
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تـذكَّرتُ مـا أبلـى الزمـانُ ومـا غيّرْ
فقلــتُ لنفسـي فاتـكِ الـوطرُ الأكـبرْ
تكســَّر ســيفي فـي الجهـادِ وطالمـا
تكســَّر سـيفٌ فـي يـدِ البطـلِ الأجسـر
نفضــتُ يــدي بعـدَ المطـامعِ قانعـاً
فمـا أصـغَر الـدنيا لـديَّ ومـا أحقر
وبيـن الغِنـى والفقـرِ أضـحكُ باكيـاً
وأبكـي ضـحوكاً والبغـاثُ قـد استَنسَر
لعمــرُكَ مـا بعـتُ الفضـيلةَ بـالغِنى
فكـم عـرضٌ يَفنـى وقـد بَقـي الجـوهر
فـــربَّ غنّـــيٍ فقــرهُ فــي يســارهِ
وربَّ فقيــرٍ بالمكــارمِ قــد أيســر
وربَّ بخيـــــلٍ مــــالُه كوديعــــةٍ
فبـتُّ أرى الأغنـى علـى حرصـهِ الأفقـر
كــذا أنـتِ يـا دنيـا غريـقٌ وظـامئٌ
فــذو فاقـةٍ يَشـقى وذو نعمـةٍ يبطـر
فكــم فاضــلٍ عــزّت عليــهِ رغيفُــهُ
وأحمــقَ يَبغــي أو يقـامرُ أو يسـكر
وكـم ذاتِ أطفـالٍ علـى العري والطَّوى
تعيــشُ لئلا تفقــدَ الشــَّرفَ الأطهــر
وكــم قينــةٍ فــي حليهـا وحريرِهـا
منعَّمــةٍ تمشـي علـى الخـزِّ والمرمـر
وإنّ رغيـــفَ الخــبزِ أصــعبُ خلســهُ
مـن الـثروةِ الكبرى فكن سارقاً أمهر
فلا قــــدرٌ أعمــــى ولا ربَّ منصـــفٌ
ولكنّــه الســرُّ الــذي عَقلنـا حيَّـر
إذاً فنعلـــل بالفنـــاءِ وجودَنـــا
ولا نــكُ أشــراراً لنغنــم أو نظفـر
فلا كــان هـذا الكـونُ خلقـاً وصـدفةً
لأنَّ قيــامَ الكــونِ بالمعـدَنِ الأصـفَر
وفينــا صــِراعُ الخيـرِ والشـرِّ دائمٌ
ومـا زالَ فكـرُ الخيرِ من ضِعفِنا يَخسر
بُليـــتُ بــأجلافٍ أضــاعوا مواهــبي
فمـن جاهـلٍ أغضـى ومـن حاسـدٍ أنكـر
فَلســنا رفاقـاً فـي الحيـاةِ وإنمـا
بُليــتُ بأسـرٍ بينهـم والـرّدى أسـتر
ولــولا شــقائي مــا ظفـرتُ بحكمـتي
فمــا كـان أغلاهـا علـيّ ومـا أعسـر
فيـا حبّـذا النسـيانُ لـو كانَ مُمكِناً
وإنــي لنــاسٍ كـلّ مـا عيشـتي مـرَّر
لِأَذكــر أحلــى مــا لقيـتُ وإن أكـن
غريـبَ الهـوى والـدارِ فالأثمنُ الأندر
ســـلامُ علـــى ليلاتِ لامــي وطيبهــا
فتلـكَ الليـالي في ليالي الأسى تُذكر
تــزوَّدَ قلــبي مــن شـذاها ونورِهـا
ففيهـا نسـيمُ البحـرِ قد حَمَل العنبر
هنالــكَ حيـثُ المـوجُ للرّمـلِ يَشـتكي
ودمُـع الهـوى يُذرَى ودمع النّدى يُنثر
طربـــتُ لترنيمـــاتِ حـــبٍّ شـــجيّةٍ
لها النفسُ تعلو في الشدائد أو تكبر
وقــد شــاقني زنّــارُ نــورٍ مسلسـل
علـى جـونِ ريّـو وهـو أجمـلُ ما يُنظر
ويــومُ ضــبابٍ فيــهِ طــابَ شـرابُنا
ونُزهتُنـا صـبحاً علـى الشاطىء الأحمر
ومنــهُ صــعدنا فـي الهـواءِ بمركـبٍ
علا فَــوقَ مهـواة إلـى قـالبِ السـكَّر
هـو الجبـلُ العالي الذي البحرُ تحتَهُ
يُكسـّرُ أمواجـاً علـى السـاحل الأخضـر
غمـــامٌ يعـــاليهِ حجـــابُ جلالـــهِ
وإنّ جلال الملـــكِ يحجُــبُ أو يســتر
فطـــوراً يغشــّيهِ الســحابُ وتــارةً
يلـــوحُ محيّـــاهُ وبرقُعُـــهُ يُحســَر
تشــــامخَ جبـــاراً يصـــعّر خـــدَّهُ
لعصــبةِ أقـزامٍ وقـد تـاه واسـتكبر
فكــم دهشــة أو صـبوةٍ منـهُ للفـتى
إذا قلبَــه والعيـنَ دَحـرجَ أو دَهـور
يـرى الغـابَ والأسواقَ والسهلَ والقُرى
رُسـوماً كـأنَّ الكـونَ فـي عينـهِ يصغر
وإنـــي لتـــوّاقٌ إلــى كــلّ عــزَّة
وكـلّ اقتـدار إذ أرى الأفضـلَ الأقـدر
أُحـبُّ مسـاءً جـاءَ يُرخـي علـى الـوَرى
مــن الأفــقِ الـوردي برقعَـهُ الأكـدر
علــى مَهَــلٍ يَســري ونَفســي كطـائرٍ
تغــرّدُ لمــا ضـيَّعَ الـوكرَ واسـتَنكر
وفــي القبّــةِ الزرقـاءِ فـوقَ ظلامـهِ
مـن النَّجـمِ إكليـلٌ علـى رأسـه يُضفر
وللغــاب والـوادي الخشـوعَينِ تحتَـهُ
زفيـرٌ وهمـسٌ عنهمـا الشـّعرُ قـد قصّر
وأشـــتاقُ فجـــراً لاحَ بعــدَ تَســهُّدٍ
كمـا لاحَ يجلـو بأسـَنا الأمـلُ الأنـور
يُنقّـــشُ بــالأنوار نُمْرُقَــةَ الــدُّجى
ويبكـي علـى الأزهـارِ والنّجمُ قد غوّر
فتســتيقظُ الأحيــاءُ بعــدَ رقادِهــا
ومـا كـان يُطـوى مـن محاسـِنها يُنشَر
وكـــلٌّ يحيّـــي باســـماً متنفســـاً
ومـا الحـيُّ إلا ميِّـتٌ فـي الدُّجى يُقبر
غَنيـــتُ بمغنـــى ذاتِ عــزٍّ ورفعــةٍ
ولـولا هواهـا لـم يَلُـح كوكبي الأزهر
تفتّـــحَ قلـــبي إذ تفتَّــحَ ثَغرُهــا
علــى بــابِ روضٍ كـلُّ ريحـانهِ أزهـر
ولمــا تلاقينــا علــى حيــن غفلـة
وقـد مـرَّ بي شهرانِ في الحبّ أو أكثر
حنيــتُ لهــا رأســي فــردّت تحيّـتي
وقـالت ألا تخشـى أبـي القائد الأظفر
علــى كــل بـاب مـن حديقـةِ قصـرنا
رقيــبٌ يُـذيعُ السـرَّ أو حـارسٌ يَسـهَر
فزُرنــا لمامــاً تحــت ظــلّ وظلمـة
وعُـد مُسـرعاً فالصـّبحُ سرعانَ ما أسفَر
فقلــتُ لهــا لا أرهَـبُ الحـرسَ الـذي
علـى بـابِ هـذا القصـر أسيافه تُشهَر
أُحـــبُّ جمـــالاً بـــالجلال محجَّبـــاً
بـأبيض يُحمـى بيـنَ أهليـه أو أسـمر
بســـيدةٍ فــي قومهــا هــام ســيدٌ
يـرَى أكـبرَ الأخطـارِ فـي حبّهـا أصغر
فلـو لـم تكـوني ربّـةَ القومِ لم أدَع
فـؤادي يُعنَّـى فـي الهـوى ودَمي يُهدر
وإنــي أرى الأقــدار طــوعَ إرادتـي
إذا زرتُ مــولاتي علـى صـَهوةِ الأشـقَر
إلياس بن عبد الله بن إلياس بن فرج بن طعمة.شاعر من أدباء لبنان في المهجر الأميركي، امتاز بروح عربية نقية.ولد بقرنة الحمراء في المتن بلبنان، وتخرج بمدرسة الحكمة ببيروت، وهاجر إلى أميركا الجنوبية 1908 فأصدر جريدة الحمراء في ريو دي جانيرو بالبرازيل، واتخذ لنفسه اسم أبو الفضل الوليد سنة 1916.عاد إلى وطنه سنة 1922، وقام برحلات في الأقطار العربية وغيرها.له: كتاب القضيتين في السياستين الشرقية والغربية، ونفخات الصور، وأحاديث المجد والوجد، والسباعيات مقاطيع شعرية، وقصائد ابن طعمة.