
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بـالأَمسِ قَـدْ كـانتْ حَياتي
كالســــَّماءِ الباســـِمَهْ
واليـومَ قَدْ أمسَتْ كأَعماقِ
الكُهُــــوفِ الــــواجِمَهْ
قَــدْ كـانَ لـي مَـا بَيْـنَ
أَحلامــي الجَميلـة جَـدْوَلُ
يَجْـري بـهِ مـاءُ المَحَبَّـةِ
طَـــــاهراً يَتَسَلْســـــَلِ
تَســـْعى بـــهِ الأَمــواجُ
باســمةً كــأَحْلامِ الصـِّبَا
بَيْضــاءَ ناصــِعَةً ضـَحوكاً
مِثْـــلَ أزْهــارِ الرُّبــى
ميَّاسـةً كَعَـرائِسِ الفِرْدَوْسِ
بَيْـــــــنَ حُقُــــــولِهِ
تَتْلــو أناشــيدَ المُنـى
فـــي مَـــدِّهِ وقُفُـــولِهِ
هــوَ جـدولُ الحُـبِّ الَّـذي
قَـدْ كـانَ في قلبي الخَضِلْ
بمَراشــِفِ الأَحلامِ مُنْطلقـاً
يســــيرُ علـــى مَهَـــلْ
يتلـــو علـــى ســـَمْعي
أَغاريـدَ الحَيَاةِ الطَّاهرَهْ
ويُـــثيرُ فـــي قلـــبي
أَناشـيدَ الخُلُودِ السَّاحِرَهْ
تَقِـفُ العَـذَارَى الخالِداتُ
عَــرَائِسُ الشـِّعْرِ البَـديعْ
فـــي ضــفَّتَيْهِ مُــردِّداتٍ
نَغْمَــةَ الحُلْــمِ الوَديـعْ
يَلْمُسـْنَ من قيثارَةِ الأَحلامِ
أَوتــــــارَ الغَـــــزَلْ
فَتَفيـضُ أَلحـانُ الصـَّبابَةِ
عَذْبَـــةً مِثْـــلَ الأَمَـــلْ
وتَطيرُ بالبَسَماتِ والأَنْغامِ
أَجنحَــــــةُ الصـــــَّدى
فـي ذلـكَ الأُفُـقِ الجَميـلِ
وذلــكَ النَّســَمِ الرُّخــا
وهُنـــاكَ حيــثُ تُعــانِقُ
البَسـَماتُ أَنْغَـامَ الغَـزَلْ
يَتَمَايـلُ الحُلُـمُ الجميـلُ
كنَســْمَةِ القَلْــبِ الثَّمِـلْ
هُــوَ جــدولٌ قَــدْ فجَّـرت
ينبـــوعَهُ فــي مهجَــتي
أَجْفـانُ فاتنـةٍ أَرَتْنِيهـا
الحَيَـــــاةُ لشــــَقْوَتي
أَجْفــانُ فاتنــةٍ تـراءَتْ
لــي علـى فَجْـرِ الشـَّبابْ
كَعَرُوسةٍ مِنْ غانِياتِ الشِّعْرِ
فـــي شـــَفَقِ الســـَّحَابْ
ثـمَّ اخْتَفَـتْ خَلْـفَ السَّماءِ
وراءَ هاتيـــكَ الغُيُــومْ
حيـثُ العَـذارى الخالِداتُ
يَمِسـْنَ مَـا بَيْـنَ النُّجُـومْ
ثـــــمَّ اختَفَــــتْ أوَّاهِ
طـائرةً بأَجْنِحَـةِ المَنُـونْ
نحـوَ السـَّماءِ وهـا أَنـا
فـي الأَرضِ تمثـالُ الشُّجُونْ
قَـدْ كـانَ ذلك كُلُّهُ بالأَمسِ
بـــــالأَمسِ البَعيـــــدْ
والأَمـسُ قَدْ جَرَفَتْهُ مقهوراً
يـــدُ المــوتِ العَتِيــدْ
قَـدْ كـانَ ذلـكَ تَحْـتَ ظِـلِّ
الأَمـسِ والماضـي الجَميـلْ
قَـدْ كـانَ ذلـك فـي شُعاعِ
البَـدْرِ مِـنْ قَبْـلِ الأُفُـولْ
واليــومَ إذْ زالــتْ ظِلالُ
الأَمـسِ عَـنْ زَهَـري البَديعْ
وتَجَلْبَـبَ الزَّهـرُ الجميـلُ
بظُلْمَــةِ اللَّيـلِ المُريـعْ
ذَبُلَــتْ مَرَاشــِفُهُ فأَصـبحَ
ذَويـــاً نِضــْوَ الكُلُــومْ
وهـوَى لأنَّ اللَّيـلَ أَسـْمَعَهُ
أَناشـــــيدَ الوُجُــــومْ
بـالأَمسِ قَـدْ كـانت حياتي
كالســــَّماءِ البَاســـِمهْ
واليـــومَ قَـــدْ أمســَتْ
كأَعمـاقِ الكُهُوفِ الوَاجِمهْ
إذْ أَصـبحَ النَّبْـعُ الجَميعُ
يســيرُ فــي وادي الأَلَـمْ
مُتَعَثِّــراً بَيْــنَ الصـُّخورِ
يَغُــورُ فـي تِلْـكَ الظُّلَـمْ
جَفَّــــتْ بـــهِ أَمـــواجُ
ذيَّــاكَ الغــرامِ الآفــلِ
فَتَــدَفَّقَتْ فيــهِ الـدُّمُوعُ
بصــــَوبِها المُتَهاطِـــلِ
قَـــدْ حَجَّبَتْـــهُ غُيـــومُ
أَحـزانِ الوُجُـودِ القاتِمهْ
قَـــدْ أَخْرَســَتْهُ مَــرارَةُ
القَلْـبِ التَّعيـسِ الظَّالمهْ
جَمـــدتْ علـــى شــَفَتَيْهِ
أَنغـامُ الصـَّبابَةِ والهَوى
وَقَضـــَتْ أَغــاني الحُــبُّ
فــي أَعْمـاقِهِ لمَّـا هـوى
وعَـــدَتْ بـــه الأَمــواجُ
جامِــدَةَ المَلامِـحِ قـاتمهْ
قَـــدْ أَســكَتَتْها لوعَــةُ
الـرُّوحِ الحزيـنِ الوَاجمهْ
غاضــَتْ أَمانيهــا وغـارَ
بهــا الجَمــالُ السـَّاحرُ
فأَصــابها لَهَفــاً عليـهِ
الاكْتِئابُ الكَــــــــافرُ
فـــي ضـــفَّتيه عــرائسُ
الأَشــْعارِ تنصــُبُ مأتمـا
يهْرُقْـنَ فيـهِ الـدَّمْعَ حتَّى
يَلْطُــمَ الــدَّمعَ الــدَّما
فَيَســـيلُ ذاكَ المَـــدْمَعُ
الــدَّامي لقَلْـبِ الجـدولِ
حيــثُ المَــرَارَةُ والأَسـى
بَيْــنَ الزُّهُــورِ الــذُّبَّلِ
ويَنُحْـــنَ حتَّـــى يُفْعِــمُ
الآفــاقَ صــَوتُ الانْتِحـابْ
فتسـيرُ أَصـداءُ النِّيَاحَـةِ
نحــو أَطبــاقِ الضــَّبابْ
وهنـاكَ مَـا بَيْـنَ الضَّبابِ
الأَقْتَـمِ السـَّاجي الكئيـبْ
تَهْتَــزُّ آلامــي وتخْتَلِــجُ
الكآبَــــةُ بــــالنَّحيبْ
أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب. قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته. ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته. له (ديوان شعر -ط) و(كتاب الخيال الشعري عند العرب) و(آثار الشلبي -ط) و(مذكرات -ط).مولده 24 فبراير 1909 ووفاته 9 اكتوبر 1934 .