
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ديــارٌ عفـت بـالملتقى وتغيّـرت
وجـادت عليها الواكفات السحائب
جنـوب إذا غـابت برسـم طلولهـا
تظهــر شــمال لمــا هـو غـائب
ومهمـا أتيـت الـدار حنّـت بلابل
وســحت علـى خـدي دمـوع سـواكب
ديـار لقطـب الكـون ماء عيوننا
علـى كـل موجـود له الفضل راسب
فلا مثلــه حــبر ولا مثلـه فـتى
إمــام إليـه المكرمـات عـوازب
لقـد حـاز كـل العلم قبل بلوغه
فبـانت لـه مـن العلـوم عجـائب
كريـــم همــام طــاهر ومطهــر
مغيـث لمـن ضـاقت عليه المذاهب
رحيــم شـفيق بالمسـاكين كلهـا
وسـيف حسـام فـي الحفيظـة ضارب
وبحـر زلال يسـتقي منـه مـن يشا
ونـور بـه ضـوء الغيـاهب ثـاقب
فمـا الغيـث إذ سحت وسحت سحابه
وما البحر إذ جنت عليه الغوارب
بأكثر من جدواه إذا أظلم السما
ولـم يبق إلا من قرى النمل كاسب
إذا كنت ترضى أن يكون لك المنى
وتأخـذ مـا تهـوى وما أنت راغب
فبـايع له بالنفس والمال مطلقا
وحقـق بـأن تمـت عليـك المطالب
لـه منـزل يعلـو علـى كـل منزل
لــه رتـب فـوق السـماء رواتـب
لـه راحة تجري على الخلق دائما
مواهبهـــا للمعتفيــن ســواكب
تـرى كلّ مسكين إلى الشيخ راغبا
كمـا كـل جبـار مـن الشيخ راهب
فمثـل إمـام النـاس ليـس بموجد
ولا هـــو حاضـــر ولا و غـــائب
لقـد ورث المختـار مـاء عيوننا
فتمّــت ســجاياه وتـمّ المنـاقب
منـاقبه لـم يحصـها مـدح مـادح
ومـن رام إحصـاء لهـا فهو كاذب
بجــاهكم تقضــى جميـع حـوائجي
ومـا أنـافي الدارين عندك طالب
صـلاةٌ علـى المختـار أحمـد جدكم
ســلام عليــه دائمــا يتعــاقب
كـذا الآل والأصـحاب مـا ذرّ كوكب
ومـا نيـل من ماء العين المآرب
أحمد الهيبة بن محمد المصطفى ماء العينين القلقمي الصحراوي.زعيم مغربي مجاهد تلقب بالإمامة. عاش أعوامه الأخيرة في حروب مع الاحتلال الفرنسي. وكان فقيهاً متصوفاً يتذوق الأدب. ولد ونشأ في (الصمارة) وهي دار أنشأها أبوه في وسط الصحراء، ولازم أباه في تنقله. وخلفه بعد وفاته (بمدينة تزنيت، من سوس المغرب، سنة 1328هـ) وكانت شرور الحماية التي أمضاها المولى عبد الحفيظ مع الفرنسيين قد بدأت، وعم الناس السخط، فأجمع علماء سوس بتزنيت في أبريل 1914 (رجب 1330) على تولية أحمد الهيبة أمر الجهاد وخلعوا بيعة عبد الحفيظ ودعوا القبائل لمبايعته، فلم يتخلف منهم أحد. وأتته رسائل المبايعة من سكان الحواضر. واجتمع له جيش ضخم. فقصد مدينة مراكش ودخلها (في رمضان 1330) على رضى من أهلها. وكانت فيها فرقة من الجند هيئت لمقاومته، فانضمت إليه. وكان للمولى عبد الحفيظ خليفة فيها تقدم إليه بالطاعة. وأقبل عليه الشعراء بأماديحهم. وكان العام خصيباً فهبطت الأسعار، وعد ذلك من بركته. وعظم اعتقاد الأهالي به فأقام 24 يوماً لم يقع فيها حادث سرقة. ولم يأخذ بشيء من الاحتياط للطوارئ اعتماداً على أن الناس كلهم نصراؤه. وقصده من الدار البيضاء جيش جهزه الفرنسيون، من المغاربة، فلما كانوا على مقربة من مراكش، هزمهم رجال الهيبة. وأعيدت الكرة من الدار البيضاء (مركز الاحتلال يومئذ) فانهزم رجال الهيبة وفر هو من مراكش إلى (تارودانت) وتحصن بها. وهوجم، فخرج إلى موضع يسمى تامكر من جبال هشتوكة، وجدّ أعوان الاحتلال في مطاردته فهرب إلى بعقيلة وتوغل في جبال جزولة واستقر في موضع منها اسمه كردوس أطاعه من حوله من أهل الجبال إلى (آيت باعمران) و(الأخصاص) إلى (تندوف) من جهة الصحراء، ولاحقه جيش الاحتلال فثبت له أصحاب الهيبة وفتكوا بالمغيرين، وتجددت قوته، وحشد الفرنسيون جموعاً من أهل المغرب والجزائر والسنغال والسودان، يقودهم الجنرال غورو بمدافع وطيارات ورشاشات، عسكرت في تزنيت ونواحيها وتعددت الوقائع. وانقسم أصحاب الهيبة على أنفسهم. وقتل كثير من رجال القبائل وزعمائها. ومرض الهيبة أياماً قليلة كانت ختام حياته وتوفي بكردوس. قال صاحب المعسول: لقد أبى الهيبة إباء كليا أن ينقاد إلى الاحتلال بعدما حاول رجال الاحتلال ذلك بكل حيلة وقد أطمعوه في أن يكون خليفة لمولاي يوسف، على كل سوس، فأبى، وأطمعوه في المال والأمن والراحة.