
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عـاطني يـا تونسـي فـي نخبهـا
كــأس صــفو وبرياهــا اسـقني
فهــي ليلــى وأنـا قيـس بهـا
ومـــن الإيمــان حــب الــوطن
شـــهرتي فــي حبهــا شــهرته
قـل كفـى هـذا التغـالي شـرفا
وكـــذا قــل غيرتــي غيرتــه
فبحمــد اللــه نحــن الحلفـا
فكلانــــا أينعــــت زهرتـــه
وكلانـــا بـــالغرام اتصـــفا
أبــدا لا أنثنــي عــن حبّهــا
فــالهوى العــذري قـد لازمنـي
كيـف أسـو والمنـى فـي كسـبها
وهـي نعـم الكسـب عند المقتني
هــي فــوق الأرض فــردوس يـرى
مــن فراديـس النعيـم الأخـروي
مــاء عيـن فـي الأنـابيب جـرى
نحــن والأشــجار منــه نرتـوي
ومـــن الأنــوار ســيّال ســرى
كهربائيــــا بخـــط مســـتوي
رحبــــت واتســـعت بحســـبها
وارتقــت طبـق ارتقـاء الزمـن
جـررت فـي الـتيه ذيـل عجبهـا
وازدهــت عــن كـل مصـر مـدني
مـن أنـاخ الركـب فـي أبوابها
قــال هــذي غـرم ذات العمـاد
إذ يـرى الخضـراء فـي أثوابها
بلـدة كـانت علـى وفـق المراد
اعتلــت شــأنا علـى أترابهـا
اعتلاء الشـأن فـي بـانت سـعاد
كـم بهـا مـن ظبيـة فـي سربها
مـن ظبـا الافرنـج غصـنا تنثني
رق منهـا الخصـر مـا في ثوبها
غيــر لطــف بــدلا مــن بــدن
يـا لبـاب البحر فينا من كناس
تتجلــى منــه غــزلان النقــى
تسـلب الألبـاب مـن ذاك اللباس
فهـي أزيـاء بهـا الحسن ارتقى
كــم قلـوب تحـت أقـدام تـداس
كلمــا يبــدو محيــا مشــرقا
ســيجت أنهــاجه مــن قضــبها
وعليهــا ذلــك النـور السـني
وترامـــت ســكك فــي تربهــا
حيـث يجـري الأفعـوان المنحنـي
هـو ذاك الرتـل جـواب القفـار
محـدث الأنفـاق فـي جوف الجبال
شــامخ الأنـف بأنفـاس البخـار
جهـوري الصـوت قـوام الليـالي
فهـو كالبركـان يرمـي بالشرار
ينهـب الأرض انتهابـا باغتيـال
مثلــه ذات العصـي فـي سـحبها
ذيــل ســلك فــوق ذاك الغصـن
تتمشــى الكهربــا فـي قلبهـا
لتجـــد الســـير بالمســتظعن
وقصــــور شـــامخات زخرفـــت
تتنـــاغى ناطحـــات للســحاب
وإدارات بهـــا قـــد نظمـــت
وجـرى تنظيمهـا مجـرى الحسـاب
وثنايــــا واضـــحات مهـــدت
وممــــاش وريــــاض ورحـــاب
وكراســي صــففت فــي جنبهــا
يسـتوي عنهـا الفقيـر والغنـي
وشــــجيرات زهـــت بقربهـــا
كاســــيات حســــنت للأعيـــن
وجنــان قــد تسـمى البلفـدير
جنـة الفـردوس قولـوا باختصار
كللـــت أرجــاؤه لا بــالحرير
بــل بأزهـار كسـاها الازدهـار
وبــه قصــر فخيــم كالســدير
قمــر بالليــل شـمس بالنهـار
كــم أمــاطت غيــده لتربهــا
عـــن محيــا فــاتن مستحســن
يتلظـــى منـــه قلــب صــبها
حيـث ذاك الحسـن منشـا الشـجن
يـا كناس الريم يا مأوى الظبا
يـا مقـر الأنـس يا روص السرور
كـم علـى الاغصـان هبـت من صبا
كـم ليـال أطلعـت فيـك البدور
كـم تلقّـى في الهوى منك النبا
عاشــق حنّـت لـه فيـك الطيـور
كــم أنــاس ذهلــت عـن لبّهـا
ورأت فيـــه مـــرائي الوســن
والهـوى كالكهربـا فـي جـذبها
جرّنـــا للغيــد جــرّ الرســن
مالنـــا وللغــواني والهــوى
واحتسا الصهباء من جوف الدنان
إنمــا حبّــي لشـعبي قـد ثـوى
في الحشا قل هكذا الحب المصان
فلتهـزوا أيهـا القـوم اللـوا
فـي حمى الخضرا فوجه الحظّ بان
تــونس مــن شــرقها لغربهــا
فـي ارتيـاح دل عـن عيـش هنـي
زادهــا رب الـورى فـي خصـبها
لــترى أبناءهــا مــا تقتنـي
أيهــا الأقــوام كونــوا نبلا
وارفعـوا بـالله شـأن التونسي
لا يكــون المــرء فيهــا رجلا
وهـــو ذو رأس بهـــا منكـــس
فـارتقوا بالفضـل هامات العلا
وانشــدوا مــا قلـت بـالتحمس
عـاطني يـا تونسـي فـي نخبهـا
كــأس صــفو وبرياهــا اسـقني
فهــي ليلــى وأنـا قيـس بهـا
ومـــن الإيمــان حــب الــوطن
محمد الشاذلي بن محمد المنجي بن مصطفى خزنه دار.شاعر تونسي، أصله من المماليك، نشأ في بلاط تونس، وولي فيه بعض الأعمال، وأقيل أو استقال، في خلال الحركة (الدستورية) إثر موت الأمير محمد الناصر (سنة 1340هـ)، فسلك طريق المعارضة السياسية، مع ما يسمونه الاعتدال، قال أحد الكاتبين عنه: (كان حليف الشعب، وشاعر حركاته، ولو نظرنا في دواوين شعره لأمكننا أن نستخرج تقويماً سياسياً لتونس في نصف قرن).له (ديوان شعر - ط)، ومسامرة سماها (حياة الشعر وأطواره - ط)، وكان له باع في الأدب الشعبي، وأغان.