
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مــدحتُ رسـولَ اللَـه أبغـي بمـدحه
وُفــورَ حظـوظي مـن كريـمِ المـآربِ
مـدحتُ امـرءاً فـاق المديـح موحِّداً
باوصـــافه عــن مُبعِــدٍ ومقــارِب
نبيّـاً تسـامى فـي المشـارق نـورُه
فلاحــت هــواديه لأهــل المغــارب
أتتنــا بــه الأنبـاءُ قبـل مجيئه
وشـاعت بـه الأخبـارُ فـي كـلِّ جانبِ
وأصــبحتِ الكهّــان تهتــف باسـمهِ
وتنفـي بـه رجـمَ الظنـونِ الكواذب
وأُنطِقــت الأصــنامُ نطقــاً تَبَـرَّأت
إلـى اللَـه فيـه مـن مقال الأكادب
ورامَ اســتراقَ السـمع جـنَّ فزيَّلـت
مقاعــدهم منهــا رجـومُ الكـواكب
هـدانا إلـى مـا لم نكن نهتدي به
لطـول العمـى مـن واضحات المذاهب
وجـــاء بآيـــات تـــبين أنهــا
دلائل جبّــــارٍ مــــثيب معـــاقب
فمنهـا انشـقاق البـدر حين تعمَّمت
شــعوب الضـيا منـه رؤوس الأخاشـب
ومنهـا نبـوع المـاء بيـن بنـانه
وقـد عـدم الـوراد قـرب المشـارب
فــروى بــه جمّـاً غفيـراً وأسـلهت
بأعنــاقه طوعــاً أكــفَّ المـذانِب
وبئرٍ طغـت بالمـاء مـن مـسِّ سـهمه
ومـن قبـل لـم تسـمح بمِذقَـةِ شارب
وضــرعٍ مــراهُ فاسـتدر ولـم يكـن
بــه دِرَّة تصــفي إلــى كـفِّ حـالب
ونُطــقٍ فصــيحٍ مــن ذراع مبينــةٍ
لكيـــد عـــدوٍّ للعــداوة ناصــب
وإخبــاره بـالأمر مـن قبـل كـونه
وعنـد بـواديه بمـا فـي العـواقب
ومـن تلكـم الآيـات وحـيٌ أتـى بـه
قريــب المــآتي مسـتجمّ العجـائب
تقاصــرت الأفكـار عنـه فلـم يطـع
بليغـاً ولـم يخطـر علـى قلب خاطب
حـوى كـلَّ علـمٍ واحتـوى كـلَّ حكمـةٍ
وفــات مــرام المسـتمرِّ المـوارب
أتانــا بــه لا عــن رويَّـةٍ مرتـئٍ
ولا صــُحف مســتَملٍ ولا وصــف كـاتب
يــواتيه طـوراً فـي أجابـة سـائلٍ
وإفتــاء مســتفتٍ ووعــظ مخــاطب
وإتيــان برهــان وفــرض شــرائع
وقـــص أحـــاديث ونـــص مـــآرب
وتصــريف أمثــال وتثــبيت حجَّــةٍ
وتعريــف ذي جَحــدٍ وتوقيـف كـاذب
وفـي مَجمع النادي وفي حومةِ الوغى
وعنــد حــدوثِ المعضـلات الغـرائب
فيـأتي علـى مـا شـئت مـن طُرقاته
قــويم المعـاني مسـتدرَّ الضـرائب
يصــدق منـه البعـضُ بعضـاً كأنمـا
يلاحــظ معنــاه بعيــن المراقــب
وعجزُ الورى عن أن يجيئوا بمثل ما
وصــفناه معلــوم بطـول التجـارب
تــأبّى بعبــد اللَـه أكـرم والـدٍ
تبلَّــجَ منــه عـن كريـمِ المناسـب
وشـيبةَ ذي الحمـدِ الـذي فخـرت به
قريـشُ علـى أهـل العلـى والمناصب
ومـن كـان يُستسـقى الغمـامُ بوجهه
ويُصــدَر عــن آرائه فـي النـوائب
وهاشــم البــاني مشـيد افتخـاره
بغـرِّ المسـاعي وامتنـان المـواهب
وعبــد منـافٍ وهـو علَّـم قـومه اش
تطـاط الأمـاني واحتكـام الرغـائب
وإن قصـــيّاً مــن كريــم غراســه
لفـي منهـلٍ لـم يـدنُ مـن كف قاضب
بــه جمـع اللَـه القبـائلَ بعـدما
تقســَّمها نهــب الأكــفِّ الســوالب
وحــل كلابٌ مــن ذرى المجـدِ معقلاً
تقاصــَرَ عنــه كــلَّ دانـس وغـائب
ومــرةً لــم يحلــل مريـرةَ عزمـه
ســِفاه ســفيهٍ أو مَحوبــةُ حــائب
وكعـب علا عـن طـالب المجـد كعبـه
فنـال بـأدنى السعي أعلى المراتب
وألــوى لــؤيٌّ بالعُــداة فطُــوَّعت
لــه همــمُ الشـمِّ الأنـوفِ الأغـالب
وفـي غـالبٍ بـأسٌ أبى البأس دونهم
يــدافع عنهــم كــلَّ قِـرنٍ مغـالب
وكــانت لفهــر فـي قريـشٍ خَطابـةٌ
يعـوذُ بهـا عنـد اشـتجار المخاطب
ومـا زال منهـم مالـكٌ خيـرَ مالـكٍ
وأكـــرمَ مصــحوب وأكــرمَ صــاحب
وللنضـر طَـولٌ يقصـر الطـرف دونـه
بحيـث التقـى ضوءَ النجوم الثواقب
لعمــري لقـد أبـدى كنانـة قلبـه
محاســن تــأبى أن تطــوع لغـالب
ومــن قبلــه أبقـى خزيمـة حمـده
تليــد تــراثٍ عـن حميـد الأقـارب
ومدرِكــةٌ لـم يـدركِ النـاسُ مثلَـه
أعــفَّ وأعلــى عـن دنـي المكاسـب
وإليـاسُ كـان اليـأس منـه مُقارِناً
لأعــدائه قبــل اعتـدادِ الكتـائب
وفــي مُضــَرٍ يسـتجمع الفخـرُ كلـه
إذا اعـتركت يومـاً زحوفُ المقارنب
وحــلَّ نــزارٌ مــن رياســة أهلـه
محلاً تســامى عــن عيـون الرواقـب
وكــــان معـــدَّ عـــدةً لـــوليِّه
إذا خـاف مـن كيـد العدو المحارب
وأد تــأدي الفضــل منــه بغايـةٍ
وارثٍ حــواهُ عــن قُــروم أشــايب
وفــي أددٍ حلــم تزيَّــنَ بالحجــا
إذا الحلـم أزهـاه قطـوبُ الحواجب
ومــا زال يسـتعلي هميـعُ بـالعلى
ويتبــع آمــالَ البعيـد المَراغِـبِ
ونبـت بنتـهُ دوحـة العـز وابتنـى
معـــاقله فــي مشــمخرِّ الأهاضــب
وحيــزت لقيــذارٍ ســماحةُ حــاتم
وحكمـــةُ لقمـــانٍ وهمَّــةُ حــاجب
هُمـوا نسـلُ إسـماعيل صـادقِ وعـدِه
فمـا بعـده فـي الفخر مسعىً لذاهب
وكـان خليـلُ اللَـه أكـرمَ مـن عَنَت
لـه الأرض مـن مـاشٍ عليهـا وراكـب
وتــارحُ مــا زالــت لـه أريَحِيَّـة
تُــبيِّنُ منــه عـن حميـد المضـارب
ونــاحورُ نحّـار العـدا حُفظـت لـه
مــآثر لمّــا يحصــها عــدُّ حاسـب
وأشـرع فـي الهيجـاء ضـيغم غابـةٍ
يقـدُّ الطلـى بالمرهفـات القواضـب
وأرغــو نــابٌ فـي الحـروب محكـم
ضـنين علـى نفـس المشـحِّ المغـالب
ومـا فـالغٌ فـي فضـله تِلـو قـومه
ولا عابـدٌ مـن دونهـم فـي المراتب
وشـالخ وارفخشـذ وسـام سـمت بهـم
ســجايا حمتهــم كــلَّ زارٍ وعـائب
ومـا زال نوح عند ذي العرش فاضلاً
يعــدده فــي المصــطفين الأطـايب
ولمـكٌ أبـوه كـان في الروع رائعاً
جـريئاً علـى نفـس الكمـيِّ المضارب
ومـن قبـل لمـكٍ لـم يـزل متوشـلخ
يـذود العـدى بالـذائدات الشوازب
وكــانت لإدريــس النــبي منــازل
مـن اللَـه لـم تقـرن بهمـة راغـب
ويـــارد بحــر عنــد آل ســراته
أبــي الخزايــا مســتدق المـآرب
وكــانت لمهلاييــل فهــم فضــائل
مهذبــة مــن فاحشــات المثــالب
وقينـان مـن قبـل اقتنى مجد قومه
وفـات بشـأو الفضـل وخـد الركائب
وكــان أنــوش نـاش للمجـد نفسـه
ونزَّههــا عــن مرديــات المطـالب
ومــا زال شـيثٌ بالفضـائل فاضـلاً
شـريفاً بـريئاً مـن ذميـم المعائب
وكلهــم مــن نــور آدم أقبســوا
وعـن عـوده أجنـوا ثمـار المناقب
وكــان رســول اللَـه أكـرمَ مُنجَـبٍ
جـرى فـي ظهـور الطيِّـبين المناجب
مقابلــــةً آبــــاؤه أمهــــاتِه
مُبَــرَّأة مــن فاضــحات المثــالب
عليــه سـلامُ اللَـه فـي كـل شـارقٍ
ألاح لنــا ضــوءاً وفـي كـلِّ غـارب
عبد الله بن محمد الناشئ الأنباري أبو العباس.شاعر مجيد، يعد في طبقة ابن الرومي والبحتري، أصله من الأنبار، أقام ببغداد مدة طويلة. وخرج إلى مصر، فسكنها وتوفي بها، وكان يقال له: ابن شرشير، وهو من العلماء بالأدب والدين والمنطق، له قصيدة على روي واحد وقافية واحدة في أربعة آلاف بيت في فنون من العلم، وكان فيه هوس، قال المرزباني: (أخذ نفسه بالخلاف على أهل المنطق والشعراء والعروضيين وغيرهم، ورام أن يحدث لنفسه أقوالاً ينقض بها ما هم عليه، فسقط ببغداد، فلجأ إلى مصر) وقال ابن خلكان: له عدة تصانيف جميلة.