
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
خيــالٌ ســَرى لِـي مِـن بلادٍ بَعيـدةِ
لِشــدِّ الأَوَاخِـي والعُهـودِ القَديمـةِ
تَخَطَّــى رقابــاً فـي طِلابِـي كـثيرةً
لإِرغـــامِ واشـــِينا ورَدِّ التحيَّــةِ
ويَســـألُني بـــاللَّهِ لا تَنســَيَنَّنِي
ومِـن أَيـنَ لِلظّـامِي تناسـِي الأحبـةِ
فيــا زائِراً أَنعمـتُ بـالِي بقُربِـهِ
قليلاً فلمَّــا ســارَ ودَّعــتُ مُهجَتِـي
لـكَ الخيرُ عاوِدنِي ويا عَينِيَ اهجَعِي
ولا تسـأمِي يـا عيـنُ مِن طولِ هَجعَتِي
لهــوتُ بـه ليـلَ التَّمـام وللـدُّجى
علَينــا ســتورٌ ســابغاتُ الأَظلَّــةِ
ضـَجِيعينِ ضـم الشـَّوقُ مِنّـا مفارقـاً
تفــوحُ علينَــا بـالعبيرِ المُفَتَّـتِ
نَفُــضُّ خَــوَاتِيمَ الســَّرائِرِ بَيننـا
لَفِيفَيــنِ فــي بُـردَى حَيَـاءٍ وعِفَّـةِ
فيـا لَـكَ مِـن صـيدٍ بأشـرَاكِ مُحـرِمٍ
أَذودُ الهَــوى عَنــهُ بكُــلِّ تَعِلَّــةِ
ســَقانِي بكــاسِ العاشـِقينَ وعَلَّنِـي
مِـنَ البـاردِ البسـامِ صـافِي الأَشعةِ
يَمُــجُّ ذَكِــىَّ المِســكِ منــهُ مُفلَّـجٌ
كنــورِ الأَقــاحِي أَو دَرارٍ نَضــِيدةِ
عليــهِ خِتــامٌ مِــن عَقيـقٍ شـِفاهُهُ
هنيئاً لنفــسٍ مِــن لَمَاهــا تـروَّتِ
وفــي فـترةِ الأَجفـانِ والعـذرُ لائحٌ
دَعـا مُهجـتي داعـي الغـرامِ فلبَّـتِ
وأَوحـى إِلـى قلـبي مَثـانِي جمَـالِهِ
مفصـــَّلةً جـــاءَت بفصـــلِ قضــيَّةِ
فمِـن قـدِّه ثـارٌ مِـن الحـبِّ مُـدرِكِي
ومِــن خــدِّهِ نــارٌ بأَحشــايَ شـَبَّتِ
يَعِــزُّ عَلــى مِثلِــي كُثَيِّــرُ عَــزَّةٍ
ويجمُــلُ فــي عينِـي جميـلُ بُثَينَـةِ
وأَبكَـى قَتيـلَ الشـَّوقِ مِـن آل عُذرَةٍ
وأَنــدُبُ قَيســاً مُوبــذان المحبَّـةِ
أولئِكَ أَشــياعِي مَضــَوا لســبيلِهِم
وأَقبلــت أُخراهُــم بشــملٍ مشــتَّتِ
مُجــاوِرُ قَفـرٍ مـا لـهُ مِـن مُجـاوِرٍ
ســِوى نفسـِهِ أَصـغَى إِليهـا وأَصـغَتِ
متَـى يَضـحكِ الـبرقُ الحجازِيُّ يَنثَني
عَلـى كَبِـدٍ لَـولا الهَـوى لَـم تُفَتَّـتِ
نَسـيمَ الصـَّبا عـرِّج فَهـل فيكَ راحةٌ
بتبريــدِ أَنفاسـِي وتنفِيـسِ كُربَـتي
لقَـد طالَ يا سعدُ انتِظارِي فعُج بِنَا
إِلـى كـلِّ شـِبهٍ مـن أصـارِيمِ وَجـرَةِ
وفـي بطـنِ نعمـانٍ بمجتمـعِ الهَنـا
قِبــابٌ علــى أعتــابِ كـلِّ ضـَنِينَةِ
كَلَفــتُ بِهــا حُمـراً تلـوحُ كأنَّمـا
عليهَـا أراقَ البَيـنُ مـاءَ شـَبيبَتي
مطامــحُ أَنظــارِي مســارحُ فكرَتِـي
مــدارجُ أَوهــامِي مَعــارِجُ همَّتِــي
أَيـا حسـرتا ضـاعَ الزَّمانُ ولم أَفُز
بطيـبِ اللِّقـا منكُـم أُهيـلَ مـوَدَّتِي
خَلِيلَــيَّ حُطّــا عَـن قَلُوصـِيَ رَحلَهـا
إِذا فصــَلَت مِـن ذِي طُـوى وَالثَّنيَّـةِ
وفاضـَت علَـى البَطحـاءِ من أرضِ مَكةٍ
وألقــت جِرانـاً بالهَنـا والمسـرَّةِ
وقـولا لهـا يا ناقُ ما شئتِ فانعَمِي
فلَـن تَبأسـِي طـولَ الحَيـاةِ برحلَـةِ
فيـا بلـدَةَ اللَّـهِ الَّـتي عزَّ شَأنُها
ومِـن تحتِهـا سـَوَّى مِهـادَ البَسـيطَةِ
هِــي الــدَّارُ لا شـامٌ ولا يمـنٌ ولا
مرابِــعُ هَجــرٍ فـي أَقـاليمَ سـبعَةِ
بهـا كعبَـةُ اللَّـهِ التي كان حَولَها
مطــــافٌ لأملاكٍ وإنــــسٍ وجِنَّــــةِ
إِذا الملكُ الجبّارُ ذو الشَّانِ رامَها
تَــداعَت عُـروشُ المُلـكِ مِنـهُ وثُلَّـتِ
وَفيهــا مقــامٌ للخَليــلِ وعنــدَهُ
مُصــَلَّى لأَهـل اللَّـهِ مِـن كـلِّ مخبِـتِ
وَفــي سـاحَةٍ بَيـنَ الحطيـمِ وزمـزمٍ
مَعاهـــدُ لـــذَّاتٍ مشــاهدُ زينــةِ
ألا لَيـت لِـي مِـن مـاءِ زَمـزَمَ بَلَّـةٌ
بِهــا بُــرءُ عِلاتِـي وتَبريـدُ غُلَّتِـي
صـَدىً لَـم يكُـن إلا إلَى مَورِدِ اللِّقا
وكَــم بِبلادِي مــن نِطــافٍ وَغَمــرَةِ
وَيـا حبَّـذا مـا بَيـنَ مروَةَ وَالصَّفا
مَســاعِي كــرامٍ بالوَفـا والمُـرُوَّةِ
لئِن أَزلَفَتنِــي صــوبَ مُزدَلفــاتِهِم
عَــوارفُ بِــرٍّ مِــن عواطِــفَ بَــرَّةِ
فقَـد أشعرت قَلبِي على المَشعَرِ الَّذِي
علَيـــه شــِعارٌ مِــن جلالٍ وهيبَــةِ
ومنَّتنِـيَ الحُسنى علَى الخَيفِ من مِنىً
فبِــاللَّهِ أجِّلنِــي غَريــمَ مَنِيَّتِــي
ســَلامٌ علَــى تلـكَ المعاهِـدِ إِنَّهـا
مَنـــازلُ ســَعدٍ لا كطَــرفٍ وَجَبهَــةِ
فيــا حَمـدُ المجتَـازُ منهـا بسـُدَّةٍ
إِلَيهــا تَنــاهَت كـلُّ أَحبَـارِ مِلَّـةِ
أَقِـم واسـتَقِم فالبـابُ سـَهلٌ حِجابُهُ
لغَاشــي فِنــاهُ بِافتِقــارٍ وَرَغبَـةِ
لَئِن كُنـتَ فيمـا تَدَّعِي اليومَ صادقاً
ليُوشــِكُ أَن تَرعَـى رِيـاضَ الحَظيـرَةِ
حَظيـرَةِ قُـدسٍ مـا لهـا مِـن مَعـارِجٍ
ســِوى صــُعُداً أنفــاسُ نفـسٍ رصـيَّةِ
إذا سـمعت باسـمِ الفِـرَاقِ تَقَعقَعَـت
مَفاصــِلُها مــن شــُؤمِ كــلِّ خطِيئَةِ
وإِن سـمِعت باسـمِ اللِّقـاءِ تَزَعزَعَـت
نُزُوعــاً إِلــى أَوطانِهــا الأَوَّلِيَّـةِ
وَيــا حَمَــدٌ هــل تَسـمَعَنِّي فـإِنَّني
سـأُهدي لَـكَ الأَشـواقَ مـع كُـلِّ نَسمَةِ
إِذا ضــِقتَ ذرعـاً بالحِجـازِ وَعَيشـِهِ
فجنَّـــاتُ عَــدنٍ بالمكــارِهِ حُفَّــتِ
لِتَصـرِف عَـن الـدُّنيا عنانَـكَ راضِياً
كأنَّــكَ بِالـدَّاعِي إِلـى خَيـرِ نُزهَـةِ
فَمــا هِــيَ إِلا ســاعةٌ ثُـمَّ تَنقَضـِي
وَتعقُــبُ خُلــداً مِـن نعيـمٍ وَشـِقوَةِ
فَلا تحتَفِـــل بـــاللائِمينَ فإِنَّمــا
قلــوبُهُمُ مِــن رانِهــا فـي أَكِنَّـةِ
وهَــذا ســَبيلٌ واضـِحٌ لِمَـن اهتَـدى
ولَكِنَّهــا الأَهــواءُ عمَّــت فــأعمَتِ
فَخُــذ بيَــدِي أَنهَـض إِليـكَ فـإِنَّني
بـكَ اليـومَ أَولـى مِن وَلِيِّ العصُوبَةِ
ولا بُــدَّ أن أًســعَى إليــكَ بِهِمَّــةٍ
مطالبُهــا يــا صــاحِ غيـرُ دنيَّـةِ
فإِمـا مَقامـاً يضـربُ المجـدُ حَـولَهُ
ســُرادِقَهُ بيــنَ الســُّهَا والمجَـرَّةِ
وَإِن أَنـا لَـم أَبلُـغ مَرامـاً أَرُومُهُ
فَكَــم حَســَراتٍ فــي نُفـوسٍ كَرِيمـةِ
أَخِـي مـا غَرِيـضٌ مِـن قريضـِكَ شاقَنا
عَلَيـــهِ تعلَّلنـــا بكــأسٍ رَوِيَّــةِ
نَظمـتَ لنـا فيـهِ عُقُـوداً حكَـت لنا
نَظِيمـاً مِـن الجَـوزَاءِ حيـنَ استَقَلَّتِ
مَحَضـتَ لنـا فيـهِ النَّصـيحةَ فالهُدى
يَلــوحُ عَلينَــا مِـن خِلالِ الصـَّحيفَةِ
عَفـا اللَّـهُ عنهُ اللوذَعِيُّ ابنُ عَرفَجٍ
لَقَـد كـانَ مَأمونـاً عَلـى كُـلِّ زَلَّـةِ
أَتــاكَ بأنَّــا عـاتِبونَ عَليـكَ فِـي
مَسـاعِيكَ والسـَاعِي بِنـا غَيـرُ مُثبِتِ
لِسـانِي عـنِ الأَهلِيـنَ والصـَّحبِ ناطِقٌ
فَطِــب منهُــمُ نَفسـاً بِحـقِّ وَسـِيلَتِي
وَأَبـرِد غَليلـي يـا خَليلـي بِـدعوةٍ
تُنَــزِّهُ ســِرِّي فــي شــُهُودِ جَلِيَّتِـي
وبلِّــغ ســَلامي مـن لـدُنكَ عصـائباً
مِـنَ القَـوم أَربابِ القلُوبِ المُنِيبَةِ
هُـمُ نُصـبُ عَينِـي إِن لقيـتُ حَبائبـاً
وَهُـم حَسـبُ نَفسـي مِـن كُهـولٍ وفِتيَةِ
تَقــدَّمتُ بــالنَّجوى إِليــكَ لأَنَّنــي
حليــفُ غــرامٍ رُمــتُ بــثَّ شـَكِيَّتِي
فَهـاكَ ابـنَ وُدِّي مِـن طِـرازِي خرِيدَةً
جمعــتُ حُلاهـا مـن شـُمُوسِ الظَّهِيـرَةِ
مِـن الخَزرَجِيّـاتِ الحِسـانِ فمَـا لَها
سـِوَى خِـدرِنا إِن رُمتَهـا مِـن مَظنَّـةِ
أَقــامت ثَلاثـاً بعـدَ عِشـرينَ لَيلَـةً
بأكنــافِ قلبِـي فـي رِيـاضٍ أِريضـَةِ
طَلبـتُ لَها في القَوم كُفؤاً فلَم أجِد
سـِواكَ فـأنتَ اليـومَ كُفـؤُ كَرِيمتِـي
طَـوَت فـي لِقـاكَ البِيـدَ طَـيَّ سِجِلِّها
ولَــولا حياهــا يَـومَ وافَـت لَحَيَّـتِ
فــدُونكَ أَصــدِقها قبولَـكَ وَالرِّضـا
لِباســينِ أَبهَــى مِــن رداءٍ وحُلَّـةِ
وَلا تنســَنِي فيهـا بِغُفـرانِ ذَنبِهـا
وإِكــرامِ مَثواهــا بألحــانِ صـَيِّتِ
فَهــذا وصــلَّى اللَّــهُ رَبِّـي صـلاتَهُ
علَـى المُصـطَفى إِنسانِ عَينِ البَصيرَةِ
نَبِـيِّ الهُـدى بدرِ الدُّجى سيِّدِ الوَرَى
محمَّــدٍ المُــوفِي نظَــامَ النُّبُــوَّةِ
عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الله بن أحمد النجاري الخزرجي، من ذرية أبي أيوب الأنصاري الشافعي.ولد في قرية المبرز من الأحساء، وحفظ القرآن وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وأخذ عن جده ووالده علم التفسير والحديث والفقه وقواعد العربية.اشتغل بالقضاء بعد وفاة أبيه واستمر إلى آخر عمره.كان صاحب شاعرية فذة، وأسلوب رائع، وخيال واسع الأطراف، وأجاد فن المراسلة.