
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
وَجــه الصــَباح علــيَّ لَيــلٌ مُظلـمُ
وَربيـــع أَيـــامي عَلـــيَّ محـــرَّمُ
وَاللَيــل يَشــهد لــي بِـأَني سـاهر
مُــذ طـابَ لِلنـاس الرقـادُ وَهوّمـوا
بــي قَرحــةٌ لَــو أَنَّهــا بيَلملــمٍ
نَســـفت جَـــوانبه وَســاخَ يَلملــم
قَلقــاً تَقلِّبنــي الهُمــوم بمضـجعي
وَيَغــور فكـري فـي الزَمـان وَيُتهـم
مَــن لــي بِيَـومِ وَغـىً يَشـب ضـَرامه
وَيَشــيب فــودُ الطفـل مِنـهُ فَيَهـرم
يُلقِــي العجـاجُ بِـهِ الجـرانَ كَـأَنَّهُ
لَيـــلٌ وَأَطـــرافُ الأَســـنة أَنجــم
فَعَســى أَنـال مِـن الـترات مَواضـياً
تُســـدي عَليهــن الــدُهورُ وَتُلحِــم
أَو مَوتــة بَيــنَ الصــُفوف أُحبُّهــا
هِــيَ ديــن معشـريَ الَّـذينَ تقـدموا
مــا خلــت أن الـدَهر مِـن عـاداته
تَــروى الكِلابُ بِــهِ وَيَظمـى الضـَيغم
مثــل اِبــن فاطمــةٍ يَـبيت مُشـَرّداً
وَيَزيـــدُ فـــي لَـــذاته متنعِّـــم
يَرقـــى مَنـــابرَ أَحمَــدٍ مُتــأمراً
فــي المُسـلمين وَلَيـسَ يُنكـرُ مُسـلم
وَيَضــيِّق الــدُنيا عَلـى اِبـن محمـدٍ
حَتّـــى تَقــاذفه الفَضــاء الأَعظَــم
خَـرج الحُسـينُ مِـن المَدينـة خائِفـاً
كَخُـــروج مُوســـى خائِفــاً يَتكتَّــم
وَقَـد اِنجَلـى عَـن مَكـة وَهـوَ اِبنُهـا
وَبَـــهِ تَشـــرَّفت الحَطيــمُ وَزَمــزَم
لَــم يَـدر أَيـنَ يريـح بُـدنَ ركـابه
فَكأنَّمـــا المَــأوى عَلَيــهِ محــرَّم
فَمشــت تــؤمُّ بِــهِ العِـراقَ نَجـائبٌ
مثــل النَعــام بِــهِ تَخــبُّ وَترسـم
متعطفــــاتٍ كَالقســــيِّ مَـــوائِلاً
وَإِذا اِرتَمَــت فَكأنمــا هِــيَ أَسـهم
حفتـــه خَيـــرُ عصـــابةٍ مضـــريةٍ
كَالبَــدر حيــنَ تَحــف فيـهِ الأَنجُـم
ركـــبٌ حجـــازيون بَيــنَ رحــالهم
تَسـري المنايـا أنجـدوا أَو أتهموا
يَحــدون فــي هــزج التلاوة عيسـَهم
وَالكُـــلُّ فـــي تَســـبيحه يَــترنَّم
متقلــــدين صــــَوارماً هنديــــةً
مِــن عَزمهــم طُبعــت فَلَيــسَ تَكهَّـم
بيـــض الصـــفاح كَــأَنَّهن صــَحائفٌ
فيهــا الحِمــام مُعنــونٌ وَمُــترجَم
إِن أَبرقــت رَعــدت فَــرائصُ كُـلِّ ذي
بــاسٍ وَأَمطَــر مِـن جَوانبهـا الـدَم
وَيَقوّمـــــون عَواليــــاً خطيــــةً
تَتَقاعـــد الأَبطـــال حيــنَ تُقــوَّم
أَطرافهــا حمــرٌ تــزان بِهـا كَمـا
قَــد زانَ بِــالكَف الخَضــيبةِ معصـم
إِن هَــــزَّ كُـــلٌّ مِنهُـــمُ يَزنيَّـــهُ
بيــديه ســاب كَمــا يَسـيب الأَرقَـم
وَلَصــبرُ أَيــوب الَّـذي ادَّرَعـوا بِـهِ
مِـــن نَســـج داودٍ أَشـــَدُّ وَأَحكَــم
نَزَلـــوا بِحومــة كَــربلا فَتطلَّبــت
مِنهُــم عَوائدَهــا الطُيــورُ الحُـوَّم
وَتباشــر الــوَحشُ المثـارُ أَمـامهم
أن ســوف يَكــثر شــربُه وَالمطعــم
طَمعــت أُميــةُ حيــنَ قــلَّ عَديـدُهم
لِطليقهـم فـي الفَتـح أن يَستسـلِموا
وَرَجــوا مــذلَّتهم فَقُلــن رِمــاحهم
مِــن دُون ذَلِــكَ أَن تُنــال الأَنجُــم
حَتّــى إِذا اِشــتَبك النِـزالُ وَصـرَّحت
صــيدُ الرِجــال بِمــا تجـنُّ وَتَكتـم
وَقــع العــذابُ عَلــى جُيـوش أُميـةٍ
مِـن باسـلٍ هـوَ فـي الوقـايع مَعلَـم
مـــا راعَهُـــم إِلّا تَقحُّـــمُ ضــَيغمٍ
غيـــران يَعجـــم لَفظــه وَيدمــدم
عبسـت وُجـوه القَـوم خَوف المَوت وَال
عَبـــاسُ فيهـــم ضـــاحكٌ متبســـم
قَلب اليَمين عَلى الشَمال وَغاص في ال
لأوســاط يَحصـد فـي الـرُؤوس وَيَحطـم
وَثَنـا أَبـو الفَضـل الفَـوارس نُكَّصـاً
فَــرَأوا أَشــدَّ ثَبـاتهم أَن يُهزَمـوا
مــا كــرَّ ذو بَــأس لَــهُ متقــدِّماً
إِلا وَفَــــرَّ وَرَأســــُهُ المتقــــدِّم
صــبغ الخُيــولَ برمحــه حَتّـى غَـدا
ســـيان أَشـــقَر لَونهــا وَالأَدهــم
مــا شــد غضــَباناً عَلــى مَلمومـةٍ
إِلا وَحـــلَّ بِهـــا البَلاء المُـــبرم
وَلَــهُ إلــى الإِقــدام سـُرعةُ هـاربٍ
فَكأنَّمـــا هـــوَ بِالتقــدُّم يَســلم
بَطــل تَــورَّثَ مِــن أَبيــه شــَجاعةً
فيهــا أُنــوف بَنـي الضـَلالة ترغـم
يَلقــى الســِلاح بِشــدة مِــن بأسـه
فَــالبيض تُثلَــمُ وَالرِمــاح تُحَطَّــم
عــرف المَــواعظَ لا تُفيــد بمعشــرٍ
صـَمّوا عَـن النَبـأ العَظيم كَما عَموا
فَاِنصــاعَ يَخطــبُ بِالجَمـاجم وَالكلا
فَالســَيف يَنــثر وَالمثقَّــف ينظــم
أَو تَشــتَكي العَطـشَ الفَـواطمُ عِنـدَه
وَبصــدر صــعدته الفــراتُ المُفعـم
لَــو ســَدُّ ذي القرنيــن دُون وَرودِه
نَســَفته همَّتُــه بِمــا هــوَ أَعظَــم
وَلــو اِسـتَقى نَهـر المَجـرة لارتقـى
وَطَويـــل ذابلـــه إِلَيهـــا ســلَّم
حــامي الظَعينـة أَيـن مِنـهُ رَبيعـةٌ
أَم أَيــن مِــن عَليــا أَبيـهِ مكـدم
فــي كَفِّــهِ اليُسـرى السـَقاء يقلُّـهُ
وَبِكَفِّــهِ اليُمنــى الحسـام المخـذم
مثــل الســَحابة لِلفَــواطم صــَوبُه
وَيَصـــيب حاصــبُه العَــدوَّ فَيُرجَــم
بَطـــلٌ إِذا رَكــب المطهــمَ خلتَــه
جَبلاً أَشـــمَّ يَخـــفُّ فيـــهِ مطهَّـــم
قَســماً بِصــارمه الصــَقيل وَإِنَّنــي
فــي غَيــر صـاعقة السـَما لا أقسـم
لَـولا القَضـا لَمحـى الوُجـود بِسـَيفه
وَاللَــه يَقضــي مــا يَشـاءُ وَيحكـم
حَســـمت يَــديهِ المرهفــاتِ وَإِنَّــهُ
وَحســــامَهُ مِـــن حـــدهنَّ لَأَحســـم
فَغَــدا يَهـمُّ بِـأَن يَصـول فَلَـم يطـق
كــــاللَيث إِذ أظفـــاره تَتقلَّـــم
أَمـن الـرَدى مَـن كـانَ يَحـذر بَطشـَهُ
أَمْــنَ البُغــاثِ إِذا أُصـيبَ القشـعم
وَهـــوى بِجَنــبِ العلقمــيِّ فَلَيتَــه
لِلشـــاربين بِــهِ يُــدافُ العلقــم
فَمَشــى لمصــرعه الحســين وَطَرفُــه
بَيـــنَ الخِيـــام وَبَينــه متقســِّم
ألفـــاه مَحجــوب الجَمــال كَــأَنَّهُ
بَـــدرٌ بِمنحطـــمِ الوَشــيج مُلَثَّــم
فَـــأكبَّ محنيّـــاً عَلَيـــهِ وَدَمعُــهُ
صــبغ البَســيطَ كَأَنَّمــا هـوَ عَنـدم
قَــد رامَ يَلثمُــهُ فَلـم يَـرَ موضـعاً
لَــم يَــدمِه عَــضُّ الســِلاح فَيَلثَــم
نــادى وَقَــد مَلأ البَــوادي صــَيحةً
صـــمُّ الصـــُخور لِهَولِهــا تَتَــأَلَّم
أَأُخــيَّ يَهنيــك النَعيـم وَلَـم أَخـل
تَرضـــى بِــأَن أَرزى وَأَنــتَ منعَّــم
أَأُخــيَّ مَــن يَحمــي بَنــات محمــد
إِن صــُرنَ يَســترحمنَ مَــن لا يَرحَــم
مــا خلــت بُعــدَك يَستَسـرُّ سـَواعدي
وَيَكـــفُّ باصـــِرَتي وَظهــري يقصــم
لِســـواك يُلطـــم بِـــالأَكُفِّ وَهَــذِهِ
بيـضُ الظُبـا لـك فـي جَـبيني تلطـم
مــا بَيـنَ مصـرعك الفَظيـع وَمَصـرعي
إلا كَمـــا أَدعـــوك قَبــلُ وَتنعــم
هــذا حسـامك مـن يَـذب بِـهِ العِـدى
وَلِـــواك هــذا مَــن بِــهِ يَتقــدَّم
هـوَّنت يـا اِبـن أَبـي مصـارعَ فتيتي
وَالجَــرح يُســكِنُهُ الَّـذي هُـوَ أَأْلَـم
يــا مالِكــاً صـَدر الشـَريعة إِنَّنـي
لِقليــل عُمــري فــي بُكــاكَ مُتَمِّـم
جعفر بن حمد بن محمد حسن بن عيسى كمال الدين.شاعر عراقي، من أهل الحلة، ولد في إحدى قراها واشتهر في النجف.وفي (شعراء الحلة) للخاقاني، نماذج من شعره ونثره.له (الجعفريات -ط) في رثاء أهل البيت، و(سحر بابل وسجع البلابل -ط) من شعره.