
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تِلـكَ الخمـائلُ عُرِّيَـت أشـجارُها
يَبســت وليـسَ بمُمكِـنٍ إنضـارُها
ذهَـبَ الشـتاءُ بعِطرِهـا وبِنضرها
بعـدَ الخَريـفِ فـودّعت أطيارهـا
فـي كـلّ ريـحِ أنّـةٌ مـن نَوحِهـا
وصـَدى صـفيرٍ قـد رَمـاهُ هزارها
عنّـا الطيـورُ ترحَّلَـت فـدِيارُنا
قـد أوحَشـَت وخلَـت هناكَ ديارها
مـا كـان أجملَهـا وألطفَ شَدوها
إن غــرَّدَت وإزاءَهــا أوكارهـا
يا ليتَ لي مِنها الجناح ولَيتَني
فــي كــلِّ أرضٍ يَمَّمتهـا جارهـا
فـأطير فـي الآفـاق بينَ سروبِها
جــذلاً وقُــوتي حَبُّهـا وثمارهـا
ومـن الجِنـاحَينِ الخفوقُ يشوقني
حـتى يَقُـرَّ مـن الطيـورِ قَرارها
وطَنـي يضيقُ عنِ المَطالبِ والمُنى
فـالنَّفسُ لا تُقضـى هنـا أوطارها
تَصبُو إِلى السَّفَرِ البَعيدِ وطالما
لـذَّت لِعاشـِقَةِ العُلـى أسـفارها
أَأَسـيحُ فـي هَـذي البسيطةِ آملاً
وســُهولُها لـي رحبَـةٌ وبِحارهـا
أنـا خامـلٌ فـي بُقعـةٍ مَجهُولـةٍ
أَسـرى بهـا أحرارُهـا وخيارهـا
وصـخورُها فـي غابهـا وهِضـابُها
حَــرَسٌ مَجَــرَّدةٌ علــيَّ شــِفارها
مـا كـان أتعسـني بقلـبٍ واسـعٍ
فــي صـدرِ ضـيّقةٍ يُشـدُّ إزارهـا
عــادَ الشـتاءُ بغيمِـهِ وريـاحهِ
والنفـسُ عـادت نحوَهـا أَكدارها
قلـبي ذوى فيـهِ الرجـاءُ كروضةٍ
ذَبلــت لشــدّةِ بـردهِ أزهارهـا
والقبـةُ الزرقـاءُ حـالت دونَها
سـودُ الغيـومِ فلا يُـزاحُ سِتارها
تسـري ببطـءِ والريـاحُ تسـوقُها
مثـلَ النفـوسِ تسـوقُها أَقدارها
تلـكَ السـحائبُ طلُّهـا في مُقلتي
وعلـى فـؤادي ركمُهـا ومـدارها
حمَلـت صـواعقَ مـن تصادمها غدت
تنقـضُّ والـبرقُ المحـرّقُ نارهـا
والجــوُّ فيــهِ للرعـودِ تجـاوبٌ
والأرضُ غَرقــى لا يلـوحُ شـِعارها
فبـمَ العيـون تقـرُّ وسـطَ طبيعةٍ
جــذّاءَ يُنـزعُ نضـرها ونضـارها
صـــنّبرها جلادُهـــا وثلوجُهــا
أكفانُهــا ودموعُهــا أمطارهـا
عُد يا ربيعُ إلى المرابعِ مؤنساً
مِـن بَعـدِكَ اللـذات شـطَّ مزارها
أبكـي عليـكَ ولا عـزاءٌ في الأسى
كــم فيـكَ أيامـاً حلا تـذكارها
واصـَبوتاه إلـى صـبائحكَ الـتي
أهــدَت إلـيَّ نسـيمَها أسـحارها
فــاطلع بهــا متبسـِّماً متهلِّلاً
فـالأرضُ مثـلَ الليلِ صارَ نهارها
وأعـد طيـورَكَ والأزاهـرَ والندى
فعلـى البعـادِ تشوقني أخبارها
لـم يبقَ من أثرٍ لها فوقَ الثرى
وكــثيرةٌ فــي مهجـتي آثارهـا
فمـتى تعودُ مع السعادةِ والهوى
ورئيّــتي يحلـو لهـا مزمارهـا
الجســمُ بعــدَكَ بــاردٌ متشـنِّجٌ
والنفـسُ نـارٌ يَسـتطيرُ شـرارها
إلياس بن عبد الله بن إلياس بن فرج بن طعمة.شاعر من أدباء لبنان في المهجر الأميركي، امتاز بروح عربية نقية.ولد بقرنة الحمراء في المتن بلبنان، وتخرج بمدرسة الحكمة ببيروت، وهاجر إلى أميركا الجنوبية 1908 فأصدر جريدة الحمراء في ريو دي جانيرو بالبرازيل، واتخذ لنفسه اسم أبو الفضل الوليد سنة 1916.عاد إلى وطنه سنة 1922، وقام برحلات في الأقطار العربية وغيرها.له: كتاب القضيتين في السياستين الشرقية والغربية، ونفخات الصور، وأحاديث المجد والوجد، والسباعيات مقاطيع شعرية، وقصائد ابن طعمة.