
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هَهُنا في خمائل الغابِ تَحْتَ الزَّا
نِ والســــِّنديان والزَّيتــــونِ
أَنـتِ أَشـهى مـن الحَيَـاةِ وأَبهى
مــن جمـالِ الطَّبيعَـةِ الميمـونِ
مَـا أَرقَّ الشـَّبابَ في جسمِكِ الغَضِّ
وفــي جيــدكِ البـديعِ الثَّميـنِ
وأَدقَّ الجمـالَ فـي طرفكِ السَّاهي
وفــي ثغــرِكِ الجميـلِ الحَزيـنِ
وأَلــذَّ الحَيَــاةَ حيــنَ تغنِّــي
نَ فأُصـــْغي لصــوتِكِ المحــزونِ
وأَرى روحــكِ الجميلَــةَ عِطــراً
ضـــايعاً فــي حلاوةِ التَّلحيــنِ
قَــدْ تَغَنَّيْــتِ منـذُ حيـنٍ بصـوتٍ
نـــاعمٍ حـــالمٍ شــجيٍّ حنــونِ
نغمــاً كالحَيَـاةِ عـذباً عميقـاً
فـــي حَنَـــانٍ ورقَّــةٍ وحنيــنِ
فـإذا الكـونُ قطعـةٌ مـن نشـيدٍ
علـــــويٍّ منغَّــــمٍ مــــوزونِ
فلِمَــنْ كنــتِ تنشــدين فقـالتْ
للضــياءِ البنفســجيِّ الحزيــنِ
للضـــَّبابِ المــورّد المتلاشــي
كخيــــالاتِ حــــالمٍ مفتـــونِ
للمســاءِ المطـلِّ للشـَّفَقِ السـَّا
جـي لسـِحْرِ الأَسـى وسـِحْرِ السُّكونِ
للعـبيرِ الَّـذي يرفـرفُ فـي الأفْ
قِ ويفنـى مِثْـلَ المنـى في سكونِ
للأغــاني الـتي يُرَدِّدُهـا الـرَّا
عــي بمزمـارِهِ الصـَّغيرِ الأَميـنِ
للرَّبيـعِ الَّـذي يؤجِّـجُ فـي الـدُّ
نيـا حيـاةَ الهَوَى وروحَ الحنينِ
ويوشـِّي الوُجُـودَ بالسِّحْرِ والأَحلا
مِ والزَّهْــرِ والشــَّذى واللُّحـونِ
للحيــاةِ الــتي تغنِّـي حـوالَيَّ
علـى السـَّهْلِ والرُّبـى والحُـزُونِ
للينــابيعِ للعصــافيرِ للظِّــلِّ
لهــذا الثَّــرى لتلـكَ الغُصـونِ
للنَّســـيمِ الَّــذي يضــمِّخُ أَحلا
مــي بعِطْــرِ الأَقـاحِ واللَّيمـونِ
للجَمـالِ الَّـذي يفيـضُ علـى الدُّ
نيــا لأشــواقِ قلـبيَ المشـجونِ
للزَّمــانِ الَّــذي يوشــِّحُ أَيَّــا
مـي بضـَوءِ المنـى وظـلِّ الشُّجونِ
للشـَّبابِ السـَّكرانِ للأَمَـلِ المـع
بــود لليــأْسِ للأَســى للمَنُـونِ
فَتَنَهَّـــدْتُ ثــمَّ قلــتُ وقلــبي
مَــنْ يغنِّيـهِ مَـنْ يُبيـدُ شـُجوني
قــالتِ الحُـبُّ ثـمَّ غنَّـتْ لقلـبي
قُبَلاً عبقريَّـــــةَ التَّلحيـــــنِ
قُبَلاً علَّمـــتْ فــؤادي الأغــاني
وأَنـــارتْ لـــهُ ظلامَ الســِّنينِ
قُبَلاً تَرقُــصُ الســَّعادَةُ والحــبُّ
علــى لحنِهـا العميـقِ الرَّصـينِ
وأَفَقْنـا فقلـتُ كالحـالمِ المـس
حــورِ قــولي تَكَلَّمــي خَبِّرينـي
أَيُّ دُنيــا مســحورةٍ أَيُّ رؤيــا
طـالَعَتْني فـي ضـوءِ هذا العيونِ
زُمَــــرٌ مــــن ملائكِ الملأ الأع
لــى يُغنُّــونَ فــي حُنُـوٍّ حَنُـونِ
وصـــبايا رواقـــصٌ يتراشـــقْ
نَ بزهــرِ التُّفَّــاحِ والياسـَمينِ
فــي فضــاءٍ مــوَرَّدٍ حـالمٍ سـَا
هٍ أَطــافتْ بـهِ عَـذارى الفُنـونِ
وجحيـــمٍ تَــؤُجُّ تَحْــتَ فَــرادِي
سَ كــــأَحلامِ شـــاعرٍ مجنـــونِ
أَيُّ خمــــرٍ مُؤَجَّــــجٍ ولهيـــبٍ
مُســــكرٍ أَيُّ نشـــوَةٍ وجنـــونِ
أَيُّ خمــرٍ رشــفتُ بــل أَيُّ نـارٍ
فــي شــفاهٍ بديعَــةِ التَّكـوينِ
وَرَّدتْهـا الحَيَـاةُ فـي لَهَبِ السِّح
رِ ونُــور الهَـوَى وظـلِّ الشـُّجونِ
أَيُّ إثْــمٍ مقــدَّسٍ قَــدْ لبســنا
بُــرْدَهُ فــي مسـائنا الميمـونِ
فَبَــدَا طيــفُ بسـمةٍ سـَاحِرٌ عَـذْ
بٌ علــى ثَغرِهــا قـوِيُّ الفتـونِ
وأَجــابتْ وكلّهــا فتنــةٌ تُــغ
وي وتُغـري بـالحبِّ بـلْ بالجنونِ
أَبـداً أَنْـتَ حـالمٌ فاسـألِ اللَّيْ
لَ فعنــدَ الظَّلامِ عِلْــمُ اليقيـنِ
وسـكتنا وغـرَّدَ الحـبُّ فـي الغا
بِ فأصــغى حتَّـى حَفيـفُ الغُصـونِ
وبنـى اللَّيـلُ والرَّبيـعُ حـوالي
نـا مـن السِّحْرِ والرُّؤى والسُّكُونِ
معبـداً للجمـالِ والحـبِّ شـِعْرِيًّا
مَشــيداً علــى فِجــاجِ السـِّنينِ
تَحْتَــهُ يزخــرُ الزَّمـانُ ويجـري
صــامتاً فــي مَسـيلهِ المحـزونِ
وتمــرُّ الأَيَّـامُ والحُـزْنُ والمـو
تُ بعيــداً عــن ظلِّـهِ المـأمونِ
معبــداً سـاحراً مبـاخِرُهُ الـزَّه
رُ علـى الصـَّخرِ والثَّرى والغُصونِ
كــلُّ زهــرٍ يَضــُوعُ منـهُ أَريـجٌ
مـن بخُـورِ الرَّبيـعِ جَـمُّ الفُتونِ
ونجــومُ الســَّماءِ فيــهِ شـموعٌ
أَوْقَــدَتْها للحُــبِّ روحُ القُـرونِ
ومضــتْ نســْمةٌ تُوَســْوِسُ للغــا
بِ وتشـدو فـي عمـقِ ذاكَ السُّكونِ
وطغـى السـِّحْرُ والغـرامُ بقلـبي
فتوســـَّلْتُ ضـــارعاً بجفـــوني
طهِّـري يـا شـقيقَةَ الـرُّوحِ ثَغري
بلهيــبِ الحَيَــاةِ بـلْ قَبِّلينـي
إنَّ نـارَ الحَيَـاةِ والكوثرَ المن
شـودَ فـي ثغـرِكِ الشـَّهيِّ الحزينِ
فهــو كــأسٌ سـِحْرِيَّةٌ لرحيـقِ ال
خُلْـدِ قَـدْ صـاغَها إلـهُ الفنـونِ
قبِّلينــي وأَسـْكِري ثغـريَ الصـَّا
دي وقلــبي وفِتنــتي وجنــوني
علَّنـــي أَســـتطيعُ أَنْ أَتغنَّــى
لجمــالِ الـدُّجى بـوحيِ العُيـونِ
آه مَــا أَجمــلَ الظَّلامَ وأَقــوى
وحيَــهُ فــي فــؤاديَ المفتـونِ
انظــري اللَّيـلَ فهـو حلَّـة الأَح
لامِ يمشـي علـى الـذُّرى والحُزُونِ
واسمعي الغابَ فهو قيثارَةُ الكو
نِ تغنِّـــي لحبّنـــا الميمــونِ
إنَّ سـِحْرَ الضـَّبابِ واللَّيلِ والغا
بِ بعيــدُ المـدى قـويُّ الفُتـونِ
وجمـــالَ الظَّلامِ يعبــقُ بــالأَح
لامِ والحُــبِّ فابْسـِمِي والثُمِينـي
آهِ مَــا أَعـذبَ الغَـرامَ وأَحلـى
رنَّـةَ اللَّثْـمِ فـي خُشـوعِ السُّكونِ
وســَكِرْنا هنـاكَ فـي عـالمِ الأَح
لامِ تَحْـتَ السـَّماءِ تَحْـتَ الغصـونِ
وتـوارى الوُجُـودُ عنَّـا بمـا في
هِ وغبنــا فــي عــالمٍ مفتـونِ
ونسـينا الحياة والموتَ والسُّكو
نَ ومــا فيـهِ مِـنْ مُنًـى ومَنُـونِ
أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب. قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته. ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته. له (ديوان شعر -ط) و(كتاب الخيال الشعري عند العرب) و(آثار الشلبي -ط) و(مذكرات -ط).مولده 24 فبراير 1909 ووفاته 9 اكتوبر 1934 .