
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
غــذائي الحـب يـا مـن فيـه حرمـان
منــى لــه أبــدا ماعشــت نشــدان
وهـــــل غــــذائي إلا أن أراك وأن
يمــر بالســمع لفــظٌ منــك فتــان
ومــا أقــل الــذي أبغــى وأيسـره
لــو كنــت تنصــف إن الحـق عريـان
ذنــبي إليــك هــوى ينفــك يعلنـه
شـــعري وإحســـانكم صــدٌّ وحرمــان
يــا ليــت أن ذنـوب النـاس قاطبـةً
شـــعرٌ عفيـــف وأشـــواق وتحنــان
عجبــت ممـن بـراه الحـب كيـف غـدا
يقلـي الهـوى والهـوى والحسن أخدان
لأي أمــرٍ طــويت الكشــح عــن رجـل
عــف الأديــم لفضــل فيــه برهــان
أخفــت أن تأخــذ العينــان منقصـةً
فــي حســنك الغـض والإنسـان إنسـان
فقلـــت أعشـــى مــآقيه بأدمعهــا
حــتى أبيــت وكــل النقــض رجحـان
كــذلك الشــمس يعشـى طرفهـا أبـداً
والكــون جهــمٌ ووجـه الجـو غيمـان
كلا لعمـــري لقـــد جلــت محاســنه
مــن أن يكــون بهــا عيـبٌ ونقصـان
أرق مــن دمعــة التوديــع طلعتــه
وقـــد تحمـــل للتوديـــع خلصــان
ومــا ابتســامة ولهــانين لفهمــا
بعـد النـوى وانصـداع الشـمل لقيان
يومــاً بأعــذب مــن حســن تسـربله
عليــه منــه علــى الأيــام ريعـان
عبــدت فيــه آلهــا كنــت أكفــره
دهـــراً فــأعقب نكرانيــه عرفــان
هــذا نــبيّ ولــم يبعـث وليـس لـه
إلّا الجمـــال وآي الحســـن قـــرآنٌ
آمنــتُ بـالعين عـن طـوعٍ وفـي سـعةٍ
وآمنـــت مــن نفــوس النــاس آذان
لــو أنـه كـان فـي وسـعي ومقـدرتي
أن ترســم اللحـظ ألفـاظٌ لهـا شـان
وأن أصــور فــي القرطــاس فتنتــه
لقــالت النــاس هــذا منـك بهتـان
ســحرٌ لعمــرك لـم يمنحـه مـن أحـد
إلّا الملائك لا أنــــــسٌ ولا جـــــان
وشـــاعر لبـــق التصــوير يحكمــه
أحكـــامه وخيــال الفحــل معــوان
يكســوه مــن شــعره ثوبــاً يخلـده
وليــس يبلــى جديـد الشـعر أزمـان
فمـــا يعطــل شــيءٌ مــن محاســنه
إلّا غـــدا وهــو بالأشــعار حليــان
ورب مســـود ســـطرٍ أنـــت تحقــره
تــألق الحســن فيــه فهــو ضـيحان
وعـــاش فيــه جمــالٌ طــاح لابســه
ومــــاس فيـــه ورب الحســـن ذبلان
والشــعر حصــنٌ عزيــز ليـس تقهـره
هـذي الليـالي وغيـر الشـعر وهنـان
كـم قلـت لمـا رأيـت الـدهر أيـديه
مطاعنـــــات وللأيــــام تطعــــان
مقوضــاتٍ حصــوناً وهــي مــن ضــرعٍ
لهــا علــى ذلــة التقـويض إذعـان
يـذوي تعاقبهـا الغصـن الرطيـب ولا
يبقـى علـى الغصـن أن الغصـن فينان
وجــائع اليــمّ لا ينفــك مــن سـغبٍ
لـــه علــى الأرض عــدوان وطغيــان
كلاهمـــا أبـــداً ربـــحٌ لصـــاحبه
لاغنــم فيــه وبعــض الربـح خسـران
يــا ليـت شـعري إلّا شـيءٌ نصـون بـه
هــذا الجمــال فلا يعــروه نقصــان
أمــا يثقــل هــذا الــدهر أرجلـه
أليــس فــي الــدهر إروادٌ وإمعـان
وكيــف نصــرف عنــه لحــظ طــالبه
أنــي ونــائم هــذا الـدهر يقظـان
وهــل تغــالب هــوج الريـح نرجسـةٌ
مـا إن لهـا غيـر فـرط الحسن إمكان
إلّا تكـــن هـــذه الأشــعار خالــدةً
فلــن يــدوم لهــذا الحسـن ريعـان
يبلـى مـن الحسـن عشق العاشقيه ولا
يبلــى جمــال فـتىً بالشـعر يـزدان
لا بــد مــن هـرمٍ للمـرء غيـر فـتى
يصــونه الشــعر إن الشــعر صــوان
وإنمــا النــاس كــالأمواج بعضــهم
فــي بعضــهم غـائبٌ والعيـش ميـدان
إذا الفــتى أئتلفـت ألـوان رونقـه
وراح وهـــو بمــاء الحســن ريــان
عــدت علــى حسـنه الأيـام فـاختلفت
بعـــد التناســب أصــباغٌ وألــوان
مــا يسـمن الـدهر إنسـاناً ليشـبعه
لكـــن ليعجفـــه والــدهر ســغبان
وكــل مــا تــزرع الأيــام تحصــده
وللجمـــال كمـــا للـــزرع إبــان
أظــافر الــذئب أحــرى أن يقلمهـا
لـو كـان فـي الـدهر أنصـافٌ وعرفان
لكــن شــعري برغــم الـدهر يكلـؤه
وهـل لـذي الحسـن غيـر الشعر أكنان
مـا ضـر ذا الحسـن أن الحسـن عاريةٌ
تبقــى لــه الـروحُ إمّـا رث جثمـان
كــالورد إمــا ذوت يومــاً غلائلــه
ذكـــى فصــار بــه عنهــن غنيــان
أراه فــي الزهــر مخضــلّاً وأســمعه
فــي هــادل الطيـر هـاجتهن أشـجان
وأجتلــي نفسـه فـي المـاء حـف بـه
علـــى الجــوانب ريحــانٌ وحــوذان
لكننــــي كســـجينٍ مرهـــقٍ تعـــبٍ
تســكُّ مســمعه فــي الســجن ألحـان
تضــيئه الشــمس مـن قضـبان محبسـه
ودون أن يجتليهــا الــدهر قضــبان
يـا ليـت شـعري وهـل في ليت من فرجٍ
مـن أزم مـا أنـا عـانٍ منـه أسـوان
مــاذا أراد بنــا حـتى نـأى ودنـا
طيـف يخـادع فـي طرفـي وهـو وسـنان
أخــال أنــي إذا استوحشــت آنسـني
علــى النــوى منـه أشـباهٌ وأقـران
يبــدي ودادي ويحمـي العيـن رؤيتـه
لــو كــان ينصـف سـاوى ذاك ميـزان
عجبــت مــن مــائلٍ عنــا وإن لنـا
شـعراً كمـا سـجعت فـي الـروض مرنان
لكـــل روضٍ نضـــيرٍ طـــائرٌ غـــرد
كـــذاك نحـــن حمامـــاتٌ وبســتان
أمـا يـرى غـايتي فـي الشـعر واحدةً
وإن تبـــــــــــاين أوزانٌ وأوزان
فمــا أحــوك علــى الأيــام قافيـةً
إلّا وفيهـــا علـــى حبَّيــه عنــوان
أكســـو قـــديمي أفوافــاً تجــدده
وبعــض مــا تكتسـي الأشـعار أكفـان
كالشـــمس غاربــةً طــوراً وطالعــة
عــوداً لبــدء ومــا للشـمس أيهـان
مســـبحاً باســمه فــي كــل آونــةٍ
كمــا يســبح باســم اللَــه رهبـان
كـــأن ذكريـــه آيـــاتٌ أرتلهـــا
كمـــا يرتـــل إنجيـــلٌ وفرقـــان
لــي مــن ملاحتــه وحــيٌ يســاعفني
إذا أعــان علــى الأشــعار شــيطان
قليــل ذكريــه فــي شــعري يزينـه
كأنمـــــا ذكــــره در ومرجــــان
أراك تجرحنـــي بـــاللفظ تبعثـــه
يــا ليتنــي جرحتنــي منـك أجفـان
قتلــت بعضـي فـأتمم مـا بـدأت بـه
فالقتـل أمـا اسـتحال الـبرء إحسان
وكــن كمــا أنـت قـاسٍ كيسـاً فطنـاً
فللجفـــاء كمـــا للرفــق أحيــان
أذقتنـي النـار في الدنيا فأحر بأن
يــذيقني منــك طعـم الخلـد رضـوان
آمنـت بـالحب فـاجز المـؤمنين كمـا
يجــزي علــى طاعـة المخلـوق ديـان
ضـــننت باســـمك حـــتى لا تدنســه
أفـواه ذي النـاس أن النـاس ديـدان
مــن ذا كرهــت فلــم أنبـذ مـودته
حــتى كــأن لــم يكــن ود وتحنـان
أمــا ترانــي إذا هـاجرت مـن غضـب
يقتــص منــي لكــم وجــدٌ وأشــجان
إنــي أعيـذك مـن ظلمـي وأنـت فـتىً
يحميــه أن يفعــل الأســواء وجـدان
لا تحســب البعــد يسـليني فتهجرنـي
فليــس فـي البعـد للمشـغوف سـلوان
هــل ينفـع الصـبر ملتاحـاً تـدافعه
عـــن الـــورود فيــروي وهــو غلان
مـا لـذة القلـب خلـواً من دخيل هوىً
مـا الليـل إن لم يكن بالصبح إيقان
هـل تمـرع الأرض لـم تنسـج مناسـجها
فيهــا ســوارٍ لهــا ســح وتهتــان
مـا لي بغير الهوى في العيش من أرب
ولا بقلــــبي أحقــــاد وأضــــغان
محـا الهـوى مـن فـؤادي كـل مقليـةٍ
فـــاعجب لقلـــبٍ خلـــى وهــو ملآن
كأنمـا ليـس فـي الـدنيا سـواه فتى
أحبــه وكــأن النــاس مــا كـانوا
أنسـاني الحـب مـا قـد كنـت أحملـه
علـى الليـالي فلـي بالـذكر نسـيان
فعــدت أطلــب أن أحيــا لـه أبـدا
وكــان للمــوت منـي الـدهر نشـدان
أحيــا وأزهــق آمــالاً شــقيت بهـا
فالحــال واحــدةٌ والطعــم ألــوان
يـا ليـت لـي والأمـاني إن تكن خدعاً
لكنهـــن علـــى الأشـــجان أعــوان
غـاراً علـى جبـلٍ تجـري الريـاح بـه
حيـــرى يزافرهــا حيــران لهفــان
والبحــر مصــطفق الأمــواج تحســبه
يهيجـــه طـــربٌ مثلـــى وأشـــجان
إذا تلفــت فــي خضــرائه اعتلجــت
آذيـــــه فلســـــرى منــــه إعلان
خـل القصـور لخـالي الـذرع يسـكنها
وخيــر مــا ســكن المعمـود غيـران
حســبي إذا استوحشـت نفسـي لبعـدكم
بــالبحر أنــسٌ وبــالأرواح جيــران
لا كالريــاح ســميرٌ حيــن ثورتهــا
إذ مـا لأسـرارها فـي الصـدر إجنـان
تفضــي إليــك بنجواهــا زمازمهــا
نــم الصــباح بمــا يطـويه أدجـان
إذا الفـتى كـان ذا شـجوٍ يميـد بـه
معــذباً بــالمنى مـن معشـر خـانوا
فنعـــم مســكنه غــراٌ لــه أبــداً
مــــن الســــحاب قلاداتٌ وتيجـــان
ونعـــم أقرانــه بحــرٌ لــه زجــلٌ
وســـافياتٌ لهـــا ســـجعٌ وأرنــان
ومــا أبــالي وقــد أصـبحت مطرحـاً
إذا خلــت لــي مـن الإنسـان أوطـان
مـا بـي إلـى النـاس أطرابٌ فأفقدهم
إذا اعــتزلت وهــل للــداء فقـدان
بينـي وبيـن الـورى بـونٌ فأحـج بأن
يكــون بينــي وبيـن النـاس وديـان
أنــي شــغلت بمعــراضٍ أخــي ملــلٍ
فلســـت أدري أفـــوق الأرض ســـكان
سـيان عنـدي إذا مـا ازور عـن نظري
وأظلـــم الجـــو إنســانٌ وعيــران
ومــا علـي وليـس النـاس مـن أربـي
إن قطعـــت بيننــا بيــدٌ وغــدران
هيهـــات آنـــس بالإنســان ثانيــةً
مـن يـألف الكـأس يـألم وهـو صديان
خــل الريــاح تنـاجيني وتعـزف لـي
فللريـــاح كمـــا للنــاس ألحــان
إن يســتخف بمــا ألقــى أخـو عنـفٍ
لا رفــق فيــه فــإن البحــر حنـان
تســليك منــه وإن أشــجتك روعتــه
وقــد تســري مــن الأشــجان أشـجان
والبحــر للنفــس مـرآةٌ تـرى صـوراً
منهــا بهــا ولعجـم المـوج تبيـان
يــا حبــذا الغـار والأرواح نائحـةٌ
والبحــر مصــطخب والليــل طخيــان
ومرحبــاً بهمــومٍ لا ارتحــال لهــا
وجــون ليــلٍ لــه كــالهم أيطــان
وأنـــت بيـــن أبابيـــلٍ مغـــردةٍ
كـــأنهن علـــى الأغصـــان قنــوان
حمــائمٌ فــي نـواحي الـروض هادلـةً
وأقحــوانٌ علــى الحافــات نعســان
ونرجـــس كاســـف والعيــن ضــاحكةٌ
يــا حبــذا نرجــس لهفــان جــذلان
والمــاء كالفضــة البيضـاء سـائلةً
طــوراً وطــوراً تــراه وهـو عقيـان
بمعــزل عــن همــوم أنــت موقـدها
أرعـــى وأنــت علــى الأيــام غفلان
لــك الريـاض عليهـا الـدهر أوشـيةٌ
خضــر يضــاحك فيهـا الـورد ريحـان
إن شـئت حيـاك فيهـا النـور مبتسماً
أو شــئت ألهــاك مســجاع ومرنــان
أو شــئت فــي ظــل أغصـان موسوسـة
تنــأى وتــدنو كمـا يختـال نشـوان
جريــت فــي حلبـة السـراء منتصـفاً
مــن الزمــان كمــن ضــرته أزمـان
ولــي الجبــال عرايـا غيـر كاسـيةٍ
والبحــر والريــح ســمار ونــدمان
إن فــاتني مـن ذكـي الـورد نفحتـه
فلـــى بـــذكرك ريحـــان وسوســان
وإنمـــا حبـــب الأجبـــال أنكـــم
كنتــم تحبونهــا والوصــل فينــان
هــل أنــس ليلتنـا والغيـث منسـكبٌ
وللـــبروق بقلــب الســحب أثخــان
وقــوله لــي مــن لــي أن تظللنـي
مــن الســحاب علـى الأطـواد غيـران
ربــح تهــب لنــا مــن كـل ناحيـةٍ
وديمـــة كحلهـــا نـــور ونيــران
يلفنــا الليــل فــي طيـات حندسـه
كمــا يغيــب ســر المــرء كتمــان
نكــاد نلمـس بالأيـدي السـماء ونـج
تلـي بهـا الرعـد يطغـى وهـو غضبان
وللصـــدى حولنـــا حـــال مروعــةٍ
كأنمـــا تســـكن الغيــران جنــان
لكــل صــوتٍ صــدى مــن كـل منعطـف
كمـــا تجـــاوب عســـاسٌ وأعيـــان
يطيــر كــل صــدىً عــن كـل شـاهقةٍ
كمــا تطيــر عــن العقبـان عقبـان
تبــدو لأعيننــا البلــدان كالحــةً
كـــالوجه غضـــنه ســـنٌّ وحـــدثان
حاشــا لمثلــي أن ينسـى وإن بعـدت
مســافة الــذكر إن الــذكر ديـدان
هيهــات مـا تطفـئ الأيـام حـر جـوى
وقــد يســعر نــار الــذكر هجـران
كـــالنهر عمـــق مجـــراه تحــدره
والنـــار ألعجهــا ريــح وعيــدان
لنـا بمـا قـد مضـى عـن غيـره شـغلٌ
كأنمــــا عطــــل الأفلاك خطبــــان
وصــرت لا أنــا مــن ضــراء مبـتئسٌ
يومــاً ولا أنــا بالســراء فرحــان
أعطيتـك العهـد أن أحيـا لكـم أبدا
فهـــل تــرى أنــي للعهــد خــوان
مـا لـي سـوى طيـف أيامي التي غبرت
خــدنٌ إذا شــئت وافـى وهـو مـذعان
كـــأنني حيـــن أدعـــوه وأنشــره
عيسـى بـن مريـم يحيـى معشراً حانوا
هــذا نــديمي أنــاجيه ويـترع لـي
كــؤوس ذكــرٍ لمـن لـي منـه نسـيان
كـم ليلـةٍ بـات يحييهـا معـي سـهراً
يـــا حبــذا هــو ســميرٌ وملســان
يطــوف بــي بيــن أطلالـي ويطرفنـي
فيهــا بأيامنــا والعيــش زهــران
عــاد الربيـع فهـل فـي ظـل بردتـه
ألفـــى مقيلاً لقلــبي وهــو حــران
واخضـرت الأرض واسـتحيا المـوات فهل
يخضــر لــي بربيــع الوصـل موتـان
حــتى الطيــور لضـم اللَـه ألفتهـا
فهـل لنـا بعـد طـول النـأي لقيـان
وهــل أقــول لــه والســن ضــاحكةٌ
والعيــن باكيــةٌ والقلــب هيمــان
يــا مرحبــاً بربيعــي جنــةٍ وهـوى
وحبــذا مــن شــهور الحـول نيسـان
قـد كـانت السـحب تبكـي عند فرقتنا
فـــالآن تبســـم للقيـــان قيعــان
وكـــان يؤنســـي ربـــحٌ مزفزفـــةٌ
فــالآن لــي بالنسـيم الغـض قنعـان
أرمــي بظنـي وأخلـق أن يطيـش وفـي
عينــي ضــبابٌ وفــي الآفـاق أدجـان
طـــامن رجــاءك لا الآمــال نافعــةٌ
يومـــاً ولا لربيــع الحــب غشــيان
وقــل لمســود يــأسٍ كنــت تــألفه
عمــر الزمـان لنحـن العمـر أخـوان
أنـــا عشـــيراً مصـــافاةٍ مصــفقة
قــد وشــجت بيننــا قربـىَ وألبـان
لــو أن مــا بيننــا رثـت مـرائره
لكــان خيــر أو بعـض الغـوث خـذلان
لكننـــي ســـأرد النفـــس مكرهــةً
علــى الــذي تتقــي واللَـه معـوان
يـا يـأس فاجعـل بساط الروض مرقدنا
والســرو كلتنــا فالســرو محــزان
واجعــل ذراعــي أمـا نمـت أو سـدة
واعــذر إذا لام فقــر الحـر ضـيفان
إلّا يكـــن وجــد حــرٍّ ملــء همتــه
فقـــد يمــد وعــاءٌ وهــو نصــفان
يـا مـن به اصفر لون العيش وانفصمت
عــرى الرجــاء ودكــت منـه أحصـان
ومــن توســط محلـي الأفـق فـاحتجبت
بــه البــدور وضــلت ثــم شــهبان
ومـــن أســـالمه والنفــس عالمــةٌ
بـــأنه حربـــان إن طــاش حســبان
ومــن بكرهــي جعلـت القلـب مسـكنه
كمــا تــوارى نصـال الـبيض غمـدان
إنــي لأهــوى علــى ذا أن تلابســني
عســى تــبرد قلــبي وهــو هيمــان
عســـى إذا مــا تلابســنا تغيبنــي
بعـض الظلال لهـا فـي البعـض إجنـان
عســى ترنــق فــي قلــبي فتقصــده
فطالمــا نــام جفنــي وهـو سـهران
إنـي اجتـويت مـذاق العيـش وانتفخت
مســاحري منــه إن العيــش ذيفــان
وحــن قلــبي إلــى نــومٍ تخـادعني
أضـــغاث أحلامــه والليــل نعســان
حــتى أخــال بــأني فــي بلهنيــةٍ
وأن عينــي لــم يــدمع لهــا شـان
وأنــي لســت مــن ليعــت جــوانحه
وبــات فيهــا مــن الأشــجان جـولان
حــتى إذا دب بعــد النــوم صـاحبه
فــالجفن مـن سـكرات المـوت سـكران
وشــارف الحيــن واســتروحت نشـقته
والعيــن شاخصــةٌ والــوجه بــردان
وكـــل ذهنـــي حــتى مــا يحركــه
شــيءٌ وأعيــا لســاني وهـو سـحبان
والتـــف حـــولي خلّانـــي وآصــرتي
وكلهـــم شـــرقٌ بالـــدمع غصـــان
مصــغين حــتى كـأن المـوت يخطبهـم
فالكــــل حــــولي آذان وأعيـــان
طــوراً وطـوراً يهـى بـالخطب صـبرهم
فيعولــــون كــــأن القـــوم غيلان
وأضــــمرتني أرضٌ لســـت أعـــذرها
إن عــاودتني تحــت الــترب أديـان
وغيبــــوني بملحــــودٍ ينـــادمني
بـــه مــن الســحب هطــال وهتــان
نضــوت عنــي همومــاً كنـت ألبسـها
مــع الحيــاة فلـي بـالموت سـلوان
واســتروح القلــب مـن شـوق يلـدِّده
ومـن دمـوعٍ لهـا فـي العيـن عينـان
فـي ظلمـة القـبر للثـاوي بـه فـرجٌ
وفــي الــتراب تـواف الهـم أحيـان
مـن لـم يسـع نفسه الدنيا بما رحبت
فلـن تضـيق بهـا فـي القـبر أعطـان
ديـــنٌ علــى سأقضــيه إلــى زمــن
فـــي دينــه لــي تســويفٌ وليــان
يـا ليـت شـعري إذا بـوئت فـي جدثي
هـل يرهـق القلـب ضـرّاً منـه عـدوان
لســوف أســخر منــه وهــو يطلبنـي
ودون ذاك صـــــــفاحٌ وكثبــــــان
مــا كــان ذلـك ظنـي بالحيـاة ولا
قـــدرت أن تجلــب الآفــات أذهــان
ولا تخيلــــت أن النــــاس كلهـــم
فــي الســر والجهــر غيلان وذؤبـان
ولا تـــوهمت أن الكـــون واحرَبـــي
حلــمٌ يــراه مــن الأربــاب سـكران
وأننـــي موجــةٌ فــي زاخــرٍ لجــبٍ
مــن الــورى مــاله كـالبحر شـطآن
بحــرٌ كمــا شــائت الأقـدار مصـطخب
أصــم ليــس لــه بــاللين إيــذان
مــا كنــت آمــل أن أحيـا بمنـتزح
عــن الهمــوم وهــل عنهــن حيـدان
أعــددت للـدهر درعـاً كنـت أحسـبها
متينـــةً فـــإذا بالـــدرع كتــان
وكنــت أنظـر فـي قلـبي وأحسـب فـي
بطنـــانه لقلــوب النــاس ظهــران
فشــد مــا مــوهت نفســي وجــوههم
حـــتى تشـــابه عقيـــان وصــيدان
وإنمــا النفــس مــرآة إذا كرمــت
فكــل مــا تبصــر العينــان حسـان
بيـن الرجـاء وبيـن اليـأس يا أسفي
عليـك يـا قلـب أنـت الـدهر حيـران
لا بــل علــي وصــدري مــوكنٌ خــرع
كــبرت يــا طيـر عنـه فهـو تعبـان
إنـــي وإن أطلقــت نفســي معتقــةٌ
حينــاً وســرى مــن الأشـجان إخـوان
ففــــي فــــؤادي ظلامٌ لا يزحزحـــه
فجـــــر يـــــزوره كـــــأسٌ وخلان
هيهـــات يؤنســـني قــومٌ نكرتهــم
لا هـــم عـــداةٌ ولا صــحبٌ وخلصــان
تضــمناً صــدفٌ قــد كنــت أحمــدها
لــو فرقتنــا وبعـض المنـع إحسـان
مخــاوف القلــب شــتى غيـر واحـدةٍ
كأنمــــا مالهــــا إلّاه إيــــوان
حـتى السـحاب وحـتى الريـح تفزعنـي
والنبــت إن مرحــت منــه أغيصــان
قســا علــي رفيــق القلــب لينــه
فكــل شــيءٍ تــراه العيــن صــوان
رفقــاً بنــا أننــا طيـف سـيخلجنا
عنكــم وإن طــالت الأيــام موتــان
مـا طـال عمـري ولكـن طـال ما حملت
نفســي فســنى وإن لـم تعـل أسـنان
كـــأنني عشـــت أدهــاراً وأزمنــةً
ولــم أعــش غيــر أيـام لهـا شـان
وأكــبر الظــن أن الحيــن يعجلنـي
فـــإن مــر الريــاح الهــوج عجلان
طــول البقـاء لكـم أنـا علـى سـفر
يريغنـــا آكـــلٌ للنـــاس مبطــان
أصـــاب حبــك منــا شــبعه أبــدا
وســوف تأكــل مــا أبقــاه ديـدان
أعــزز علينـا بـان يشـجيك مصـرعنا
وأن تـــروح بجفـــن وهــو عــبران
قــد كنــت أشــفق حيّـاً إن يصـيبكم
ســوء واحــذر أن يهمــى لكـم شـان
إبراهيم بن محمد بن عبد القادر المازني.أديب مجدد، من كبار الكتاب، امتاز بأسلوب حلو الديباجة، تمضي فيه النكتة ضاحكة من نفسها، وتقسو فيه الحملة صاخبة عاتية.نسبته إلى (كوم مازن) من المنوفية بمصر، ومولده ووفاته بالقاهرة.تخرج بمدرسة المعلمين، وعانى التدريس، ثم الصحافة وكان من أبرع الناس في الترجمة عن الإنكليزية.ونظم الشعر، وله فيه معان مبتكرة اقتبس بعضها من أدب الغرب، ثم رأى الانطلاق من قيود الأوزان والقوافي فانصرف إلى النثر.وقرأ كثيراً من أدب العربية والإنكليزية، وكان جلداً على المطالعة وذكر لي أنه حفظ في صباه (الكامل للمبرد) غيباً، وكان ذلك سر الغنى في لغته.وعمل في جريدة (الأخبار) مع أمين الرافعي، و(البلاغ) مع عبد القادر حمزة وكتب في صحف يومية أخرى، وأصدر مجلة (الأسبوع) مدة قصيرة، وملأ المجلات الشهرية والأسبوعية المصرية بفيض من مقالاته لا يغيض.وهو من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة.له (ديوان شعر - ط)، وله: (حصاد الهشيم - ط) مقالات، و(إبراهيم الكاتب - ط) جزآن،قصة، و(قبض الريح - ط)، و(صندوق الدنيا - ط)، و( ديوان شعر - ط) جزآن صغيران، و(رحلة الحجاز - ط) و(بشار بن برد - ط)، وترجم عن الإنكليزية (مختارات من القصص الإنجليزي - ط) و(الكتاب الأبيض الإنجليزي - ط).