
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا ليلُ مَا تصنعُ النَّفْسُ التي سَكَنتْ
هـذا الوجـودَ ومـن أعدائها القَدَرُ
ترضــى وتَســْكُتُ هـذا غيـرُ محتَمَـلٍ
إِذاً فهــل ترفُـضُ الـدُّنيا وتنتحـرُ
وذا جنـــونٌ لَعَمْــري كُلُّــهُ جَــزَعٌ
بـــاكٍ ورأيٌ مريـــضٌ كُلُّــه خَــوَرُ
فإنّمــا المـوت ضـَرْبُ مـن حبـائِلِهِ
لا يُفلتُ الخلقُ مَا عاشوا فما النَّظرُ
هــذا هــو اللغْــزُ عَمَّـاهُ وعَقَّـدَهُ
علــى الخليقــةِ وَحْـشٌ فاتـكٌ حَـذِرُ
قَـدْ كبَّـلَ القَـدَرُ الضـَّاري فرائِسـَهْ
فمـا اسـتطاعوا له دفعاً ولا حزَروا
وخــاطَ أعينَهــم كــي لا تُشــاهِدَهُ
عيـنٌ فتعلـمَ مَـا يـأتي ومـا يَـذَرُ
وحـــاطَهُمْ بفنــونٍ مــن حَبــائِلِهِ
فمــا لَهُــمْ أبـداً مـن بطشـِه وَزرُ
لا المـوت يُنْقِـذُهُمْ مـن هـولِ صولَتِهِ
ولا الحيـاةُ تَسـاوى النّـاسُ والحَجَرُ
حـارَ المسـاكينُ وارتاعوا وأعْجَزَهم
أن يحــذَروه وهـلْ يُجـديهمُ الحَـذَرُ
وهُــمْ يعيشــونَ فـي دنيـا مشـيَّدةٍ
مــنَ الخطــوب وكــونٍ كلَّــه خَطـرُ
وكيــف يحــذرُ أعمَــى مُدْلِـجٌ تَعِـبٌ
هـــولَ الظَّلامِ ولا عَـــزمٌ ولا بَصــَرُ
قَـدْ أيقنـوا أنَّـهُ لا شـيءَ يُنقِـذُهُمْ
فاستسـلموا لِسُكونِ الرُّعْبِ وانتظروا
ولــو رأوه لســارتْ كــي تحـارِبَه
مـن الـوَرَى زُمَـرٌ فـي إثرِهـا زُمَـرُ
وثـــارتِ الجـــنّ والأملاكَ ناقمــةً
والبحــرُ والبَــرُّ والأفلاكُ والعُصـرُ
لكنّـــهُ قـــوّةٌ تُملــي إرادتَهــا
ســِرًّا فَنَعْنـو لهـا قهـراً ونـأتمرُ
حقيقــةٌ مــرّةٌ يــا ليــلُ مُبْغَضـَةٌ
كـالموتِ لكـنْ إليها الوِرْدُ والصَّدَرُ
تَنَهَّـدَ اللَّيْـلُ حتَّـى قلـتُ قَـدْ نُثِرَتْ
تِلـكَ النُّجـومُ ومـاتَ الجـنُّ والبَشَرُ
وعــادَ للصــَّمتِ يُصـغي فـي كـآبته
كالفيلسـوف إلـى الـدنيا ويفتكـرُ
وقَهْقَــهَ القَــدَرُ الجبَّــارُ سـُخْريةً
بالكائنــاتِ تَضـاحَكْ أَيُّهـا القَـدَرُ
تمشـي إلـى العَـدَمِ المحتومِ باكيةً
طــوائفُ الخَلْـقِ والأشـكالُ والصـُّوَرُ
وأنـت فـوقَ الأسـى والمـوت مبتسـمٌ
ترنـو إلـى الكـون يُبْنَى ثمَّ يندَثِرُ
أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب. قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته. ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته. له (ديوان شعر -ط) و(كتاب الخيال الشعري عند العرب) و(آثار الشلبي -ط) و(مذكرات -ط).مولده 24 فبراير 1909 ووفاته 9 اكتوبر 1934 .