
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يــا دارَ مَيَّــةَ بِالْعَلْيـاءِ فَالسـَّنَدِ
أَقْــوَتْ وَطــالَ عَلَيْهـا سـالِفُ الْأَبَـدِ
وَقَفْــتُ فيهــا أُصــَيْلاناً أُســائِلُها
عَيَّـتْ جَوابـاً وَمـا بِـالرَّبْعِ مِـنْ أَحَدِ
إِلّا الْأَوارِيَّ لَأْيـــاً مـــا أُبَيِّنُهـــا
وَالنُّـؤْيُ كَـالْحَوْضِ بِالْمَظْلُومَـةِ الْجَلَدِ
رَدَّتْ عَلَيْــــهِ أَقاصــــِيهِ وَلَبَّـــدَهُ
ضـَرْبُ الْوَليـدَةِ بِالْمِسـْحاةِ في الثَّأَدِ
خَلَّــتْ ســَبيلَ أَتِــيٍّ كــانَ يَحْبِســُهُ
وَرَفَّعَتْــهُ إِلــى الســِّجْفَيْنِ فَالنَّضـَدِ
أَمْسـَتْ خَلاءً وَأَمْسـَى أَهْلُهـا احْتَمَلـوا
أَخْنَـى عَلَيْهـا الَّـذي أَخْنـى عَلَى لُبَدِ
فَعَــدِّ عَمّـا تَـرَى إِذْ لا ارْتِجـاعَ لَـهُ
وَانْــمِ الْقُتُـودَ عَلَـى عَيْرانَـةٍ أُجُـدِ
مَقْذُوفَــةٍ بِــدَخِيسِ النَّحْــضِ بازِلُهـا
لَــهُ صــَرِيفٌ صـَرِيفُ الْقَعْـوِ بِالْمَسـَدِ
كَـأَنَّ رَحْلِـي وَقَـدْ زالَ النَّهـارُ بِنـا
يَــوْمَ الْجَلِيــلِ عَلَـى مُسـْتَأْنِسٍ وَحَـدِ
مِــنْ وَحْــشِ وَجْــرَةَ مُوشــِيٍّ أَكـارِعُهُ
طـاوِي الْمُصـَيرِ كَسـَيفِ الصَّيْقَلِ الْفَرِدِ
أســْرَتْ عَلَيْـهِ مِـنَ الْجَـوْزاءِ سـارِيَةٌ
تُزْجِـي الشـَّمالُ عَلَيْـهِ جامِـدَ الْبَـرَدِ
فَارْتــاعَ مِــنْ صـَوْتِ كَلَّابٍ فَبـاتَ لَـهُ
طَـوْعَ الشـَّوَامِتِ مِـنْ خَـوْفٍ وَمِـنْ صـَرَدِ
فَبَثَّهُـــنَّ عَلَيْـــهِ وَاســـْتَمَرَّ بِـــهِ
صــُمْعَ الْكُعُـوبِ بَـرِيئاتٍ مِـنَ الْحَـرَدِ
وَكــانَ ضــُمْرانُ مِنْــهُ حَيْـثُ يُـوزِعُهُ
طَعْـنَ الْمُعـارِكِ عِنْـدَ الْمُحْجَـرِ النَّجُدِ
شــَكَّ الفَريصــَةَ بِالْمِـدْرَى فَأَنْفَـذَها
طَعْـنَ الْمُبَيْطِـرِ إِذْ يَشـْفِي مِـنَ الْعَضَدِ
كَــأَنَّهُ خارِجــاً مِــنْ جَنْــبِ صـَفْحَتِهِ
ســَفُّودُ شــَرْبٍ نَســُوهُ عِنْــدَ مُفْتَـأَدِ
فَظَــلَّ يَعْجُـمُ أَعْلَـى الـرَّوْقِ مُنْقَبِضـاً
فـي حالِـكِ اللَّـوْنِ صـَدْقٍ غَيْرِ ذي أَوَدِ
لَمّــا رَأى واشــِقٌ إِقْعَــاصَ صــاحِبِهِ
وَلا ســـَبِيلَ إِلـــى عَقْــلٍ وَلا قَــوَدِ
قـالَتْ لَـهُ النَّفْـسُ إِنّـي لا أَرى طَمَعاً
وَإِنَّ مَــوْلاكَ لَــمْ يَســْلَمْ وَلَـمْ يَصـِدِ
فَتِلْــكَ تُبْلِغُنــي النُّعْمــانَ إِنَّ لَـهُ
فَضْلاً عَلَى النّاسِ في الأَدْنَى وَفي الْبَعَدِ
وَلا أَرَى فــاعِلاً فــي النّـاسِ يُشـْبِهُهُ
وَلا أُحاشــِي مِــنَ الْأَقْـوامِ مِـنْ أَحَـدِ
إِلّا ســُلَيْمانَ إِذْ قــالَ الإِلَــهُ لَــهُ
قُـمْ فـي الْبَرِيَّـةِ فَاحْدُدْها عَنِ الْفَنَدِ
وَخَيِّــسِ الْجِـنَّ إِنّـي قَـدْ أَذِنْـتُ لَهُـمْ
يَبْنُــونَ تَــدْمُرَ بِالصــُّفّاحِ وَالْعَمَـدِ
فَمَـــنْ أَطاعَــكَ فَــانْفَعْهُ بِطــاعَتِهِ
كَمــا أَطاعَـكَ وَادْلُلْـهُ عَلَـى الرَّشـَدِ
وَمَـــنْ عَصـــَاكَ فَعــاقِبْهُ مُعاقَبَــةً
تَنْهَـى الظَّلُـومَ وَلا تَقْعُـدْ عَلـى ضـَمَدِ
إِلَّا لِمِثْلِــكَ أَو مَــنْ أَنْــتَ ســابِقُهُ
سـَبْقَ الْجَـوادِ إِذا اسْتَولى عَلَى الْأَمَدِ
أَعْطَـــى لِفارِهَــةٍ حُلْــوٍ تَوابِعُهــا
مِــنَ الْمَــواهِبِ لا تُعْطَـى عَلَـى نَكَـدِ
الْــواهِبُ الْمِئَةَ الْمِعْكــاءَ زَيَّنَهــا
سـَعْدانُ تُوضـِحَ فـي أَوبارِهـا اللِّبَـدِ
وَالأُدْمَ قَـــدْ خُيِّســَتْ فُتْلاً مَرافِقُهــا
مَشــْدُودَةً بِرِحــالِ الْحَيْــرَةِ الْجُـدُدِ
وَالرَّاكِضــاتِ ذُيُـولَ الرَّيْـطِ فانَقَهـا
بَــرْدُ الْهَــواجِرِ كَـالْغِزْلانِ بِـالْجَرَدِ
وَالْخَيْــلَ تَمْـزَعُ غَرْبـاً فـي أَعِنَّتِهـا
كَـالطَّيْرِ تَنْجُو مِنَ الشُّؤْبوبِ ذي الْبَرَدِ
احْكُـمْ كَحُكْـمِ فَتـاةِ الْحَـيِّ إِذْ نَظَـرَتْ
إِلــى حَمــامِ شــِراعٍ وارِدِ الثَّمَــدِ
يَحُفُّـــهُ جانِبـــا نِيـــقٍ وَتُتْبِعُــهُ
مِثْـلَ الزُّجاجَـةِ لَـمْ تُكْحَـلْ مِنَ الرَّمَدِ
قـالَتْ أَلا لَيْتَمـا هَـذا الْحَمـامُ لَنا
إِلـــى حَمامَتِنـــا وَنِصـــْفُهُ فَقَــدِ
فَحَســـَّبُوهُ فَـــأَلْفَوْهُ كَمــا حَســَبَتْ
تِسـْعاً وَتِسـْعينَ لَـمْ تَنْقُـصْ وَلَـمْ تَزِدِ
فَكَمَّلَــــتْ مِئَةً فِيهـــا حَمامَتُهـــا
وَأَســْرَعَتْ حِســْبَةً فــي ذَلِـكَ العَـدَدِ
فَلا لَعَمْـــرُ الَّــذي مَســَّحْتُ كَعْبَتَــهُ
وَمـا هُرِيـقَ عَلَـى الْأَنْصـابِ مِـنْ جَسـَدِ
وَالْمُـؤْمِنِ العـائِذاتِ الطَّيْـرَ يَمْسَحُها
رُكْبــانُ مَكَّـةَ بَيْـنَ الْغَيْـلِ وَالسـَّعَدِ
مـا قُلْـتُ مِـنْ سـَيِّئٍ مِمّـا أُتَيـتَ بِـهِ
إِذاً فَلا رَفَعَــتْ ســَوْطِي إِلَــيَّ يَــدي
إِلّا مَقالَـــةَ أَقْــوامٍ شــَقِيتُ بِهــا
كـانَتْ مَقـالَتُهُمْ قَرْعـاً عَلَـى الْكَبِـدِ
إِذاً فَعــــاقَبَني رَبّـــي مُعاقَبَـــةً
قَـرَّتْ بِهـا عَيْـنُ مَـنْ يَأتِيـكَ بِالفَنَدِ
أُنبِئْتُ أَنَّ أَبـــا قــابُوسَ أَوْعَــدَني
وَلا قَـــرارَ عَلَــى زَأْرٍ مِــنَ الْأَســَدِ
مَهْلاً فِـــداءٌ لَــكَ الْأَقْــوامُ كُلُّهُــمُ
وَمــا أُثَمِّــرُ مِــنْ مـالٍ وَمِـنْ وَلَـدِ
لا تَقْـــذِفَنِّي بِرُكْــنٍ لا كِفــاءَ لَــهُ
وَإِنْ تَأَثَّفَـــكَ الْأَعْـــداءُ بِالرِّفَـــدِ
فَمـا الْفُـراتُ إِذا هَـبَّ الرِّيـاحُ لَـهُ
تَرْمــي غَــوارِبُهُ الْعِبْرَيْـنِ بِالزَّبَـدِ
يَمُـــدُّهُ كُـــلُّ وادٍ مُتْـــرَعٍ لَجِـــبٍ
فِيــهِ رُكـامٌ مِـنَ الْيَنْبُـوتِ وَالْخَضـَدِ
يَظَــلُّ مِــنْ خَــوْفِهِ الْمَلَّاحُ مُعْتَصــِماً
بِالْخَيْزُرانَــةِ بَعْــدَ الْأَيْـنِ وَالنَّجَـدِ
يَوْمــاً بِــأَجْوَدَ مِنْــهُ سـَيْبَ نافِلَـةٍ
وَلَا يَحُــولُ عَطــاءُ الْيَــومِ دُونَ غَـدِ
هَـذا الثَّنـاءُ فَـإِنْ تَسـْمَعْ بِـهِ حَسَناً
فَلَــمْ أُعَـرِّضْ أَبَيْـتَ اللَّعْـنَ بِالصـَّفَدِ
هــا إِنَّ ذي عِــذْرَةٌ إِلّا تَكُــنْ نَفَعَـتْ
فَـــإِنَّ صـــاحِبَها مُشــارِكُ النَّكَــدِ
النّابِغَةُ الذُّبْيانِيُّ هُوَ زِيادُ بْنُ مُعاوِيَةَ بْنِ ضِباب الذُّبْيانِيّ مِنْ قَبِيلَةِ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ، وَكانَ أَحَدَ الأَشْرافِ وَالمُقَدَّمِينَ فِي قَوْمِهِ، وقد اتَّصلَ بمُلُوكِ المَناذِرَةِ وَالغَساسِنَةِ وكانَ لَهُ عندَهم مَنْزِلَةٌ ومكانةٌ عاليةٌ، وَامْتازَ بِشِعْرِهِ فِي الاعْتِذارِيّاتِ، وَهِيَ الأَشْعارُ الَّتِي قالَها مُعْتَذِراً مِنْ النُعْمانِ بْنِ المُنْذِرِ بعد هربِهِ مِنه، وَالنّابِغَةِ الذُبْيانِيِّ مِن أَوائِلِ مَنْ تَحاكَمَ عِنْدَهُ الشُّعَراءُ فَكانَتْ تُضْرِبُ لَهُ قُبَّةً فِي عُكاظ فَيعْرِضُ الشُّعَراءُ عَلَيْهِ أَشْعارَهم، وَقَدْ تُوُفِّيَ في سَنَة 18ق.هـ المُوافَقَةِ لِسَنَةِ 604م.