
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا أَيُّهـا الشـَّادي المغرِّدُ ههُنا
ثَمِلاً بِغِبْطـــةِ قَلْبــهِ المَســْرورِ
مُتَنقِّلاُ بَيْــنَ الخَمــائلِ تالِيــاً
وَحْـيَ الرَّبيـعِ السـَّاحرِ المَسـْحورِ
غَـرِّدْ ففـي تِلْـكَ السـُّهولِ زَنـابِقُ
تَرْنــو إليــكَ بِنــاظرٍ مَنْظــورِ
غَــرِّدْ فَفــي قَلـبي إليـكَ مَـوَدَّةٌ
لَكِـــنْ مَـــوَدَّةُ طــائرٍ مَأســورِ
هَجَرَتْـهُ أسـْرابُ الحمـائمِ وانْبَرَتْ
لِعَــــذابِهِ جنِّيـــةُ الـــدَّيْجورِ
غَــرِّدْ ولا تُرْهِــبْ يمينــي إنَّنـي
مِثْــلُ الطُّيـورِ بمُهْجَـتي وضـَميري
لكـنْ لَقَـدْ هـاضَ التُّـرابُ مَلامعـي
فَلَبِثْــتُ مِثـلَ البُلبـلِ المَكْسـورِ
أشــدُو برنّـاتِ النِّياحَـةِ والأسـى
مشـــبوبةً بعـــواطفي وشــُعوري
غــرِّدْ ولا تَحْفَــل بقلــبي إنَّــهُ
كــالمِعْزَفِ المُتَحَطِّــمِ المَهْجــورِ
رتِّـل علـى سـَمْع الرَّبيـعِ نشـيدَهُ
واصــْدَحْ بفيْـضِ فـؤادك المَسـْجورِ
وانْشـِدْ أناشـيدَ الجَمـال فإنَّهـا
روحُ الوُجــودِ وســَلْوَةُ المَقْهـورِ
أنـــا طــائرٌ مُتَغــرِّدٌ مُتَرنِّــمٌ
لكِــنْ بصــوتِ كــآبتي وزَفيــري
يَهْتــاجُني صــوتُ الطُّيــورِ لأنَّـه
مُتــــدفِّقُ بِحَــــرارةٍ وطَهـــورِ
مَـا فـي وجـود النَّاسِ من شيءٍ به
يَرضــَى فــؤادي أو يُسـَرُّ ضـَميري
فـإذا اسـتَمَعْتُ حـديثهم ألْفَيْتُـهُ
غَثًّـــا يَفيـــض بِركَّــةٍ وفُتــورِ
وإذا حَضــَرْتُ جُمــوعَهُمْ ألْفَيْتَنـي
مَــا بينهـمْ كالبُلبـلِ المأسـورِ
متوحِّـــداً بِعَــواطفي ومَشــاعِري
وخَـــواطري وكَـــآبَتي وســُروري
يَنتــابُني حَـرَجُ الحيـاةِ كـأنَّني
مِنهــمْ بِوَهْــدَة جَنْــدَلٍ وصــُخورِ
فـإذا سـَكَتُّ تضـجَّروا وإذا نَطَقْـتُ
تــذمَّروا مــن فكْرَتــي وشـُعوري
آهٍ مــنَ النَّـاسِ الـذين بَلَـوْتُهُمْ
فَقَلَــوْتُهُمْ فــي وحشـتي وحُبـوري
مَـــا منهُــمُ إلاَّ خَــبيثٌ غــادِرٌ
مـــتربِّصٌ بالنَّــاسِ شــَرَّ مَصــيرِ
ويَـودُّ لـه مَلَـكَ الوُجـودَ بأسـره
ورمـى الـوَرَى فـي جـاحِمٍ مَسـْجورِ
لِيَبُــلَّ غُلَّتَــهُ الــتي لا ترتـوي
ويَكُــضَّ تُهْمَــةَ قلبــهِ المَغْفـورِ
وإذا دخلـتُ إلـى البلادِ فـإنَّ أَف
كـاري تُرَفْـرِفُ فـي سـُفوحِ الطُّـورِ
حيــثُ الطَّبيعَــةُ حُلــوةٌ فتَّانَـةٌ
تختـــال بَيْــنَ تَبَــرُّجٍ وســُفُورِ
مَـاذا أَوَدُّ مِـنَ المدينَـةِ وهي غا
رقــةٌ بمــوَّارِ الــدَّمِ المَهـدورِ
مَـاذا أَوَدُّ مِـنَ المدينَـةِ وهي لا
ترثــي لصــوتِ تَفجُّــع المَوْتُـورِ
مَـاذا أَوَدُّ مِـنَ المدينَـةِ وهي لا
تَعْنــو لغَيــر الظَّـالمِ الشـَّرِّيرِ
مَـاذا أَوَدُّ مِـنَ المدينَـةِ وهي مُر
تـــادٌ لكـــلِّ دَعَــارَةٍ وفُجُــورِ
يـا أَيُّهـا الشـَّادي المغرِّدُ ههنا
ثَمِلاً بغبطـــة قَلْبِــهِ المســرورِ
قبِّــل أَزاهيــرَ الرَّبيـعِ وغنِّهـا
رَنَـمَ الصـَّباحِ الضـَّاحِك المحبـورِ
واشرب مِنَ النَّبْعِ الجميل الملتوي
مَــا بَيْــنَ دَوْحِ صــَنَوبَرٍ وغَـديرِ
واتْـرُكْ دمـوعَ الفجرِ في أَوراقِها
حتَّــى تُرشــِّفَهَا عَــرُوسُ النُّــورِ
فَلَرُبَّمــا كــانتْ أَنينـاً صـاعداً
فــي اللَّيـلِ مِـنْ متوجِّـعٍ مَقْهُـورِ
ذَرَفَتْـهُ أَجفـانُ الصـَّباحِ مـدامعاً
أَلاَّقَـــةً فـــي دَوْحـــةٍ وزُهــورِ
أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب. قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته. ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته. له (ديوان شعر -ط) و(كتاب الخيال الشعري عند العرب) و(آثار الشلبي -ط) و(مذكرات -ط).مولده 24 فبراير 1909 ووفاته 9 اكتوبر 1934 .