
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بنــور تجلــى وجــه قدســك دهشـتي
وفيــك علــى أن لا خفـا بـك حيرتـي
فيــا أقـرب الأشـياء مـن كـل نظـرة
لأبعــد شــيء أنــت عــن كـل رؤيـة
ظهـــرت فلمـــا أن بهــرت تجليــا
بطنــت بطونــاً كــاد يقضـي بردتـي
فـأوقعت بيـن العقـل والحـس عنـدما
خفيـــت خلافـــا لا يـــزول بصــلحه
إذا مــا أدعـى عقـل وجـودك منكـراً
علـى الحـس مـا ينفيـه قال له أثبت
فمــن هــا هنــا منشـأ الخلاف ويـص
عـب الوفـاق بخلف في اقتضاء الجبلة
فـإنت قلـت لـم أبصـرك فـي كل صورة
أراهــا أحــالت ذاك عيــن بصـيرتي
وإن قلــت أنــي مبصــر لـك أنكـرت
مقــالي ولــم تشــهد بـذلك مقلـتي
تجليــت منــي فــي حـتى ظهـرت لـي
خفيــت خفــاء دق عــن كــل فكــرة
علــى أنــه لـم يبـق لـي جبـل رأى
تجليــــك لــــي ألا ودك بصــــعقة
ونــاجيتني فـي السـر منـي فأصـبحت
وقــد طــويت عمــا ســواك طويــتي
فمـا فـي فضـل عنـك يخطـر فيـه لـي
ســواك فوقــتي فيــك غيــر مــوقت
وديعــة روح القــدس نفســك ردهــا
فمــن واجبــات العقـل رد الوديعـة
ومـــا ردهــا إلا بتكميلهــا بمــا
يليــق بهــا مــن كسـب كـل فضـيلة
فمهمــا تجلــت مــن كـدورات عـالم
الطبيعـــة شـــفت جــوهراً وتجلــت
نصــحتك جهــدي أن قبلــت فلا تكــن
علــى حكــم غشــى حــاملاً لنصــيحة
وعابـــة مقـــدوري فقلــت وإنمــا
قبولـك ممـا ليـس فـي وسـعد قـدرتي
وهـل ممكـن إسـعاد مـن كـل قـد جرى
لــه قلـم فـي اللـوح يومـاً بشـقوة
يظــن الفــتى لــذات دنيـاه نعمـة
ومــا هــي إلا نقمــة فـي الحقيقـة
ويبلـغ منـه الجهـل مـا ليـس يبلـغ
العــدو بحـد السـيف عنـد الحضيضـة
ونفســك فاحفظهــا وصــنها فإنمــا
ســـعادتها فــي فعــل كــل مشــقة
وخــالف هواهــا مـا اسـتطعت فـأنه
عــدو لهــا يبغــي لهـا كـل نكبـة
لعمــري لقــد أنـذرت إنـذار مشـفق
وجــاوزت فــي الإيضـاح حـد الوصـية
فقـم واسع وانهض واجتهد وابغ مطلقاً
بــداك علــى مــا فيـك شـر صـنيعة
فإنــك مــن نــور مضــيء وكظلمــة
بمــا فيــك مـن جسـم ونفـس نفيسـة
تســوس الحيـاة الجسـم وهـي مسوسـة
بمــا فيـك مـن أسـرار علـم مصـونة
فشــيطان رجــم أنــت أو ملـك بمـا
تعــانيه مــن فعــل قبيــح وعفــة
ألا أن لــي بــالنفس منــي شــاغلاً
بــه تــم لـي مـا دمـع مـن ملكيـة
جلــت شــبهة الأعــراض عنـي بديهـة
توقـــد كالمصــباح فــي جوهريــتي
رأيــت بهــا النــور الإلهـي لائحـاً
وراء ســــتور للأمــــور دقيقــــة
فحققــت مــا قـد كنـت فيـه مشـككاً
وعـاينت مـا قـد كـان فـي سـر خفية
وأدركـت مـا المقصـود من بدأتي وما
المــراد بإحيــائي ومـوتي ورجعـتي
بمـــرآة نفـــس لاح فـــي صــقالها
المقابـــل للكــونين كــل حقيقــة
ولـم يبـق عندي ريبة في الذي استرا
ب منــه أنــاس فــي أمــور كـثيرة
فـألقت عصـاها النفـس منـي وأيقنـت
بــأن سـفرت عـن وجـه نجعـي سـفرتي
يــدل علـى مـا قلتـه حالـة الكـرى
إذا ركـــد الإحســاس منــك برقــدةٍ
فمــا شــفيت نفــس أطــاعته رهبـة
ومــا ســعدت نفــس عصــته لرغبــة
ولكــن بنــور العلــم تســلم هـذه
وتعطـــب جهلاً تيـــك أقبــح عطبــه
فيــا عجبــاً ممــن يــروم لنفســه
خلاصــاً ولـم يرغـب بهـا عـن جريـرة
ومــن تــائب مــن ذلـة لا تـرى لـه
دمــوع كــأفواه الغمــام المكبــة
ومــن مخــبر لا يعجــز اللَـه قـدره
عليـــه ولا يخشـــى بــوادر نقمــة
ومــن أشــرقت أنــوار مـرآة عقلـه
علــى ظلمــات الطبــع منــه تجلـت
وثبـت غـرس العقـل فـي القلب مثمراً
لبـاغي الحيـا اسـتقباح كـل رذيلـة
ومـا وصـلت نفـس إلـى عـالم الصـفا
بمــا دون تحصــيل العلـوم الجليـة
وتمييزهـــا عــن نوعهــا بمعــارف
يروجهـــا فـــي عـــالم البشــرية
وقـــــد يملأ الأنــــاء فيمتلــــئ
بــه المــاء حــتى لا مزيـد لقطـرة
فـــأخرجتني عنــي بإدخــال محنــة
وأوحشـــتني منـــي بـــأنس محبــة
وأســقيتني مــن خمــر حبــك شـربة
خمـاري بهـا بـاق إلـى يـوم بعثـتي
محــاني بهــا سـكري واثبتنـي معـاً
فــأعجب شــيء أن مــا حــي مثبـتي
وأقربتنــي مــن رمـز طرسـي أسـطراً
فتمــت بهــا تفصــيل عقـدك جملـتي
وأقررتنـــي منـــي علـــى بــأنني
صــحيفة ســر طيهــا فيــه نشــرتي
وأفشــيت بــي ســري إلــي فأصـبحت
وقـد أعربـت إذ أفصـحت عنـه عجمـتي
وأفهمتنــي منــي بـأن ليـس مـوطني
مكانـاً بـه فـي عـالم الحـس نشـأتي
فــأبهت مــا أفهمـت إذ ليـس مـدرك
لـــذلك إلا مـــن خصصـــت بحكمـــة
ومــن ذا الــذي خصصـت منـك بحكمـة
ولــم تــك قــد عممـت منـك برحمـة
فكــم أظهـرت تلـك الإشـارات خافيـا
وإن عزبــت عــن فهــم قــومٍ ودقـت
ومـــا لاح ذاك الــبرق إلا ليهتــدي
بـه الركـب لكـن ظلمـة الجهـل أعمت
لقـد سـمع الـواعي وقـل الـذي وعـى
لســكرٍ بــه أهــوى أصــمت فأصــمت
وكــم لــك داع منــك فيــك مبصــر
لعقلــك لكــن لســت تصــغي لـدعوة
وكــل مريــض الجســم يمكــن بـرؤه
ويعجــز أن يشــفى مريــض البديهـة
ويســتبعد الجهــال كونــاً بمــوطن
إذ كــان لا فــي جنــب منبـت شـعبة
ولـو علمـوا مـا عـالم العقـل منهم
وأنهـــم بـــالحس فــي دار غربــة
إذا ولــد المولــود ســروا بفرحـة
ومـــن حقــه أن يبــدلوها بترحــة
ويبكـــونه عنــد الممــات جهالــة
ومـــن حقـــه أطهــار كــل مســرة
ولــم يعلمــوا أن الــولادة غربــة
أبيحــت لــه عــن خيـر دار وأسـرة
ومـــوتته عــود لــه نحــو أهلــه
وأوطــــانه الأصـــلية المســـتلذة
وأعجــم مــن هــذا مقــال جميعهـم
تــرى عابــدي الأوثــان أجهـل أمـة
ومـا عظـم الأوثـان مـن كـان قلبهـم
كتعظيـــم أجســـام لهــم مضــمحلة
فكـل غـدا معبـوده الجسـم فاسـتووا
ولكنهــم لــم يســتووا عنــد نيـة
لقــد وقعـوا مـع علمهـم فـي ظلالـة
إذا اعتــبرت أربــت علـى كـل ضـلة
فيـا ليـت شـعري كيـف صـمت عقـولهم
وداعيـك فيهـم مسـمع من كل كل فطنة
وكـــل فعــال لــم أكــن متقربــاً
إلـــي بــه أعظمــت فيــه خطيــتي
فقربــي بــه بعــد وربحــي خسـارة
وعـــزي بـــه ذل ونفعـــي مضـــري
لأنـــي فيـــه قمـــت غيــر مــوجه
لـدى فعلـه وجهـي إلـى وجـه وجهـتي
فـــدنت بـــأمر حرمتـــه شــريعتي
وأحييــت حكمــاً قـد أمـاتته سـنتي
فكــانت بـتركي فـي منـاهيه غفلـتي
نهايـــة تــأديبي وفــرط عقوبــتي
تشـــتت عقلــي فيــك بعــد تجمــع
كمــا اجتمعــت بلــواي بعـد تشـتت
هــوىً فيــك لـي لا منتهـى لامتـداده
لـــــدي ولا منـــــه خلاص بلــــوة
أزيــد بلــىً إذ يســتجد ولـم يكـن
بتجديــد صــبري فيـه أبىـل بليـتي
ويبـــــدي أولا منـــــه وآخـــــر
فقــد شــف جســمي سـر عـودٍ وبـدأةٍ
ألا لا تلمنــــي أن شـــطحت فـــإنه
قليــل لســكر حـل بـي منـك شـطحتي
ولا تنهنــي أن تهــت سـكراً معربـداً
فـأنت الـذي استحسـنت فيـك هنيكـتي
ولا تلحـــأن غنيـــت فيــك تطربــاً
فلــو وجــدت وجــدي الجبـال لغنـت
ومــن عجــب حمـل الجبـال هـوى بـه
طلعــت وعــن حملــي قــديماً تـأبت
فمـن قيـس ليلـى العامرية في الهوى
ومــن قيــس لبنــى أو كــثير عـزة
إذا تليــــت ذكــــري فقابـــل ال
مجنــون ذكــري بالســجود لحرمــتي
وأوجــب كــل منهــم الوقـف عنـدما
وســـلم أن لا قصـــة مثـــل قصــتي
فمـن فضـل كاسـي شـرب غيري ولم يكن
يقــاس بســكري ســكر شـارب فضـلتي
يبلبـــل بـــالي لا لنــوح حمامــة
وينهـــل دمعـــي لا لإيمــاض برقــة
لــو كنــت محتاجــاً للتنمـم بـاعث
يحـــرك أشــجاني لبــانت نقيصــتي
ولكننــــي منـــي وفـــي نـــواعش
تحركنـــي فـــي كــل ســرٍ وجهــرة
فلا رقـــدة تغـــدو علـــي بفــترةٍ
ولا يقظـــة تغـــدو علـــي بغفلــة
فمــن يشـك يومـاً فـي هـواه فـإنني
لـي الشـكر أولى في الهوى من شكيتي
تســترت جهــدي فــي هـواك وطـاقتي
فلمــا منعـت الصـبر أبـديت صـفحتي
فـأعلنت مـا أسـررت فيـك فلـم يكـن
بقـــول ولا فعـــل ســواك فضــيحتي
فمــا لاشـتياقي فـي افتضـاحي مـدخل
ولا لـــدموع فيـــك لـــي مســتهلة
وقد كان لي في الصبر ستر على الهوى
بهتكــك سـتر الصـبر أظهـرت عـورتي
فلا تــذهب فــي الحـب يشـبه مـذهبي
ولا ملـــة فيـــه تقـــاس بملـــتي
بكــل لســاني عــن صــفاتي وإنمـا
يعـــبر عنـــي أننـــي ذات وحــدة
فكـــل نعيـــم دون وصـــلي شــقوة
وكـــل ملـــذ مــؤلم عنــد لــذتي
وكــل ســبيل ليــس يفضــي ســلوكه
إلــي فقــد أفضــى إلـى كـل خيبـة
ولالا هــوىً لــي فيــك يحملنـي علـى
حنــوي لــم أعهــد إليــك بلفظــة
وكنــت إذا زلـت بـك النعـل هاويـاً
أقــول ألا فــاذهب إلـى حيـث ألقـت
ولكــن مــا ينجيــك ينجــي هويـتي
كمــا أن مــا يؤذيــك نفـس أذيـتي
وهــل أنــا إلا أنــت ذاتـاً ووحـدة
وهــل أنــت إلا نفــس عيــن هويـتي
ولـولا اعتبـار الجسـم بالنسبة التي
إليــه لــه مــا صــح عنـي سـيرتي
ولســت بــذي شــكل فيــوجب كــثرة
لــذاتي ولا جــزءاً فتمكــن قســمتي
ويقــع مــا بينــي وبينــك نســبة
يظــن بهــا غيــري لموضــع شــبهة
وإنــي لـم أهبـط إلـى الأرض يبتغـي
بــذلك وضــعي بــل هبـوطي ورفعـتي
وتقريـــر هــذا أن دعيــت خليفــة
ومــا كنــت أدعـى قبـل ذا بخليفـة
وصــير ملكــي عــالم الجسـم محنـة
لغايـــة تــدبيري ومبلــغ حلمــتي
فــإن أنــا أحسـنت الولايـة أحسـنت
إلـى العـالم العلـوي عـودي وعزلتي
وعــاينت مــا لا عــاينت مقلـة ولا
أحــاطت بــه أذن وعــت حــس سـمعة
وآثـــرت لـــذاتي ونيـــل مــآربي
واتبعــت نفســي كــل شــيءٍ أحبــت
ســددت علــى نفســي ســبيل تخلصـي
إلـى الملأ الأعلـى الـذي هـو نزهـتي
وأوقعتهـا فـي أسـر مـن لا يـرى لها
مكانــاً ولا يحنــو عليهــا بعطفــة
فلا نـــدم يجـــزي ولا حســرة يــرى
بهـــا فــرج يرجــى لكشــف لشــدة
فيــا ويــح نفــس آثـرت طيـب زائل
علـــى طيــب بــاق لا يحــد بمــدة
يمـوت الفـتى بالجهـل مـن قبل موته
ويحيـى بـروح العلـم مـن بعـد ميتة
فمـا مـات حـي العلـم يوماً ولم يكن
بحــي ممــات الجهــل مقـدار لحظـة
وانظــر أحــوال الرجــال وقــوفهم
علــى بــرزخ مــا بيـن نـار وجنـة
فأمـــا إلـــى آلام نفـــس خــبيئة
وأمــا إلــى لــذات نفــس نفيســة
فــآلام تلــك الـترك فـي دار غربـة
ولـذات هـذا العـود مـن بعـد غربـة
وهــل حسـرة فـي النفـس أعظـم غصـة
مــن البعــد عـن أهـل ودار وجيـرة
كمـــا أنــه لا شــيء أعظــم لــذة
لــذي غربـة مـن ملتقـى بعـد فرقـة
كــأني لــم أحجــب بهــا وكأنمــا
هـي احتجبـت بي فازدهى الناس عشقتي
وغـودرت لا يثنـي علـى حسـن فعلي ال
جميــل ولا يلــوي علـى حسـن طلعـتي
ولـو قايسـوا بالحسـن بينـي وبينها
لكـــانت لـــديهم لا تســام بحبــة
وشــق القلــب الجـاهلات الـتي بهـا
محبتهــا قــالت بهــم عــن محبـتي
ومــا ذاك شـيء يسـقط العـذر لامـرئ
أطـاع الهـوى وانقـاد عبـداً لشـهوةٍ
وهــل نــافع شــق الفــؤاد ندامـة
لـــذي قـــدمٍ زلــت ولــم تتشــبت
فكيــف يليــق الوصــل منـي لمـؤثر
علـى طيـب وصـل وصـل مـن هـي عبدتي
إذا رضــيت عنــه يهــون عليـه فـي
رضــاها وأدنــى ذاك تســهيل غصــة
علــى أنهــا أعــدى عــداه ترتبـت
لــه حيلــة منهــا لا مكــان فرصـة
فهــام بهــا عشــقاً وآثــر وصـلها
فــزل فنــادمته إلــى ألــف لعنـة
ولـولا الشـقا والجهـل ما آثر العدى
رضــاها وجــانب طيــب وصـل الأحبـة
وهــل أمنــي بالفضـل مثلـي وإنمـا
بمثــل طبــاع السـوء نحـو الدنيـة
وتـأبى الطبـاع الفاضـلات ارتكابهـا
الأمـور الـتي تفضـي إلـى حـط رتبـة
فكــم حســرات فــي نفــوس يثيرهـا
بعـادي إذا مـا العيـس للـبين ذمـت
وكــم عــبرة تجــري علــي تأســفاً
وقــد فــات مــا لا يســترد بعـبرة
وكـــم قــارع ســناً علــي ندامــة
وآخـــر مكـــوي بنيـــران حســـرة
وكـــم أنـــةٍ تغــدو علــي ورنــة
بـروح إذا مـا استشـعر القوم فرقتي
وهــل هــاجري وجــداً بغيـري بـالغ
رضـــاي لصـــب طـــالب دار هجــرة
لشــتان مــن بيـن المقـامين إنمـا
المــبرز مــن لاهمــه غيــر عشـرتي
ألــم تـر أنـي منتهـي قصـد مبـدعي
ولــم تبــدع الأشــياء إلا لخــدمتي
وإن لإكرامــــي وتعظيـــم حرمـــتي
أشــار إلــى الأملاك نحــوي بســجدة
وصــير مــا فـي عـالم الكـون كلـه
بحكـــم إراداتـــي وطــوع مشــيتي
فــإن كنـت فـي وصـل دعيـت فلا تمـل
إلـى وصـل غيـري واغتنـم وصل صحبتي
وخــذ جانبـاً مـن رفقـة بـك وكلـوا
ببعــدك عــن وصـلي وإثبـات جفـوتي
فعنـد ارتفـاع الحجـب ما بيننا ترى
محاســن وجــه الغانيــات وبهجــتي
ولا عجنــــت إلا بحبــــك طينــــتي
ولا لهجــــت إلا بكــــذرك لهجـــتي
وردت ورود الهيــم فيـك مـن الهـوى
شـــريعة حـــب هيجــت لــي غلــتي
ولا عجـــب إن هيجـــت لـــي غلـــة
فمـــا تملـــك منـــك أولا محنـــة
إذا كـان بـي أمـر أرى فيـه لي أذى
رضــاك فمــا أحلاه فــي قلـب ذلـتي
لــذاك مــا أرضــاك منــي فعلتــه
ولــو غضــبت منــه كــرام عشـيرتي
ومــا بعـت فيـك النفـس إلا لعـل أن
أفــوز بوصــلٍ منــك تربــح صـفقتي
فــإن أنـت أمضـيت التبـايع بيننـا
فبعــت وإن لـم تمـض أكسـدت سـلعتي
ومــا قــدر نفـس لـي لـديك حقيـرة
فأجعلهـــا مهـــراً لأشـــرف وصــلة
ولكـــن مقــل بــادل فيــك جهــده
أحــق بوصــل مــن أخــي كـل ثـروة
توحشـت مـن أبنـاء نـوعي ولـم يكـن
لشــيء ســوى أنســي بقربـك وحشـتي
تغربــت عــن أهلــي إليــك وإننـي
ليعــذب لـي فـي طيـب أنسـك غربـتي
فكــم خلـوة قـد فـزت فيهـا بجلـوة
خرجــت بهــا عنــي إليــك بفرحــة
وطلقــت فيهــا عــالم الحــس بتـة
لتعلـــم أنـــي لا أقـــول برجعــة
وفــارقت أوطــاني وأهــل وجيرتــي
لتعلــم أنــي بــاذل فيــك مهجـتي
ولـولا دخـولي فـي رضـاك بكـل ما أس
تطعــت لعــزت فيــك عنــي خرجــتي
وكــان بــودي لــو قبلــت تقربــي
إليـــك ولكـــن لســت أهلاً لقربــة
وهــل أنــا ألا نطفــة مــن ســلالة
لطيــن ومــا مقــدار قيمــة نطفـة
لعمــري لقــد حـاولت أمـراً مرامـه
عزيــز ولكــن أنــت أهــل العطيـة
وليــس اعــترافي باتضـاعي بمـانعي
ســؤالك أمــراً دونــه قـدر قيمـتي
وليــس علــى قــدر ســؤال فــإنني
أرى أن قــــدري دون مقــــدار ذرة
ولكــن علــى مقـدار إحسـانك الـذي
عممــت بــه تخصــيص كـوني بخلقـتي
ولا أنــا ممــا يخجـل الطـرد وجهـه
فيــأنف مــن عــود مخافــة طــردة
علــى كــل ليــس لــي عنــك مـذهب
فيصــرفني عــن جعــل بابـك قبلـتي
فمـا شـئت فاصـنع وارض عنـي فـإنني
أرى كــل صــنع منــك إسـباغ نعمـة
كفـــــاني اعـــــترافي توبـــــة
وحســبي رضــاً علــى قبولـك توبـتي
وهــل أنــا إلا دوحــة قـد غرسـتها
فــإن لــم يصـبها وابـل منـك جفـت
إذا حصـلت لـي كيـف مـا كـان نسـبة
إليــك فلا أخشــى ضــياعاً لنســبتي
فيـا حيرتـي كـم حيـرة فيـك لي غدت
مخصصــة بــي مــا بــه منــك عمـت
وكــم نعمــة أسـبغت مـن سـر حكمـة
أنــرت بهــا مـن نـاطق كـل ظلمـتي
وأحببــت منــي مـا أمـاتت جهـالتي
حيــــــاةً محــــــال بموتـــــتي
ومـن حييـت مـن موتـة الجهـل نفسـه
بعلــم نجــت مــن قطــع كـل منيـة
وكــم مرجـة مـن بحـر علـم أثرتهـا
لــدي بريــح منــك أجــرت سـفينتي
فمــرت تشــق الكــون حيــن مهبهـا
ملححـــة حـــتى أفـــادت معيـــتي
وأدركـــت معنــى آخــراً دق فهمــه
أريـــد بوضـــع الصــورة الألفيــة
ومـن لـم يحـط علمـاً بمعنـى وصـورة
لــه فبصـير العيـن أعمـى البصـيرة
فــزرع ولكــن لــم يفـد حصـد حبـه
ومخــض ولكــن لـم يفـد مخـض زبـدة
إذا جهــل الإنســان تحقيــق أمــره
فكيــف بتحقيــق الأمــور الغريبــة
فيــا عجبــاً للمــرء يجهــل نفسـه
ويطمـع فـي فهـم المعـاني البعيـدة
ومــا نــاهض بـالنفس يـزداد رتبـة
مــن العلــم تســميها كـوان مقـوت
ومـا مـوقظ مـن رقـدة الجهـل عقلـه
لتحصـــيله تكميلهـــا مثــل ميــت
إذا كملــت نفـس الفـتى بصـفاته ال
جميلـــة مــن قــول وفعــل ترقــت
وأصــبح يـدعي عـالم العقـل عالمـاً
لهـــا وتخطـــت نفســه كــل خطــة
وبـالعلم بـالنفس النفيسـة يدرك ال
محصـــل فهـــم العلـــة الأوليـــة
ومــن لــم يحـط علمـاً بـذاك فـإنه
وإن كــان حيــا حكمــه حكــم ميـت
ومـا الحـي عـن العقل من كان غالباً
علــى نفســه حكـم القـوى البدنيـة
ولكنـــه مــن شــرفت قــدره علــى
بنــي نــوعه أوصــاف نفــس زكيــة
ففــي العـالم العلـوي ذا ملـك وذا
لــدى العـالم السـفلي شـيطان جنـة
ومـا اختلفـا بـالنوع حـتى يظـن ما
بــه اختلفــا فعلاً لخلــق الغريـزة
وكـــــل أبــــوه آدم ويخــــص ذا
لـذا خـص ذا مـن سـر معنـى النبـوة
ومــن أعجــب الأشـياء فرعـاً أرومـة
ومــا اتحـدا بـالطبع فـي الثمريـة
بــأي لســان أوثــر الشـكر مثنيـاً
عليــك بمــا أوليتنــي مــن فضـلة
وأكملــت مـن عقلـي ووصـفي وصـورتي
وفهمــي وأحشــائي وحــولي وقــوتي
وصـــفحك عنـــي أن عصــيت تكرمــاً
ووعــدك لــي عـن طـاعتي بالمثوبـة
وهـــل ممكــن إحصــاء ذرات كلمــا
علــى الأرض مـن كثبـان رمـل مهيلـة
وأحصـاء مـا فـي البحـر من كل قطرة
بحيــث يحيــط المحصـي منهـا بعـدة
وذلـــك أمــر مســتحيل وكلمــا اس
تحـــال فمنفـــي لحكــم الضــرورة
ومــا كــل هــذا لـو أتيـت بضـعفه
مــن الشـكر أدنـى شـكر أصـغر حبـة
فكيـــف بشــكري كــل عضــو وقــوة
جعلــت لنفعــي عنـد تـأليف بنيـتي
وشــكر الـتي قـد حجبـت بـي وأنهـا
لأظهــر لــي مــن نــور شـمس تبـدت
بعيــــدة أطلال الـــديار قريبـــة
وأعجـــب شـــيء بعــد دار قريبــة
بهـا مثـل مـا بـي من هواها وعندها
مــن الــود مــا ليــس دون مـودتي
وقــد أدركتهــا رقــة لــي أطمعـت
بنيــل المنــى لـولا مخافـة وفقـتي
وقلـــت لهــا منــي علــي بنظــرة
أنــا بهــا مـن حسـن وجهـك منيـتي
ألـم تعلمـي مـا حـل بي منك من جوى
وكابــدت مــن أشــجان قلـب ولوعـة
فــإن الجبــال الشــم وهـي رواسـخ
لــو احتملـت بعـض الـذي بـي لـدكت
فـــأحزان قلــبي لا تجــود بســلوة
وأجفـــان عينـــي لا تســح بدمعــة
ولـــولا حنينــي لــم تحــن مطيــة
ولــولا نــواحي لـم تنـح ورق أيكـة
ولــولا خطـابي لـم يقـع عيـن عابـد
علــي لمــا منــي الصــبابة أبلـت
فلا مـــاء إلا بعــض فيــض مــدامعي
ولا نـــار إلا دون أنفـــاس زفرتــي
فقــالت بعينــي مــا لقيــت وإنـه
ليـــؤلم قلــبي أن تشــاك بشــوكة
وإنــي علـى مـا فـي مـن صـلف لهـا
لراغبــة فــي الوصــل أعظـم رغبـة
ولكــن وشــاة الســوء فيـك كـثيرة
وليســت مـع الواشـين تمكـن رؤيـتي
وأنـــت فعغــرى بالحســان وإننــي
لأكــره مــا بـي أن أرى وجـه ضـرتي
ومــن لـم يصـني صـنت وجهـي بـبرقه
وصـــور فيـــه صــورة دون صــورتي
ليمتحــن الخطــاب لــي إذ يرونهـا
أيلهــون عنــي أم يتمنــون خطبـتي
ومــا هــي إلا عبــدة لــي جميلــة
تظـــن ومـــا أفعالهـــا بجميلــة
فمـا كـان إلا أن رأى النـاس وجههـا
فهــاموا بهـا فـي فـج وجـه ووجهـة
ويعلـم مـا قـد كـان بـالأمس والـذي
يكــون غــداً أو كــائن بعـد برهـة
ويخــبر بــالأمر المغيــب مثـل مـا
يخــبر عــن مــا كـان منـك بحضـرة
ويعلــم مــا مفهــوم معنــى معـبر
لســـامعة عنـــه بـــوحي النبــوة
ومــا الــوحي إلا خلــع نفـس قويـة
ملابــس أحســاس علــى العقــل غطـت
وأنــى لهــا نحـو المحيـط بـذاتها
علـى عـالم العقـل الـذي عنـه شـبت
وإدراك مـا يلقـى إليهـا هنـاك مـن
إشـــارات رمـــز للعقــول دقيقــة
وأفهــام أفهـام النفـوس لطـائف ال
معــاني الــتي ذاتهــا قــد تهيـت
ومـا أطـرب الأرواح منـا لـدى الفنا
ســـوى نغمـــات أدركتهــا قديمــة
وذلــك أن النفــس قبــل اتصــالها
بتــدبيرها الجسـم الـذي قـد تـولت
وعـى سـمعها مـن طيـب ألحـان نغمـة
ينغمهــــا الأفلاك أعظــــم لــــذة
إذا أقبلـــت أجرامهــا بأصــكاكها
يرجعهـــا فـــي قطعهــا كــل ذروة
وشـذت لبعـد العهـد عنهـا فلـم تكن
تــــذكرها إلا بتجديــــد نغمــــة
فلمـــا أحســت بالســماع بمثلهــا
تـــذكرت العهـــد القــديم فحنــت
وحـاولت التجريـد عـن عـالم الفنـا
إلـى العـالم البـاقي الذي عنه شذت
فجاذبهــا الجســم الزمـام وأقبلـت
تجـــاذب فـــاهتزت لــذاك برقصــة
ولا شــك فــي أن العقـول محيلـة ال
ســـامع والأبصـــار للحـــس رنـــت
فـإن لـم يكن في عالم العقل ما يرى
ويســمع كــانت تلــك غيــر مفيـدة
وذلـــك تعطيـــل وليـــس بحكمـــة
يعطلهــــا عمـــاله قـــد أعـــدت
وقــد يطــرب الــدولاب عنـد حنينـه
فكيـــف حنيــن النغمــة الفلكيــة
وناهيــك أن الطفــل عنــد بكــائه
يغنـــي فيغشـــاه ســـكينة ســكتة
ويــذهل عمــا كــان فيـه مـن الأذى
وتبــدو لنــا منــه مخايــل طربـة
ولـولا إدكـار النفـس منه لدى الغنى
عهــوداً قــديمات لهـا مـا اسـتلذت
وقـد تطرب العجماء عند استماعها ال
غنـــاء وتنســى عنــده كــل غمــة
وإلا فمــا بــال المطــي إذا ونــت
عـن السـير هيجـت فـي الفلاة بحـدوة
فتصــغي بالحــادي بأســماعها كمـا
يكــون اســتماع العاقــل المتنصـت
وتوســع مــد الخطــو حــتى كأنهـا
ســـفائن بحـــر مقلعـــات بلجـــة
ويرتــاح بعــض الطيـر عنـد سـماعه
تجـــاوب أوتـــار إذا هـــي خشــت
ومـــا ذاك إلا أن أفلاكهـــا علـــى
مراكزهـــا لمــا اســتدارت فعنــت
فصـارت بحكـم الطبـع تشـتاق مـا به
يخصصـــها مـــن دون كـــل مصـــوت
فلا تحســـب الأشــياء مهملــة كمــا
تــوهم أصــحاب العقــول الضــعيفة
وللحـوت بـل للدود في العود بل لما
ســـوى ذاك أفلاك عليهـــا أديـــرت
وفيهــا لهــا آفــاق جــو فســيحة
عليهــا نراهــا نحــن غيـر فسـيحة
فمــا خــص نــوع لا يتـم سـواه مـن
مراكــــــز أفلاك وأوضـــــاع هيئة
وكـــل لـــه عقـــل يســدده إلــى
مقاصـــد أفعـــال وتـــرك شــديدة
ومـا النحـل فـي أوضـاعها لبيوتهـا
مسدســــة مــــن حكمـــة بخيلـــة
وقـد يعجـز المـرء المهنـدس وضـعها
بــــآلاته الحكميــــة الهندســـية
وجعــل لعــاب العنكبـوت لصـيده ال
ذبـــاب شـــباكاً ليــس إلا لخــبرة
ويفهــم بعــض الــذر مقصـود بعضـه
بقـــــوة إدراك لنفــــس زكيــــة
وحســبك ألـف النـوع بـالنوع شـاهد
بمعرفـــة فـــي طبعـــه مســـتحثة
فــإن ازدواج الشـكل بالشـكل مشـعر
بقــــوة تمييـــز وصـــحة فطـــرة
ولــو لــم يكــن ألا تفاهمهــا إذا
تنـــاغت بأصـــوات لهــا أعجميــة
لكــان لنــا فيــه دليــل يــدلنا
علــى أن ذا لا عــن نفــوس بليــدة
فمــن ظــن شــيئاً غيـر هـذا فـإنه
لتقصـــيره عـــن فكــرة مســتقيمة
وقــد شــهد الـذكر الحكيـم بأنهـا
مســـبحة والـــذكر أعظـــم حجـــة
وهـل يصـدق التسـبيح مـن غيـر عاقل
ولكــن عيــون الجهــل غيـر بصـيرة
تأمــل صــلاة الشــمس عنـد وقوفهـا
لـدى الظهـر فـي وسـط السماء بخشية
وإثباتهــا وقــت الــزوال بركعــة
وإتمامهــا عنــد الغــروب بســجدة
كـــذا جملــة الأفلاك راكعــة بمــا
جــرت ســجدة للَــه فــي كـل طرفـة
ومــا الــذي أعمــى عيـون قلـوبهم
ونـــورك فيهـــم مســتطير الأشــعة
لقــد عظمــت تلــك الرزيـة موقعـاً
لــدى كــل ذي عقــل ســليم وجلــت
أرى كـل ذي سـكر سيصـحو مـن الهـوى
ســواي فصــحوي فيــك علــة سـكرتي
فمــا اتفقـت لـي مـذ عرفتـك خلـوة
بنفســـي إلا همـــت فيـــك بجلــوة
ولا عرضـت لـي فـي دجـى الفكـر هجمة
فـــأغفيت إلا فـــزت فيــك بيقظــة
ولا اســتغرقتني فـي المحاسـن بهتـة
فثــارت بحســن غيــر حسـنك بهتـتي
ولا ســنحت فــي بـاطن القلـب خشـية
فكــانت لشــيء غيــر هجـرك خشـيتي
ولا خضـــعت نفســـي لأمـــر ترومــه
فكــانت لشــيء غيـر وصـالك خضـعتي
ولا اســتقبلتني مــن جنابــك نفحـة
أســـرت حـــديثاً عنـــك إلا وســرت
وأصـغي إلـى تحصـيله فـي مسـامع ال
مشـــاعر مـــن كــل منبــت شــعرة
وأحسسـت فـي نفسـي بلطـف دبيـب مـا
ســقطت مـن محيـا الحـب لمـا تمشـت
وهــل شـارب كأسـاً مـن الحـب جاهـل
بمــا أحــدثت فـي عقلـه حيـن دبـت
فقـد حقـق الـدعوى القيـاس وأين من
كثافــة جســم الخمـر لطـف المحبـة
إذا غبــت عنــي كنـت عنـدك حاضـراً
ومــن عجــب أن غيبـتي فيـك حضـرتي
فيـا بـا طنـاً ألقـاه فـي كـل ظاهر
ويـــا أولا مــا زال آخــر فكرتــي
تشـــابه إعلانـــي وســري ومشــهدي
وغيــبي وســتري فـي هـواك وشـهرتي
تجمـــع الأضــداد فــي ولــم يكــن
بمسـتغرب لـي فـي الهـوى كـل بدعـة
فنــوعي فــي شخصــي لأنــي نتيجــة
لشــكل قيــاس عــن ضــروب عقيمــة
ملأت جهــاتي الســت منـك فـأنت لـي
محيــط وأيضــاً أنــت مركـز نقطـتي
فصـــرت إذا وجهــت وجهــي مصــلياً
فرايـــض أوقــاتي فنفســي كعبــتي
فصــار صــيامي لـي ونسـكي وطـاعتي
ونحــري وتعريفــي وحجــي وعمرتــي
وحــولي طــوافي واجــب وخلالــه اس
تلامــي لركنــي مــن مناســك حجـتي
وذكــري وتســبيحي وحمــدي وقربـتي
لنفســـي وتقديســي وصــفو ســيرتي
ولــو هــم منــي خــاطر بالتفاتـة
لـــم كــان لــي إلا ألــي تلفــتي
ولـو لـم أود الفـرض منـي ألـي لـم
يصــح بــوجه لــي ولـم تـبر ذمـتي
وكنــت علــى أنــي أوحــد ظــاهراً
ففــي بــاطني قــد دنـت بالثنويـة
كــذا مـن يكـن قـد صـح عقـد وداده
ولــم يتهــم يومــاً بســقم عقيـدة
وينفـي اتصـال النفـس بالعقل واقفاً
علـى حـس مـا فـي عـالم الحـس أبلت
فـإن قهـرت فيـه قـوى الجسـم ألحقت
بعالمهــــا مملــــوءة بالمســـرة
وتبقـى كمـا قـد جـاء تهـوى وليتها
هـوت مـا هـوت ثـم ارعـوت واسـتقرت
ولكنهــا تبقــى بنيــران حسـرة ال
بعـــاد تقاســي ضــيق أغلال كريــة
مذبذبــة لا عــالم العقــل أدركــت
ولا عـــالم الأجســـام فيــه تبقــت
فـترجع إلـى أحـدى الحنيـن حنينهـا
إلـى عـالم العقـل الـذي عنـه صـدت
وهيهــات أن يطــوي لســير حنينهـا
إلـي الـذي قـد حـال مـن بعـد شـقة
وأنـى لهـا والحـس قـد حـال بينهـا
وبيـــن حمـــاه أن تفــوز بنظــرة
إذا ذكرتـــه هـــز هـــامس طــائف
مــن الشـوق لـو هـز الجبـال لهـدت
ومــا ذاك بالمـدني إليـه ولا الـذي
إذا لــم يكــن يـدني فربـح بوقفـة
أسـى كلمـا قيـل انقضـت منـه لوعـة
أعيـــدت بــأخرى مثلهــا مســتحثة
تــزول الجبــال الشـم وهـي مقيمـة
علـــى حالـــة منكوســـة مســتمرة
وذلــك أمــر نســأل اللَــه عصــمة
منجيـــة منـــه ومــن كــل حيــرة
ألــم يــك فيمــا نــال آدم عـبرة
ومتعـــــظ للعاقــــل المتثبــــت
علــى قربــه مــن ربــه واصـطفائه
ومنحتـــه إيـــاه أعظـــم منحـــة
وإبعـــاده مـــن بعــد ذاك وصــده
وتجريعـــه إيـــاه أعظـــم غصـــة
ولــم يـأت ذنبـاً عامـداً غيـر أنـه
بــأول حكــم اللَــه طــالب رخصــة
فأخطــأ فــي التأويــل جهلاً فحطمـه
إلـى الأرض مـن أعلى الجنان المنيفة
ولـم يخـف مـا لا قى إذا انحط هابطاً
إلـى الأرض مـن هـول الأمـور العظيمة
ومــا زال يـدعو اللَـه سـراً وجهـرةً
وحــاول منــه العفــو عنـه بتوبـة
وكيــف بمــن يــأتي ذنوبـاً كـثيرةً
ويقضــي ومــا وافــى بتوبـة مخبـت
وكــم جاهـل لـم يزدجـر الـذي جـرى
علــى آدم مــن فعلــه كــل خزيــة
لقــد شــمل الخيـر الوجـود بأسـره
فمــا كــان مـن نشـر فـذاك لنـدرة
ولــم يكـن المقصـود بالـذات إنمـا
أتـــى بطريــق الضــمن والتبعيــة
ألـــم أن الغيـــث خيـــر وأنـــه
ليحصــل منــه وكــف بعــض الأكنــة
وإن لهيــب النــار المثــوب محـرق
ويحصـــل منــه نضــج كــل معيشــة
فقـد يتبـع الخيـر الكثير الذي نرى
لنــا فيهمــا شــر يســير المضـرة
ولـو روعـي الضـر الـذي فيهمـا لنا
ولــم يخلقنـا لاختـل نظـم الخليقـة
وكــان هلاك الحــرث والنسـل عـاجلاً
وذاك بلا شــــك خـــراب البســـيطة
ولــم يــك إلا عــالم الأمــر وحـده
ولـم يخـف مـا فـي ذاك من نقص خلقة
وفــي الحشــرات الســاقطات منـافع
يحيــط بهـا أهـل العقـول السـليمة
ولـو لـم تكن ما عاش من نوعنا امرؤ
لفضــل بخــارات الهيــولي الرديـة
فمــن ذلــك الفضــل الـردي تكـونت
وفــي مـدخل الأوسـاخ فـي الأرض حلـت
وغــودر مــا نلقيــه منـا غـذاؤنا
لصــفو الهــوى مـن شـوب كـل أذيـة
لتنتعــــش الأرواح منـــا بطيبـــة
ويصــفو لنــا ورد الحيـاة الهنيـة
وقــد ركــب الأجسـام منـا وكـل مـا
تركـــب منحــل ولــو بعــد برهــة
وألبـــس منـــا كــل جــزء بحيــز
لأركاننـــا الذاتيـــة العنصـــرية
ومــا جمعنــا بعـد افـتراق بمعجـز
وهـــل آخــر يخلــو عــن الأوليــة
وإن معــاد الشــيء بعــد انعـدامه
لأســهل مــن إنشــاء إنشــاء بـدأة
ومطلـع شـمس النفـس مـن مشرق الخلا
ســـيطلعها مـــن مغــرب العدميــة
ســبحان مــن يحيــى بقـدرته الـذي
يميـــت كمـــا أحيـــاه أول مــرة
محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي، أبو حامد.حجة الإسلام، فيلسوف، متصوف، له نحو مئتي مصنف بعضها بالفارسية، مولده ووفاته في الطابران (قصبة طوس، بخراسان) رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد فالحجاز فبلاد الشام فمصر، وعاد إلى بلدته.نسبته إلى صناعة الغزل (عند من يقوله بتشديد الزاي) أو ألى غَزَالة (من قرى طوس) لمن قال بالتخفيف.من أشهر كتبه (إحياء علوم الدين -ط) و (تهافت الفلاسفة ) رد عليه الفيلسوف ابن رشد بكتاب : (تهافت التهافت)، (محك النظر -ط)، و(معارج القدس في أحوال النفس -خ)، و(الفرق بين الصالح وغير الصالح-خ)، و(مقاصد الفلاسفة -ط)، و(المضنون به على غير أهله-ط) وفي نسبته إليه كلام، و(الوقف والابتداء -خ) في التفسير، و(البسيط -خ) في الفقه، و(المعارف العقلية -خ)، و(المنقذ من الضلال -ط)، و(بداية الهداية -ط).