
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هــذِهِ القَصــَّةُ لا شــَأنَ لَهـا
بِأَقاصــــيص عَجـــوز خَطِـــلِ
فَهــيَ نُطــقٌ ســَمِعتهُ أُذنــي
وَبَيـــانٌ أَبصـــَرَتهُ مُقلَـــي
فَأَنــا فـي سـَردِها أَصـدقُ إِذ
إِنَّهـا قَـد حَـدَثَت فـي مَنزِلـي
فَاِسـمَعوها وَاِفقَهـوا جَوهَرِهـا
وَخُــذوا مَوعِظَــةً مِمّــا يَلـي
قُمـتُ فـي ذاتِ ضـحىً من مَضجَعي
وَبنـاتُ الشـِعرَ قَـد قامَت مَعي
وَتَـــوَجَّهتُ كَأَمســـي يائِســاً
أَنــزَوي مُنفَـرِداً فـي مَخـدَعي
مُخــدعٌ كَــالقَفص الضـَيِّقِ قَـد
ســَكَنَت فيــهِ عَـذارى أَدمُعـي
كُــلَّ عَــذراءَ عَلـى قَيثارِهـا
هَجَعَــت وَالشـعرُ بَيـنَ المُقـلِ
فَســمعتُ الطَيــرَ فـي مَجثَمِـهِ
مُنشِداً يَستَقبِلُ الفَجرَ الجَديدا
وَرَأَيــتُ الفَجـرَ سـَكرانَ هَـوىً
يَـردُ الطهرَ وَلا يسقي الوُجودا
وَعلــى قيثــار فينـوس شـَدَت
ربـةُ الحِكمَـةِ ميزفا النَشيدا
إِنَّ لِلفَجــرِ غَرامــاً طــاهِراً
مـا دَرى مَعنـاهُ غَيـرُ البُلبُلِ
طَلَــعَ الصــُبحُ رُوَيـداً وَأَنـا
أَسـكُبُ الأَشـعارَ مِـن قـارورَتي
مُطلِقــاً زَفــرَةَ صـَدري بِأَسـى
فَـأَثيرُ الـروحَ فـي نرجيلَـتي
وَأَرى دَخنَتَهـــــا ثــــائِرَةً
تَتَلاشــى فــي زَوايـا غُرفَـتي
كُلَّمــا أَطلَقــتُ فيهـا زَفـرَةً
هَمَسـَت فـي الصـُبحِ حَتّى يَنجَلي
وَإِذا صــَوتٌ تَعــالى مُلحِنــاً
مِـن بَعيـدٍ مِثـل أَوتارِ النَغَم
صــادَمتَهُ نَسـماتٌ فـي الصـَبا
فَـأَتى كَـالهَمسِ في أُذنِ النسم
عِنـدَ ذا أَطلَلـتُ مـن نافِـذَتي
تارِكـاً قِرطـاسَ شـِعري وَالقَلَم
فَــــإِذا بصـــارَةٌ برّاجـــةٌ
تَكشــِفُ البَخــتَ بِقَـولٍ مُنـزلِ
مــا تَــرددتُ بِـأَن نادَيتُهـا
وَعَلـى ثَغـري خَيـالُ البَسـمات
فَــأَتَت وَالوَشـمُ فـي مرشـفِها
طُرقــاتٌ لمــرورِ المُعجِــزات
قُلـتُ يـا عرّافَـتي هل أَنتِ مَن
قَرَأَت في الغَيبِ أَسرارَ الحَياةِ
أَطلِعينــي عَــن مَـآتي وَطَنـي
وَعـن الحالَـةِ فـي المُسـتَقبَلِ
فَأَجــابَت بَعـد أَن مَـدَّت يَـداً
لاِسـتِلامِ الغَـرشِ مـن كَفّي نَصيب
وَرَمَــت فـي حُجرَتـي أَبواقِهـا
فَتَعــالى نَغَــمٌ مِنهـا غَريـبُ
ضـَع عَلـى الأَبـواقِ يُمناكَ وَقل
إِنَّنـي آمَنـتُ بِـاللَهِ المُجيـب
ثُـمَّ قـالَت لـي كَلامـاً صـائِباً
فَاِسمَعوا يا قَومُ ما قالَتهُ لي
إِنَّ لُبنــــانَ ضــــَعيفٌ رزاحٌ
تَحـــت أَثقـــالِ ظَلامٍ أَســودِ
لَعبَـــت فِتيــانُهُ فيــهِ دداً
مـا اَرادَت مهنَـةً غيـرَ الـدَدِ
هَجَعَــت سـكرى بِـأَحلامِ الصـِبا
هَـل دَرَت ماذا تَوارى في الغَدِ
إِنَّ شـــَعباً كَثُـــرت أَحلامُــهُ
لَهـو شـَعبٌ ضـائِعٌ فـي الـدُوَلِ
لبِلادِ الأَرزِ أَبنــــاءٌ نَـــأَت
فَهـيَ تَشـقى في زَوايا المَهجرِ
وَلهـا قَلـبٌ إِذا مـا ذُكـر ال
وَطــنُ اِهتَـزَّ اِهتِـزازَ الشـَجرِ
ســَعدُ لُبنــانَ كَــبيرٌ إِنَّمـا
بِســِوى أَبنــائِهِ لَــم يكبُـرِ
وَلـــه بُـــرجٌ علا مُرتَفِعـــاً
مِــن قَــديمٍ وَغـداً لا يُعتَلـى
عِنـدَما الغُـؤّابُ تَعتادُ الحمى
لِتَــرى مُســتَقبَلاً فـي الـوَطَنِ
عِنـدَما الأَمـواهُ تُمسـي مُسكِراً
جارِيــاتٍ مـن أَعـالي القُنـنِ
عِنـدَما المَهجِـرُ يُمسـي خالِياً
مـن رِجـالٍ نَشـَأَت فـي الـدِمَنِ
بَشـَّروا لُبنـانَ بِـالعودِ إلـى
زَمـــنٍ مِثــل الزَمــانِ الأَوَّلِ
عِنـدَما البَغضـاءُ تُمسـي مهجاً
تَنسـلُ الحُـبُّ وَتَـأوي الـرجلا
عِنـدَما الأَرمـاحُ تُمسـي سـككاً
وَفرنــد السـيفِ يُمسـي منجلا
عِنــدَما الحــاكِمُ فـي عِزَّتِـهِ
يُنجِـــد الفَلّاح حَتّـــى يَعمَلا
بَشــَّروا لُبنـانَ بِـالعِزِّ فَمـا
وَطـــنٌ عَــزَّ بِغَيــرِ العَمــلِ
كُنــتُ أُصــغي وَفُـؤادي نـابِضٌ
وَعُيـوني شاخِصـاتٌ فـي السَحاب
نـاظِراً فـي عالَمِ الماضي إِلى
مَجـد قَـومي المُتَلاشي كَالضَباب
إِنَّ زَيـــتَ المَجـــدِ تشــعلُهُ
زَفَـراتٌ اليَاسِ من صَدرِ الشَباب
فَالتَــآخي وَالقُــوى تَضــرُمُه
هَــل مُؤاخــاة بِهـذا الجَبـلِ
عِنــدَ هــذا نَهَضــَت عَرّافَـتي
بَعـد مـا قَـد جَمَعـت أَبواقها
وَمَضــَت تَســرع بِالمشـي وَقـد
وَهَبــت مـن سـحرها أَحـداقها
وَلَـدُن قَـد خَرجَـت مِـن مَنزِلـي
وَمَضـــَت ناشـــِدَةً عشـــاقَها
صــــَرخت بصـــارَةٌ براجـــةٌ
تَكشــِفُ البَخــتَ بقَـولٍ مُنـزَلِ
إلياس أبو شبكة.مترجم يحسن الفرنسية، كثير النظم بالعربية. لبناني، اشترك في تحرير بعض الجرائد ببيروت. ونقل إلى العربية (تاريخ نابليون - ط)، وقصصاً من مسرحيات (موليير) ونشر مجموعات من نظمه.