
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بِطَيبَــةَ انــزِل وَيَمِّــم ســَيِّدَ الأُمَـمِ
وَانشـُر لَـهُ المَدحَ وَاِنثُر أَطيَبَ الكَلِمِ
وَابــذُل دُموعَــكَ واعـذُل كُـلَّ مُصـطَبِرٍ
وَالحَـق بِمَن سارَ وَالحَظ ما عَلى العَلَمِ
ســـَنا نَـــبيٍّ أَبـــيٍّ أَن يُضـــَيِّعَنا
ســَليلِ مَجــدٍ ســَليمِ العِـرضِ مُحتَـرَمِ
جَميــلِ خَلــقٍ عَلــى حَـقٍّ جَزيـلِ نَـدىً
هَــدى وَفــاضَ نَــدى كَفَّيــهِ كالـدِّيَمِ
كَــفَّ العُــداةَ وَكَـدَّ الحادِثـاتِ كَفـى
فَكَـم جَـرى مِـن جَـدا كَفَّيـهِ مِـن نِعَـمِ
وَكَــم حَبـا وَعَلـى المُستَضـعَفينَ حَنـا
وَكَــم صــَفا وَضــَفا جــوداً لِجَـبرِهِمِ
مـا فـاهَ فـي فَضـحِهِ مَن فاءَ لَيسَ سِوى
عَـــذلٍ بِعَــدلٍ وَنُصــحٍ غَيــرِ مُتَّهَــمِ
حـانٍ عَلـى كُـلِّ جـانٍ حـابٍ إن قَصـَدوا
حـامٍ شـَفى مِـن شـَقا جَهـلٍ وَمِـن عَـدَمِ
لَيـثُ الشـَّرى إِذ سـَرى مَـولاهُ صـارَ لَهُ
جــاراً فَجــازَ وَنَيلاً مِنــهُ لَـم يَـرُمِ
كــافي الأَرامِــلِ وَالأَيتــامِ كـافِلُهُم
وافــي النَـدى لِمُـوافي ذَلِـكَ الحَـرَمِ
أَجـارَ مِـن كُـلِّ مَـن قَـد جارَ حِينَ أَتى
حَتّــى أَتــاحَ لَنــا عِـزّاً فَلَـم نُضـَمِ
وَعـامَ بَـدرٍ أَعـامَ الخَيـلَ فـي دَمِهِـم
حَتّــى أَبــاتَ أَبــا جَهـلٍ عَلـى نَـدَمِ
وَحــاقَ إِذ جَحَـدوا حَـقَّ الرَّسـولِ بِهِـم
كَــبيرُ هَــمٍّ أَراهُــم نَــزعَ هــامِهِمِ
فَهـدَّ آطـامَ مَـن قَـد هـادَ إِذ طَمِعـوا
فــي شــَتِّهِ فَرَمــاهُم فــي شــَتاتِهِمِ
وَجَــلَّ عَـن فَضـحِ مَـن أَخفـى فَجـامَلَهُم
مـــا رَدَّ رائِدَ رِفــدٍ مِــن جُنــاتِهِمِ
مَــــن زارَهُ يَقِـــهِ أَوزَارَهُ وَنَـــوى
لَـــهُ نَوافِــلَ بَــذلٍ غَيــرِ مُنصــَرِمِ
كـالغَيثِ فـاضَ إِذ المَحـلُ اِستَفاضَ تَلا
أَنفــالَ جــودٍ تَلافــى تـالِفَ النَّسـَمِ
ســـَل مِنهُــمُ صــِلَةً لِلصــَّبِّ واصــِلَةً
والثَــم أَنامِــلَ أَقــوامٍ أَنـا بِهِـمِ
أَقِـم إِلـى قَصـدِهِم سـوقَ السـُرى وَأَقِم
بِــدارِ عِــزٍّ وَســوقَ الأَينُــقِ التَثِـمِ
وَالحَـق بِمَـن كـاسَ واحتُث كاسَ كُلِّ سُرى
فالـدَّهرُ إِن جـارَ راعـى جـارَ بَيتِهِـمِ
عُـج بـي عَلَيهِـم فَعُجـبي مِن جَفاءِ فَتىً
جــازَ الــدِّيارَ وَلَـم يُلمِـم بِرَبعِهِـمِ
دَع عَنـكَ سـَلمى وَسـَل ما بِالعَقيق جَرى
وَأُمَّ ســَلعاً وَســَل عَـن أَهلِـهِ القُـدُمِ
مَـن لـي بِـدارِ كِـرامٍ في البِدارِ لَها
عِــزٌّ فَمَـن قَـد لَهـا عَـن ذاكَ يُهتَضـَمِ
بـانوا فَهـانَ دَمـي وَجـداً فَهـا نَدَمي
فَقَــد أَراقَ دَمــي فيمــا أَرى قَـدَمي
يُولـونَ مـا لَهُـمُ مَـن قَـد لَجـا لَهُـمُ
فاِشــدُد يَــداً بِهِـمِ وانـزِل بِبـابِهِمِ
يـا بَـردَ قَلـبي إِذا بُردُ الوِصالِ ضَفا
وَيــا لَهيــبَ فُــؤادي بَعــدَ بُعـدِهِمِ
مــا كــانَ مَنـعُ دَمـي بُخلاً بِـهِ لَهُـمُ
لَكِــن تَخَـوَّفتُ قَبـلَ القُـربِ مِـن عَـدَمِ
أَهلاً بِهــا مِــن دِمــاءٍ فيهِـم بُـذِلَت
وَحَبَّـــذا وِردُ مـــاءٍ مِــن ميــاهِهِمِ
مَــن نــالَهُ جــاهُهُم مِنّـا لَـهُ ثِقَـةٌ
أَن لا يُصـــابَ بِضــَيمٍ تَحــتَ جــاهِهِمِ
بــدارِ وَالحَـق بِـدارِ الهاشـِميِّ بِنـا
قَبـلَ المَمـاتِ وَمَهمـا اِسـطَعتَ فاِغتَنِمِ
جَزمــي لَئِن ســارَ رَكــبٌ لا أُرافِقُــهُ
فَلا أُفـــارِقُ مَزجــي أَدمُعــي بِــدَمي
فَــأيُّ كَــربٍ لِرَكــبٍ يُبصــِرونَ ســَنا
بَــرقٍ لِقَــبرٍ مَــتى تَبلُغــهُ تُحتَـرَم
مَـــتى أَحُـــلُّ حِمــى قَــومٍ يُحِبُّهُــمُ
قَلــبي وَكَــم هــائِمٍ قَبلــي بِحُبِّهِـمِ
جــارَ الزَمـانُ فَكَفّـوا جَـورَهُ وَكَفـوا
وَهَــل أُضــامُ لَــدى عُـربٍ عَلـى إِضـَمِ
وَحَقِّهِــم مــا نَســينا عَهــدَ حُبِّهِــمِ
وَلا طَلَبنــــا ســــِواهُم لا وَحَقِّهِـــمِ
لا يَنقَضــي أَلَمــي حَتّــى أَرى بَلَــداً
فيــهِ الَّـذي ريقُـهُ يَشـفي مِـنَ الأَلَـمِ
وَقَــد تَشــَمَّرَ ثَـوبُ النَقـعِ عَـن أُمَـمٍ
شـــَتّى يَؤمُّــونَ طُــرّاً ســَيِّدَ الأُمَــمِ
مَــتى أُرى جــارَ قَــومٍ عَــزَّ جـارُهُم
عَهــدٌ عَلَــيَّ الســُرى حِفظـاً لِعَهـدِهِمِ
صــَبُّ الـدُموعِ كأَمثـالِ العَقيـقِ عَلـى
وادي العَقيــقِ اشــتياقاً حَـقُّ صـَبِّهِمِ
أَبَحــتُ فيهِــم دَمــي لِلشـَوقِ يَمزُجُـهُ
بِمــاءِ دَمعــي عَلــى خَـدّي وَقُلـتُ دُمِ
وَلَيــسَ يَكثُــرُ إِن آثَــرتُ نَضـخَ دَمِـي
حَيــثُ المُلـوكُ تَغُـضُّ الطَّـرفَ كالخَـدمِ
مِـن سـائِلِ الـدَّمعِ سـالٍ عَـن مَعاهِـدِهِ
نَعيمُــهُ أَن يُــرى يَسـري مَـعَ النّعَـمِ
لِلســـَّيرِ مُبتَــدِرٍ كالســَّيلِ مُحتَفِــرٍ
كـــالطَّيرِ مُشـــتَمِلٍ بالليــلِ مُلتَئِمِ
قَصـــداً لِمُرتَقِـــبٍ لِلَّـــهِ مُنتَصـــِرٍ
فــي الحَــقِّ مُجتَهِــدٍ لِلرُّسـلِ مُختَتِـمِ
مَــن لــي بِمُستَســلِمٍ لِلبيـدِ مُعتَصـِمٍ
بِــالعيسِ لا مُســئِمٍ يَومــاً وَلا ســَئِمِ
لِلبَـــرِّ مُقتَحِـــمٍ لِلـــبرِّ مُلتَـــزِمٍ
لِلقُـــربِ مُغتَنِـــمٍ لِلتُّــربِ مُلتَثِــمِ
يَسـري إِلـى بَلَـدٍ مـا ضـاقَ عَـن أَحَـدٍ
كَــم حَـلَّ مِـن كَـرَمٍ فـي ذَلِـكَ الحَـرَمِ
دارٌ شــَفيعُ الــوَرى فيهــا لِمُعتَصـِمٍ
جــارٌ رَفيــعُ الــذّرا نـاهٍ لِمُجتَـرِمِ
فَهَجــرُ رَبعـي لِـذاكَ الرَّبـعِ مُغتَنَمـي
وَنَــثرُ جَمعـي لِـذاكَ الجَمـعِ مُعتَصـَمي
وَمَيـلُ سـَمعي لِنَيـلِ القُـربِ مِـن شِيَمي
وَســَيلُ دَمعـي بِـذَيلِ التُّـربِ كالـدِّيَمِ
يَقــولُ صــَحبي وَسـُفنُ العيـسِ خائِضـَةٌ
بَحـرَ السـَّرابِ وَعَيـنُ القَيـظِ لَـم تَنَمِ
يَمِّـم بِنـا البَحـرَ إِنَّ الرَكـبَ في ظَمأٍ
فَقُلـتُ سـيروا فَهَـذا البَحـرُ مِـن أمَمِ
وافٍ كَريــمٌ رَحيــمٌ قَــد وَفـى وَوَقـى
وَعَــمَّ نَفعــاً فَكَــم ضــُرٍّ شـَفى وَكَـمِ
فَقُــم بِنــا فَلَكَـم فَقـرٍ كَفـى كَرَمـاً
وَجــودُ تِلـكَ الأَيـادي قَـد ضـَفا فَقُـمِ
ذو مِــرَّةٍ فاِســتَوى حَتّـى دَنـا فَـرأى
وَقيــلَ سـَل تُعـطَ قَـد خُيِّـرتَ فـاِحتَكِمِ
وَكــــانَ آدَمُ إِذ كــــانَت نُبَـــوَّتُه
مــا بَيــنَ مــاءٍ وَطيـنٍ غَيـرِ مُلتَئِمِ
صــافح ثَــراهُ وَقُـل إِن جِئتَ مُسـتَلِماً
إِنّــا مُحَيّــوكَ مِــن رَبــعٍ لِمُســتَلِمِ
قَـد أَقسـَمَ اللَّهُ في الذِّكرِ الحَكيمِ بِهِ
فَقــالَ وَالنَجــمِ هَـذا أَوفَـرُ القَسـَمِ
مــا بَيــنَ مِنبَـرِهِ السـّامي وَحُجرَتِـهِ
رَوضٌ مِــنَ الخُلــدِ نَقــلٌ غَيـرُ مُتَّهَـمِ
مُهَنَّــدٌ مِــن ســُيوفِ اللَّـهِ سـُلَّ عَلـى
عِــداه نــورٌ بِــهِ إِرشــادُ كُـلِّ عَـمِ
إِنَّ الَّـذي قـالَ يُستَسـقى الغَمـامُ بِـهِ
لَـو عـاشَ أَبصـَرَ مـا قَـد عَـدَّ مِن شِيَمِ
تَلـــوحُ تَحــتَ رِداءِ النَّقــعِ غُرَّتُــهُ
كَــأَنَّ يُوشــَعَ رَدَّ الشـَّمسَ فـي الظُّلَـمِ
وَتَقــرَعُ الســَّمعَ عَــن حَــقٍّ زَواجِـرُهُ
قَــرعَ الرِّمــاحِ بِبَــدرٍ ظَهـرَ مُنهَـزِمِ
قــالَت عِـداهُ لَنـا ذِكـرٌ فَقُلـتُ عَلـى
لِســـانِ داودَ ذِكـــرٌ غيــرُ مُنصــَرِمِ
إِنّــي لأَرجــو بِنَظمــي فــي مَـدائِحِهِ
رَجــاءَ كَعــبٍ وَمَـن يَمـدَحهُ لَـم يُضـَمِ
وَإِنَّ لَيلِــــــيَ إِلّا أَن أُوافِيَــــــهُ
لَيـلُ امـرئِ القَيـسِ مِـن طولٍ وَمِن سأَمِ
نــامَ الخَلـيُّ وَلَـم أَرقُـد وَلـي زَجَـلٌ
بِــذِكرِهِ فــي ذرا الوَخّــادَةِ الرُّسـُمِ
أَقــولُ يــا لَــكَ مِـن لَيـل وَأُنشـِدُهُ
بَيـتَ ابـنِ حُجـرٍ وَفَجـري غَيـرُ مُبتَسـِمِ
فَقُلـــتُ لِلرَّكــبِ لَمّــا أَن عَلا بِهِــمُ
تَلَفُّــتُ الطَّـرفِ بَيـنَ الضـّالِ وَالسـَّلَمِ
أَلَمحَــةٌ مِــن ســَنا بَـرقٍ عَلـى عَلَـمٍ
أَم نُـورُ خَيـرِ الـوَرى مِن جانِبِ الخِيَمِ
أَغَــرُّ أَكمَــلُ مَــن يَمشـِي عَلَـى قَـدَمٍ
حُســناً وَأَملَـحُ مَـن حـاوَرت فـي كَلِـمِ
يــا حـادِيَ الرَّكـبِ إِن لاحَـت مَنـازِلُهُ
فـاِهتِف أَلا عِـم صـَباحاً وادنُ واِسـتَلِمِ
واســمَح بِنَفسـِكَ وابـذُل فـي زيـارَتِهِ
كَــرائِمَ المـالِ مِـن خَيـلٍ وَمِـن نَعَـمِ
واسـهَر إِذا نـامَ سـارٍ وامضِ حَيثُ وَنى
وَاسـمَح إِذا شـَحَّ نَفسـاً واسـرِ إِن يَقُمِ
بِــواطئٍ فَــوقَ خَــدِّ الصــُبحِ مُشـتَهِرٍ
وَطــائِرٍ تَحــتَ ذَيــلِ اللَّيـلِ مُكتَتِـمِ
إِلـــى نَــبيٍّ رأى مــا لا رأى مَلِــكٌ
وَقــامَ حَيـثُ أَميـنُ الـوَحي لَـم يَقُـمِ
جَــدّوا فَأَقــدَمَ ذو عِــزٍّ وَرامَ ســُرى
فَلَــم تَجِــدَّ وَلَــم تُقـدِم وَلَـم تَـرُمِ
فَســَوَّدَ العَجــزُ مُـبيَضَّ المُنـى وَغَـدا
مُخضـــَرُّ عَيشـــِكَ مُغبَـــرّاً لِفَقــدِهِمِ
فـي قَصـدِهِم رافِـقِ الإِلفَيـنِ أَبيَـضَ ذا
بِشــرٍ وَأَســوَدَ مَهمــا شــابَ يَبتَسـِمِ
قَـد أَغـرَقَ الـدَّمعُ أَجفـانِي وَأَدخَلَنـي
نـارَ الأَسـى عَزمِـيَ الـوانِي فَوانَـدَمِي
مـا ابيَـضَّ وَجـهُ المُنـى إِلّا لأَغبَـرَ مِن
خَـوضِ الغُبـارِ أَمـامَ الكُـومِ في الأَكَمِ
فَلُـــذ بِبَـــرٍّ رَحيــمٍ بالبَريَّــةِ إِن
عَقَّتــكَ شــِدَّةُ دَهــرٍ عــاقَ واِعتَصــِمِ
يُـروى حَـديثُ النَّـدى وَالبِشـر عَن يَدِهِ
وَوَجهُـــهُ بَيـــنَ مُنهَـــلٍّ وَمُبتَســـِمِ
تَبكــي ظُبــاهُ دَمـاً وَالسـَّيفُ مُبتَسـِمٌ
يَخُــطُّ كــالنونِ بَيــنَ اللامِ وَاللِّمَـمِ
دَمـــعٌ بِلا مُقَــلٍ ضــِحكٌ بِغَيــرِ فَــمٍ
كَتـــبٌ بِغَيـــرِ يَــدٍ خَــطٌّ بِلا قَلَــمِ
جـاوِرهُ يَمنَـع وَلُـذ يَشـفَع وَسـَلهُ يَهَب
وَعُــد يَعُـد واِسـتَزِد يَفعَـل وَدُم يَـدُمِ
لَـم يَخـشَ قِرنـاً وَيَخشـى القِرنُ صَولَتَهُ
فَهـوَ المَنيـعُ المُبيـحُ الأُسـدَ لِلرَّخَـمِ
وَالشــَّمسُ رُدَّت وَبَــدرُ الأُفـقِ شـُقَّ لَـهُ
والنَّجــمُ أَينَــعَ مِنــهُ كُــلُّ مُنحَطِـمِ
وَإِذ دَعـا السـُّحبَ حالَ الصَّحو فاِنسَجَمَت
وَمِــن يَـدَيهِ ادعُهـا إِن شـِئتَ تَنسـَجِمِ
ســَقاهُمُ الغَيـثُ مـاءً إِذ سـَقى ذَهَبـاً
فَغَيـــرُ كَفَّيــهِ إِن أَمحَلــتَ لا تَشــِمِ
قَــد أَفصــَحَ الضـَّبُّ تَصـديقاً لِبعثَتِـهِ
إِفصــاحَ قُـسٍّ وَسـَمعُ القَـومِ لَـم يَهِـمِ
الهاشــِمُ الأُسـدَ هَشـمَ الـزّادِ تَبـذُلُهُ
بَنـــانُ هاشـــِمٍ الوَهّـــاب لِلطُّعــمِ
كَأَنَّمــا الشــَّمسُ تَحـتَ الغَيـمِ غُرَّتُـهُ
فـي النَّقـعِ حَيـثُ وجوهُ الأُسدِ كالحُمَمِ
إِذا تَبَســَّمَ فــي حَــربٍ وَصــاحَ بِهِـم
يُبكـي الأُسـودَ وَيَرمـي اللُّسـنَ بِالبَكَمِ
قَلّــوا بِبَــدرٍ فَفَلُّـوا غَـربَ شـانِئهِم
بِــهِ وَمــا قَـلَّ جَمـعٌ بِالرَّسـولِ حمِـي
فــابيَضَّ بَعــدَ ســَوادٍ قَلــبُ مُنتَصـِرٍ
واســوَدَّ بَعــدَ بَيــاضٍ وَجــهُ مُنهَـزِمِ
فاِتبَع رِجالَ السُّرى في البيدِ واسرِ لَهُ
ســُرى الرِّجـالِ ذَوي الأَلبـابِ وَالهِمَـمِ
خَيـرُ اللَّيـالي لَيـالي الخَيرِ في إِضَمٍ
وَالقَــومُ قَـد بَلَغـوا أَقصـى مُرادِهِـمِ
بِعَزمِهِــم بَلَغــوا خَيـرَ الأَنـامِ فَقَـد
فــازوا وَمــا بَلَغــوا إِلّا بِعَزمِهِــمِ
يَقــومُ بــالأَلفِ صــاعٌ حيـنَ يُطعِمُهُـم
وَالصـّاعُ مِـن غَيـرِهِ بِـاثنَينِ لَـم يَقُمِ
مَـــنِ الغَزالَــةُ قَــد رُدَّت لِطــاعَتِهِ
لَـو رامَ أَن لا تَـزورَ الجَـديَ لَـم تَرُمِ
دانـي القُطـوفِ جَميـلُ العَفـوِ مُقتَـدِرٌ
مــا ضـاقَ مِنـهُ لِجـانٍ واسـِعُ الكَـرَمِ
لا يَرفَــعُ العَيــنَ لِلرّاجيـنَ يَمنَحُهُـم
بَـل يَخفِـضُ الـرّاسَ قَـولاً هـاكَ فاِحتَكِمِ
يـا قـاطِعَ البيـدِ يَسـريها عَلـى قَدَمٍ
شــَوقاً إِلَيــهِ لَقَـد أَصـبَحتَ ذا قَـدَم
قَـــدِ اِعتَصـــَمتَ بِــأَقوامٍ جُفــونُهُمُ
لا تَعـرِفُ السـَّيفَ خِلـواً مِـن خِضـابِ دَمِ
جَـوازِمُ الصـَّبرِ عَـن فِعـلِ الجَوى مُنِعَت
وَرَفعُـــهُ حـــالَ إِلّا حـــالَ قُربِهِــمِ
فـي القَلبِ وَالطَّرفِ مِن أَهلِ الحِمى قَمَرٌ
مَــن يَعتَصــِم بِحمـاهُ الرَّحـبِ يُحتَـرمِ
يــا مُتهِميـنَ عَسـى أَن تُنجِـدوا رَجُلاً
لَــم يَسـلُ عَنكُـم وَلَـم يُصـبِح بِمُتَّهَـمِ
أَغــارَ دَهــرٌ رَمـى بِالبُعـدِ نازِحَنـا
فأَنجِـدوا يـا كِـرامَ الـذَّاتِ وَالشـِيَمِ
إِنَّ الغَضــى لَســتُ أَنسـى أَهلَـهُ فَهُـمُ
شــَبُّوهُ بَيــنَ ضــُلوعِي يَــومَ بَينِهِـمِ
جَـرى العَقيـقُ بِقَلـبي بَعـدَما رَحَلـوا
وَلَـو جَـرى مِـن دُمـوعِ العَيـنِ لَم أُلَمِ
حَيـثُ الَّـذي إِن بَـدا فـي قَـومِهِ وَحَبا
عُفـــاتَهُ وَرَمــى الأَعــداءَ بِــالنّقَمِ
فالبَـدرُ فـي شـُهبِهِ وَالغَيـثُ جادَ لِذي
مَحـلٍ وَلَيـثُ الشـَّرى قَد صالَ في الغَنَمِ
وَإِن عَلا النَّقـعُ فـي يَـومِ الوَغى فَدَعا
أَنصــارَهُ وَأَجـالَ الخَيـلَ فـي اللُّجـمِ
تَـرى الثُّرَيـا تَقـودُ الشـُّهبَ يُرسـِلُها
لَيـثٌ هَـدى الأُسدَ خَوضَ البَحرِ في الظُّلَمِ
أَخفـوا فـي الإنجيـلِ وَالتَّوراةِ بِعثَتَهُ
فــأَظهَرَ اللَّــهُ مـا أَخفَـوا بِرَغمِهِـمِ
قَـد أَحـرَزَ البـأسَ وَالإِحسـانَ فـي نَسَقٍ
وَالعِلـمَ وَالحِلـمَ قَبـلَ الـدَّركِ لِلحُلُمِ
لا يَسـتَوي الغَيـثُ مَـع كَفَّيـهِ نائِلُ ذا
مـــاء وَنـــائِلُ ذا مــال فَلا تَهِــمِ
غَيثـانِ أَمّـا الَّـذِي مِـن فَيـضِ أَنمُلِـهِ
فَــدائِمٌ وَالَّــذي لِلمُــزنِ لَــم يَـدُمِ
جَلا قُلوبــاً وَأَحيــا أَنفُســاً وَهَــدى
عُميـــاً وَأَســمَعَ آذانــاً ذَوي صــَمَمِ
يُرِيـكَ بِـاليَومِ مِثـلَ الأَمـسِ مِـن كَـرَمٍ
وَلَيـــسَ فــي غَــدِهِ هَــذا بِمُنعَــدِمِ
فَلُـذ بِمَـن كَفُّـهُ وَالبَحـرُ مـا اِفتَرَقا
إِلّا بِكَــــفٍّ وَبَحـــرٍ فـــي كَلامِهِـــمِ
وَالمـالُ وَالمـاءُ مِـن كَفَّيـهِ قَد جَرَيا
هَــذا لِــراجٍ وَذا لِلجَيـشِ حيـنَ ظمِـي
فــازَ المُجِــدّانِ دانٍ أَو مُـديمُ سـُرىً
فَــــذاكَ نـــاجٍ وَذا راجٍ لجـــودِهم
مِـن وَجـهِ أَحمَـدَ لـي بَـدرٌ وَمِـن يَـدِهِ
بَحـــرٌ وَمِـــن فَمِـــهِ دُرٌّ لِمُنتَظِـــمِ
كَـم قُلـتُ يا نَفس ما أَنصَفتِ أَن رَحَلوا
وَمــا رَحَلــتِ وَقـاموا ثُـمَّ لَـم تَقُـم
يَمِّــم نَبيّــاً تُبـاري الرِّيـحَ أَنمُلُـهُ
وَالمُـزنَ مِـن كُـلِّ هـامِي الوَدقِ مُرتَكِمِ
لَـو قابَـلَ الشـُّهبَ لَيلاً فـي مطالِعِهـا
خَــرَّت حَيــاءً وَأَبــدَت بِــرَّ مُحتَــرِمِ
تَكـــادُ تَشـــهَدُ أَنَّ اللَّــهَ أَرســَلَهُ
إِلـى الـوَرى نُطَـفُ الأَبنـاءِ في الرَّحِمِ
لَـو عـامَتِ الفُلـكُ فيمـا فاضَ مِن يَدِهِ
لَـم تَلـقَ أَعظَـمَ بَحـراً مِنـهُ إِن تَعُـمِ
تُحيــطُ كَفّـاهُ بِـالبَحرِ المُحيـطِ فَلُـذ
بِــهِ وَدَع كُــلَّ طـامي المَـوجِ مُلتَطِـمِ
لَـو لَـم تُحِـط كَفُّـهُ بـالبَحرِ ما شَمِلَت
كُــلَّ الأَنــامِ وَأَروَت قَلــبَ كُـلِّ ظَمِـي
لَــم تَــبرُقِ السـُّحبُ إِلّا أَنَّهـا فَرِحَـت
إِذ ظَلَّلَتـــهُ فَأَبــدَت وَجــهَ مُبتَســِمِ
وَالمـاءُ لَـو لَـم يَفِـض مِن بَينِ أَنمُلِهِ
مـا كـانَ رِيُّ الظَّمـا فـي وردِهِ الشَّبِمِ
يَستَحسـِنُ الفَقـرَ ذو الـدُّنيا لِيَسـأَلَهُ
فَيــأمَنَ الفَقـرَ مِمّـا نـالَ مِـن نِعَـمِ
وَالبَــدرُ أَبقــى بِمَــرآهُ لِيُعلِمَنــا
بالانشـــِقاقِ لَـــهُ آثـــار مُنثَلِــمِ
أَزالَ ضــُرَّ البَعيــرِ المُسـتَجيرِ كَمـا
بِــهِ الغَزالَــةُ قَــد لاذَت فَلَـم تُضـَمِ
مِــن أَعــرَبِ العُــربِ إِلّا أَنَّ نِســبَتَهُ
إِلــى قُرَيــشٍ حُمـاةِ البَيـتِ وَالحَـرَمِ
لا عَيــبَ فيهِـم سـِوى أَن لا تَـرى لَهُـمُ
ضـــَيفاً يَجــوعُ وَلا جــاراً بِمُهتَضــَمِ
مــا عــابَ مِنهُــم عَـدُوٌّ غَيـرَ أَنَّهُـمُ
لَـم يَصـرِفوا السـَّيفَ يَومـاً عَن عَدُوِّهِمِ
مَـن غَـضَّ مِـن مَجـدِهِم فالمَجدُ عَنهُ نأى
لَكِنَّــهُ غُــصَّ إِذ ســادوا عَلَـى الأُمَـمِ
لا خَيـرَ فـي المَـرءِ لَـم يَعرِف حُقوقَهُمُ
لَكِنَّــهُ مِــن ذَوي الأَهــواءِ وَالتُّهَــمِ
عِيبَـت عِـداهُم فَزانـوهُم بِـأَن تَرَكـوا
ســـُيوفَهُم وَهـــيَ تِيجــانٌ لِهــامِهِمِ
تَجــرِي دِمــاءُ الأَعـادِي مِـن سـُيوفِهِم
مِثــلَ المَــواهِبِ تَجــري مِـن أَكُفِّهِـمِ
لَهُــم أَحــاديثُ مَجــدٍ كالرِيـاضِ إِذا
أَهــدَت نَواســِمَ تُحيـي بـالِيَ النّسـَمِ
تَــرى الغَنِـيَّ لَـدَيهِم وَالفَقيـرَ وَقَـد
عـــادا ســَواءً فَلازِم بــابَ قَصــدِهِمِ
قُــل لِلصــَّباحِ إِذا مــا لاحَ نُــورُهُمُ
إِن كـانَ عِنـدَكَ هَـذا النـورُ فَابتَسـِمِ
إِذا بَـدا البَـدرُ تَحـتَ اللَّيلِ قُلتُ لَهُ
أَأَنــتَ يــا بَـدرُ أَم مَـرأى وُجـوهِهِمِ
كــانوا غُيوثـاً وَلَكِـن لِلعُفـاةِ كَمـا
كــانوا لُيوثــاً وَلَكِـن فـي عُـداتِهِمِ
كَمـا قـائِلٍ قـالَ حـازَ المَجـدَ وارِثُهُ
فَقُلــتُ هُــم وارِثــوهُ عَــن جُـدودِهِمِ
قَـد أَورَثَ المَجـدَ عَبـدَ اللَّهِ شَيبَةُ عَن
عَمــروِ بــنِ عَبـدِ مَنـافٍ عَـن قُصـَيِّهِمِ
فَجـاءَ فيهِـم بِمَـن جـالَ السـَّماءَ وَمَن
سـَما عَلـى النَّجـمِ فـي سـامي بُيوتِهِمِ
فــالعُربُ خَيــرُ أُنــاسٍ ثُــمَّ خَيرُهُـمُ
فُرَيشــُهُم وَهــوَ فيهِــم خَيـرُ خَيرِهِـمِ
قَــومٌ إِذا قيــلَ مَـن قـالوا نَـبيُّكُمُ
مِنّــا فَهَــل هَــذِهِ تُلفــى لِغَيرِهِــمِ
إِن تَقـرأِ النَّحـلَ تُنحِـل جِسـمَ حاسِدِهِم
وَفــي بَــراءةَ يَبــدو وَجــهُ جـاهِهِمِ
قَــومُ النَّبِــيِّ فــإن تَحفِـل بِغَيرِهِـمِ
بَيــنَ الـوَرى فَقَـدِ استَسـمَنتَ ذا وَرَمِ
إِن تَجحَـدِ العُجـمُ فَضلَ العُربِ قُل لَهُمُ
خَيـرُ الـوَرى مِنكُـمُ أَم مِـن صـَميمِهِمِ
مَـن فَضـَّلَ العُجـمُ فَـضَّ اللَّـهُ فاهُ وَلَو
فــاهوا لَغصــّوا وَغَضـّوا مِـن نَـبيِّهِمِ
بَـدءاً وَخَتمـاً وَفيمـا بَيـنَ ذَلِـكَ قَـد
دانَـت لَـهُ الرُّسـلُ مِـن عُـربٍ وَمِن عَجَمِ
لَئِن خَــدَمتُ بِحُســنِ المَــدحِ حَضــرَتَهُ
فَــذاكَ فــي حَقِّـهِ مِـن أَيسـَرِ الخِـدَمِ
وَإِن أَقَمــتُ أَفــانِينَ البَــديعِ حُلـىً
لِمَــدحِهِ فَبِبَعــضِ البَعــضِ لَــم أَقُـمِ
وَمــا مَحَـلُّ فَمـي وَالشـِّعرِ حَيـثُ أَتـى
مَــدحٌ مِــنَ اللَّــهِ مَتلــوٌّ بِكُـلِّ فَـمِ
لَكِنَّنـي حُمـتُ مـا حَـولَ الحِمـى طَمَعـاً
مَـن ذا الَّـذي حَولَ ذاكَ الجودِ لَم يَحُمِ
يـا أَعظَـمَ الرُّسـلِ حاشا أَن أَخيبَ وَإِن
صــَغُرتُ قَــدراً فَقَــد أَمَّلـتُ ذا عِظَـمَ
لَعَلَّنِـــي مَــعَ عِلّاتــي ســَتُغفَرُ لــي
كُــبرُ الكَبــائِرِ وَالإِلمــامُ بِـاللَّمَمِ
أَنـتَ الشـَّفيعُ الرَّفيـعُ المُستَجيبُ إِذا
مــا قــالَ نَفسـِيَ نَفسـِي كُـلُّ مُحتَـرَمِ
مـــالي ســـِواكَ فآمـــالي مُحَقَّقَــةٌ
وَرأسُ مــالِي ســُؤالي خَيــرَ مُعتَصــَمِ
فَاشــفَع لِعَبـدِكَ وادفَـع ضـُرَّ ذي أَمَـلٍ
يَرجــو رِضـاكَ عَسـى يَنجُـو مِـنَ الأَلَـمِ
حَســبي صــِلاتُ صــَلاةٍ ســُحبُها شــَمِلَت
آلاً وَصـــَحباً هُــمُ رُكنِــي وَمُلتَزَمِــي
بِصــِدقِ حُبّــيَ فـي الصـِّديقِ فُـزتُ وَلا
أُفـــارِقُ الحُــبَّ لِلفــاروقِ لَيثِهِــمِ
وَقَـد أَنـارَ بِـذي النُـورَينِ صـَدرِيَ هَل
نَخــافُ نــاراً وَإِنّــا أَهــلُ حُبِّهِــمِ
بِغَيثِهِــم يَــومَ إِحســانٍ أَبــي حَسـَنٍ
غَــوثِي وســِبطَيهِ سـِمطي جيـدِ مَجـدِهِمِ
أُطفِــي بِحَمــزَةَ وَالعَبّــاسِ جَمـرَةَ ذي
بــأسٍ وَأَطــوي زَمــانِي فـي ضـَمانِهِمِ
صــَحبُ الرَّســولِ هُــمُ سـُولِي وَجـودَهُمُ
أَرجــو وَأَنجـو مِـنَ البَلـوى بِبـالِهِمِ
أُحِـبُّ مَـن حَبَّهُـم مِـن أَجـلِ مَـن صَحِبوا
أَجَــل وَأُبغِــضُ مَــن يُعــزَى لِبُغضـِهِمِ
هُــمُ مَــآلي وَآمَــالِي أَمِيــلُ لَهُــم
وَلا يَمَـــلُّ لِســـانِي مِـــن حَــدِيثِهِمِ
لَكِــن وَإِن طَـالَ مَـدحِي لا أَفِـي أَبَـداً
فأَجعَــلُ العُــذرَ وَالإِقــرارَ مُختَتَمِـي
شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن جابر الأندلسي الهواري المالكي الأعمى.ولد بالمرية من أعمال الأندلس سنة 698 هونشأ بها طالباً للعلم فتتلمذ على عدد من علماء عصره ووطنه في القرآن والنحو والفقه والحديث.وفي عام 738 هـ خرج حاجاً ومر بمصر وتوجه إلى دمشق ثم حلب فالبيرة حيث أمضى بقية حياته، سمع ابن جابر الحديث في دمشق من الحافظ المزي واتصل بسلاطين ماردين ومدحهم وحصل على صلات عظيمة منهم وقد توفي في البيرة سنة 780ه.