
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يــا رفيقــي وأَيــنَ أَنْــتَ فَقَــدْ
أَعْمَـــتْ جُفــوني عواصــِفُ الأَيَّــامِ
ورمتْنـــي بمَهْمَـــهٍ قــاتِمٍ قفــرٍ
تُغَشــــِّيهِ داجِيــــاتُ الغَمــــامِ
خُــذْ بكفِّــي وغنِّنــي يــا رفيقـي
فســـبيلُ الحَيَــاةِ وَعْــرٌ أَمــامي
كلَّمــا ســرتُ زلَّ بــي فيـهِ مَهْـوَى
تَتَضـــاعى بـــه وُحُــوشُ الحِمَــامِ
شــَعَّبَتْهُ الــدُّهُورُ وانطمـسَ النُّـورُ
وقــــامتْ بنــــا بَنَـــاتُ الظَّلامِ
راقِصــاتٍ يخلُبْـنَ فـي حَلَـكِ اللَّيـلِ
ويلعبْـــنَ بـــالقُلوبِ الـــدَّوامي
غنِّنـي فالغِنـاءُ يَـدْرَأُ عنَّا السَّاحرَ
الجــــــنَّ ســـــاكنَ الآجـــــامِ
قَـدْ تَفَكَّـرْتُ فـي الوُجُـودِ فأَعيـاني
وأَدبـــــرتُ آيســـــاً لِظَلامــــي
أَنشــُدُ الرَّاحَــةَ البعيــدَةَ لكــنْ
خـــابَ ظنِّـــي وأَخطـــأَتْ أَحلامــي
فمَعِــي فــي جـوانحي أَبـدَ الـدَّهرِ
فـــؤادٌ إلـــى الحقيقــةِ ظــامي
مَــا تراخَــى الزَّمــانُ إلاَّ وأَلقـى
فــي طَوايــاهُ قبضــَةً مِــنْ ضـُرامِ
تَتَلَّظَــــى يـــدُ الحَيَـــاةِ وَزَادَتْ
مُعضــــلاتُ الــــدُّهُورِ والأَعـــوامِ
أَظمـــأَتْ مُهجَــتي الحَيَــاةُ فهــل
يومــاً تُبـلُّ الحَيَـاةُ بعـضَ أَوامـي
يا رفيقي مَا أحسبُ المنبعَ المنشودَ
إلاَّ وراءَ ليـــــــلِ الرِّجَــــــامِ
غنِّنــي يــا أُخَـيَّ فـالكوْنُ تَيْهَـاءُ
بهـــا قَـــدْ تمزَّقـــتْ أَقْـــدامي
غنِّنـــي علَّنـــي أُنيـــمُ همــومي
إنَّنــي قَــدْ مَلَلْــتُ مِــنْ تَهْيـامي
يـا رفيقـي أَمـا تفكَّـرْتَ في النَّاسِ
ومـــــا يحملـــــونَ مِــــنْ آلامِ
فلقـــدْ حـــزَّ فــي فــؤادي مَــا
يَلْقَــوْنَ مــن صــَوْلَةِ الأَسـى الظَّلاَّمِ
فــإذا ســرَّني مــن الفجــرِ نـورٌ
ســـاءَني مَــا يُســِرُّ قلــبُ الظَّلاَمِ
كـــمْ بقلـــبِ الظَّلامِ مِـــنْ أنَّــةٍ
تهفـــو بغصـــَّاتِ صــِبْيَةٍ أَيتــامِ
وَنشــــيجٍ مُضـــرّمٍ مـــن فتـــاةٍ
أَبْهَظَتْهــــا قَــــوارِعُ الأَيَّــــامِ
ونُـــواحٍ يَفيـــضُ مـــن قلــبِ أُمٍّ
فُجِعَـــتْ فـــي وحيــدها البســَّامِ
فَطَــمَ المــوتُ طفلَهــا وهـو نـورٌ
فـي دُجاهـا مـن قبـلِ عهـدِ الفِطامِ
وأَنيـــنٍ مِـــنْ مُعْــدَمٍ ذي ســَقامٍ
عضــَّهُ الــدَّهرُ بــالخُطُوبِ الجِسـامِ
مَــا إخــالُ النُّجُــومَ إلاَّ دُموعــاً
ذَرَفَتْهــــا محــــاجِرُ الأَعــــوامِ
فَلَقَـــدْ ضـــرَّمَ الشــُّجونَ بنوهــا
فـــإذا بالشـــُّجونِ ســـَيْلٌ طَــامِ
وإذا بالحَيَــاةِ فـي ملعَـبِ الـدَّهْرِ
تَــــدوسُ الــــرُّؤُوسَ بالأَقْــــدامِ
وإذا الكــونُ فِلْــذَةٌ مِــنْ جحيــمٍ
تَتَغَـــــذَّى بكـــــلِّ قلــــبٍ دَامِ
وهُـــمُ فـــي جَحيمِهِــمْ يَتَنَــاغَوْنَ
بمــا فــي الوُجُــودِ مِــنْ أَنْغـامِ
عجبـــاً للنُّفـــوسِ وهـــيَ بَــوَاكٍ
عجبــــاً للقلــــوبِ وهـــيَ دَوَامِ
كيـف تشـدو وفـي محاجرهـا الـدَّمْعُ
وتلهــو مَــا بَيْـنَ سـُودِ المَـوَامِي
يــا رفيقــي لقــد ضـَلَلْتُ طريقـي
وتَخَطَّـــــتْ مِحَجَّــــتي أَقــــدامي
خُــذْ بكفِّــي فــإنَّني تـائِهٌ أعمـى
كـــــثيرُ الضــــَّلالِ والأَوهــــامِ
وانْفُـــخِ النَّـــايَ فالحَيَــاةُ ظَلامٌ
مَــا لِمُرْتــادِهِ مــن الهَـوْلِ حَـامِ
مِلـــءُ آفـــاقِهِ فَحيــحُ الأَفــاعي
وعَجيـــــــجُ الآثـــــــامِ والآلامِ
فانْفُـــخِ النَّـــايَ إنَّـــهُ هِبَـــةُ
الأَملاكِ للمســـــتعيذِ بالإِلهــــامِ
واغــذُذِ الســَّيْرَ فالنَّهــارُ بعيـدٌ
وســــَبيلُ الحَيَـــاةِ جَـــمُّ الظَّلامِ
أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب. قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته. ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته. له (ديوان شعر -ط) و(كتاب الخيال الشعري عند العرب) و(آثار الشلبي -ط) و(مذكرات -ط).مولده 24 فبراير 1909 ووفاته 9 اكتوبر 1934 .