
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عذبــة أنــت كالطفولــة كــالأح
لام كـــالحن كالصــباح الجديــد
كالسَّماء الضَّحُوكِ كاللَّيلَةِ القمراءِ
كـــالوردِ كابتســـامِ الوليـــدِ
يــا لهــا مِــنْ وَداعــةٍ وجمـالٍ
وشـــــَبابٍ مُنعَّـــــمٍ أُمْلُــــودِ
يـا لهـا مـن طهارةٍ تبعثُ التَّقدي
سَ فــي مهجَــةِ الشــَّقيِّ العنيــدِ
يـا لهـا رقَّـةً تَكـادُ يَـرفُّ الـوَرْ
دُ منهــا فــي الصـَّخْرَةِ الجُلْمـودِ
أَيُّ شــيءٍ تُـراكِ هـلْ أَنْـتِ فينيـسُ
تَهــادتْ بَيْــنَ الـوَرَى مِـنْ جديـدِ
لتُعيــدَ الشـَّبابَ والفـرحَ المعـس
ولَ للعـــالمِ التَّعيــسِ العميــدِ
أَم ملاكُ الفــردوس جـاءَ إلـى الأَر
ضِ ليُحيــي روحَ الســَّلامِ العهيــدِ
أَنــتِ مَـا أَنـتِ أَنْـتِ رسـمٌ جميـلٌ
عبقــريٌّ مــن فــنِّ هـذا الوُجُـودِ
فيــكِ مَـا فيـهِ مـن غمـوضٍ وعُمْـقٍ
وجَمَـــــالٍ مقَـــــدَّسٍ معبــــودِ
أنـتِ مَـا أنـتِ أَنتِ فجرٌ من السّحرِ
تجلَّــــى لقلــــبيَ المعمــــودِ
فـأراه الحَيَـاةَ فـي مُونِـقِ الحُسْنِ
وجلّـــى لـــه خفايــا الخلــودِ
أَنـــتِ روحُ الرَّبيـــعِ تختــالُ ف
ي الـدُّنيا فتهـتزُّ رائعاتُ الورودِ
وتهــبُّ الحَيَـاة سـَكرى مـن العِـط
رِ ويـــدْوي الوُجُــودُ بالتَّغريــدِ
كلَّمــا أَبْصــَرَتْكِ عينــايَ تمشـينَ
بخطـــــوٍ موقَّــــعٍ كالنَّشــــيدِ
خَفَــقَ القلـبَ للحيـاة ورفَّ الـزَّه
رُ فـــي حقــلِ عمــريَ المجــرودِ
وانتشــتْ روحـيَ الكئيبَـةُ بـالحبِّ
وغنَّــــتْ كالبلبــــلِ الغِرِّيـــدِ
أَنـتِ تُحييـنَ فـي فـؤاديَ مَـا قـدْ
مـاتَ فـي أَمسـيَ السـَّعيدِ الفقيـدِ
وَتُشـــِيدينَ فــي خــرائبِ روحــي
مَــا تلاشــَى فـي عهـديَ المجـدودِ
مِـنْ طمـوحٍ إلـى الجمالِ إلى الفنِّ
إلـــى ذلــك الفضــاءِ البعيــدِ
وتَبُثِّيـــنَ رقَّــةَ الشــوقِ والأَحلامِ
والشــَّدوِ والهــوى فــي نشــيدي
بعــد أنْ عــانقتْ كآبَــةُ أَيَّـامي
فــــؤادي وأَلجمــــتْ تغريـــدي
أَنــتِ أُنشــودَةُ الأَناشــيدِ غنَّـاكِ
إِلــــهُ الغنـــاءِ ربُّ القصـــيدِ
فيــكِ شـبَّ الشـَّبابُ وشـَّحهُ السـّحْرُ
وشــدوُ الهَــوَى وعِطْــرُ الــورودِ
وتــراءى الجمــالُ يَرْقُــصَ رقصـاً
قُدُســيًّا علــى أَغــاني الوُجُــودِ
وتهــادتْ فــي أُفْـق روحِـكِ أَوْزانُ
الأَغــــاني ورِقَّــــةُ التَّغريـــدِ
فتَمَــايلتِ فــي الوُجُــودِ كلحــنٍ
عبقــريِّ الخيــالِ حلــوِ النَّشـيدِ
خطـــواتٌ ســـكرانةٌ بالأَناشـــيد
وصـــوتٌ كَرَجْـــعِ نـــايٍ بعيـــدِ
وقَــوامٌ يَكــادُ يَنْطُــقُ بالأَلحـانِ
فــــي كــــلِّ وقفـــةٍ وقعـــودِ
كـــلُّ شــيءٍ موقَّــعٌ فيــكِ حتَّــى
لَفْحَــةُ الجيـدِ واهـتزازُ النّهـودِ
أَنـتِ أَنـتِ الحَيَاةُ في قدْسها السَّا
مـي وفـي سـِحْرها الشـَّجيِّ الفريـدِ
أَنــتِ أَنـتِ الحَيَـاةُ فـي رِقَّـةِ ال
فجـر فـي رونـق الرَّبيـعِ الوليـدِ
أَنــتِ أَنــتِ الحَيَــاةُ كــلَّ أَوانٍ
فــي رُواءٍ مــن الشــَّبابِ جديــدِ
أَنــتِ أَنــتِ الحَيَــاةُ فيـكِ وفـي
عَيْنَيْــكِ آيــاتُ سـحرها الممـدودِ
أَنـتِ دنيـا مـن الأَناشـيدِ والأَحلامِ
والســـِّحْرِ والخيـــال المديـــدِ
أَنـتِ فـوقَ الخيـالِ والشِّعرِ والفنِّ
وفــوقَ النُّهــى وفــوقَ الحُــدودِ
أَنــتِ قُدْســي ومعبــدي وصــباحي
وربيعــــي ونَشـــْوتي وخُلـــودي
يـا ابنـةَ النُّـورِ إنَّني أنا وحدي
مــن رأى فيــكِ رَوْعَــةَ المَعْبـودِ
فــدعيني أَعيـشُ فـي ظِلِّـكِ العـذْبِ
وفـــي قُـــرْبِ حُســنكِ المَشــْهودِ
عيشــةً للجمـالِ والفـنِّ والإِلهـامِ
والطُّهْـــرِ والســـَّنى والســـُّجودِ
عيشـَةَ النَّاسـكِ البتُولِ يُناجي الرَّ
بَّ فــي نشــوَةِ الــذُّهول الشـَّدِيدِ
وامنحينـي السـَّلامَ والفـرحَ الـرُّو
حــيَّ يــا ضــوءَ فجـريَ المنشـودِ
وارحمينــي فقـد تهـدَّمتُ فـي كـو
نٍ مـــن اليـــأْسِ والظَّلامِ مَشــيدِ
أنقــذيني مـن الأَسـى فلقـدْ أَمْـسَ
يْـــتُ لا أســتطيعُ حمــلَ وجــودي
فـي شـِعَابِ الزَّمـان والمـوت أَمشي
تحــتَ عبـءِ الحَيَـاة جَـمَّ القيـودِ
وأُماشــي الــوَرَى ونفسـيَ كـالقب
رِ وقلـــبي كالعــالم المهــدُودِ
ظُلْمَــةٌ مَــا لهــا ختــامٌ وهـولٌ
شــائعٌ فــي ســكونها الممــدودِ
وإذا مَــا اسـتخفَّني عَبَـثُ النَّـاسِ
تبســـَّمتُ فـــي أَســـًى وجُمُـــودِ
بَســـْمَةٌ مـــرَّةٌ كـــأنَّني أَســتلُّ
مـــن الشـــَّوكِ ذابلاتِ الـــورودِ
وانْفخـي فـي مَشـاعِري مَرَحَ الدُّنيا
وشـــُدِّي مِـــنْ عزمــيَ المجهــودِ
وابعـثي فـي دمـي الحَـرارَةَ عَلِّـي
أَتغنَّــى مــع المنــى مِـنْ جَديـدِ
وأَبـــثُّ الوُجُــودَ أَنغــامَ قلــبٍ
بُلْبُلــــيٍّ مُكَبَّــــلٍ بالحديــــدِ
فالصـَّباحُ الجميـلُ يُنْعِـشُ بالـدِّفءِ
حيــــاةَ المُحَطَّــــمِ المكـــدودِ
أنْقـــذيني فقــد ســئمتُ ظلامــي
أنقــذيني فقــدْ مَلِلْــتُ ركــودي
آه يـا زهرتـي الجميلةَ لو تدرينَ
مَــا جــدَّ فــي فــؤادي الوحيـدِ
فـي فـؤادي الغريـبِ تُخْلَـقُ أَكوانٌ
مـــن الســّحرِ ذاتُ حُســْنٍ فريــدِ
وشـــــموسٌ وضــــَّاءةٌ ونُجــــومٌ
تَنْثُــرُ النُّــورَ فـي فَضـاءٍ مديـدِ
وربيـــعٌ كــأنَّهُ حُلُــمُ الشــَّاعرِ
فـــي ســَكرة الشــَّباب الســَّعيدِ
وريــاضٌ لا تعـرف الحَلَـك الـدَّاجي
ولا ثـــورَةَ الخريـــفِ العتيـــدِ
وطيــــورٌ ســــِحْرِيَّةٌ تتنــــاغَى
بأَناشــــيدَ حلـــوةِ التَّغريـــدِ
وقصــورٌ كأنَّهـا الشـَّفَقُ المخضـُوبُ
أَو طلعَـــةُ الصـــَّباحِ الوليـــدِ
وغيــــومٌ رقيقــــةٌ تتهــــادَى
كأَباديــدَ مــن نُثــارِ الــورودِ
وحيـــاةٌ شـــِعْرِيَّةٌ هـــي عنــدي
صــُورةٌ مــن حَيـاةِ أَهْـل الخلـودِ
كــلُّ هــذا يَشــيدُهُ سـِحْرُ عينيـكِ
وإِلهــــامُ حُســــْنِكِ المعبـــودِ
وحــرامٌ عليــكِ أَنْ تهــدمي مَــا
شـادهُ الحُسـْنُ فـي الفؤادِ العميدِ
وحـــرامٌ عليـــكِ أَنْ تســْحَقي آم
الَ نفـــسٍ تصــبو لعيــشٍ رغيــدِ
منــكِ ترجــو سـَعادَةً لـم تجـدْهَا
فـي حيـاةِ الـوَرَى وسـِحْرِ الوُجُـودِ
فــالإِلهُ العظيـمُ لا يَرْجُـمُ العَبْـدَ
إِذا كـــانَ فـــي جَلالِ الســـُّجودِ
أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب. قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته. ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته. له (ديوان شعر -ط) و(كتاب الخيال الشعري عند العرب) و(آثار الشلبي -ط) و(مذكرات -ط).مولده 24 فبراير 1909 ووفاته 9 اكتوبر 1934 .