
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا ليلـة هـي كـانت ليلـة العمـر
بقصـر شـبرى ونهـر النيـل والقمـر
والجـو طلـق المحيـا والصـبا جمعت
لطـف الأصـيل لنـا مـع رقـة المسحر
حيــث الســماء بهـا الافلاك سـائرة
كالفلــك داشــرة فـي لجـة النهـر
والبــدر مكتمـل فيهـا وقـد نظمـت
مــن حــوله نيـرات الأنجـم الزهـر
كغــادة مــن بنـات الـروم حلتهـا
مــن لازورد عليهــا أنفــس الـدرر
والنهـر يجـرى لجينـا من سباه ومن
يــد النسـيم عليهـا أبـدع الصـور
والمـوج بيـدى فنـون الرقص في مرج
يجلـو صـدا النفـس والافكار والبصر
والمــاء صـب باغصـان الربـا كلـف
للثــم أقــدامها يجـرى علـى قـدر
وكلمــا خــرّ للشــكوى تجــود لـه
أكمامهـا مـن نثـار النـور بالبدر
مثـل العـرائس يجلـو حسـن بهجتهـا
مـر الصـبا فـي بديع الوشى والحبر
تكـــاد تســلب لــولا أن بلبلهــا
راق يعوذهـــا مــن آفــة الحــور
فالشــهب ســاطعة والقضــب راكعـة
والطيـر سـاجعة تشـدو علـى الشـجر
وللنســيم علــى الاغصــان ولولــة
وكأنمـا هـو يتلـو العشـق فـي سور
فصــوته وهــزار الـروض حيـن شـدا
قـد وافقـا نغمة الشادى على الوتر
فكــان بـالعود مـع ذا كلـه طربـى
طـورا وطـور بمـا يحلـو مـن السمر
ومــن أحــب علــى لهـوى يسـاعدنى
والـدهر عبـدى فلا أخشـى مـن الغير
وراحـــه ولمــاه كلمــا اجتمعــا
يحــار لــى بيــن السـكر والسـكر
وكيـف أصـحو ولـى مـن شـهد ريقتـه
خمــر تــألف بيـن الطيـب والخصـر
عجبــت للثغــر يروينــى بكــوثره
والخـد يرمـى لظـاه القلـب بالشرر
ومــن جنــى خــده وردى وفــاكهتى
ممـا يحييـى بـه مـن يـانع الثمـر
يقـول قـم واقـترح ماشـئت تلق كما
تهـــوى بلا ملـــل منـــى ولاضــجر
فيــا لهــا كلمــات كلهــا تحــف
بحســن رقتهــا قــد حيــرت فكـرى
أشـهى من البرء بعد السقم عندى بل
بعـد العنـا والأسـى أحلى من الظفر
بهـا خلعـت عـذارى بـل ليسـت بهـا
ثـوب الخلاعـة لـم أركـن الى الحذر
وبـت أعـثر فـي ذيـل المجـون كمـا
يهـوى شـبابى وبعـت النسـك للكـبر
فالشـمس راحـى وبـدر التـم حاملها
واللئم نقلـى ومنـديلى مـن الزهـر
وكلمــا جـد مـن أهـوى لسـفك دمـى
جـديت بالكـاس فـي سفك الدم الهدر
مــازال يشــربها صــرفا وأشـربها
ممزوجــة بـاللمى والغنـج والحـور
حـــتى توســـد يســـراه وطــوقنى
يمينــه واتكـا سـكرا علـى السـرر
وقــد أدرت نطاقــا بـاليمين علـى
خصـر لـه مـن دقيـق الـوهم مختصـر
وزال ماكــان مــن خـوف ومـن حـذر
ولا مراقــب غيــر الــدل والخفــر
فيــا لهــا ليلـة ماكـان أطيبهـا
عنــدى وماكـان أحلـى لـذة السـهر
جــاد الزمـان بهـا عفـوة فسـيرها
فيـه الفريـدة بـل أعجوبـة السـير
أكــرم بهـا أنهـا جـأت علـى قـدر
بلا حســــاب ولا وعــــد لمنتظـــر
محـت سـرور اذنـوب الـدهر أجمعهـا
فمــاله بعــد ذنــب غيــر مغتفـر
كأنهـا ليلـة القـدر الـتى اشتهرت
بـالخير اذنلـت فيهـا منتهـى وطرى
تنزل الروح فيها بالسلام من السقاة
بـــالراح حـــتى مطلـــع الفجــر
غــراء واضــحة جـاد الزمـان بهـا
لاعيـب فيهـا سـوى ماكـان مـن قصـر
عــن وصــفها وسـناها همـتى قصـرت
فرحــت أســحب ذيـل العـى والحصـر
آليــت أشــكرها ماعشــت مجتهــدا
بـالثر والنظـم شـكر الـروض للمطر
بكــل نــبرة الألفــاظ قــد بهـرت
لحنهــا شــعراء البــدو والحضــر
إبراهيم مرزوق.شاعر مصري، من أهل القاهرة، تعلم في مدرسة الألسن وبرع بالفرنسية وتولى وظائف صغيرة ثم عيّن ناظراً للقلم الإفرنجي بالخرطوم فبقي إلى أن توفي فيها، واعتنى أحد المتأدبين بجمع ديوانه وأدخل فيه ما ليس له وسماه (الدر البهي المنسوق بديوان إبراهيم بك مرزوق- ط)، وله (رحلة السلامة- ط) رسالة مسجعة في بعض ما رآه في السودان.