
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
فــي مِثلِــهِ مِــن طـارِقِ الأَرزاءِ
جــادَ الجَمــادُ بِعَــبرَةٍ حَمـراءِ
مِــن كُــلِّ قانِيَـةٍ تَسـيلُ كَأَنَّهـا
شــُهُبٌ تَصــَوَّبُ مِــن فُـروجِ سـَماءِ
تَحمــى فَتَغـرَقُ مُقلَـةٌ فـي حـاجِمٍ
مِنهــا وَتُحــرَقُ وَجنَـةٌ فـي مـاءِ
مَحَـتِ الكَـرى بَيـنَ الجُفونِ وَرُبَّما
غَســَلَت ســَوادَ المُقلَــةِ الكَحلاءِ
لا تُـــورِثُ الأَحشـــاءَ إِلّا غُلَّـــةً
وَالمــاءُ يَنقَــعُ غُلَّــةَ الأَحشـاءِ
أَهــوِلِ بِـهِ مِـن يَـومِ رُزءٍ فـادِحٍ
ســَحَبَ الصـَباحُ بِـهِ ذُيـولَ مَسـاءِ
مُتَلاطِــمُ الأَحشــاءِ تَحســِبُ أَنَّــهُ
بَحـــرٌ طَمــى مُتَلاطِــمَ الأَرجــاءِ
جَمَعَ الحِدادَ إِلى العَويلِ فَما تَرى
فـي القَـومِ غَيـرَ حَمامَـةٍ وَرقـاءِ
مِــن ماســِحٍ عَـن وَجنَـةٍ مَمطـورَةٍ
أَو رافِــعٍ مِــن زَفــرَةٍ صــُعَداءِ
وَكَأَنَّمـا يَسـقي بِمـا يَبكـي ثَـرى
ماقَــد ذَوى مِـن دَوحَـةِ العَليـاءِ
وَلَئِن جَزِعـــتَ لِيَـــومِ أُمٍّ بَــرَّةٍ
نَشــَأَت تَطــولُ أَكــابِرَ الآبــاءِ
تَصـِلُ الـدُعاءَ إِلى البُكاءِ كَأَنَّما
تَرمــي الســَماءَ بِمُقلَـةٍ مَرهـاءِ
فَلِمِثلِــهِ مِــن يَـومِ خَطـبٍ نـازِلٍ
جَمَّــت دُمــوعُ أَفاضــِلِ الأَبنــاءِ
فَاِســمَح بِـأَعلاقِ الـدُموعِ فَإِنَّمـا
تُقنــى دُمــوعُ العَيـنِ لِلبُرَحـاءِ
وَاِهتِـف بِمـا تَشـكو إِلَيهـا لَوعَةً
إِن كــانَ يُصــغي هالِــكٌ لِنِـداءِ
وَاِقـرَع لَهـا بـابَ السَماءِ بِدَعوَةٍ
تَســـتَمطِرُ الخَضــراءَ لِلغَــبراءِ
حَتّــى تَجــودُ بِكُـلِّ عـارِضِ رَحمَـةٍ
تَستَضـــحِكُ الأَنـــوارَ لِلأَنـــواءِ
زَجِـلِ الرُعـودِ كَأَنَّمـا مَسـَحَت بِـهِ
كَــفُّ الصــَبا عَـن ناقَـةٍ عُشـَراءِ
فَبِمِثلِهــا مِـن تُربَـةٍ قَـد قُدِّسـَت
نَثَـــرَ النَســيمُ قَلائِدَ الأَنــداءِ
وَســَرى يُمَـرِّغُ خَـدَّهُ قَمَـرُ الـدُجى
وَيُــذيلُ فَضــلَ ضـَفيرَةِ الجَـوزاءِ
وَلَئِن صــَبَرتَ وَصـَبرُ مِثلِـكَ حِسـبَةٌ
فَلَقَـــد أَخَــذتَ بِشــيمَةِ النُبَلاءِ
مِـن كُـلِّ ماضي العَزمِ يُهوي بِالأَسى
عَــن هَضــبَةٍ مِــن صـَبرِهِ خَلقـاءِ
كَشـَفَت لَـهُ الأَيّـامُ عَـن أَسـرارِها
فَــرأى جَلِــيَّ عَــواقِبِ الأَشــياءِ
لَـم يَثـنِ في السَرّاءِ مِن تيهٍ بِها
أَعطــافَهُ فَيَخــورُ فــي الضـَرّاءِ
مــا اِرتــابَ أَنَّ سـُرورَهُ لِكَآبَـةٍ
يَومـــاً وَأَنَّ بَقـــاءَهُ لَفَنـــاءِ
فَكَــأَنَّهُ وَالعيــسُ تَبســُطُ خَطـوَهُ
قَــد بــانَ مُـرتَحِلاً عَـنِ الأَحيـاءِ
فَلَـرُبَّ رَكـبٍ لِلـرَدى تَحـتَ السـُرى
ضــَرَبوا قِبــابَهُم بِهــا لِثَـواءِ
مُتَوَســِّدينَ بِهـا التُـرابَ كَـأَنّهُم
لَـم يَرتَعـوا فـي زَهـرَةِ النَعماءِ
صــَرعى فَلا قَلــبٌ لِغَيــرِ صـَبابَةٍ
يُــذكى وَلا عَيــنٌ لِغَيــرِ بُكــاءِ
مـا شـِئتَ مِـن قُرَنـاءِ خَيرٍ أَعصَفَت
ريــحُ الـرَدى بِهِـم وَمِـن قُرَبـاءِ
مُلِئَت بِهِــم عَينـي دُموعـاً كُلَّمـا
مُلِئَت عُيـــونُهُمُ مِـــنَ الإِغفــاءِ
وَكَفـى أَسـىً وَصـَبابَةً أَن أُنزِلـوا
وَهُــمُ الأَقــارِبُ مَنـزِلَ البُعَـداءِ
بَــدَداً بِمَســرى كُـلِّ ريـحٍ عاصـِفٍ
وَمَصــــابِ كُـــلِّ غَمامَـــةٍ هَطلاءِ
أَلــوى بِهِــم وَلِكُـلِّ جَنـبٍ مَصـرَعٌ
داءٌ عَيــــاءٌ عَـــزَّ كُـــلَّ دَواءِ
وَطَـوى القُـرونَ بِحَيـثُ صـُمَّت عَنهُمُ
أُذُنُ المُصـيخِ وَكُـلِّ طَـرفُ الـرائي
وَلَئِن ســَطا وَالفاصــِلاتُ كَــثيرَةٌ
فَلَقَــد ســَطا بِقَليلَـةِ النُظَـراءِ
وَنَجيبَــةٍ جــاءَت بِأَوحَــدِ أَمجَـدٍ
قَــد فـاتَ طَـولاً أَيـدِيَ النُجَبـاءِ
مُتَقَلِّــبٌ فـي اللَـهِ بَيـنَ بَشاشـَةٍ
يَنـدى الهَشـيمُ بِهـا وَبَيَـن مَضاءِ
لَــدِنٌ كَمَطلــولِ النَسـيمِ وَتـارَةً
خَشــِنٌ كَصــَدرِ الصـُعدَةِ السـَمراءِ
فــي مَقعَـدٍ وَسـِعَ الأَنـامَ عَدالَـةً
وَســَما فَزاحَــمَ مَنكِـبَ الخَضـراءِ
يَســتَنزِلُ الأَروى هُنــاكَ ســَكينَةً
وَيَــروعُ قَلــبَ الصـَخرَةِ الصـَمّاءِ
عَــدلٌ يَظَــلُّ بِظِلِّــهِ ذِئبُ الغَضـا
جــاراً هُنــاكَ لِظَبيَـةِ الوَعسـاءِ
وَكَفاهُمــا أَن يَخلــوا بِأَراكَــةٍ
عِنـدَ المَقيـلِ وَيَشـرَبا مِـن مـاءِ
وَإِلَيــكَ مِــن حُـرِّ الكَلامِ عَقيلَـةً
قَصــَرَت خُطاهــا خَجلَـةُ العُـذَراءِ
نَشــَأَت وَشــُقرٌ دارُهــا فَكَأَنَّمـا
وَرَدَتـــكَ زائِرَةً مِــنَ الــزَوراءِ
رَقَّـت وَقَـد عَلِمَـت بِمَوضـِعِ حُسـنِها
فَأَتَتـــكَ تَمشــي مِشــيَةَ الخُيَلاءِ
إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خفاجة الجعواري الأندلسي. شاعر غَزِل، من الكتاب البلغاء، غلب على شعره وصف الرياض ومناظر الطبيعة. وهو من أهل جزيرة شقر من أعمال بلنسية في شرقي الأندلس. لم يتعرض لاستماحة ملوك الطوائف مع تهافتهم على الأدب وأهله. قال الحجاري في كتابه (المسهب): (هو اليوم شاعر هذه الجزيرة، لا أعرف فيها شرقاً ولا غرباً نظيره)