
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تنفَّـسَ عـن شـوقٍ تمكَّـنَ فـي الصدرِ
وكتَّـمَ فـي المكنونِ من موضعِ السِّرِّ
فنــمَّ علــى مــا ضـمَّنتهُ ضـلوعهُ
كمـا نـمَّ فضّاحُ الدخانِ على الجمرِ
مشــوقٌ بـه مـن حـبِّ علـوةَ لوعـةٌ
كلوعـةِ ذاتِ الثُّكـلِ بالولـدِ البرِّ
فمـــا أُمُّ رئمٍ لا تريــمُ بروضــةٍ
مفوَّفــةِ الأرجـاءِ بـالزَّهرِ النّضـرِ
اذا رقّصـت ريـحُ الجنـوبِ غصـونها
تُنقّطُهــا غُــرُّ السـّحائبِ بـالقطرِ
وان دغـدغتها كفُّهـا فـي مرورِهـا
رأيـتَ بهـيَّ النّـورِ مبتسـمَ الثّغرِ
تفـــارقُه أنّــى تقلّــصَ ضــرعُها
وتلقـاهُ أنَّـى أيقنـت منـه بالدَّرِّ
تُفـدِّيه بـالنفسِ النفيسـةِ جهـدها
وتكلـؤهُ حـتى مِـن النَّظـرِ الشـّزرِ
تخــافُ عليــهِ والحــوادثُ جمَّــةٌ
مكانَ الأذى المظنونِ مِن موقعِ الذّرِّ
غـدت عنـه كـي تبغـي لـه مُتربّعاً
بســاحةِ وادٍ ذي ريــاضٍ وذي غُـدرِ
فمــا راعهــا الّا ســماعُ بُغـامِه
وقـد جاءَها المقدورُ فيه على قدرِ
بقبضــةِ مفتـولِ الـذّراعينِ أهـرتٍ
من الرُّقطِ عبلِ الصّدرِ مُنهضمِ الخَصرِ
وفــيٌّ اذا أمَّ الظبــاءَ مخــاتلاً
سـريعٌ اذا مـا أمَّهـا وهو في جَهرِ
يلــوحُ كمــا لاحـت صـحيفةُ كـاتبٍ
صـقيلةُ مجـرى الخـطّ أنقِطَ بالحبرِ
رأتــهُ علــى بُعــدٍ يُمـزِّقُ شـِلوهُ
بنـابٍ لـه يسـري وظفـرٍ لـه يفري
بـأوجعَ منّـي يـومَ سـارت حمولُهـا
يُخفّضـنَ فـي بطـنٍ ويرفعـنَ في ظَهرِ
تركـنَ قنـانَ الرّمـلِ عنهـنَّ يسـرةً
وخلَّفــنَ أعلامَ الــدُّعيميِّ فالســِّرِّ
بــبيضِ قبـابٍ تحتهـا سـودُ أينُـقٍ
تقُطّــعُ بالإِرقــالِ ديمومـةَ الـبرِّ
يلُحــن كمــا لاحــت قِلاعُ ســفائنٍ
يسـِرنَ مِـن الآلِ الممـوَّجِ فـي بحـرِ
أيـا عـاذلي فيهـا تأيَّـد مُحببّـاً
الـيَّ فـإنَّ العـذلُ فيها بها يُغري
تصـبرَّتُ جهـدي عـن هواها فلم أُطِق
وانَّ امـرءاً لم يألُ جهداً لفي عُذرِ
سـُقِيتُ بـذاك الصـّبرِ كأسـاً مريرةً
وكيـف مـذاقٌ فيـه شـائبةُ الصـّبر
ولـو كـان لـي صـبرٌ غداة ترحَّلوا
لما احمرَّ مبيضُّ الدُّموعِ التي تجري
أعلــوةُ ســقَّاكِ الإِلــهُ ســحائباً
تســاقُ بألطــافٍ وتُجــذبُ بـالبرِّ
قِفـي فـانظري نحـوي بعيـنٍ رحيمةٍ
تـري شبحاً خافي الضَّنى باديَ الضُّرِّ
يكــادُ اذا هبَّــت ريـاحُ ديـاركُم
علـى شخصـهِ تسـري بهِ حيثما تسري
ألا أرســـليها بالســلامِ فإنَّهــا
تُشــافِهُ أشـواقي بألسـنةِ البِشـرِ
وقـد كنـتُ والمشتاقُ تخدعهُ المُنى
أحــاولُ نجــديَّ الرِّيـاحِ ولا أدري
أحاولُهــا ظنــاً بهـا أنَّ بردهـا
يُـبرِّدُ مـا بـالقلبِ مـن لافحِ الحرِّ
فلمــا سـَرَت أذكـت لهيـبَ غرامـهِ
كذا النارُ بالأرواحِ تسري وتستشري
أعينــيَّ قـد حـذّرتُ قلـبي منكمـا
فلـم يلتفـت قلـبي لنهـيٍ ولا أمرِ
فقيـــدتُماهُ بــالغرامِ ورحتُمــا
طليقيـنِ مِـن أسبابهِ وهو في الأسرِ
أطاعكُمــا لمّــا عصــاني لحينـهِ
كـذا الكمـا الغـرّارُ يفعلُ بالغِرِّ
أيحسـنُ بعدَ العِلمِ والشَّيبِ بالفتى
وقـوفٌ علـى ربـعٍ وشـوقٌ الـى خِدرِ
سأعملُ في استنفاذِ قلبي من الهوى
علـى نبـذِه يُضـحي له غايةَ الفِكرِ
وأســعى لــه انَّ الهــوى لمعـرَّةٌ
ولا سـيما بالنـابهِ القدرِ والذّكرِ
وأحبسـهُ فـي اللَـه قسـراً وإنَّمـا
تكـونُ بـداياتُ المطيعيـنَ بالقسرِ
أيـا قلـبُ ان طـاوعتني في سبيلهِ
رُشـِدتَ وأُعطيـتَ الكرائمَ في الحشرِ
سـأتركُ مـالا تـتركُ النفـسُ مِثلـه
مـن المالِ والأولادِ والخالِ والصِّهرِ
وأهجــرُ ملكــاً لا رجــاءٌ بقـاؤه
وصـالاً لملـكٍ لا يبيـدُ مـدى الدهرِ
وأركـبُ عودَ الصَّبرِ في مهمهِ الرّضى
بـزادٍ مِن التَّقوى وهادٍ مشن الذّكرِ
أجــوبُ فيــافيهِ بهمَّــتي الــتي
عَلـت عن محلِّ الأنجمِ السَّبعةِ الزُّهرِ
فيــافي لا جَــزرُ الثّمــادِ مُقتَّـرٌ
لـديها ولا مـدُّ الفـراتِ بـذي وفرِ
فيــافي إرقـالٍ وركـضً بغيـرِ مـا
مُرحَّلـــةٍ صـــُهبٍ ومُســرجةٍ شــُقرِ
داود بن الملك المعظم عيسى بن محمد بن أيوب، الملك الناصر صلاح الدين.صاحب الكرك، وأحد الشعراء الأدباء، ولد ونشأ في دمشق، وملكها بعد أبيه (سنة 626 هـ) وأخذها منه عمه الأشرف، فتحول إلى (الكرك) فملكها إحدى عشرة سنة، ثم استخلف عليها ابنه عيسى (سنة 647 هـ) فانتزعها منه الصالح (أيوب بن عيسى) في هذه السنة، فرحل الناصر مشرداً في البلاد، حبس بقلعة حمص ثلاث سنوات، ثم أقام في حلة بني مزيد، وتوفي بقرية البويضاء (بظاهر دمشق) بالطاعون، وكان كثير العطايا للشعراء والأدباء، له عناية بتحصيل الكتب النفيسة، وله شعر.جمعت رسائله في كتاب (الفوائد الجلية في الفارئد الناصرية-خ).