
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جــادت ســحائب رأفـة الرحمـن
بهوامــل التكريــم والرضـوان
وبوصـف محـض الود والزلفى على
جــدثين حـل حشـاهما الشـيخان
جــدثين غيّـب فيهمـا إذ غيّبـا
مـن فيهمـا القمـران والملوان
ملويــة تمييــز نسـبة طرفهـا
قمريــــة مجلاتهـــا بشـــران
لهمـا عنـا وجـه العلوم وحكّما
بســواهما مــن ســار الأكـوان
كفـؤان مـا لكليهمـا كفـؤٌ يرى
فـي العـالم العلـوى والسـفلان
جعلا ليسـكن فـي ذمامهما الورى
بظلال عافيـــة وحـــرز أمــان
وليبتغـوا بهمـا على ما أبصرا
وتبلجــا مـن فضـل ذي الاحسـان
وليجتنـوا رطب المعارف والتقى
مـن عـذق حالهما الجنى الدّاني
وليهتـدوا بهمـا لنهـج حقيقـة
عفيـــت معــالمهُ مــن البطلان
لاحــا وأحلاكُ الجهالــة فحمــة
وملابــس البـدع الجـداد مثـان
والجـورُ يسـطو بالعدالـة سطوة
متجلجلا منهــــا صــــفا ثهلان
والـدين منهـدم القواعـد مركسٌ
بأخــامص الطغيــان والعصـيان
فمحـا شـروقهما ديـاجر جهل من
جنحـوا إلـى التسـليم والايمان
وبـدت بصـبح هـداهما ونـداهما
شـمس الهـدى ببصـائر العميـان
فتحققـوا بعـد العمـى بحقـائق
الإيمـــان والاســلام والاحســان
وتحكمـت بهما على الجور العدا
لـة فـي البلاد تحكـم السـلطان
وتناسـقت منـن الكريـم ومزّقـت
حلـل الحـوادث راحـةُ البرهـان
وتطـاولت سـنن الرسـول تطاولا
وتضـاءلت بـدع اللعيـن العاني
وتســاجلت أطيـار خيـر طريقـة
بــترَنّم طربقــا علـى الأفنـان
وتطـارد البحـران بحـر حقيقـة
وشــريعة فــي مجمـع البحـران
وتلاطــم الأمــواج فيـه تلاطمـا
وتقــاذفت بالــدر والمرجــان
فنفـائس العلـم النفيـس تقلدت
منهــا الـرواة قلائد العقيـان
وتمتعـت منهـا القلـوب تمتعـا
وبهــا تعطــل عامــل الأركـان
وتضـمنت منهـا الصـحائف زبـدةً
أخـــاذة بمجـــامع الأذهـــان
يـا حبـذا جمع قد اجتمع الهنا
بجماعـــة وتجمـــع الخيــران
فهمـا وان منحا من السلطان ما
لـم يـؤت سـلطان مـن السـلطان
قدما على الرب الكريم ولم يكن
لهمـا إلـى الفاني التفات ثان
بــل سـلما للمشـتري نفسـيهما
وتفانيــا فـي الحـب أي تفـان
وتكفلا بحقـــوقه ممـــا بـــه
وبخــبره مــن سـائر العيـدان
لـم يبرحـا آناء ليلهما وأطرا
ف النهـــار كــذاك يبتــدران
حـتى إذا مـا الحـق ردّهما إلى
مـا تشـتهي العينـان والأذنـان
ألقــى بأعبـاء الخلافـة كلهـا
وعتادهــا ولوائهــا المـزدان
لوحيــد قطـر مـا يقـدّرُ قـدره
وفريـد عصـر مـا لـه مـن ثـان
فأحــال عيبــة سـره مـن سـره
وألاح فيــه شــوارق العنــوان
وكسـاه مـن حلـل المهايـة حلة
تغضـى لهـا كرهـا جفون الراني
وأعـاره النصـر المـؤزر صارما
ذكـرا يبيـدُ بـه ذوي العـدوان
ولــه الســنون وراثـة نبويـة
مـدد علـى رجعـي ذوي الطغيـان
وأمـــده بفواضـــل وفضـــائل
مبســوطة لــم تنحصــر بلسـان
فغـدا بهـا فـي كـل فضـل أوحد
جمــع الوجـود بواحـد الأحـدان
يحــذو محــاذي صـالحي أسـلافه
المتســيّرين بســيرة القــرآن
مـــا منهـــم إلا خضــمٌّ ســيد
حـامي الحقيقـة فـائق الأقـران
أربــاب تربيـة يربّـون الـورى
مــن ثـدي حكمـة سـرهم بلبـان
ومـن الثمـار ثمـار غـض علومه
بجنـــي أعـــذاق تريـــب دان
فمـتى أتـى خضـر الحقيقة منهم
موســى الإرادة رائم الفرقــان
ألفــاه ملتحفـا بـبرد فنـائه
فـي اللّـه حيـث تجمّـع البحران
فأفــاده خـرق السـفينة عنـده
وغلامـهُ المقتـول فـي الغلمـان
وجــوابه عنـد الفـراق سـؤاله
وإقامــة المنقــضّ مـن جـدران
نـــوراً ينبّئهُ بقصــر علــومه
وببعــد علـم العـالم الـديّان
وبمـا تدسـّى مـن حقـائق نفسـهِ
وحقيقــة النقصــان والرجحـان
وبـــذُلّه وبفقـــره وبضـــعفه
وبعجــزهِ عــن مـدفع النقصـان
وبمـا يحـقّ لربّـه مـن ضـدّه ذا
وتنــزّه عــن ميســم الحـدثان
وبهـاؤهُ يطـوى المريـد مساوفاً
تكبــو بهــن سـوابق الميـدان
وإذا تنـوّر فـي سـراه مصـابحا
مـن نـور ربّ هـداهُما الربـاني
فـأتى ليقتبَس السناء من السنا
نــاداه صـارخ حـاله اليقظـان
اخلـع نعالـك فـي طوى أكنافنا
وضـع العصا في وادنا القدساني
تظفـر علـى عجـل بمـا ترضى به
مـن مقبـس القربـات والعرفـان
ثــمّ اســتمرَ لحجـه عـن نفسـه
حتّــى يخــال مخايــل الخـران
بينــا يحــدّث نفســه بخفيّهـا
فــإذا بــه مـن كمّـل الإنسـان
متحليّــا ابهــى الحلا متعطّـرا
بــدلاً مــن التعطيـل والإنتـان
برياضــة لا يهتــدى لســبيلها
إلا بتوفيـــق مـــن المنّـــان
يتماسـكُ المنهـال مـن تجبيرها
وتحيــل شــدّة أصـلب الصـفوان
حــزبٌ لـهُ نشـرَ الإلـه مصـالحا
طـويت لهـذا الهيكـل الانسـاني
ولـهُ معـان فـي الخصـوص بديعة
جــاوزنَ حــدّ مقــايس الأذهـان
بـل ربمـا حكم القصور بما يرى
مــن كونهـا ليسـت لـه بمعـان
بشــَريّة كتـمَ الخصـوص شـهودها
فتولّــد الإنكــار عــن كتمـان
فمعـاذَ ربّ العـرش عزّ من العمى
ومـن الـتردّى فـي هوى الكفران
ومـن الوقوف على الحتوف بمبحث
يبغـى بـه الأبغـى مـن الحيوان
ومـن المهالـك في مسالك يرتجى
بسـلوكها الزلفـى مـن الرحمـن
ومـن الغبـا والغبن في نفحاته
والطــرد والابعــاد والخــذلان
فالهلـك كلّ الهلك هلك من ادعى
فيـه الـورى دعـوى بغيـر بيان
فــاغترّ بالـدعوى وسـيّب نفسـه
بمضـــلة الاوهـــام والأظنــان
والغبـن كـل الغبـن غبن مفاوض
خــابت قســائمه مـن السـهمان
والبعـد كـلّ البعـد بعـد مقرب
لــم يكتحـل فـي قربـه بعيـان
والطـرد كـلّ الطـرد طرد محلّىء
بعــد الـورود لمشـرب الظمئان
يـا سـادة مـن يسـتغث بهم يغث
ويُمَـــدّ بـــالارواح والابــدان
وبمناشر الدعوات من صرف القضا
وتزاحـــف الاجنــاد والاعــوان
وبهمـــة عرشــية لــم تــاله
اصــلاح مــا ينتابـة مـن شـان
هــذا عبيـدكم المقصـر قاصـرا
بعروجــه تقصـير قيـد العـاني
لمــا يســاعده الجنــاح لانـه
حصــّت قــوادمه عــن الطيـران
يشـكو معانـاة القطيعة والجفا
ويخـاف أن يصـلى لظـى الحرمان
تهــوى بـه فـي هـوّة مـن غيـه
وحظـــوظه بهويّـــة الشــيطان
وتصــدّه عــن فعـل كـل فضـيلة
بركــوب كــلّ رذيلــة وهــوان
وتطيــر نازلـة أمانيهـا كمـا
تبــدى لـه مـن خلّـب الخفقـان
ويحــوله مـن سـد بـاب شـهوده
بمشـــاهد الابــرار والاعيــان
حيـث العـرائس تجتلى في حليها
وحلالهــا دعــج نـالعيون روان
والشـّرب مـن حسـو السلاف عتيقه
صــرفاً نشـاوى والنفـوس فـوان
والكــاس مفعمَـةٌ بكـف مـديرها
وبكفّـــه الأخـــرى ملاء دنــان
مهمـا تطلّـع طلعـةُ الساقي لهم
طلعـوا مـن العرفـان في كثبان
وترفلــوا فــي زيّ أبّهـة وفـى
حلــل مــن النفحـات والإمنـان
حاشـا لقـدركم المعظـم أن يُرى
مــن ينتمـي لكـم أسـيراً عـان
أرخـت عليـه النفس من حجباتها
حجبـا سـوابغ مـن كـثيف الران
ونهــت ســواد فـؤاده بقسـاوة
غـار الـدموع بهـا مـن الاجفان
وعنـت بهـا هوج الخواطر واعدى
سـوء الفهـوم وكـثرة النسـيان
وخبـت مصـابيح البصيرة والحجا
وبهــا تعطــل عامــل الأركـان
واحفـظ واهيـة بها منها القوى
وبهـــا تلاف مخــالف الــديان
يـا قسـوة لـم يجـد فيها موعد
قـــر ولا حـــامي التوعـــدآن
كلا ولا ســـبب يزحــزح راســيا
مـن ركنهـا المسـتحكم البنيان
ضـاق الخنـاق بها على فليس لي
بقراعهــا أمـد الزمـان يـدان
حـالي بهـا حـالٌ يـرق لضـعفها
ولمــا تعــاني كـلّ ذي إمعـان
أمســى وأصـبح هائمـا متحيـراً
متحســـرا كتحســـّر الولهــان
متفرقــا فيمــا أروم جمــاعه
متحرقـــا كتحـــرّق الهيمــان
ان لـم يكن منكم لها يا سادتي
فـي الحيـن قيـد معـالمٍ ومبان
بمــرازب مــن خلــوة ورياضـة
وبهمــة مــن تحــت كالسـندان
أو يلتفــت منكـم طـبيب مـاهرٌ
بمراهـــــــم الأدواء والأدران
ياسـو اليبـوس بمـا يرَطّبُ يبسه
ويــدير التــأثير باستحســان
ويعالـج الـداء العضـال بخلطه
أصــناف أدويــة علــى ميـزان
ويكـون العقـد الخليـط بكمـده
وبــدهنه مــن طيــب الأدهــان
كـان الممات من الحياة احقّ بي
وأهــدّ للخطــب الـذي يـدهاني
وأبيـت للعلـل الـتي تعتـادني
فــي كلمــا حيـن مـن الأحيـان
وأخـاف رشـقاً مـن صـوائب أسهم
بسـنانها حـربُ الهـوى أصـماني
فأشـد تقسـية مـن النفـس التي
عـن ذي الجلالـف حجابها أقصاني
فلـو أنّنـي لم أخش في إرهاقها
عمـداً مـن التخليد في النيران
لقَـذَفتها فـي قعـر بيـر شـاطن
متنـــازح الارجــا بلا أشــطان
أوســمتها ســوء الهلاك بضـربة
نجلا بعضــب الشــفرتين يمـاني
أوطعنـة ترمـى النجيـع بصـعدةٍ
مســمومة مــن يــابس المـرّان
لكـن بحكـم العدل ينحتم الرضى
فــي حيّــز التسـليم والإذعـان
وإلـى مشـائخ جلّـة عرفـت لهـم
بيــن الأنـام إغاثـة اللّهفـان
أبـدى إلى مشكى الشكاة شكايتي
فعســاه يشـكيني كمـا أشـكاني
أعــددتُهُم مــدَداً يُعَــدّ وعـدّة
فـي نحـر مـا يعدو من الحدثان
وجعلتهــم حرمــاً حمـاه مـؤمّنٌ
مـا فيـه مـن دنيـا ومن أديان
وحللـت فـي ذاك الحريم بمحرمى
ومحــــارم الإخــــوان والخلان
وصــررت أســراري بصـرة سـرّهم
ومســرّها حســبي بــه وكفـاني
فحشــاهم أن يســلموا متشـَبّثا
مــن محكمــات عهـودهم بمثـان
وحشــاهم أن يحرمـوا جيرانهـم
همّـا بـه عمّـوا علـى البلـدان
وحشـاهم أن يطـردوا عـن وردهم
مســتوردا مــن شـاحط الأوطـان
وحشــاهم أن يعرضـوا عـن شـيّق
متمَلّـــق فــي حبّهــم متفــان
وحشـا لبـارق صـادقات وعـودهم
أن ينتمــي لكــواذب اللمعـان
أنـي وان كنـت المقصـّر أرتجـى
بهــم بلــوغ مثـاربي وأمـاني
وتســنّمي مــن كــل فضـل قنّـة
طــالت صـعود الشـيب والشـبان
وتضــلّعي مــن كـلّ علـم نـافع
وتفجّـــري بينــابع الفيضــان
وتشـرّبي كـاس المعـارف مترعـاً
فـــي هيبــة وتــأنّس وتفــان
وتــدرّعي درع القبــول مجـرّرا
بـــرد التصــدّر طيّــب الأردان
وحيـازتي قصـب السـباق مجلّيـا
فــي حلبـة النظـراء والأقـران
فهـم الجـدير جليسـهم بسـيادة
وســـعادة وزيـــادة وتهـــان
لا زال عزّهـــم يزيــد تعــزّزاً
وتزايُـــداً بتزايــد الأزمــان
واللّــه يرضـيهم ويرضـى عنهـم
ويعينهــم بمعونــة المعــوان
لقيـامهم عـن كـلّ قـوم ديانـة
بمؤونــة مــن قيــم الأديــان
ويحملهـم علـم النصـوص وراثـة
نبويّـــة عــن ســيد الأديــان
صــلى عليــه اللّـه جـلّ جلالـه
فــي آلــه وصــحابه الغــرّان
مــا ان تكمّــل نـاقص بتميمـة
مــن كامـل الانسـان والبحـران
الشيخ سيديّ بن المختار بن الهيب الأبييري، الانتشائي.عالم متبحر وشيخ تصوف جليل، وشاعر مكثر محسن، من معالم تاريخ شنقيط، وهو العلم الذي رفع على أهل قطره، واستظل به أهل دهره. اشتغل في شبابه بالعلوم وبرع فيها، وكان ملازماً لحرم بن عبد الجليل العلوي، ولما تضلع من علمه، شد الرحل إلى الشيخ مختار الكنتي، ولازمه ستة أشهر ثم مات الشيخ المختار فبقي عند ابنه سيدي محمد المعروف بالخليفة، لقيامه مقام أبيه، فلازمه عشرين سنة يخدمه فيها، حتى برع في معرفة الطريق، وعلم الأسرار، ثم رجع إلى قبيلته أولاد أبيير، فتلقوه بما هو أهله وأكرموه، واعترفوا بفضله، فلم تزل فضائله تبدو، حتى أذعنت له الزوايا وحسان، وصار مثل الملك بينهم فلا يعقب أمره، وكان أهلاً لذلك كرماً وحلماً وعلماً، وقدم مراكش أيام المولى عبد الرحمن، ونال حظوة عظيمة من السلطان.له شرح على (لامية الأفعال) لابن مالك، وشرح (مقصورة ابن دريد).