
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مـا بـال نفـس تطيل شكواها
إلـى الورى وهي ترتجي اللَه
يفســد إخلاصــها شــكايتها
ذاك الـذي راعهـا وأرداهـا
لـو أنها من مليكها اقتربت
وأخلصـــت ودُّهــا لأدناهــا
لكنهـــا آثـــرت برتيـــه
عليــه جهلاً بــه فأقصــاها
أفقرهـا المـورى ولـو لجأت
إليــه مـن دونهـم لأعتاهـا
تشــكو إلــى خلقـه كـأنهم
قـد ملكـوا نفعهـا وضـراها
لـو فوضـت أمرهـا لخالقهـا
وصـــححت صــدقها وتكلاهــا
عرضــها مـن همومهـا مزجـاً
ولــم يـدعها يطـول غماهـا
تســخطه فــي رضــا بريتـه
تبـاً لـه مـا أجـل يلواهـا
لــو أنهـا للعبـاد مسـخطة
مرضـــية ربهـــا لأرضـــها
لــدي نفــس أحــب أنعتهـا
لتعرفــوا نعتهـا وأسـماها
فاسـمع صـفاتي لها لعلك أن
تفهـم ذا اللـب سـر معناها
تسعى إلى اللهو وهو غايتها
يـا ويلهـا مـا أضـر مسعها
أزجرهــا وهـي لـي مخالفـة
كــأنني لســت مـن أوداهـا
تنظـر فـي عيـب غيرها سفهاً
وكــم عيـوبٍ لهـا فتنسـاها
قـد ظلَمتنـي بسـوء عثرتهـا
ولـم تـدع لي تقوى ولا جاها
كـثيرة اللغـو فـي مجالسها
قليلــة الـذكر فـي مصـلاها
قليلـة الشـكر عنـد نعمتها
ضـعيفة الصـبر عنـد بلواها
بطيئة السـعي فـي مصـالحها
سـريعة الجـري فـي بلاياهـا
كـثيرة المطـل فـي مواعدها
كذوبــة فـي جميـع دعواهـا
بصــيرة بــالهوى وفتنتــه
عميــة عــن أمـور أخراهـا
نشــيطة عنــد وقـت لـذتها
كاســلة عنـد وقـت ذكراهـا
تؤومـة العيـن عنـد صـحتها
عظيمـة الخـوف عنـد ضـراها
حليفـة الكـبر والرياء فقد
أفســدها كبرهــا وأطغاهـا
عظيمـة المـدح والثناء لمن
يرفــع مقــدارها ومثواهـا
مطيلـة الـذم بالقبيـح لمن
عرفهــا قــدرها وطغياهــا
تفـرح فـي أكلهـا ومشـربها
وحبهــا للمنــام أغراهــا
ذاكــرة للــورى مســاويهم
ناســية مـا جنـاه كفراهـا
كـم بين نفسي وبين نفس فتى
طهرهــا بــالتقى ونقاهــا
علمهـــا رشــدها وبصــرها
ثــم بقــوت الحلال غــداها
أقامهـا فـي الدجى على قدم
فـانهملت بالـدموع عيناهـا
إذا اشــتهت شـهوة يعودهـا
بخـــوف معبودهــا فســلاها
وراضـها بالصـيام فـانقمعت
بـالرغم عـن غيهـا ومغراها
ذاكـــرة للإلـــه شـــاكرة
مخلصـــة ســرها ونجواهــا
للَــه نفــس امــرئٍ موفقـة
آوت إلــى ربهــا فآواهــا
شـــرفها ربهـــا وكرمهــا
ومـن ميـاه اليقيـن أرواها
ســمت إليـه بحسـن فكرتهـا
ثـم صـافي ودادهـا فصـفاها
تلـك الـتي أن دعت لحاجتها
أجابهــا مســرعاً ولباهــا
إن بليــت بـالخطوب صـبرها
أو سـألت مـا يريـد أعطاها
ليســت كنفــسٍ لـدي عاصـية
آمرهــا جاهــداً وأنهاهــا
وهــي لأمــر الإلــه عاصـية
ويلـي لمـا قـد جنـت ويلاها
كيـف إلـى ربهـا تنـوب وقد
ذلــت لشــيطانها فأغراهـا
فكلمــا قلـت نفـس أزدجـري
وراقــبي فـي أمـورك اللَـه
صـمت عـن الحـق وهـي سامعة
كــأنني مــا أريـد إياهـا
لـو علمـت بعـض ما له خلقت
أحزنهــا علمهــا وأبكاهـا
لـو تعـرف اللَـه حـق معرفة
لصـــححت برهــا وتقواهــا
لكنهــا جهلهــا بخالقهــا
أغفلهــا رشــدها وألهاهـا
يا ويح نفسي والويح حق لها
أن صــدها ربهــا وأرداهـا
تغرهــا لـذة الحيـاة ومـا
تـدري إلـى ما يكون عقباها
قـد ضـقت ذرعاً بها وأحبسها
لـم أك أعصـي الإلـه لولاهـا
إن أنـا حـاولت طـاعت فترت
وأظهــرت وحشــة وأكراهــا
صـرت مـع النفـس في محاربةٍ
تــأمرني بـالهوى وأنهاهـا
نحــن كقرنيـن فـي معاركـة
أدرع الصــبر عنـد لقياهـا
وهـي بجنـد الهـوى مبارزتي
وأي صــبر يطيــق هيجاهــا
إن جبنــت بالقتـال شـجعها
أو ضـعفت فـي اللقاء قواها
أصــرعها تــراة وتصــرعني
لكـن لها السبق حين ألقاها
أحبهــا وهــي لـي معاديـة
كــأنني لســت مـن أحباهـا
عـــدوة لا أطيــق أبغضــها
يـا ليتنـي أسـتطيع أنساها
ســابحة فـي بحـار فتنتهـا
جاثيــة فـي سـدول ظلماهـا
أحســبها أن أبــت موفقـتي
خاســرة دينهــا ودنياهــا
يـا رب عجـل لهـا بتوبتهـا
واغسـل بماء التقى خطاياها
إن تــك يـا سـيدي معـذبها
مـن ذا الذي يرتجي لرحماها
فـألطف بها واغتفر خطيئتها
أنـــك خلاقهـــا ومولاهـــا
محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي، أبو حامد.حجة الإسلام، فيلسوف، متصوف، له نحو مئتي مصنف بعضها بالفارسية، مولده ووفاته في الطابران (قصبة طوس، بخراسان) رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد فالحجاز فبلاد الشام فمصر، وعاد إلى بلدته.نسبته إلى صناعة الغزل (عند من يقوله بتشديد الزاي) أو ألى غَزَالة (من قرى طوس) لمن قال بالتخفيف.من أشهر كتبه (إحياء علوم الدين -ط) و (تهافت الفلاسفة ) رد عليه الفيلسوف ابن رشد بكتاب : (تهافت التهافت)، (محك النظر -ط)، و(معارج القدس في أحوال النفس -خ)، و(الفرق بين الصالح وغير الصالح-خ)، و(مقاصد الفلاسفة -ط)، و(المضنون به على غير أهله-ط) وفي نسبته إليه كلام، و(الوقف والابتداء -خ) في التفسير، و(البسيط -خ) في الفقه، و(المعارف العقلية -خ)، و(المنقذ من الضلال -ط)، و(بداية الهداية -ط).