مــن كـلِّ رَيِّقَـةِ الكلامِ كأنمـا
جـادَ الشـبابُ لهـا بِريِّقِ مائِه
فالشـِّعرُ بحـرٌ نلـتُ أنفَـسَ دُرِّه
وتنـافسَ الشـعراءُ فـي حَصْبائِه
وأنـا الفداءُ لمن مَخِيلَةُ بَرقِه
حظِّـي وحـظُّ سـواي مـن أنـوائِه
قمـرٌ إذا ما الوشيُ صِينَ أذالَه
كيمــا يَصـونَ بهـاءَه ببهـائِه
خَفِـرُ الشـَّمائلِ لو مَلَكتُ عِناقَه
يـومَ الـوَداعِ وَهَبْتُـهُ لحَيـائِه
ضــَعُفَتْ معاقِـدُ خصـرِه وعهـودُه
فكـأنّ عَقْـدَ الخصـرِ عَقْدُ وَفَائِه
أدنـو إلى الرُّقَباءِ لا من حبِّهم
وأصـدُّ عنـه وليـس مـن بَغضائِه
للــهِ أيُّ محــاجرٍ عنَّــتْ لنـا
بمُحَجَّــرٍ إذ ريـعَ سـِربُ ظِبـائِه
ونـواظرٍ وجـدَ المحـبُّ فتورَهـا
لمّـا اسـتقلَّ الحـيُّ في أعضائِه
وَحيَــاً أرقــتُ لـبرقِه فكـأنه
قَـدَحُ الزِّنـادِ يطيرُ في أرجائِه
سـارٍ علـى كَفَـلِ الجَنوبِ مقابلٍ
حَــزَنَ البلادِ وسـهلَها بعطـائِه
حنَّــتْ رواعِــدُه فأسـبل دمعُـهُ
كالصــَّبِّ أتبـعَ شـدوَه ببكـائِه
وسـقَتْ غَمـائمُهُ الرِّيـاضَ كأنما
جُـودُ الأميـرِ سـقى رياضَ ثَنائِه
سـَفَهاً لِمَـنْ سـمَّاه سـيفَ حفيظَةٍ
هلاَّ أعـارِ السـَّيفَ مـن أسـمائِه
متجــرِّدٌ للخطـبِ عـرَّاضُ القَنـا
والمَشـرفيّةُ مـن مَشـيدِ بنـائِه
ومــواجهٌ وجـهَ العـدوِّ بصـَعدَةٍ
ينقــضُّ كــوكبُه علـى شـَحنائِه
والـرومُ تعلـمُ أنَّ تاجَ زعيمِها
مُلقـىً بحـدِّ السـَّيفِ يومَ لِقائِه
لمـا حمـاه القَـرُّ سفكَ دمائِهم
أضـحى يَعـدُّ القَـرَّ مـن أعدائِه
حَمَــدَ الغمـامَ وذمَّـه ولربَّمـا
سـاء الحـبيُّ وسـَرَّ عنـدَ حبائِه
قَلِـقٌ يُفنِّيـه الحديـدُ فينثنـي
جَـذْلانَ مثلـوجَ الحشـا بفَنـائِه
إنَّ الربيـعَ مُبيدُ خضراءِ العِدا
ومُسـيلُ أنفسـِهم علـى خَضـْرائِه
ولـو أنّهم قدَروا على أعمارِهم
وصـلوا بها الأحوالَ عمرَ شِتاتِه
إن عــاقَه عمـا يحـاولُ صـِنوهُ
وشــبيهُه فــي بِشـره وعَطـائِه
فكــأنَّني بجــبينِه فـي مـأزقٍ
متمــزِّقٍ عنــه دُجــى ظلمـائِه
السرّي بن أحمد بن السرّي الكندي أبو الحسن.شاعر أديب من أهل الموصل، كان في صباه يرفو ويطرز في دكان له ، فعرف بالرفاء ولما جاد شعره ومهر في الأدب قصد سيف الدولة بحلب، فمدحه وأقام عنده مدة، ثم انتقل بعد وفاته إلى بغداد. ومدح جماعة من الوزراء والأعيان، ونفق شعره إلى أن تصدى له الخالديان، وكانت بينه، وبينهما مهاجاة فآذياه وأبعداه عن مجالس الكبراء.فضاقت دنياه واضطر للعمل في الوراقة ( النسخ والتجليد )، فجلس يورق شعره ويبيعه، ثم نسخ لغيره بالأجرة. وركبه الدين، ومات ببغداد على تلك الحال. وكان عذب الألفاظ، مفتناً في التشبيهات ولم يكن له رواء ولا منظر. من كتبه (ديوان شعره ط)، و(المحب والمحبوب والمشموم والمشروب - خ).