
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قَــدَّْسَ اللــهُ ذِكْـرَهُ مِـنْ صـَبَاحٍ
ســاحرٍ فــي ظِلالِ غــابٍ جميــلِ
كـانَ فيـه النَّسيمُ يرقُصُ سَكْراناً
علـى الـوردِ والنَّبـاتِ البَليـلِ
وضـَبابُ الجبـالِ يَنْسـابُ في رفقٍ
بــديعٍ علــى مُــروج الســُّهولِ
وأَغاني الرُّعاةِ تخفُقُ في الأَغوارِ
والســـَّهْلِ والرُّبــى والتُّلــولِ
ورحـابُ الفضـاءِ تعبُـقُ بالأَلحانِ
والعِطْـــرِ والضــِّياءِ الجَميــلِ
والملاكُ الجميـلُ مَـا بَيْنَ ريحانٍ
وعُشــــْبٍ وســــِنديانٍ ظَليـــلِ
يتغنَّـى مـع العَصافيرِ في الغابِ
ويرنــو إلـى الضـَّبابِ الكَسـُولِ
وشــعورُ الملاكِ ترقُـصُ بالأَزهـارِ
والضـــوءِ والنَّســيمِ العَليــلِ
حُلُــمٌ ســاحرٌ بـه حَلُـمَ الغـابُ
فَوَاهـــاً لحُلْمِـــهِ المَعْســـولِ
مِثْـلُ رؤيا تَلوحُ للشَّاعرِ الفنَّانِ
فــي نشــوَةِ الخيــالِ الجَليـلِ
قَــدْ تَمَلَّيْــتُ سـحرَهُ فـي أنـاةٍ
وحنــــانٍ ولَــــذَّةٍ وذُهــــولِ
ثُـمَّ نـاديتُ حينمـا طفـحَ السِّحْرُ
بأَرجـــاءِ قلـــبيَ المبتـــولِ
يـا شـُعورٌ تميدُ في الغابِ بالرَّ
يحـانِ والنّـورِ والنَّسيمِ البَليلِ
كَبِّلينـي بهـاتِهِ الخِصَلِ المرخَاةِ
فــي فتنَــةِ الــدَّلالِ المَلُــولِ
كبِّلــي يـا سَلاسـلَ الحـبِّ أفكـا
ري وأحلامَ قلــــبيَ الضــــَّلِّيلِ
كبِّلينـي بكـلِّ مَـا فيـكِ من عِطْرٍ
وســـــحرٍ مُقَــــدَّسٍ مَجْهــــولِ
كبِّلينـي فإنَّمـا يُصـْبِحُ الفنَّـان
حــرًّا فــي مِثْـلِ هـذي الكُبـولِ
ليـت شعري كم بَيْنَ أمواجِكِ السُّو
دِ وطيَّـــاتِ ليلِـــكِ المســدولِ
مِــنْ غـرامٍ مـذَهَّبِ التَّـاجِ ميْـتٍ
وفــــؤادٍ مصــــفَّدٍ مغلــــولِ
وزهــورٍ مــن الأَمــانيِّ تــذوي
فـــي شــُحُوبٍ وخيبــةٍ وخمــولِ
أنـتِ لا تعلميـن واللَّيْلُ لا يعلَمُ
كــم فــي ظلامِــهِ مِــنْ قَتيــلِ
أَنــتِ أُرْجوحَـةُ النَّسـيمِ فميلـي
بالنَّســيمِ الســَّعيدِ كـلَّ مَمِيـلِ
ودَعــي الشـَّمسَ والسـَّماءَ تُسـَوِّي
لـكِ تاجـاً مـن الضـِّياءِ الجميلِ
ودَعــي مُزْهِــرَ الغُصــُونِ يُغَشـِّي
كِ بــــأَوراقِ وَردهِ المطلـــولِ
للشـُّعاعِ الجميـلِ أنـتِ وللأنسـا
مِ والزَّهــر فــالْعَبي وأَطيلــي
يـا عـروسَ الجبالِ يا وردَةَ الآ
مـالِ يـا فتنـةَ الوُجُودِ الجليلِ
ليتنــي كنــتُ زَهْــرَةً تتثنَّــى
بَيْــنَ طيَّــاتِ شــَعْرِكِ المصـقولِ
أَو فَراشـاً أَحـومُ حولـكِ مسحوراً
غريقــاً فــي نشــوتي وذُهُـولي
أَو غصـوناً أَحنـو عليكِ بأَوراقي
حُنُــــوَّ المـــدَلَّهِ المتبـــولِ
أَو نسـيماً أَضـمُّ صـدركِ فـي رِفقٍ
إلــى صــدريَ الخفـوقِ النَّحيـلِ
آهِ كــم يُسـْعِدُ الجمـالُ ويُشـْقي
مِـــنْ قلــوبٍ شــِعْرِيَّةٍ وعقــولِ
أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب. قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته. ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته. له (ديوان شعر -ط) و(كتاب الخيال الشعري عند العرب) و(آثار الشلبي -ط) و(مذكرات -ط).مولده 24 فبراير 1909 ووفاته 9 اكتوبر 1934 .